العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > خيمة الأسرة والمجتمع

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الخنق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلمة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السجل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-10-2008, 03:02 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي قضايا المرأة المعاصرة خلال نصف قرن

قضايا المرأة العربية خلال نصف قرن

يتردد الكثير من المثقفين في بحث قضية المرأة العربية، لأكثر من سبب، أهم تلك الأسباب:

1ـ رغبة المثقفين والكتاب أن لا يُسجل عليهم أنهم قالوا كذا في حق المرأة سواء أنصفوها أو تجاوزوا على ما هي جديرة به. فإن قالوا رأيا بصالحها سيتهمهم البعض بأنهم منافقون، يتزلفون في طرح مواضيع مثل المرأة لكي يصفهم الآخرون بالتحرر، في حين أن الكاتب الفلاني الذي يتكلم وكأنه في صف المرأة، لم يذكر أنه أفصح عن اسم زوجته، أو شاهده أحد يصطحبها في ندوة عامة أو احتفال من التي يحضرها هؤلاء المثقفون.

وإن انتقصوا من حقها، فإنه سيتم إدراجهم مع الكتاب المتخلفين الرجعيين، وسيفتح عليهم باب النقد الذي يتجنبه الكثير منهم، خصوصا من مجتمع الكاتبات المثقفات، علاوة على انتقاد المتطوعين من الكتاب والمثقفين الرجال.

2ـ رداءة الأوضاع العامة في المجتمعات العربية، حيث أن حقوق الرجال (القوامون على النساء) ضائعة وغير متحققة، فلماذا نستغرب أن تكون المرأة في وضعها التي هي فيه.

3ـ استشعار الكاتب أنه إذا كتب عن المرأة، سيضطر الى المقاربة الدينية (الإسلامية)، وهو إن فعلها، سيفتح على نفسه جبهة مستحدثة ممن يتفوقون عليه في الإلمام بالجانب الديني والفقهي.

4ـ أما الكاتبات النساء، فالكثير منهن يترفعن عن تمثيل دور المطالب بحقوق المرأة، فإن أردن التحدث بهذا الموضوع فإنهن يتحدثن عنه كعنوان أو كفكرة محورية غير أساسية بموضوع ما يكتبن، إذ أنهن يسارعن لتناول أوضاع المجتمع بشكل عام مع إشارات على استحياء بموضوع المرأة. وقد وصفت الأستاذة والباحثة السورية (حذام زهور عدي) الحديث عن المرأة بأنه (لا يسمن ولا يغني من جوع. الغاشية 7. )*1

لمحة تاريخية:

لن نغوص كثيرا في أعماق التاريخ لكي نرسم الصورة التي كانت عليها المرأة قبل الإسلام، وإن كانت هذه المسألة ضرورية لتأسيس ما سنقدم له في هذا الموضوع. ولكننا سنقف عند محطات سبقت ظهور الإسلام وتعتبر في نفس الوقت منابع للطرائق التي تعاملت بها مجتمعاتنا العربية مع قضية المرأة.

إن الروافد الحضارية للكيان السلوكي لأمتنا تتمثل في النماذج التي كانت سائدة في بلاد ما بين النهرين، ووادي النيل، وجزيرة العرب، وسواحل المتوسط. ومن يتصفح (على سبيل المثال) شرائع (حمورابي) سيجد أن النظرة للمرأة لا تختلف كثيرا عما كانت عليه في مناطق بلاد الشام وشمال إفريقيا واليمن. فالحرة ليست كالأَمَة فالأخيرة عند حمورابي كان لها نصف دية الحرة، وعليها نصف عقوبات الحرة، وحرائر العرب كانت تحمل رمزية كبيرة وتكون عوامل هامة في إشعال المعارك، وقصة حرب (ذي قار) سببها رفض تزويج ابنة النعمان ابن المنذر لكسرى الفرس.

كما أن وأد البنات نفسه كان ينبع من الخشية لأن يتساهل والد البنت في تزويجها ممن يقل عنها (حسبا ونسبا)، أو أنها تسلك بسبب الفقر مسلكا يلحق بشرف عائلتها الأذى.

لكن لم يمنع ذلك من أن المرأة كانت تتبوأ مكانة عالية في إدارة القوم قد تصل لأن تكون ملكة كما في مصر أو اليمن، أو تكون كاهنة تشير على قومها بالرأي السديد، أو تكون امرأة لها تجارتها واقتصادياتها.

الإسلام والمرأة

لم تتناقض نظرة الإسلام كثيرا مع ما سبقه تجاه النظرة للمرأة كونها ترتبط بمسألة الشرف (العرض)، ولكنه منع وأدها ومنع قذفها، ومنع استخدامها للتكسب من عملها بالبغاء (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ـ النور 33) وهي عادة كانت موجودة قبل الإسلام.

لقد أسكت الإسلام بنصوص واضحة حاسمة قاطعة كل من حاول التفكير في الذهاب أكثر مما وجد بتلك النصوص: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ـ النساء 34). وفي الميراث (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فان كان له إخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما ـ النساء 4) وفي مسألة التعامل مع نساء الرسول صلوات الله عليه (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن ـ الأحزاب 53) ثم يذهب النص الإلهي الى التعميم على نساء المؤمنين ( يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ـ الأحزاب 59)

هذا إضافة الى مجموعة من الأحاديث أو ما يُنسب أنه حديث (شاوروهن وخالفوهن) و (النساء قليلات عقل ودين) والحديث الأخير هناك من يقول أنه كان من باب المزاح، إلا أن بعض الذين يؤكدون هذا الحديث يربطونه بأمر الله تعالى في مجال الشهود أن تكون امرأتان مقابل شهادة رجل واحد، وهذا يعني أن النساء تقل إمكانياتهن العقلية عن الرجال.

في هذا الصدد تحاول الباحثة المغربية (فاطمة المرنيسي) الوقوف عند الحديث الأخير لتؤشر على نظرة الإسلام الى المرأة ـ كما تراها هي ـ ( فعلى نحو مفارق ومناقض للافتراض الشائع، لا يحمل الإسلام أية أطروحة تقول بنقص موروث في المرأة. فهو، على العكس من ذلك تماما، يؤكد على المساواة الكامنة بين الجنسين. أما ما هو راهن من عدم مساواة فلا ينهض على أية نظرية أيديولوجية أو بيولوجية حول نقص المرأة، بل ينتج عن عمل مؤسسات اجتماعية معينة صممت للحد من سلطتها ...)

الحملة الفرنسية بداية عهد المسلمين في تلمس قضايا المرأة

تنقل الكاتبة (إجلال خليفة) في كتابها (قصة المرأة على أرض مصر) أن جنرالا فرنسيا اسمه (مينو) اقترن بامرأة من (رشيد) وعاملها كما تعامل النساء النبيلات في فرنسا، فكان يصطحبها من ذراعها ويحجز لها في أفخر المطاعم ويشاورها في انتقاء الطعام ويناولها (فوطتها) إذا سقطت منها. كان ذلك عام 1799 وعندما كانت تلك الزوجة تحكي لصديقاتها في الحمام التركي سلوك زوجها، رحن النساء يرجون تغييرا مماثلا يطرأ على أوضاعهن، كما أرسلن الى (السلطان العظيم نابليون بونابرت) يتوسلن به أن يفرض على أزواجهن المصريين أن يعاملوهن المعاملة نفسها.

يتبع


هوامش
*1ـ قضايا المرأة العربية المعاصرة/حذام زهور عدي/مجلة المستقبل العربي/ بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية/ العدد275/ 1/2002 صفحة 133.
__________________
ابن حوران

آخر تعديل بواسطة ابن حوران ، 05-10-2008 الساعة 03:22 PM.
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 08-10-2008, 03:53 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي



هل هناك مرأة عربية واحدة؟


إن مناقشة موضوع المرأة العربية بهذا التعميم يشبه لحد ما مناقشة قضايا (الشجرة) بنفس شكل التعميم، فالمرأة العربية في الريف غيرها في المدينة وغيرها في البادية، والمرأة العربية في بلاد الشام غيرها في بلاد المغرب وغيرها في الخليج، والمرأة عام 2008 غيرها في عام 1958.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كان من يتجول في شوارع بغداد أو دمشق أو القاهرة أو طنجة لا يرى هذا الكم من النساء المتحجبات والمخمرات، وحتى في الجامعات والمدارس، كان من النادر أن يرى أحدنا هذا التوافق الضخم في اللباس المحتشم بين الطالبات, ماذا حدث؟

لم يكن للرجل الدور الأكبر في دفع النساء لهذا اللون من اللباس، وحتى لا يمكن إرجاع ذلك لإرادة الأمهات بالدرجة الأولى، وسيكون من السهل على من يستخدم ذاكرته بشكل جيد، أن يجد نماذج من الفتيات في أسرة أو أسر متعددة يقمن بإقناع أمهاتهن بأن يضعن الحجاب!

لكن، بالمقابل فإن حالات الطلاق قد ازدادت في كثير من الأوساط العربية، كما زاد متوسط عمر الزواج بالنسبة للفتيات، كما ازداد بالنسبة للشبان أيضا.

