الأخ الفاضل البدوي الشارد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مفهومة هي دوافعكم الطيبة لقول ما قلتموه، وهي أن لا تكون الرياضة مرتعاً خصباً لنمو الضغائن وتوليد الأحقاد. وهذا هدف نبيل تسعى كل القوى الخيرة من أبناء البشرية لتجعله يسود.
هل العيب في الرياضة؟ الجواب بكل تأكيد كلا، فتشجيع الرياضة ليس أمراً مستحدثاً بين الشعوب، وحتى في تاريخنا الإسلامي، كان المسلمون يتعلمون فنون استعمال الرمح والسيف في ساحات المساجد.
فتشجيع الرياضة بأشكالها، بدءاً من المدارس ومروراً بتأسيس النوادي الرياضية سيصب في النهاية في امتصاص فيض الطاقة لدى الشباب وتحويله الى تنمية الجسم ومن وراءه العقل (العقل السليم في الجسم السليم).
أما التشنجات التي ترافق الخسارة في لعبة ما، فهي طبيعية جداً مهما بلغت حالات التطرف في ردود الفعل إزاءها، ففي حالة التمارين عندما ينقسم لاعبو النادي الى فريقين، فإن كل فريق يبذل قصارى جهده لإلحاق الهزيمة بمنافسه وقد تحدث إصابات (كسور ورضوض وحتى شطب لاعب).
في الحالة التي أمامنا، (كأس العالم) يستطيع المراقب أن يكون فكرة عن دواخل المشجعين، كل العرب راقبوا فريق الجزائر وعلقوا عليه الآمال وهذا طبيعي جداً، في بعض المباريات التي يكون فيها إفريقي ضد خصم أوروبي نجد أن ميل المتفرجين ـ حتى لو كانوا هواة ـ سيكون مع الأفارقة، وهذا يحدث مع الآسيويين ومن ثم أمريكا اللاتينية. إنه شعور دفين في الانتصار للمستضعفين من قوى الاستكبار.
فيما يخص، ما آلت إليه مساقات صعود الجزائر على حساب مصر، فهذا عائد للمثال الذي ضربناه فيما بين التنافس بين فريقين يتبعان لنادٍ واحد. وأجزم بأن أغلبية الشعب المصري كانت مع الجزائر، والأصوات والحالات الشاذة لا تغير من الحالة العامة..
عموماً، فإن الرياضة تعكس الحالة الصحية (ثقافية، اقتصادية، سياسية) فكلما كانت تلك المؤشرات صحية وعفية كلما كان للرياضة وجه أكثر جمالاً، والحال في بلداننا لا يوحي بالعافية في كثير من المجالات المذكورة، فعليه ستكون الرياضة بهذا الوجه المشوه.
لم يكن خروج فريق الجزائر، خروجاً استثنائياً فقد بذل مدربه ولاعبوه قصارى جهدهم، وكادوا أن يتقدموا خطوات أفضل.. وقد خرج غيرهم بغض النظر عن سمعته الكروية أو غير الكروية..
الأمنيات والتشجيع وإثارة الهمم الطيبة لا تساوي شيئاً إذا لم يكن الأساس والتأسيس سليما، وهذا ما أزعم أن كثيراً من دولنا أخذت تهتم به.
احترامي و تقديري وحمداً لله على سلامتكم بعودتكم
__________________
ابن حوران
|