( هذا ذويبكم اللي تقولون )
يحكى قديما أن قرية صغيرة كانت تنعم بالأمن و رغد العيش و كان أغلب سكان القرية رعاة للغنم ، كانت حياتهم تسير بهدوء و رتابة ، حتى أتاهم ذلك المخلوق العابث الذي هبت معه رياح موسمية مليئة بالغموم و الهموم عمت جميع أنحاء القرية فأنبتت الأرض أحاديث و حكايات عن هذا المخلوق المزعج ، فهذا المخلوق قد عبث في أغنام أهل القرية و أخاف رجالها قبل نسائها ، فأهم الأخبار في هذه القرية بعد طلت الذئب _ أعاذنا الله من شره _ هي كم ضحايا هذا ( الذئب ) في هذا اليوم ، و من رآه ، فعندما يجتمع كبار القرية لا يبدؤون و لا ينتهون إلا بالذئب ، لا يولولون و يضحكون إلا بالذئب ، و كذلك النساء في عصرياتهن ، و الصغار في ألعابهم ، سمع بهذا الذئب كل رجال القرية و نساؤها و صغارها و منهم تلك الفتاة الصغيرة التي ظنت في الذئب الظنون و صورتها في مخيلتها أعظم التصاوير ، و في يوم هادئ وجدت تيك الفتاة هذا الذئب فرمته بالحجارة فاصابته في مقتل فمات الذئب ، فاستغربت البنت ( أهذا هو ..؟ ) ، فاحتملته بذيلة و طافت به في القرية قائلة ( هذا ذويبكم اللي تقولون ) فأصبحت سالفة و مثل ..
و في زمن مضى كانت أمي _ حفظها الله _ و هي صغيرة تعيش في بيت صغير و كان عند جدي _ حفظه الله _ أغنام و كان عندهم عشرة من البهم الصغار ، أولوا هذه البهم أهتماما و رعاية خاصة ، لكن أنا لهذا الإهتمام أن يكمل دورته و هناك حيونات لا تترك الخلق في شئنها ، كان حيوان مفترس _ قاتله الله _ يدعى ( التفه ) و هو شبيه بالقط ( لكن أين الثرى من الثريا ) ذو ذيل عريض و طويل و شعر أشبه بالشوك و فك قوي يقتل الإنسان من عضة واحدة _ لا أعلم مسماه العلمي و إن كنت أعتقد أن العلم يتبرأ من هذه الشرور ، هجم هذا المعتدي على البهم فلم يكتف بواحد و يترك البقية بل لفرط طمعه و خبثه و نجاسته و يهوديته قتل العشرة جميعا ثم ولى دبره منتظرا رمي هذه العشرة حتى يأكلها و كأنه الغلبان المسكين فاعل الجميل و مخلص الناس من الشرور ، فعلا تحسبوا أهل البيت على الفاعل الآثم و استسلموا للقدرة و رموا الجثث الهامدة حيث كانت خطة ذلك اللئيم تنتهي ، ذهبت في اليوم التالي أمي _الطفلة الصغيرة _ لغرفة الحشيش فوجدت ذلك الكائن الغريب مترنحا غاطا في نومه لامتلاء معدته ، فأمسكت أمي بذيله بقوة فصحى من نومه فأراد أن يفترس أمي بعضته و لكن أسنانه _و بلطف من الله _ نشبت في الثوب النايلون الذي كانت تلبسه أمي ، فلبراءة أمي أمسكت بذيل الذي_ لولا لطف الله لكانت أمي نسيا منسيى _ و ذهبت به إلى جدتها و فكه ناشب في الثوب
: جدة جدة شوفي هذا
الجدة : يا نفداكي يا بنيتي تعالي تعالي ..
حتى أمسكت بذيل هذا المفترس و رأسه ناشب في ثوب أمي ، و نادت العامل بسرعة فأتى بماصورة فهشم رأسه حتى قتله و ما نجى الثوب من فكيه بعد قتله إلا باستخدام القوة ، نجت أمي و الحمدلله و أكلت وجبة دسمه من التوبيخ و التحذير ، و شاعت في قريتنا ( بأن فلانه قتلت التفه ) ، و بقيت قصة مخيفة و لكنها جميلة تحكيها لنا أمي في جلساتنا العائلية و سالفة لن تنسى ، ما أجمل لطف الله و رعايته ، و ما أجمل هذه الجلسات التي نستمع فيها إلى قصص الماضي التي فيها كثير من التشويق و العبر و الإثارة .
دمتم في رعاية الله .
|