إن تلك الظاهرة تستدعي تتبع ما حدث بالنسبة لمحركات (السلوك العام) وكيف أن الأفراد بإناثهم وذكورهم قد استقبلوا دفقات هائلة من عوامل تحريك السلوك واكتناه ما يحيط بالفرد من شواهد حضارية متغيرة بسرعة كسرعة التصحر في المناطق القريبة من الصحراء.

استعادة مشهد

قبل أكثر من نصف قرن، عندما كان أكثر من ثلثي العرب يعيشون على الزراعة والفلاحة وتربية المواشي والأغنام، كانت قدسية الأسرة لها ما يبررها اقتصاديا وما يدعم تلك القدسية من نظام اجتماعي يستند على موروث ديني تم الاتفاق على تفسيره بالمشافهة بين أفراد المجتمع، وقام بحراسته من العبث كل من يقدر على حراسته.

كان من السهل على أي باحث أن يجد في البيت العربي ثلاثة أجيال (الجد والابناء والأحفاد)، وقد يكون من بين الأبناء أربعة أو أكثر لهم من الأبناء ما يملأ البيت الكبير. كانت الكلمة العليا في هذا النوع من البيوت للجد وإن غاب فللجدة (المرأة) وإن غابت فللإبن الأكبر ومن ثم لزوجته. كانت مهمة رأس البيت (ذكر أو أنثى) الإشراف على تقسيم العمل بين أفراد الأسرة الكبيرة وحراسة القيم التي تضبط إيقاع أداء أفرادها. كانت الأدوار التي يؤديها كل فرد من صناعة الخبز والطعام وإسقاء وإطعام حيوانات المنزل وإحضار الحطب والعشب وحتى التجارة والعمل الخارجي تسير وفق نهج رتيب تم التدرب عليه لمئات السنين، فكل واحد يعمل حسب عمره وطاقته، مع مراعاة القواعد الخلقية والسلوكية العامة.

هذه النمطية المستقرة من الحياة، لم تسمح للتذمر أن يظهر من أفراد الأسرة، فمن يتمرد أو يتذمر سيجد من الصعب عليه استحداث حياة خاصة به بعيدا عن الأسرة وهو ما يسمى ب (الموائمة).

إن الانعزال والعيش في مجتمع منقطع تجعل من مجموعة القيم والمنظومات الخلقية كأنها قوانين صارمة لا يمكن الوقوف في وجهها. وهذا النمط لا يزال موجودا في قبائل إفريقية قرب غينيا بيساو (قبائل التشمبولي و الآرابيش ـ حسب دراسات مرجريت ميد).

ماذا عن المجتمعات العربية غير الريفية؟

لم تكن المجتمعات العربية غير الريفية بمنأى عن المنظومات الخلقية الريفية والتي منشأها الدين والتراث بشقيه الشرعي والاجتماعي. لكن فرص الاختلاط والتعرف على أنماط اجتماعية جديدة كان في المدن والمجتمعات غير الزراعية أكثر وأسرع، فمن خلال الأسفار واستقبال الزوار وما أفرزه الإعلام بوسائله المختلفة أوجد مؤثرات لدى المجتمع غير الزراعي تجعل أبناؤه وبناته يتأملون ما يعيشه غيرهم، فيجربون أو يتحدثون بتجربة غيرهم، ثم يخترعون نمطا هجينا بين ما اطلعوا عليه وبين ما آمنوا به لقرون طويلة.

ثم تأتي موجات الهجرة من الريف المتسارعة، فيحاول المهاجرون تقليد أصحاب المدن ولا يلحون بالسؤال عن تفاصيل النمط الجديد، حتى لا يقال عنهم أنهم متخلفون. فيبرز نمط جديد مستحدث ينقله أقاربهم الذين لم يغادروا الريف الى حياتهم، فتحدث تلك التشوهات التي لم تنمو نموا طبيعيا، وتبقى القاعدة الخلقية القديمة هي التي تقوم بتقييم أنماط السلوك العام الجديد!

كيف تأثر وضع المرأة بكل ذلك؟

عندما يحس الفرد (ذكر أو أنثى) بأن دوره قد تقلص، فإنه سيقوم بالبحث عن دور جديد يؤكد (ذاته) فيه، وهذا يحدث ولا يزال مع المسنين أو المتقاعدين، عندما يخلو يومهم من أي برنامج للعمل، فإنهم يخلقون مشكلة من زيادة الملح في الطعام أو من علو صوت زوجاتهم!

لقد انتزعت التغيرات الحضارية (غير المكتملة) من المرأة الكثير من الأدوار التي كانت تقوم بها سابقا، فلم تعد تشغل نفسها بتربية الدجاج أو المواشي أو تشارك في أعمال الزراعة و صناعة الخبز والطعام، حتى إرضاع أبنائها لم يعد كما كان في السابق (مع قلة أعدادهم عما كان عليه قبل هذه الموجة من التغيير)، فأحست أن هناك مشكلة أو سلسلة من المشاكل ناجمة عن هذا القدر من الفراغ. لم تعبر المرأة عن تذمرها، لكنها وجدت من يعبر عنها من بعض النساء المتخصصات أو حتى من بعض الرجال.

ما هي المسائل التي تتشكل منها قضايا المرأة العربية المعاصرة؟

من بين المسائل التي يكثر الحديث حولها في قضايا المرأة العربية المعاصرة، مسائل مثل التعليم، والعمل وإدارة المشاريع المالية، والمشاركة بالحياة العامة، ومسألة تتعلق بدور المرأة في (بيتها) وما طرأ عليه من تغيرات نتيجة دخول النساء في مجال العمل المشابه لدور الرجال وما لهذا من علاقة في تربية النشئ الجديد الخ.


يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 16-10-2008, 08:52 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


التعليم .. حق المرأة به وأثره على قضاياها



في المجتمعات البدائية المنغلقة تكون ظروف المعايشة بين أفراد المجتمع محكومة بمعرفة الفرد لحدود قوته وخضوعه لسلطة الأقوى، فتكون سمة الهدوء هي السائدة في مثل تلك الظروف، لمحدودية الأحلام ومحدودية تحقيقها، ومحدودية اللغة المعبرة عن حالة الرضا أو الرفض بين الأفراد.

في حالة المجتمع المنفتح على الغير، يكون تناقل المعارف بالمشافهة والاختلاط متيسرا بصورة أوسع وأسرع مما عليه الحال في المجتمعات المنغلقة. وتشكل العلوم والمعارف و العدد الأكبر من الألفاظ المتداولة بين الأفراد عاملا مستجدا لتحريك السكون في أنماط العلاقات بين الأفراد.

يكون للتشابه في المعارف والقيم بين أفراد مجتمع ما في منطقة معينة، ما يشبه الضامن الكبير لتوقف حالات التذمر من وضع الفرد في محيطه والتحلي بالصبر، لندرة الخيارات المطروحة من جهة، ولجهل من تسول له نفسه أن يتذمر بوصف ما يريد وتبليغ الآخرين عن وجهة نظره. هذا الأمر كانت المرأة تتساوى فيه مع الرجل لفترات قد تصل الى مئات بل آلاف السنين للوراء، فحفظت المرأة ما يتوجب عليها عمله، كما حفظ الرجل لائحة مهامه، وحرس عقلاء المجتمع تلك النظم طيلة تلك الفترات.

لن نذهب بعيدا في توصيف حالة التعلم أو (الأمية) في البلدان العربية، بل سنستعين بما قدمته الأمم المتحدة في توصيف تلك الحالة عام 2000، حيث كانت نسبة الأمية الأبجدية بين صفوف الساكنين في البلدان العربية 53% وكانت نسبة الأمية الثقافية 80% أما الأمية التكنولوجية فكانت 99%. *1

هذا الوصف يشمل السكان ذكورهم وإناثهم، وعليه سيكون من المستحيل التعامل مع الحالة العربية بما فيها قضايا المرأة وِفق مقاييس عالمية، فمن كان لديه صورة عن مجتمع آخر غير المجتمع العربي، عليه ألا يسقطها على الحالة العربية لما هناك من بون شاسع بين ما هو قائم لدينا مع ما هو قائم في موطن مثاله.

