* تجار الموت*!
الشناوى،* رسلان،* ناجح،* الدش*.. كلها أسماء سماسرة مؤثرين فى توريد المرضى للأطباء،* أصبحت أرقام هواتفهم تتصدر موبايلات أباطرة الدروس الخصوصية وأساتذة الجامعات وطلبة كليات الطب*.
ومع ذلك تظل أمل أم مصطفى سمسارة أو تاجرة الأطفال المرضى الوحيدة بلا منازع*.. تمتلك علاقات قوية بالمستشفيات فى المحافظات والصعيد،* وتقوم بتصدير الأطفال لهم*!.. تساعدها فى مهمتها أختاها منى المعروفة بـأم رمضان*،* ووفاء المعروفة بـأم محمد* حيث تقومان بالاتصال بأمهات الأطفال والاتفاق على المكان الذى* ينطلقون منه لمكان العمل،* كما أنهم* يتولون أمر الحالات الجديدة التى* يتم التقاطها،* ولكن الأختين حريصتان على التأكيد للمرضى أنهما تابعتان لأمل* أم مصطفى*!
ما* يحدث* غالبا لاستقطاب أطفال جدد لطريق تعاستهم هو أن تراقب أمل بمساعدة أخواتها حالات الأطفال التى تدخل إلى قصر العينى والدمرداش وأبوالريش بحثا عن العلاج المجانى*.. وتتأكد أمل وأخواتها من فقر الأم وانعدام حيلتها،* وأنها ليس لديها المال لعلاج طفلها أو طفلتها أو إجراء عملية له*.. كما تستدعى بعض الحالات مثل مرضي* القلب فتذهب إليها أمل أو ترسل لها إحدى أختيها وتبشرها بأن لديها طريقة تساعدها بها على مصاريف العلاج*.. وبالتدريج ومع ازدياد ما تأخذه الأم مقابل المتاجرة بمرض ابنها تعرف أن السبيل فى استمرار هذا الرزق هو إهمال علاج الطفل حتى لا تتحسن حالته*.. فلابد أن تظل الحالة متدهورة حتى تكون ظاهرة للطبيب الذى* يتعلم فى مراكز الدروس الخصوصية أو الذى* يمتحن فى الجامعات ويكون القانون الثابت الوحيد الذى وضعته أمل فى مملكتها للمتاجرة بالأطفال هو* القرش سيد الإنسان*!
مهمة الطفل هو أن* يكشف عن صدره أو بطنه أو مكان الشلل فى ساقه أمام عشرات الطلبة فى الدروس والامتحانات،* فلو أن لديه مشكلة فى القلب أو الصدر مثلا* يقوم عشرات الطلبة بالنقر على تلك المنطقة*.. ففى اليوم الواحد قد* يضع عشرات الطلبة أيديهم على منطقة المرض والضغط عليها،* وهذا بالطبع* يزيد من مضاعفات الحالة*.. فيذكر بعض المرضى أن هناك كثيرا من الأطفال خصوصا ممن لديهم مشاكل فى القلب* يموتون نتيجة لتلك اللا آدمية فى التعامل مع المرضى*.. بالإضافة إلى أن إهمال علاج الأطفال فى بعض الحالات* يؤدى إلى مضاعفات خطيرة*.. فمثلا الأطفال الذين لديهم ارتجاع فى الصمام المترالى ممن تتاجر بهم أمل* يؤدى إهمال علاجهم إلى الإصابة بالشلل*.. بالإضافة إلى امتداد مئات الأيدى إلى أجسادهم الضعيفة*.. فالبالغ* يمكنه أن* يتحمل الآلام الجسدية والنفسية* جراء فحصه من أكثر من مائة* يد،* لكن الطفل أو الصبى الصغير لن* يتحمل،* وكل هذا مقابل بضعة جنيهات تأخذها الأم وترحل سعيدة*!
