فالمستدين لابد أن يكون فى نيته سداد دينه وإن كانت نيته أكل مال الناس فقد كفر واستحق النار ثم قال:
"الوصية الرابعة : الديون هم بالليل وذل بالنهار :
* إن كثيرا من الرجال أريقت مياه وجوههم واختفوا عن أعين الناس خوفا من عتاب الدائنين ، وهروبا من كلماتهم الساخنة ومن ذلك ما رواه الطحاوي عن عقبة بن عامر أن رسول الله (ص)قال : (( لا تخيفوا الأنفس بعد أمنها )) قالوا : يا رسول الله ، وما ذاك ؟ قال : (( الدين ))
لذا ، ينبغي على المرء أن يستشعر أن الدين مذلة للرجال ، كما جاء في الأثر : (( الدين هم بالليل ومذلة بالنهار )) قال القرطبي : قال علماؤنا : (( وإنما كان شينا ومذلة لما فيه من شغل القلب والبال والهم اللازم في قضائه والتذلل للغريم عند لقائه ، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه )) وقد ذكر في الأثر صور من ذلك أيضا :
* جاء أبو قتادة إلى رجل قد استدان منه دينا جاء إليه ليتقاضاه في أحد الأيام فما كان من هذا المقترض إلا أن اختفى عن ناظريه واختبأ عنه وقدر أن يخرج صبي من دار ذلك المقترض ، فسأله أبو قتادة عن أبيه ؟ فقال الصبي : هو في البيت يأكل خزيرة - نوع من الطعام – فنادى أبو قتادة بأعلى صوته : يا فلان أخرج فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج فقال له : ما يغيبك عني ؟ قال الرجل : إني معسر وليس عندي ما أسدد به ديني فاستحلفه أبو قتادة أنه معسر فحلف الرجل على ذلك
فبكى أبو قتادة أن يصل الأمر بأخيه إلى هذه الحالة البائسة فقال بعد ذلك : سمعت رسول الله (ص)يقول : (( من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة ))
* حدثت أن رجلا تكاثرت عليه الديون حتى زادت على المليونين من الريالات وبالطبع تتابع الطراق عليه ، ووجهت إليه الكلمات اللاذعة حتى بلغ به الأمر أن فر من بيته وترك أهله لسنة كاملة !! فكانت المضايقات تتابع على أبنه الصغير حتى أصيب بضائقة نفسية سيئة والبقية تأتي !!- إلا أن يتداركهم الله برحمته – "
قطعا حديث أن الدين ذل وهم لا يصح فلو كان كذلك ما أباحه الله والمسلمون كما قال تعالى" رحماء بينهم"
ومن ثم فهم لا يذلون بعضهم ولا يهتمون طالما يطيعون ذكر وهو وحى الله كما قال:
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
ثم قال :
"الوصية الخامسة : إياك وخداع البنوك :
* ترفع البنوك بين الحين والآخر إعلانات تتضمن التشجيع على الاقتراض ، ويزعمون أن هذه القروض تجعل حياتك أكثر رفاهية ، فما عليك إلا أن توفر الشروط وتقوم بتعبئة النموذج المعد لذلك ثم تكون النقود بين يديك لتتصرف بها بحرية كاملة وهذه البنوك إنما تشجع على الديون لأنها تتكسب من ذلك أموالا طائلة ، وبخاصة أنها إنما تقرض بفوائد ربوية تتضاعف بمرور الزمن ، وهذا الأسلوب الاستثماري
أولا : مما حرمه الله ورسوله (ص)
قال تبارك وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون}
وقال (ص): (( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد من ست وثلاثين زنية ))
وقد لعن (ص): آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه: (( هم سواء ))
ثانيا : هذا القرض المالي الذي يفرح به المقترض لأيام معدودة يسبب له ضعفا في إيمانه ، واضطرابا في قلبه يقول عمر الأشقر : (( الربا يحدث آثارا خبيثة في نفس متعاطيه ، وتصرفاته وأعماله وهيئته ، ويرى بعض الأطباء أن الاضطراب الاقتصادي الذي يولد الجشع الذي لا تتوفر أسبابه الممكنة يسبب كثيرا من الأمراض التي تصيب القلب ، فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر ، أو الذبحة الصدرية أو الجلطة الدموية ، أو النزيف في المخ ، أو الموت المفاجئ
وقد قرر عبدالعزيز إسماعيل عميد الطب الباطني في كتابه ( الإسلام والطب الحديث ) أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب
وما قيل ليس من باب المبالغة بل الديون الحاصلة من قروض الربا تأتي بأكثر من ذلك!