واقع التعليم في البلدان العربية

يختلف العرب بمسئوليهم وشعوبهم على مختلف القضايا، ولكنهم يتوحدون في تقييم التربية والتعليم بأنها رديئة، ورداءتها تشمل الذكور والإناث على حد سواء، ودلائل تردي التعليم في بلداننا تتضح في النتاج التي تتأتى من عمليات التعليم، فبين عامي 1980 و2000، أي خلال 20 سنة لم يصدر في البلدان العربية (مجتمعة) سوى 370 براءة اختراع صناعي، في حين أصدرت كوريا الجنوبية وحدها في نفس الفترة 16 ألف براءة اختراع، كما تم ترجمة 10 آلاف كتاب في العشرين السنة الى العربية، في حين ترجمت إسبانيا وحدها نفس العدد في عام واحد (حسب تقرير شهر10/2004 الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية).*2

ويصف أحد الكتاب الجزائريين حال الطلاب الخريجين بعد تخرجه بالقول: ((أما الطالب الجامعي فهو يمضي من عمره أعواما في الجامعة، ليتخرج بعدها الى عالم الفراغ القاتل والبطالة المُصَادَق عليها، والمجتمع العليل الذي قصفت كيانه علل وأدواء يُراد من الطالب الجامعي أن يشارك في علاجها وهو عليل، ويُطْلَب منه أن ينقذ أمته وهو غريق))*3

ويضيف الأستاذ سلطان بلغيث الذي اقتبس القول السابق بقوله: (يتخرج الطالب ممسوخ الفكر ، مشوه التكوين، معوج السلوك فارغ الجراب، يتخرج ليبدأ رحلة من معاناة البحث عن السراب: مكاسب العيش، مطالب المادة، لا يفكر في وضع قائم ، ولا مجتمع قاعد، والنتيجة هي: خلق المثقف العاجز، وهو شخص وصل الى قناعة أن آماله وطموحاته ومهاراته ومعرفته لا جدوى منها، لأنه حُول الى حطام أخلاقي بسبب فرض البطالة الفكرية عليه، واصطدامه بالواقع الكريه لمجتمعه، إن هؤلاء لا يستطيعون تحرير أرواحهم من عفن التحلل الذي فُرِض عليهم).

ويلخص الدكتور الغالي أحرشاو الوصف العام لحالة التعليم في البلدان العربية بقوله: إن منظومة التعليم التي نتداولها في العالم العربي قد تقادمت وأخفقت وربما أفلست من حيث فلسفتها السياسية ومردوديتها التنموية الى الحد الذي أصبح معه الأمر يستلزم تغيير المسعى لصياغتها على أسس وأهداف جديدة تستجيب من جهة لانتظارات وتطلعات الإنسان العربي، ومن جهة لمقاييس المنظومات التعليمية النموذجية*4

تطور التعليم عند المرأة العربية

لقد شهد الكثير من البلدان العربية تطورا كبيرا من حيث أعداد الإناث اللواتي يتلقين تعليمهن، ففي تونس مثلا كانت نسبة (المتمدرسات : أي اللواتي يذهبن للمدارس) من فئة 6ـ9 سنوات عام (1989) 78.8% مقابل 84.3% للذكور، أما الفئة العمرية التي تنحصر بين 20ـ24 سنة، كانت نسبتها للإناث 13.1% مقابل 21.5% للذكور. فيكون الفارق بين عام 1989 و1975 حوالي 65% أي بزيادة خمسة أضعاف.*5

وفي الإمارات العربية تخرج عام 1997/1998 (14211) خريجة (إناث) مقابل (7078) خريج (ذكور). وفي الكويت وعلى مدى 25 عاما تراوحت نسبة الخريجات من بين جميع خريجي الجامعات بين 60ـ 76% وفي السعودية وصل عدد الخريجات عام 1999 الى (45760) خريجة. وفي قطر وصل عددهن 4880 خريجة والبحرين 4079 خريجة*6

عموما فإن حالة التعليم من حيث الأعداد تتطور ولكن أساليب التعليم ونتائجه غير مرضية، كما أن نسبة المتسربين من المدارس تزيد في معظم البلدان العربية، ففي عام 1999 كانت نسبة من يدخل المدارس الابتدائية من الذكور 92% ومن الإناث 82% (أي ممن في سن التعليم) في حين تقدم 57% من الذكور و 48% من الإناث للمدارس الثانوية.*7

(سنكمل التعليم والمرأة في المرة القادمة)





هوامش:

*1ـ الغالي أحرشاو/ أستاذ علم النفس/كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ ظهر المهراز/ فاس ـ المغرب/ شؤون عربية عدد 127/ ص 140

*2ـ: مجلة شؤون عربية [التي تصدر عن الجامعة العربية] العدد 127 خريف 2006(الكاتب د.أحمد مختار الجمال/ عنوان المقالة التعليم الجامعي في الوطن العربي بين الوجاهة والبحث العلمي.

*3ـ نجيب بن خيرة : الطالب الجامعي بين رؤيتين/العقيدة عدد81/مؤسسة النصر للصحافة، قسنطينة/ الجزائر 18/3/1992 صفحة 3. أوردها سلطان بلغيث/قسم الاجتماع/ جامعة تبسة/ الجزائر/في مجلة شؤون عربية الصادرة عن الجامعة العربية عدد 127/ص130

*4ـ الغالي أحرشاو ـ المصدر السابق

*5ـ سعيدة الرحموني (باحثة تونسية في علم الاجتماع) في بحث بعنوان (المرأة والمشاركة السياسية في تونس/ نشر في مجلة المستقبل العربي/عدد250/1999
*6ـ المرأة الخليجية الى أين؟/ميثاء سالم الشامسي(رئيسة الاتحاد النسائي العام في الإمارات العربية المتحدة ـ نائب مدير الجامعة لشؤون البحث العلمي)/ في ندوة عقدها مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت في24/11/2000

*7ـ حال الطفل في الوطن العربي/ إعداد: ربيع كسروان/ مركز دراسات الوحدة العربية (جدول في صفحة 192 من مجلة المستقبل العربي العدد273 سنة 2001.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 17-10-2008, 01:54 AM   #4
الشــــامخه
مشرفة قديرة سابقة
 
الصورة الرمزية لـ الشــــامخه
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2004
الإقامة: *نجـد* قلبي النابض
المشاركات: 3,760
إفتراضي


الاسلام كرم المرأة و أعطاها كامل حقوقها جعلها ملكة في بيتها كالدر المصون
وقد يكون ماتعانية الآن من هضم لبعض حقوقها بسبب بُعد المجتمعات عن الشريعه الاسلامية
التي كفلت حقوق الانسان ونظمتها بشكل عام ..



شـكــ جـزاك الله خير الجزاء ـــرا لك..متابعين معك..

__________________

ان تجـد خيـراً فخـذه....وأطـرح ما لـيس حسـناً
ان بعض القـول فــن....فـأجعلِ الاصغـــاءَ فنـا



اســـتودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه


الشــــامخه غير متصل  
غير مقروءة 06-11-2008, 01:37 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة الشــــامخه مشاهدة مشاركة

الاسلام كرم المرأة و أعطاها كامل حقوقها جعلها ملكة في بيتها كالدر المصون
وقد يكون ماتعانية الآن من هضم لبعض حقوقها بسبب بُعد المجتمعات عن الشريعه الاسلامية
التي كفلت حقوق الانسان ونظمتها بشكل عام ..



شـكــ جـزاك الله خير الجزاء ـــرا لك..متابعين معك..

تمام، أختنا الفاضلة، ونحن أيضا نتكلم ولم ننس محيطنا الإسلامي بمحوريه السيني والصادي (الزمني بتاريخه) و (أفقه الجغرافي والحضاري العالمي). ولن نزعم أننا سنحيط بهذا الموضوع الواسع والحساس، ولكننا سنحاول التأشير بما نتوقع أنه متعارف عليه في الوسط الثقافي لتأسيس ما يشبه الفهم المشترك لمناقشة مثل تلك المواضيع الهامة.

متابعتكم تهمنا جدا

احترامي و تقديري
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 06-11-2008, 01:39 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

آثار التعليم على قضايا المرأة

لن نتطرق لأفضلية المرأة المتعلمة على المرأة الأمية أو غير المتعلمة، فهذا أمر معروف ومنصوص عليه شرعا، ولكننا سنناقش النظرة المرتبكة وغير المحسومة تجاه تلك المسألة من حيث تسليم المجتمع بتعليم المرأة والكيفية التي يقترحها المتفارقون في النظرة تجاه ذلك.

نظرة المجتمع في تعليم المرأة

ما هو العلم الذي يمكن أن يقبل به المجتمع للمرأة؟ وما هي المحاذير التي يتخوف الناس منها أثناء مرحلة أو مراحل التعليم المختلفة؟

قسم الأولون العلم الى نوعين: علم عيني يهتم بالفقه والدين والقرآن وما يدعم هذا العلم من علوم مساندة كاللغة والبلاغة وغيرها. والنوع الثاني العلم الدنيوي أو ما أطلقوا عليه اسم علم الكفاية، كضرورة أن يكون هناك طبيبات وممرضات وغير ذلك ممن يتعاملن مع خصوصيات جسم المرأة.

وفي زمننا الحالي، فإن فروع العلوم ازدادت عن السابق، ولم تترك المرأة مجالا من تلك العلوم إلا واتجهت له، وإن كان أصناف من العلوم لا تجتذب المرأة كالطب البيطري.

لا زال هناك الكثير من العائلات العربية التي تمنع بناتها من الاختلاط ببعض بنات الجيران أو الحي، بحجة أن تلك البنات يعشن في أوساط عائلية لا تتناسب أنماطها مع نمط رب أو ربة الأسرة التي تصدر قوائم المنع. وهذا يشكل أساسا للنظرة تجاه القبول بفكرة تعليم البنات. فإن كان الاعتراض على الاختلاط ببنات الحي المعروفات، فكيف لرب الأسرة أن يقبل باختلاط بناته مع طالبات من مختلف أصناف المجتمع.