فى بعض الأحيان فى حالات أمراض المثانة والتبول اللاإرادى* يضطر الطفل أو الطفلة للكشف عن عوراتهم أمام عشرات الطلبة*.. يقول أحمد عبدالسلام طالب بطب قصر العينى* فى إحدى المرات جاء إلينا طفل عمره حوالى* 7* سنوات فى أحد المراكز،* ووضعه الدكتور على الشيزلونج،* وكان المفترض أن* يكشف عن عورته ولم* يكن هناك* غطاء كما هو معتاد لتغطية جسده،* فبكى الطفل ورفض خلع ملابسه وطلب أن* يرحل،* وكانت أمه معه فلطمته على خده،* وخلعت الإيشارب الذى كانت ترتديه ووضعته على عورته،* وأجبرته على أن* يكمل*.. ويومها تركت الدرس محتجا وكارها للدكتور الذى* يعطينى الدرس،* وقد أثرت فىّ* تلك الحادثة كثيرا،* وجعلتنى أعيد التفكير فى كل شىء وأبحث عن بديل،* لكنى لم أجد حلا*!
* الإنسانية الغائبة*!
يقول أحد المقربين من أمل*.. رفض ذكر اسمه*: كانت أمل السبب فى ضياع مستقبل مئات الأطفال وهى تحث أمهاتهم على عدم تعليمهم وتقنعهم أن المدارس لن تجلب لهم ثمن الدواء ولن* يفعلوا بها شيئا،* بالإضافة للضغط النفسى الذى* يتعرض له الطفل جراء امتداد الأيدى عليه وانتقاله منذ الصباح الباكر بين المستشفيات وأحيانا* يسافر إلى المحافظات،* بالإضافة إلى حرمانه من الحياة الطبيعية*.. فالنشأة فى هذا الجو تجعله* يرى الحياة من وجهها القبيح ويتعلم أسوأ* ما فيها وأخبثه*!
سيد*.. أشهر حالات* أمل* هو طفل عمره* 11* سنة* يعانى من ارتجاع فى الصمام ويعمل لدى أمل منذ أكثر من* 5* سنوات وتسبب ذلك فى حرمانه من التعليم*!
يوضح لنا كمال* أحد المرضى* حالة سيد قائلا*: هذا الطفل أكثر طفل* يجعلنى أحزن،* لأن ما فعلته به أمه وأمل ضاعف لديه المرض*.. والبهدلة التى* يراها تسببت فى إصابته بضعف فى عضلة القلب وبدأت تظهر عليه بوادر الشلل تظهر عليه فى الأطراف واللسان*.. وعندما سألت أم سيد عن عدم ذهابه للمدرسة قالت*: الولد مريض ولا* يمكنه استيعاب ما سيأخذه في* المدرسة*.. فقلت لها*: لماذا إذن* يتحمل كل هذا العناء؟*! فقالت لى*: الولد هو من* يصرف على البيت وليس لدينا دخل* غير ذلك*!
*إمام* طفل آخر عمره* 12* عاما ويعمل مع أمل منذ* 4* سنوات ولديه مشكلة فى زيادة الهرمونات،* مما أدى إلى تضخم حجم الثدى عنده وهو حالة مربحة بالنسبة لأمل لأنها نادرة*!.. لكن كونه محط سخرية ممن حوله* يجعله دائم البكاء إلا أن أمه تجبره على الاستمرار*!
* يوم الحساب*!
*أمل* تخوض معارك ضارية مع أمهات هؤلاء الأطفال لحظة الحساب عندما* يكون الامتحان فى الجامعات الخاصة*.. ففى الجامعات الحكومية لا* يدخل أحد مع الطفل فى الامتحان،* ولكن تأخذ أمل الطالب الذى سيتم امتحانه وتغششه مرض الطفل باللغة الإنجليزية مقابل مبلغ* يتراوح من* 50* إلى* 100* جنيه،* ثم تعطى للأم نسبة،* أمل تحفظ حالات الأطفال التى لديها وكذلك الدواء وتقوم بتحفيظ الأم والطفل الحالات بدوائها لاستخدام ذلك فى ابتزاز الطلبة وتغشيشهم مقابل المال*!
