انسلاخ عن الهوية ومسخ للثقافة

[ياسمين]

[FRAME="2 70"]كثيرا ما نقرأ عن بروز العديد من الظواهر الغريبة داخل
أوساط الشباب المتأثرة بثقافة الغرب القوي،غير أنني لم أجد
تحليلا شافيا لتلك الظواهر غير ما قاله ابن خلدون في مقدمته
حيث أخبرنا أن الضعيف متأثر بالقوي وأطلق مصطلحا دقيقا
على هذه الحالة من التأثر غير المتوازن هوـ نحلة الغالـب
فالضعيف يستهويه جلباب الغالب وإن لم يكن في مقاسه،وذلك
ما نشاهده اليوم حاصلا مع معظم الشباب المغربي،فنجد الشباب
اليوم انساق خلف موضات وتيارات وأنساقا من العيش دخيلة
على التركيبة الإجتماعية الخاصة بهم ...
ومما يزيدني استغرابا هو أنه بمجرد أن تسبر أغوار تلك
التيارات و تبحث عن أصولها حتى تجدها نتاج جهد فكري
قد يكون في الكثير من الأحيان تمرد عن واقع معاناة وتعبير
عن ذات مسكونة بالثورة وعدم الخضوع،لنكون نحن مجرد
أدوات استهلاك لا غير نجتر ما صنعه غيرنا وما ابتكره الغالب
من نحل...هنا تطرح العديد من الأسئلة هل الشباب اليوم في
مناطق المغلوب لايستطيع الخلق والإبداع؟إذن هي مسلوبة
مشدوهة أمام غالبها...لماذا إذن؟ لأن ثقافتها لم تنجح في
انتشالها من الواقع المعاش...هل هو عجز وعيب في تلك
الثقافة؟أم عيب فيمن يتصرف في ذلك الإرث؟
إذا علمنا أن تلك الثقافة وذلك الإرث قد خرج من رحمه رجال
شيدوا مجدا وكانوا هم الغالبون...واليوم مع انكسار مفهوم
الأمة الواحدة أمام قوة الغرب الذي استمد نهضته من مقومات
النهضة الإسلامية...نجد أن أغلب شبابنا لا يلتفتون إلى مقومات
النجاح الغربي الحقيقية خصوصا في المجالات التعليمية
والتكوينية ويكتفون بما هو فائض عن حاجاتهم...هنا يتبادر
للذهن دور الدولة في تحقيق المناعة الناجعة لحماية شبابها
من بعض التشوهات التي تمسخ معها القيم والعادات ويصير
الشاب مجرد سلة مهملات يلقى فيها ما فاض عن حاجات
الآخرين...فالحديث عن أزمة التربية قبل التعليم والتصدعات
الإجتماعية والنكسات الإقتصادية الخانقة تدفعك لرؤية تلك
الظواهر الغريبة عنا بمنظور صحيح وسليم...وتجعلك تكتشف
أن أغلب من رضي لنفسه نحلة الغالب هم من الطبقة السفلى
المغلوب على أمرها لماذا؟
ليس الجواب صعبا وإنما الصعب فهم المسألة المعقدة والتي
تمتد جذورها إلى عمق الساسة وطريق إدارتهم لحياة الناس...[/FRAME]