يذكر أحدهم ملاحظات يراها الجميع في الجامعات العربية، وهي ظاهرة ملازمة شاب جامعي لفتاة جامعية طيلة سنوات بقاءهما في الجامعة، حتى تصبح النظرة تجاه تلك الفتاة أنها زوجته أو خطيبته، ورغم انتشار تلك الظاهرة في معظم الجامعات العربية، فإن حالات الزواج بين طلاب وطالبات الجامعات أثناء فترة الدراسة أو بعد التخرج تعتبر من أقل حالات الزواج وأكثرها ندرة.

إن ما يحمله المثال السابق من معاني سيبقى عالقا في ذاكرة الشاب والفتاة بعد أن يكون لهما أبناء وبنات، وسيبقى سلوكهما تجاه الاندفاع وراء تعليم المرأة متأثرا بروح المثال السابق. كما يحمل المثال السابق مبررات الدعوات في تأسيس مدارس وجامعات خاصة على البنات فقط.

أثر تعليم المرأة على الاقتصاد القومي

تشكل النفقات المكرسة لتعليم الإناث ما يساوي النفقات المكرسة لتعليم الذكور، أو تزيد في السنوات الأخيرة، وبالمقابل فإن نسب استثمار ما ينفق على تعليم الإناث هي أقل بكثير مما هي عند الذكور، فكثير من الفتيات من ينتهي مصيرهن للزواج قبل إنهاء مرحلة الدراسة الثانوية، فيمكثن في بيوت الزوجية بعد أن صرفت عليهن نفقات التعليم لحوالي عشرة سنوات أو يزيد في بعض الأحيان.

كما أن هذا المصير يواجه أغلبية من يتخرجن من الجامعات، فبعد تخرج الفتاة بسنة أو خمس سنوات على الأكثر والتقائها بشريك حياتها الزوجية، فإن التفكير بترك العمل سيكون هاجسا لكليهما (الزوج والزوجة). وكم هي المبالغ التي دفعت سواء من الدولة أو من أهل الفتاة على تعليمها؟

هناك من يقول: أن التعليم لا يخضع لمفاهيم الربح والخسارة، ولو كان كذلك لتجنبت معظم دول العالم تعليم حتى (الذكور) وهو قول لا يخلو من التسطيح وتبسيط الفكرة، كما لا يخلو موضوع الابتعاد عن تعليم المرأة من تسطيح، هو الآخر، فالمرأة المتعلمة أقدر على تنشئة أبنائها وبناتها بشكل واع، كما أنها أقدر على مشاركة زوجها في تسيير أمور الأسرة بشكل أفضل، وطالما أن الأسرة هي وحدة نسيج المجتمع العام، فلا عبثية من تعليم المرأة في جميع الأحوال.

أثر التعليم في الحياة الزوجية

العلم نافذة على التراكم الثقافي وبالتالي نافذة على نمو الرصيد اللغوي في المفردات وتكوين الكلام. والدائرة الاجتماعية التي تتمتع بثقافة متقدمة تستخدم الكثير من المفردات. في المجتمعات المدنية (نقابات، رابطات نوعية، أحزاب) تكون المفردات المستخدمة أكثر بآلاف المرات من تلك المستخدمة في ورشة تصليح السيارات مثلا، والتي تحصر كلماتها بالضرورات التي تعينها على أداء عملها ( ناولني مفك مسطح 12، اخلط الدهان الفلاني الخ).

في الأسرة التي يتدنى مستوى ثقافة (علم) أحد الزوجين عن الآخر، فإن فرص الاستمرار بالحديث بين الزوجين ستتوقف بعد الشهور الأولى من الزواج، وعندما تتوقف فرص الحديث، تزيد رغبة أحد الزوجين في تجنب فتح الحديث مع الآخر، وسيضع الزوجان نفسيهما في حالة من الملل وما يترتب عليها من مشاكل أخرى.

بالمقابل، فإن تفهم الزوج أو الزوجة لما يعبر عنه الطرف الآخر، سيبعد الزوجين عن افتعال مشاكل يتم تقديرها مسبقا فيتم تجنب إثارتها. كل ذلك سيضفي على الأسرة بما فيها الأطفال في مرحلة تكوين الوعي لديهم بالتأسيس لتطوير النظرة لتعليم المرأة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 16-11-2008, 01:15 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المرأة العربية والعمل

لم يخصص من يعدون قسيمة عقد الزواج خانة أو خانات خاصة بموضوع عمل المرأة، فقد فهم الناس على مر التاريخ الدور الذي يقوم فيه الرجل والدور الذي تقوم به المرأة. وهذه الأدوار تختلف من بيئة الى أخرى، فهي بالبادية غيرها بالريف غيرها بالمدينة. ومن كان يحصي ساعات العمل الحقيقية التي تقوم بها المرأة سيجد أنها تتفوق على ساعات العمل الذي يقوم بها الرجل.

إن عملية الإنجاب (الفسيولوجية) وتربية الأطفال تتطلب ساعات عمل ليست بالقليلة، وإذا ما أضيف لها ما تقوم به النساء في المجتمعات غير المتمدنة من طبخ وتحضير مئونة السنة ورعاية الحيوانات المنزلية من أبقار ودجاج وغيرها وإعداد بعض الملابس من غزل ونسيج وحياكة وخياطة وترقيع الخ، سيجد أن المرأة كانت تشغل معظم ساعات يومها في عمل دءوب.

انتقال العمل من نطاق الأسرة الى خارجه

شكلت الثورة الصناعية في أوروبا أساسا مفصليا في تحويل عمل المرأة من داخل المنزل الى خارجه، ففي عام 1742 عندما أسست في بريطانيا أول نقابة لعمال الخياطة، كان وراءها ما تعرضت إليه المرأة من سحق لإنسانيتها وما لهذا السحق من علاقة للمس في قدسية الحياة الأسرية.

كانت النساء يساعدن أزواجهن الخياطين الذين يعملون في بيوتهم أو في محلات ملصقة بالبيت من خلال باب تناول المرأة فيه زوجها ما يساعده على عمله من تثبيت (أزرار) أو إعداد الخيوط الخ، وتقدم له ما يأكله أو يشربه. وعندما تعذر على الخياطين القدرة على مجاراة مشاغل الخياطة الكبرى، التحق الخياطون في تلك المشاغل ليعملوا كأجراء، ولما كانت الظروف مؤاتية لأصحاب تلك المشاغل في تحديد الأجور وساعات العمل، أحس العمال بضرورة تشغيل زوجاتهم وبناتهم وحتى أطفالهم حتى يحصلوا على ما يسد متطلبات حياتهم.

فكانت ساعات العمل تصل الى أكثر من 14 ساعة يوميا، وكانت النساء والفتيات عرضة للتحرش من قبل أصحاب المشاغل. لقد ولدت هذه الظروف مناخا مستنفرا لمعالجة التغيير الاجتماعي الذي جاء على هامش الثورة الصناعية، فتولد فقه وآداب ونظريات سياسية وغيرها، أصبحت أساسا نظريا لكثير من النشاط الأيديولوجي الذي ما لبث أن انتشر في كل أنحاء العالم، تحت مسميات مختلفة من بينها (حقوق المرأة).

دواعي عمل المرأة العربية

لم تمر المرأة العربية بالظروف التي مرت بها المرأة في البلدان المتقدمة، لاختلاف مسار التغيير في بلادنا، لكن تغيرت أنماط الحياة، فلم تعد هناك نساء تحلب و تربي الدجاج وتحصد وتسلق القمح حتى في القصبات الصغيرة، وأحست المرأة بفراغ شديد تريد ملأه بأي شكل. كما أن التعليم والإعلام وقسوة الحياة استدعت هي الأخرى أن تضع مسألة عمل المرأة على جداول البحث سواء في دوائر تخطيط الدولة أو داخل الأسرة نفسها.

في كثير من الأحوال التي جاءت على هامش الهجرات الواسعة من الريف الى المدينة، أو من خلال الهجرات التي تتبع الحروب والقلاقل، والتي يرافق قسم كبير منها إضرار ببنية الزوج أو المعيل (إعاقته)، أو فقدانه (أسر، موت)، تجد المرأة نفسها أمام خيار وحيد هو القيام بعمل يعيلها مع أفراد أسرتها.

وعليه فإن الدواعي لعمل المرأة تختلف من حالة لحالة، فمنها للاضطرار بداعي الحاجة المادية، ومنها لأسباب تتعلق بالتقاليد الاجتماعية الحديثة بشكل صرف تحت باب الخروج من الملل والفراغ، ومنها إيمانا بأن العمل واجب على الرجل والمرأة بالتساوي.