أما إذا كان الامتحان فى الجامعات الخاصة مثل* جامعة مصر* يكون هذا اليوم عيدا بالنسبة لأمل وللأم لأن مكسبها فى اليوم على الطفل الواحد لايقل عن* 100* جنيه،* فلو أن لديها* 20* حالة مثلا تأخذ* 2000* جنيه،* بينما تدخل الأم مع الطفل الامتحان وتسأل عن هوية الطبيب الممتحن،* فإذا كان من إحدى الدول الخليجية ترفع السعر المطلوب وتغشش الطالب الشيت كله أو حالة ابنها،* وقد تطلب الأم من الطالب الواحد فى* جامعة مصر* 1000* جنيه ويعطيها راضيا*!
ويتابع كمال*: فى إحدى المرات وجدنا أمل تضرب وتقطع ملابس إحدى الأمهات عندما علمت أن تلك الأم جنت حوالى* 3000* جنيه فى الداخل مقابل امتحان* 7* طلاب على ابنها فى حين رفضت الأم أن تعطيها سوى* 100* جنيه*.. فقطعت ملابسها لتحصل على المال فى حوش الجامعة*!.. وقالت لها أن هناك* 18* ألف طالب فى مصر بحوزتها ويحتاجون أطفالها وستحرمها من العمل معها مرة أخرى وقد فعلت*.
أمل اشترطت على أحد سماسرة المرض مقابل تشغيل ابنته فاطمة* 11* عاما* وتعانى من مشاكل فى القلب أن* يساعدها هو الآخر فى عمل إضافى لوالدها الذى* يعانى حساسية مزمنة فى الصدر*!
اتصلنا بأمل فوجدنا* الكول تون* الخاص بموبايلها ودعاء بصوت عمرو خالد* يقول*: يا رب،* هذا ليس صعبا،* أنت مالك الملك،* اجعلنا رفقاء النبى فى الجنة*،* وقد أخبرتها أن لدى طفلا عمره* 3* سنوات ولديه حساسية فى الصدر،* ففرحت كثيرا لأن الحالات الجديدة لديها بريق خاص عند أمل،* ولأن الأطباء أيضا* يفضلون الحالات الجديدة*.. ويكون سعرها أعلى،* ولكنها قالت لى* أهم شىء أن* يكون الطفل* يعالج بـ* بخاخة* لأنه لو لم* يكن كذلك ستكون حالته جيدة ومستقرة ولن نكون بحاجة إليها*.. فقلت لها إنى أخشى مضاعفة المرض على طفلى بسبب العمل فقالت* :أنا لدى حالات شهران وثلاثة ولم* يحدث لها شئ كما أن ابنى* يعمل،* هل ستكونى أكثر خوفا على ابنك منى*.
هبة أسعد نائبة بجامعة مصر قالت لنا*: هؤلاء الأمهات* يتاجرن بأمراض أطفالهن،* وهن بالنسبة لى كمن نسمع عنهن* يقمن ببيع أطفالهن،* لكنى احتاجهن ويسهلن لى مهمتى فى الماجستير لأنى أحفظ حالتهم والله أعلم بظروفهم*.
الفقر والحاجة والمرض دوائر محزنة* يدور فيها هؤلاء الأطفال*.. لا نحتاج لمجهود كبير لمعرفة مصائرهم*.. فهم تقريبا بلا مستقبل فى ظل ما* يلاقونه من ألم ومعاناة وإهمال،* فهل من سامع؟*! وهل من مجيب؟*!
المصــــــــــــدر /
موقع روز اليوسف
http://www.rosaonline.net/Weekly/News.asp?id=28624
في انتظار تعليقاتكم ومشاركاتهم...وتعازيكم