ثالثا : إن القروض الشخصية التي تقدمها هذه البنوك ربحها الدائم للبنوك فحسب يقول ( شاخت ) مدير بنك الرايخ الألماني : (( إن الدائن المرابي ( أي البنك ) يربح دائما في كل عملية ، بينما المدين معرض للربح والخسارة ، ومن ثم فإن المال كله في النهاية لابد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائما ))
والمعادلة في ذلك لا يطول حسابها يقول المراغي في تفسيره : (( الربا يسهل على المقترضين أخذ المال من غير بدل حاضر ويزين لهم الشيطان إنفاقه في وجوه الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها ، ويغريهم بالمزيد من استدانة ، ولا يزال يزداد ثقل الدين على كواهلهم حتى يستغرق أموالهم فإذا حل الأجل لم يستطيعوا الوفاء ، وطلبوا تأجيل الدين ، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدين يزداد يوما بعد يوم ، حتى يستولي الدائنون قسرا على كل ما يملكون ، فيصبحون فقراء معدمين ، وصدق الله : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات } )) "
رواية درهم ربا الخطأ فيها أن الربا مثل 33 زنية ويخالف هذا أن الربا كذنب يكتب بسيئة مصداق لقوله تعالى "ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها "
وأمما تأثير الديون على الصحة فهو يحدث مع البعض ولا يحدث مع البعض الأخر ثم قال :
"الوصية السادسة : أغلال البطاقات !
* يشارك كثير من الناس في بطاقات تحت مسميات مختلفة، ومنها ما يسمى بـ ((البطاقة الائتمانية )) والمشترك فيها يتحصل على خدمة خلاصتها أن حامل البطاقة يشتري ما يريد حاضرا وتقوم الجهة الممولة للبطاقة بتسديد قيمة الفاتورة لصاحب المتجر بعد حين، وظاهر هذه الخدمة الرحمة، ولكن إذا علمت أن للمشترك زمنا محددا للسداد للبنك أو الشركة ، فإذا انقضى هذا الزمن تضاعف المبلغ عليه بزيارة ربوية كلما تأخر عند ذلك يتبين للمشترك خطورتها ، ويتبين أن هؤلاء الذين يتعاملون بهذه البطاقات وقعوا في محذورين :
المحذور الأول : أنهم سيسرفون في المصايف ، وسيغرقون في الديون ما دام غيرهم يدفع عنهم
المحذور الثاني : أنهم إن لم يسددوا فورا فإنهم سيقعون في الربا - والعياذ بالله -
وحاصل ما ذكرنا تكاثر الديون وهذا ما يراد الهروب منه ، والفرار عنه "
واللوم على الناس هنا فى غيره محله فالمصارف غالبا تابعة للدولة فهى من تشجع الاستدانة وعليها أن تجعلها بطاقة مغلقة على الراتب ا, المعاش بحيث لا ينفق ا:ثر مما يقبضه
وعلى الناس مسئولية أيضا فهم لابد أن يعملوا بقوله تعالى بالقوامة وهى الاعتدال فى النفقة كما قال تعالى :
"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"
وتفسيرها بالبلدى "على قدر لحافك مد رجليك"
ثم قال :
"الوصية السابعة : فر من التقسيط فرارك من الأسد :
* إن اندفاع الناس إلى التقسيط أصبح ظاهرة ، والحق أنها ظاهرة غير صحيحة البتة ، فلا يليق بالمجتمع المسلم أبدا أن يغرق في الديون ، كما يحدث بالفعل في مجتمعات أخرى إن مرارة التقسيط تعلم قطعا بعد الخوض في تجربته ، فإن المشتري بالتقسيط يرى أن الشركة تأكله من فوقه إلى أسفل قدميه ، وهو للوهلة الأولى لا يدرك ذلك بالطبع فيخوض مع الخائضين
ولنأخذ مثلا الشركات التي تبيع السيارات الجديدة بالتقسيط ، فهم أولا : لا يبيعون السيارة بثمنها في السوق وإنما بسعرها في البطاقة الجمركية ، ومعلوم أنه أعلى وأكبر غالبا ، ثم يجعلون الزيادة المالية على السعر الأعلى ولذلك تكون الزيادة ضخمة نسبيا ، وكلما ازداد الأجل بعدا كلما أزداد الثمن الكلي على المشتري فانظر ماذا ترى ؟
الوصية الثامنة : احذر المفاهيم الخاطئة :
* إن من المفاهيم الخاطئة عند فئة من الناس – وهم قليل – ما صاغه أحدهم سؤالا قدم بين يدي فضيلة الشيخ محمد العثيمين ونصه كما يلي : (( ما رأيك في فئة من الناس يرون أن من لا دين عليه ، عنده نقص في رجولته ، بل إن من دينه قليل تناله سخريتهم فيقولون : فلان دينه دين عجوز ، مع أنهم يستدينون بنية عدم الوفاء ؟ فكان جواب الشيخ : (( أقول أن هذا بلا شك خطأ ، وأن العز والذل تبع الدين وعدمه ، فمن لا دين عليه فهو العزيز ومن عليه دين فهو الذليل ، لأنه في يوم من الأيام قد يطالبه الدائن ويحبسه ، وما أكثر المحبوسين الآن في السجون ،
|