أسواق العمل العربية غير مهيأة لاستقبال المرأة العاملة

لو ألقينا نظرة على الإحصائيات التي أوردتها الدكتورة (فاطمة بدوي)*1 فيما يخص نسب عمالة المرأة العربية لتكونت لدينا فكرة عن حجم العمالة (النسوية) في بلادنا.
فقد مثلت المرأة ما نسبته 10% من إجمالي قوة العمل في الأردن، 9% في الإمارات 18% في البحرين 21% في تونس، 15.5% في الجزائر، 40% في جيبوتي، 29% في السودان، 18% في سوريا، 6% في العراق، 9% في عُمان، 19% في فلسطين، 7% في قطر، 38% في جزر القمر، 24% في الكويت، 28% في لبنان،9% في ليبيا، 29% في مصر، 26% في المغرب، 23% في موريتانيا، 13% في اليمن. في إنجلترا 45% وفي جامايكا 47% وفي كولومبيا 43%. فيتنام 47% في اليابان 41% في إندونيسيا 45% وفي الصين 44% والهند24%. هذا بشكل عام.

أما فيما يخص الوظائف العليا على مستوى العالم 14% وفي البلدان الصناعية 28% وفي شرق آسيا 11% وفي البحر الكاريبي 19%، في إفريقيا 9.6% . في الدول العربية إن تمثيل المرأة في البرلمانات لا يتجاوز 4% وهي نسبة تقل عنها في الدول النامية (10%)، في مصر 2.2% وفي تونس 7% في السودان 8% في المغرب 0.6% . أما الوظائف العليا فكان في عام 1992 وزيرتان في السودان وسوريا وفي مصر 3 وزيرات وفي الأردن وفلسطين وليبيا وزيرة واحدة في كل منهما، أما المغرب ودول الخليج واليمن فلا وزيرات في تلك السنة.

مشاكل تحدث على هامش عمل المرأة:

1ـ إخلال بوظائف الإنجاب و ما يتبعها، فتقنين أعداد المواليد هو صفة معظم النساء العاملات، كما أن الإرضاع ورعاية الطفل تمر بمشاكل، منها ما يتعلق بالإرضاع الطبيعي ومنها ما يتعلق بإحالة الطفل المولود لطرف جديد (مربية، جدة، حضانات) ومنها ما يتعلق باللغة.

2ـ حدوث مشاكل بين الزوجين قد تؤدي للطلاق، خصوصا، عندما لا تحل عملية اشتغال المرأة بالجانب المادي للأسرة، أو أن تكون الأم هي من يصرف على الأسرة، فيخلق جوا غير حميميا يعلو فيه صوتها، وإن كان زوجها من أولئك الرجال الذين لا يجتهدون في إيجاد عمل مناسب لهم فإن ذلك سيؤدي للانفصال.

وتشير الدراسات أنه في عام 2007 مثلا، كانت حالات الطلاق في العراق أكثر من 40ألف حالة وفي مصر كان كل 6 دقائق حالة طلاق وفي دول الخليج العربي تكون كل 100 حالة زواج ينتهي منها34 حالة الى الطلاق في (قطر والكويت) و 46 حالة في الإمارات العربية وفي المغرب هناك أكثر من 28 ألف حالة طلاق وقعت عام 2007. 42% من تلك الحالات سببها عدم قدرة الزوج على الإنفاق و 25% بسبب تدخل أهل أحد الزوجين، و 12% أسباب شخصية*1.

استنباط المرأة لدور الرجل

هذا المصطلح استخدمه عالم الاجتماع التونسي (د.الطاهر لبيب) في مداخلته لندوة جرت في الإمارات العربية المتحدة، معقبا على ورقة عمل الدكتورة ميثاء سالم الشاسي *3. وقد فهم من هذا المصطلح أن المرأة العاملة لا تتصرف بعفوية في عملها، بل تكون صورة الرجل و ما سيصدر عنه من ردات فعل أو ملاحظات ماثلة أمام عينيها، أو أنها تتوقعها بالشكل الذي يتهيأ لها من خلال تراكم العادات والثقافات في منطقتنا، فيؤثر ذلك على استعدادها للظهور بمظهر معين وتتكلم بشكل معين وتؤدي عملها بطريقة تتناسب مع المفاهيم التي تحملها عن الرجل، مما يبقي مسألة التباين الاجتماعي بين الرجل والمرأة ماثلة حتى في العمل.





هوامش:
*1ـ مجلة دراسات عربية/ السنة 33/العدد9/10/ 1997/د. فاطمة بدوي/المرأة القيادية والتنمية المتواصلة ص 37
*2ـ برنامج خاص في محطة تلفزيون الرافدين عن حالات الطلاق في الوطن العربي، بثته يوم 13/11/2008 الساعة التاسعة بتوقيت مكة المكرمة.
*3ـ ندوة المرأة الخليجية .. الى أين؟/مجلة المستقبل العربي عدد 273/سنة 2001/ شهر11/ ورقة عمل مقدمة من د. ميثاء سالم الشاسي رئيسة الاتحاد النسائي العام في الإمارات العربية المتحدة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 03-12-2008, 02:56 PM   #8
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


المرأة والحياة العامة

العام والخاص والمختلط، مصطلحات أطلقها السياسيون والاقتصاديون على أقسام النشاط في المجتمع، فاعتبر النشاط الذي يقتصر على الحكومات عاما، والنشاط الذي يقوم به الأشخاص فرادى أو جماعات دون اشتراك الحكومة به خاصا، وما اشتركت به الحكومة مع الأهالي مختلطا، هذا في النشاط الاقتصادي، أما في النشاطات التي يتعلق جهدها بما تشرعه الدولة بوجهها السياسي كالنقابات والجمعيات والأحزاب وغيرها من الهيئات التي يكون نشاطها مكملا أو معارضا للحكومة فهي تحسب على الجانب العام.

وعلى هامش اصطلاح العام أيضا، يكون هذا الشارع أو الطريق عاما، لأنه متاح لكل الناس، وهذا طريق خاص، يؤدي لبيت أو مزرعة فهو يقتصر على فئة ضيقة دون غيرها.

في مسألة المرأة والأنثى بشكل عام، وبتجريد عن الأيديولوجيات المعنية بهذا الشأن، تكون الأنثى ضمن عموميات ما يمتلك الذكر السيد، سواء كان إنسانا أو أسدا أو ديكا، فمن يحدد المساحة التي تطلق فيها سيادة الذكر السيد هم الذكور وليس الإناث، ويحدث الصراع عندما يتم تجاوز حدود مساحة سيطرة السيد.

إذن، فاشتراك المرأة بالحياة العامة، هو اختراع آدمي تستحدثه المدنيات وتستعين في ترشيده بتعليمات ينص عليها التشريع الديني بنصوص واضحة، أو بنصوص استشعارية تحذر من عواقب معينة في حالة تجاوز المعقول، ونقول المعقول تدليلا على ما قد يؤول إليه ذلك التجاوز وفق ظنون الفرد المعني بتصنيف ذلك الاشتراك السامح للمرأة في العمل العام.

هل المرأة قادرة على ممارسة العمل العام؟

سنجيب بسرعة هائلة، ونقول نعم هي قادرة على القيام بذلك، وقد امتلأت صفحات التاريخ القديم والحديث بنماذج تسنمت فيها المرأة أعلى المناصب في الدولة، من (بلقيس) الى (نفرتيتي) و (كيلوباترا) و(زنوبيا) وانتهاء بمئات النساء المعاصرات، في بريطانيا والهند و سيلان وغيرها.

إذن أين تكمن المشكلة؟
ليس هناك مشكلة خارجة عن إطار ما يسمى بالعامية (التوليف)، ولتقريب هذا المصطلح، علينا التمعن بحياة الطيور، العصافير، الحمائم، إنها لا تخضع الى قواعد صارمة دينية أو تشريعات وضعية أو قيم وعناصر خلقية، فنجد زوجا من الحمام أو العصافير (يتوالفان) ويبقيا على صلتهما حتى تنتهي حياة أحدهما. وإذا تدخل الإنسان في تربية الحمام وحبسهما وقص جناحي كل منهما فإنه يفاجأ بعد مدة، أن الأنثى طارت وهجرت عش الزوجية تاركة بيضها (في بعض الأحيان) في العش. ويطلق العامة على ذلك ب(التخريب) لأن الأنثى (عشقت).

