خمس سنوات على غزو العراق وعقود على ظلم الطغات
للشيخ أيمن الظواهري
1429
[right]
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه
----------------
أيها الإخوة المسلمون في كل مكانٍ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
حديثي إليكم اليوم عن أمرين هامين؛ الأول هو مرور خمس سنواتٍ على الغزو الأمريكي للعراق، والثاني هو عن النهب الاقتصادي الذي تتعرض له أمتنا في مصر وغيرها من بلدان المسلمين.
أما عما وصل له الغزو الأمريكي للعراق اليوم بعد خمس سنواتٍ فهو -بفضل الله- الفشل والهزيمة، وذهب بترايوس للكونجرس ليطلب تأجيل موعد سحب القوات الإضافية لستة أسابيع بعد الموعد المقرر في يوليو القادم، وأعلن بوش أنه سيمنح بترايوس كل ما يحتاجه من وقتٍ. تمثيليةٌ سخيفةٌ لتغطية الفشل في العراق، وليتهرب بوش من قرار سحب القوات، الذي يعتبر إعلاناً عن هزيمة الغزو الصليبي للعراق، بترحيل المشكلة للرئيس القادم.
فأين الصحوات التي أعلن بترايوس من ستة أشهرٍ أنها ستحقق النصر في العراق؟ ألم يكن من المفروض أن تعجل هذه الصحوات بموعد خروج القوات الأمريكية؟ أم أن هذه الصحوات في حاجةٍ لمن يدافع عنها ويحميها؟
وإدارة بوش تخادع شعبها، حتى لا تعترف بالفشل في العراق وأفغانستان، وليذهب جنودها للجحيم، وبترايوس وبوش يحاولان أن يقنعا الأمريكان أن نجاتهم ستبدأ بعد يوليو بستة أسابيع، والحقيقة أنه لو أبقى بوش كل قواته في العراق حتى تقوم الساعة وحتى يدخلوا النار فلن يروا إلا الهزيمة والخسارة بإذن الله.
الورطة في العراق وأفغانستان ببساطةٍ؛ أن القوات الأمريكية لو خرجت فستخسر كل شيءٍ، ولو بقيت فستنزف حتى الموت. وهذا ما اختاره بوش لجيشه وشعبه، الذي انتخبه مرتين. واليوم يهرب من مواجهة الورطة، ويسوف في اتخاذ قرار الخروج منها.
أما الديمقراطيون فيحاولون أن يخادعوا قومهم بزعمهم أنهم سيسحبون قواتهم من العراق عبر التفاهم مع إيران، ليركزوا على القاعدة وطالبان في باكستان وأفغانستان.
وإيران أهدافها واضحةٌ؛ ضم جنوب العراق وشرق الجزيرة، والتمدد للتواصل مع أتباعها في جنوب لبنان، فإذا تم التفاهم معها على أساس تلبية كل أو بعض أهدافها في مقابل غض الطرف عن الهيمنة الأمريكية في المنطقة، فسيصب هذا التفاهم الزيت على النار المشتعلة أصلاً، وسيفجر الأوضاع في المنطقة المتفجرة فعلاً، وسيتسبب في صحوةٍ إسلاميةٍ متعاظمةٍ، يستفزها التواطؤ الأمريكي الإيراني.
وتوجه المزيد من الضربات لمصالح أمريكا.
وكلا الجمهوريين والديمقراطيين بل والأمريكان والغرب الصليبي عموماً مصابون بعمى الكبر والغطرسة، الذي يجعلهم ينفرون من كلمة (لماذا)، فقد فشلوا في الإجابة على سؤال؛ لماذا هاجمونا؟ ثم فشلوا في الإجابة على سؤال؛ لماذا يهزموننا؟
وكذلك يحرمهم ذلك العمى من رؤية الحقائق كما هي على الأرض، ومن هذه الحقائق؛ أن عصر الهيمنة والسلب والقهر للأمة المسلمة قد ولى، وبدأ عصر المجاهدة والمدافعة والصمود. انتهى عصر مبدأ مونرو وحرب الأفيون وسايكس بيكو وقصف هيروشيما ونجازاكي، وجاء عصر رفض معاهدات السلام والاستسلام والتطبيع وعصر التصدي للغزاة في الشيشان وأفغانستان والعراق وفلسطين.
والحرص والإصرار على عدم رؤية الحقائق يدفعان أمريكا والغرب الصليبي للمضي في نفس الأساليب القديمة، مما يكبدهم المزيد من الخسائر المتواصلة.
أما الموقف في العراق فهو -بفضل الله- في صالح الإسلام والجهاد، فالأمريكان ينهزمون، ويتعاركون في واشنطن على موعد الانسحاب، والصحوات تطارد، ويتّبع فيها المجاهدون سنة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه؛ الحرب المجلية أو السلم المخزية، والإيرانيون يتخبطون، وأعوانهم يتقاتلون، ويقصفون في تقاتلهم قبتي الحسين والعباس رضي الله عنهما، ومقتدى الصدر صار أضحوكة الدنيا من كثرة استخدامه للتقّية، فمرةً يسلم أسلحته، ومرةً يدخل في العملية السياسية، ومرةً يخرج منها، ومرةً سيجمد جيش المهدي، ومرةً سيؤجل تجميده، ومرةً سيخرج بمظاهرةٍ ضد الاحتلال، ومرةً لن يخرج، ومرةً سيستفتي المراجع في حل جيش المهدي، وهكذا تلاعبت المخابرات الإيرانية بهذا الفتى الغر، الذي يزعم المقاومة ضد المحتل، بتسليم سلاحه له مرةً والتظاهر ضده مرةً أخرى.
وما على أهل الإسلام والجهاد في العراق إلا الصبر والثبات، فقد بدأت بوادر النصر، واقترب الفرج، وعما قريبٍ يصير العراق قلعة الإسلام، التي تنطلق منها البعوث والسرايا لتحرير المسجد الأقصى بإذن الله.
إن العراق اليوم هو أهم ميدانٌ تخوض فيه أمتنا المسلمة المعركة ضد قوى الحملة الصليبية الصهيونية، ولذا فإن دعم المجاهدين في العراق -وعلى رأسهم دولة العراق الإسلامية- من آكد الفروض على الأمة المسلمة اليوم.
[1] مسند أحمد - مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه (ج 1 / ص 33).
[2] إذاعة البي بي سي العربية- الخميس 10/ 4/ 2008.
[3]صحيح مسلم- باب بيان كون النّهي عن المنكر من الإيمان وأنّ الإيمان يزيد وينقص وأنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان. ج: 1 ص: 167.
[4]سنن أبي داود - باب في النّهي عن العينة (ج 9 / ص 325).
المصدر ::: روابط الكلمة مفرغة في مشاركة مركز الفجر