قد نجد زوجا من البشر يتفاهمان على اشتراك الزوجة بالحياة العامة، دون أن تظهر أي علامة من علامات ضجر الزوج، وتكون حياتهما ناجحة جدا، وهذا يندرج تحت (التآلف أو التوليف)، في حين لا يكون ذلك المثال يصلح للكثير من الأزواج. ولا يخضع هذا المثال لورع أو وعي الزوج أو الزوجة، فقد يكون الزوج ورعا ومثقفا والمرأة تقية ونجيبة، لكن ذلك يكون مبعثا لتخريب (التآلف) لنتأمل ذلك المثال من التاريخ العربي الإسلامي:

كان أبو الأسود الدؤلي من أكبر الناس عند معاوية بن أبي سفيان وأقربهم مجلساً وكان لا ينطق إلا بعقل ولا يتكلم إلا بعد فهم فبينا هو ذات يوم جالساً وعنده وجوه قريش وأشراف العرب إذ أقبلت امرأة أبي الأسود الدؤلي حتى حاذت معاوية وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ان الله جعلك خليفة في البلاد ورقيباً على العباد يستسقي بك المطر ويستثبت بك الشجر وتؤلف بك الأهواء ويأمن بك الخائف ويردع بك الجانف فأنت الخليفة المصطفى والإمام المرتضى فاسأل الله لك النعمة في غير تغيير والعافية من غير تعذير لقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمرٌ ضاق علي فيه المنهج وتفاقم عليّ فيه المخرج لأمرٍ كرهت عاره لما خشيت إظهاره فلينصفني أمير المؤمنين من الخصم فإني أعوذ بعقوبته من العار الوبيل والأمر الجليل الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأجائر

فقال لها معاوية ومن بعلك هذا الذي تصفين من أمره المنكر ومن فعله المشهر قال فقالت هو أبو الأسود الدؤلي قال فالتفت إليه فقال يا أبا الأسود ما تقول هذه المرأة قال فقال أبو الأسود هي تقول من الحق بعضاً ولن يستطيع أحد عليها نقضاً أما ذكرت من طلاقها فهو حق وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق والله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت ولا لأي هفوة ولكني كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها فقال معاوية وأي شمائلها يا أبا الأسود كرهت قال يا أمير المؤمنين إنك مهيجها عليّ بجواب عتيد ولسان شديد فقال له معاوية لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها فقال أبو الأسود يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل مؤذية للبعل مسيئة إلى الجار مظهرة للعار إن رأت خيراً كتمته وإن رأت شراً أذاعته قال فقالت والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع كل سهامك وإن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشتم بعلاً ولا أن تظهر لأحد جهلاً فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال فقالت يا أمير المؤمنين ما علمته إلا سؤلاً جهولاً ملحاً بخيلاً إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دغائل ليث حين يأمن وثعلب حين يخاف شحيح حين يضاف إن ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر شأنه ولؤم آبائه، ضيفه جائع، وجاره ضائع، لا يحفظ جاراً، ولا يحمي ذماراً ولا يدرك ثأراً، أكرم الناس عليه من أهانه وأهونهم عليه من أكرمه

فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع فقال أبو الأسود أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة ومن أكثر كلاماً من مطلقة؟ فقال لها معاوية إذا كان رواحاً فتعالي أفصل بينك وبينه بالقضاء قال فلما كان الرواح جاءت ومعها ابنها قد احتضنته فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنه منها، فقال له معاوية يا أبو الأسود لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها قال يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني منها فقال له معاوية يا أبا الأسود دعها تقل، فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه، قال فقالت صدق والله يا أمير المؤمنين حمله خفاً، وحملته ثقلاً، ووضعه بشهوة، ووضعته كرهاً أن بطني لوعاؤه وإن ثديي لسقاؤه وإن حجري لفناؤه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتين به فقال أبو الأسود أنها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها، فقال معاوية أنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتاً لعلك تغلبها قال فأنشأ أبو الأسود يقول:

مرحباً بالتي تجور علـينـا ثم سهلاً بالحامل المحمـول
أغلقت بابها عليّ وقـالـت إن خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها عليّ فـراغـاً هل سمعتم بالفارغ المشغول

فأجابته وهي تقول:

ليس من قال بالصواب وبالحمق كمن جار عن منار السـبـيل
كان ثديي سقاءه حين يضحـي ثم حجري فنـاؤه بـالأصـيل
لست أبغي بواحدي يا بن حرب بدلاً ما علمتـه والـخـلـيل

فأجابها معاوية:

ليس من غذاه حيناً صغيراً وسقاه من ثديه بـخـذول
هي أولى به وأقرب رحماً من أبيه بالوحي والتنزيل
أم ما حنت عليه وقـامـت هي أولى بحمل هذا الضئيل

فقضي لها معاوية عليه واحتملت ابنها وانصرفت.*1

من يتأمل تلك القصة، سيجد أن الزوجين لا ينقصهما رجاحة عقل، ولكن هي فقدان الألفة بينهما. وأحيانا تكون الألفة متوفرة في زوجين يتفوق أحدهما في شيء كالحسن والجمال عند المرأة وقبح المنظر عند رجلها، فقد نظر عمران بن حطان إلى امرأته. وكانت من أجمل النساء، وكان من أقبح الرجال، فقال: إني وإياك في الجنة إن شاء الله. قالت له: كيف ذاك? قال: إني أعطيتُ مثلك فشكرتُ، وأعطيتِ مثلي فصبرتِ*2

ماذا تريد النساء من النشاط العام؟

المرأة كالرجل في مشاعرها تجاه توكيد ذاتها، فالرجل إذا صار شيخا، يخدمه أبناؤه وبناته، لا يفتأ أن يخترع مشكلة من لا شيء، ويذكر أبناءه بأن ما بهم من عز ومال هو من صنعه، هذا إن كان في حالة ميسورة، وإن لم يكن كذلك، فإنه يبقى يكد ويعمل حتى يموت. وإن كان شابا، ولكن لا عمل له ولا شأنا يقضي به يومه، فإن أمامه عدة احتمالات، إما أن يصبح متسولا أو مجرما أو يبحث له عن شأن عام يقضي به وقت فراغه.

تحدثنا سابقا عن الأدوار التي انتزعت من المرأة، ليزيد عندها وقت الفراغ، فإن كانت بنت مدينة فإن كثيرا من الأعمال التي كانت تقوم بها في السابق أصبحت متيسرة، خصوصا لمن يكون لديها خادمة، فتبدأ بالطلب من زوجها برغبتها في العمل، حتى تقتل وقت فراغها! ثم تبدأ بتلبية طلبات زميلاتها في الاشتراك بناد أو جمعية أو يتوجهن لحضور ندوة أو ورشة عمل في شأن يبتكرنه من خلال اطلاعهن الإعلامي المتيسر، وبالتدريج ترى المرأة أن لديها قضية عامة اسمها (قضية المرأة)، وقد تستمر بهذا النهج وقد تتعرض لقمع زوجها أو محيطها، فتصبح القضية قضية.

كيف ينظر المجتمع للمهتمات بالقضايا العامة؟

ترغب كل النساء في الخروج من دوائرها الضيقة التي وضعتها بها التقاليد الاجتماعية، فإن لم يكن متيسرا لها ذلك، فإنها ستوجه نقدها للمجتمع وبالذات النسوة المهتمات بالشأن العام.

عمليا النساء نصف المجتمع، إن لم يكن يزدن عن ذلك، ولكن البرلمانيات لا يساوي عددهن عدد الرجال البرلمانيين، لماذا لم تعط النساء في مصر والأردن والكويت أصواتهن للنساء؟

بالمقابل، فإن الرجال الذين عارضوا ولا زالوا يعارضون إعطاء المرأة حق التصويت، يقولون: هل من الضروري جعل التصويت كتسجيل الأهداف في لعبة (كرة السلة)؟ ويقصدون أن كل امرأة تتبع زوجها في التصويت؟

لقد استمعت لتبريرات قالتها النساء اللواتي لم يعطن أصواتهن لامرأة فاضلة ترشحت للبرلمان، فقالت إحداهن: من لا خير فيه لأهله لا خير فيه لأمته، وعددت عدة مسائل استحقت موقف النسوة من عدم إعطائها أصواتهن، منها: أنها لا تزور مريضة، وأنها لا تهتم بحماتها، وأنها لا تطبخ لزوجها الخ. لقد استخدمت النسوة مسطرة لقياس مواقفهن تختلف عن تلك التي يذكرها أنصار خوض المرأة غمار العمل العام
.


يتبع في هذا الباب





هوامش
*1ـ من كتاب بلاغات النساء لابن طيفور
*2ـ من العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي في (صفات النساء)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 30-12-2008, 01:29 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المرأة العربية والقيادة

القيادة: هي القدرة على معاملة الطبيعة البشرية أو التأثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة من الناس نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم*1
والقيادة في تعريف آخر: هي مجموعة المواصفات الشخصية الحائزة على تقدير واحترام الآخرين والتي تجعل من الفرد إنسانا قادرا على توجيه الأنماط السلوكية الأساسية عند جماعة كبيرة من البشر، ذلك أن القيادة تتمتع بإمكانية التوجيه لامتلاكها لسلطة اتخاذ القرار*2

ويفهم من هذين التعريفين أن القيادة السياسية هي المعنية فيهما، فيذهب البعض الى إزالة هذا اللبس، فلا يحصر القيادة بالسياسة بل شمل معها القيادات الفنية والعلمية والاجتماعية *3

حسنا، هل هناك ما يمنع أن تكون المرأة شاملة لمواصفات القيادة التي وردت في التعريفات الثلاثة؟

ما الفائدة من أن تشترك المرأة في شؤون الدولة؟

إذا كانت الحروب والأزمات التي تمر بها البلاد (أي بلاد)، تترك مجالا لأن تحل النساء محل الرجال في كثير من المواقع الإدارية والصناعية وإسعاف الجرحى، فإن الحاجة للنساء في أن تتبوأ مراكز قيادية في مفاصل الدولة في غير ظروف الأزمات، هو توجه لا يحتمل باب الضرورة واللزوم. هذا رأي من يعترضون على المبالغة في إشراك المرأة في الشأن العام.

في حكومة (جوبييه ـ بعهد جاك شيراك/فرنسا) عُينت 14 وزيرة، في سابقة لم تلجأ لها أي دولة متقدمة في العالم، وكلهن من خريجات (البوليتكنيك: المدرسة العليا للإدارة) وهي أكبر معهد علمي لإعداد قادة الوظائف العامة في فرنسا، وكانت الغاية هي مكافحة الفساد المستشري آنذاك، وقد أبرز تقرير المدرسة الفرنسية للإدارة أربعة عوامل رئيسية كانت وراء ذلك القرار كلها تصب في صالح المرأة:

1ـ إن المرأة أقل ميلا من الرجل الى الاستبداد الإداري.
2ـ المرأة أقل من الرجل الى الفساد الحكومي كالرشوة والمحسوبية الخ.
3ـ المرأة أكثر قبولا لمبدأ تداول السلطة الذي يحول دون التشبث بالمناصب وعرقلة التغيير.
4ـ المرأة أكثر ميلا للعمل بروح الفريق والاستعانة بالاستشاريين والعمل في هيكل تنظيمي تغلب عليه العلاقات الأفقية والمشاركة الاجتماعية في اتخاذ القرارات*4

هل تسعى المرأة العربية لتتبوأ مركز القيادة؟

المرأة وإن كان الزعم أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع، فإن علاقاتها وارتباطاتها الأنثوية الاجتماعية تتشكل منذ عهد الطفولة المبكرة، فجماعات الأطفال تنقسم الى أطفال ذكور وطفلات إناث، وترتسم معالم المنافسة الأولى على قيادة المجموعة منذ وقت مبكر، فللأطفال الذكور هناك من ينبري لقيادتهم وكذلك الحال عند الإناث.

تكتفي بعض النساء من الارتكاز على المجد الذي يحققه موقع زوجها، فتصبح تلقائيا (سيدة البلاد الأولى) إن كان زوجها هو الملك أو الرئيس، أو تكتسب أهميتها بالحي أو البلدة أو العشيرة، إذا كان زوجها هو من يتصدر ترتيب تلك الأماكن.

ولأن مجتمعات النساء هي مجتمعات أكثر تواصلا من مجتمعات الرجال، من خلال الزيارات المتكررة في نساء الحي، واختراع المناسبات الاجتماعية التي تتيح للنساء أن يلتقين ويتحدثن (مناسبات الفرح والولادة والموت الخ)، فإن هموم المجتمع (مجتمع الرجال) سيكون لها نصيب ضخم في تلك الأحاديث، ومن خلال مواضيع التفاخر والتي ستتحدد فيها أي واحدة من تلك النساء الحاضرات أكثر أهمية وأجدر أن تكون قائدة لهذا (المجتمع المحاذي لمجتمع الرجال)، فإن بعض الأحاديث تكون تسريبا لأسرار مجتمع الرجال، وستقطع بعض النساء عهدا على نفسها لتحديد مصير رجل ما بتعيينه أو فصله أو حل مشكلته. وهذا أول خط أساس للاقتراب من الاشتراك بالحياة العامة للمرأة.

دور المرأة في تغيير وقائع خاصة بالدولة (تاريخيا)

لا نستطيع فصل مجتمع الرجال، عن مجتمع النساء حتى لو ذاع صيت أحد الرجال واشتهر فإن علاقته مع زوجته أو زوجاته ومدى تأثره من تلك العلاقة، سيؤدي الى اتخاذ قرار قد يرسم مصير الدولة.

هند بنت عتبة: هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشية الهاشمية، وهي إحدى أربع نساء أهدر رسول الله صلوات الله عليه دماءهن، وقد عفا عنها بعد أن جاءت مسلمة تائبة بعد فتح مكة. وهي زوجة أبي سفيان (زوجها الثاني إذ تزوجت قبله حفص بن المغيرة).

وهند تلك هي التي رتبت للتمثيل بجثة (حمزة بن عبد المطلب)، وذلك انتقاما لأبيها الذي قُتل في معركة بدر، وكادت أن تقنع أهل مكة بقتل أبي سفيان (زوجها)، عندما أمرهم بالاستسلام، فأخذت برأسه وقالت: (بئس طليعة القوم أنت، والله ما خُدشت خدشا، يا أهل مكة عليكم الحميت الدسم فاقتلوه، قُبِحَ من طليعة قوم) فقال أبو سفيان: (ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به)*5

زبيدة بنت جعفر بن المنصور: وهي زوجة هرون الرشيد وأم الأمين والتي كانت وراء تعيين الأمين وليا للعهد، والتي حرضت ابنها عندما استلم الخلافة على نقل ولاية العهد من المأمون (حيث كانت وصية الرشيد) الى ابن الأمين، مما أثار الفتنة التي تم فيها قتل الأمين، وبداية دخول العنصر الفارسي (أخوال المأمون) لشؤون الدولة.

والتاريخ القديم مليء بالنساء اللواتي كان لهن دور إما في إدارة الدولة مباشرة، أو من وراء الكواليس، فمن نفرتيتي الى بلقيس الى كليوباترا الى زنوبيا الى شجرة الدر الخ.

ولا تزال دوائر الاستخبارات في العالم توظف النساء في سبر أغوار أعداء الدولة وخصومها.

يتبع في هذا الباب

هوامش:
*1ـ معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية/د احمد زكي بدوي ص 242
*2ـ معجم العلوم الاجتماعية/ د فريدريك معتوق ص 212
*3ـ العرب والقيادة/ خليل احمد خليل ص 12ـ13
*4ـ المرأة والاصلاح الإداري/د عبد العزيز الشربيني ص10// كما وردت في: ورقة المرأة القيادية والتنمية المتواصلة: بحث سوسيولوجي إحصائي مقارن للدكتورة: فاطمة بدوي/مجلة دراسات عربية الصادرة عن دار الطليعة بيروت/عدد9/10: 1997/ صفحة 48.
*5ـ موسوعة شهيرات النساء/سليم الرمال/ بيروت: دار اليوسف 2005/ صفحة 111
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 28-01-2009, 03:36 PM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أطر العمل النسائي

تحركات النساء في العهد العثماني:

قبل القرن التاسع عشر، كانت نظرة الغرب للمرأة العثمانية، بأنها خاضعة ومذعنة وتابعة اقتصاديا للزوج أو الأب، وكانت تُربى لتصبح زوجة وأُماً. أما بعد ذلك وبعد أن أنهكت الحروب الدولة العثمانية، أصبحت المرأة العثمانية شبيهة للمرأة الأوروبية في انشغالها بالهم الوطني العام. ولنلقي نظرة على هذا التلخيص الشديد لوضع المرأة في آخر القرون التي حكمت بها الدولة العثمانية، ولنقارن الكيفية التي تطورت بها أوضاع المرأة في تركيا، في حين لم تُحسم القضية عندنا بعد.

تم افتتاح أول ثانوية للبنات في تركيا عام 1858 ثم مدارس مهنية خاصة للبنات عام 1869 ودار للمعلمات عام 1870وفي عام 1868 ألحق في الصحف اليومية ملحق خاص بالمرأة وتبع ذلك إصدار صحف ومجلات خاصة بالمرأة، وفي عام 1873 قامت مظاهرات نسائية دعما لإضراب عمال أحواض السفن، وأنشئت أول رابطة للمرأة (اتحاد نسائي)

وفي عام 1914 تم تأسيس أول جامعة نسائية، وفي نفس العام بلغت نسبة النساء العاملات في الصناعة 30%.و كانت نسبة الأمية عند النساء في تركيا عام 1935هي 90.2% وفي عام 1965 كانت نسبة الأميات 67.2% وفي عام 1985 انخفضت النسبة الى 31.8%. ومن ناحية أخرى فإن نسبة النساء المنتخبات في البرلمان التركي كانت عام 1939 هي 4.08% *1

عدم التوافق بين (التشريع والأدب) من جهة والتطور الحضاري من جهة أخرى.

تعاني المدن في الدول النامية من انتشار البناء العشوائي في أطرافها، وبعد أن يصبح هذا البناء حقيقة واقعة، تنتبه إدارة بلديات تلك المدن في وقت متأخر الى شمول تلك الأبنية المخالفة في التنظيم، ولكن هذا الشمول سيترك شكلا مشوها، لا يتناسب مع مخططات البلديات الأصلية، وسيبقى سكان تلك الأحياء الملحقة بالتنظيم يعانون من اضطراب الخدمات، أو أحيانا تسقط بعض الأبنية فوق رؤوس ساكنيها.

هذا ما يحصل في موضوع المرأة، ففي حين تزخر الجرائد والأدبيات بمواضيع تتندر أحيانا بقضايا لا أخلاقية تخص المرأة، وتهاجم الذين يقفون وراء دوافع تلك الظواهر السيئة، من إعلام سيء وإدارات اجتماعية وحكومية الخ، نجد أن تطور أوضاع المرأة يسير بشكل لا يعطي وزنا لتلك الاحتجاجات، سواء في التحاقها بالمدارس والجامعات أو اشتراكها في وظائف حكومية وأهلية، وحتى في طموحاتها للاشتراك بالحياة السياسية العامة.

أي أن استعدادات الثقافة النخبوية وما بعدها الثقافة الشعبية، لم تكن كافية لتتهيأ لمثل تلك الأدوار، حافظة للمرأة كرامتها وصورتها الملتزمة بالقواعد الخلقية الإسلامية، ومستثمرة لما يفيض من جهدها بعد الجهد الذي أوكل لها تاريخيا كأم وربة بيت.

أين المسكوت عنه في المساواة وكيفية معالجته؟

لم تكن فكرة مساواة الرجل بالمرأة طارئة على تراثنا، ولم يكن إعادة إثارتها بدافع يُقصد منه تقليد الغرب، بل كانت فكرة المساواة موجودة في النصوص الإسلامية باعتبارات المساواة الفعلية. بمعنى إن كان للشريك نصف حصة شريكه فإن العدل يفرض إعطاءه ثلث المربح وعليه أن يتحمل ثلث الخسارة، هذا من باب العدل.

لقد راعى الإسلام الجوانب البيولوجية للمرأة فأناط بها مسئوليات تتناسب مع إمكانياتها الجسمية، وفيما يخص نسيانها نتيجة تلك الأوضاع فقد جعل شهادتها بنصف شهادة الرجل، وكون الرجل هو من أوكله الشرع في الكسب والصرف على الأسرة، جُعِل نصيبه من الميراث ضعف نصيبها.

لكن فيما عدا ذلك، خاطبها كما يخاطب الرجل ولم يُحرِم عليها العمل، بل حدده بشكل نفهمه من واقعة نبي الله موسى عليه السلام مع الفتاتين (ابنتا شعيب عليه السلام) {ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امراتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير}[القصص 23]

من يتأمل الآية الكريمة، سيجد أن مبررات العمل هي شيخوخة الأب، وعدم وجود معين، كما سيجد أن الأنثى لا حرج إن خرجت مع أختها، وأن لا تزاحم الآخرين من الرجال على إنجاز عملها، كما سيجد أن إظهار جانب الشهامة من الرجل في معاونة النساء واجب، موقف النبي موسى عليه السلام*2
المرأة في عضويتها بالمجتمع كالرجل، من حيث موقعها الفردي (كعدد)، لا أهمية لكليهما إن لم ينخرط ضمن مجموعة فاعلة، فريق، منظمة، اتحاد، نقابة، حزب الخ. وإن كانت مواصفات ذلك الفرد عالية، ممكن أن يكون أديبا أو مفكرا أو فنانا، ولكن لن يكون فردا منتسبا لهيئة عامة تنقل الأفكار الدعائية التي يبتكرها المفكرون والأدباء وتحولها الى إجراء ضمن القنوات الإدارية.

أي إن كانت الجماعة تدعو لتغيير فهي جماعة دعائية، وإن كان من يترجم تلك الأفكار ويحولها لإجراءات فسيكون ضمن المجموعات الإدارية، فعليه تعتبر الأحزاب والروابط الثقافية والفكرية والاتحادات النوعية (كاتحاد النساء والطلبة والفنانين الخ) جماعات دعائية تناشد الجماعات الإدارية أن تتبنى أفكارها، وعليه فإن الدولة بمؤسساتها والبلديات والغرف التجارية والصناعية والأندية الرياضية هي مجموعات إدارية بحتة، يكتمل جهدها الحضاري بربطها مع مجموعات دعائية ضمن علاقات تحددها تقاليد الدول. *3

سنتتبع باختصار شديد، انتماء المرأة العربية لعضويتها ببعض الأحزاب العربية من خلال رصد نماذج واقعية، دون الإشارة لحزب بعينه أو (بلد) بعينه.

في الغالب تبدأ عضوية المرأة في الأحزاب أثناء الدراسة الجامعية، ويكون ذلك من خلال بعض النقاشات الأولية في الشأن العام، في نادي الطلبة أو أثناء وبعد احتفال أو حضور ندوة أو مؤتمر الخ، فيبدأ الحديث من شاب له القدرة على افتتاح الكلام بموضوع، أو من خلال تساؤل فتاة عن أمر يعني بالشأن العام، فيتناوب الموجودون من طلاب وطالبات على إبداء آراءهم، ولا يخلو الحديث من استخفاف ببعض الأفكار المطروحة، ومن ثم تبدأ التحديات ودفع الفتاة الى خوض مجال التفكير في الشأن العام، وقد يسوقها هذا السلوك الى الانتساب لحزب ما.

الفتاة كمتلقية في الحزب

غالبا، ما يكون من يقوم بتثقيف الفتيات المنتميات الى الأحزاب من الشباب الذين سبق انخراطهم في الحزب الفتيات، وستكون حلقة الفتيات بالبداية من المستجدات في الانخراط بعمل عام، وقد تكون تجربة الشاب المثقِف هي الأولى في عمله هذا، وعلينا أن نتصور تلك الأجواء التي تضع هذا النوع من اللقاءات في مساحة معزولة، محكومة باعتبارات اجتماعية ونفسية وغيرها. فقد يتشتت تركيز الشاب في إخراج أفكاره بشكل منتظم ومفهوم، وقد تتشتت أفكار الفتيات بشيء من الحرج في مثل تلك التجربة، التي غالبا ما تنتهي دون إعادتها.

في بعض الأحزاب الإسلامية، يُترك مجال التثقيف لزوجة أحد الأعضاء التي تتولى تنظيم الخلية الحزبية، وتكون المواضيع بالغالب تدارس القرآن الكريم وتفسيره وحفظه. ويتم التناوب في مكان الاجتماع من منزل الى منزل، وتكون الاجتماعات في الغالب في وضح النهار، من دوافع تنظيمية بحتة، حتى لا يكون التردد على نفس المكان مثارا لتطفل الآخرين وإثارة الاحتمالات التي تكون من وراء تلك الاجتماعات.

في الأحزاب اليسارية، يختفي الحرج مما سيثار حول مثل تلك العلاقات، فتتوجه الفتيات الى مكان قد يكون نفسه في كل الاجتماعات وقد يكون ليلا، لا يهم، وهذا يتم في حالات الطالبات الجامعيات اللواتي يدرسن خارج نطاق مدنهن أو بلدانهن، أو يتم ضمن نطاق علاقات أسرية وحزبية، فتكون زوجات أو بنات الحزبيين يلتقين بشكل طبيعي فيما بينهن مع إفراد مسئول أو مسئولة عن مثل تلك الخلية التنظيمية.

هذا في الأحزاب التكاملية، أي التي لها أيديولوجيا و نظرية تنظيمية. أما في الأحزاب التمثيلية، أي التي لا يشترط فيها الاجتماع الدوري، كالأحزاب الليبرالية التي تعتمد أساليب أحزاب أوروبا وأمريكا، فيكفي أن تنتمي المرأة الى الحزب، لتطلع على برامجه إما من خلال الموقف العام لقادة الرأي، أو من خلال الاطلاع على أدبيات الحزب المكتوبة*4

أدوار النساء المنتميات الى أحزاب:

غالبا، ما توظف جهود المنتميات الى الأحزاب السياسية في لعبة الصوت الانتخابية في مختلف الانتخابات البرلمانية أو البلدية أو النقابية، وتستفيد بعض الأحزاب السياسية من هذا النوع من النشاط في حصد المقاعد الانتخابية، خصوصا في النقابات، فدأبت بعض الأحزاب على تسديد اشتراك النقابيات خصوصا (حديثات التخرج) فتسدد عن ألف أو ألفين من خريجات كليات الهندسة اللواتي تخلفن عن تسديد اشتراكهن منذ التخرج، وتتكفل بنقلهن الى صناديق الاقتراع فتتعمق الصلة فيهن وتوظف تلك العلاقة بانتخابات أخرى. وتتفوق الأحزاب الإسلامية (الإسلام السياسي) على الأحزاب القومية واليسارية وحتى الليبرالية في ذلك الشأن.

كما أن هناك توظيف لدور المرأة، من خلال التجمعات (التنظيمات) الإدارية، كالجمعيات الخيرية والأندية والنقابات وغيرها، والتي تكون بمثابة الذراع الإداري للتنظيمات السياسية، والتي تكون أيضا كواجهات للعمل السياسي الأقل ملاحقة أمنية والأكثر أريحية للمنتميات لمثل تلك التنظيمات، أي باختصار إنها أوعية للعمل العام أو الرأي العام، التي تتباهى فيها التنظيمات السياسية أمام غيرها.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .