العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 22-05-2009, 04:50 PM   #1
فكره وطريقه
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2009
المشاركات: 44
إفتراضي موقف سياسي

موقف سياسي



تمرُّ الكتل والأحزاب السياسية بأزمات ومواقف أحيانا أقل ما توصف به بأنها خانقة، ومن المعروف أن أي حزب سياسي في هذه الدنيا يسعى للوصول إلى سدة الحكم، فإنه يتأرجح بين جهتين عادةً ما تكونا على طرفي نقيض.

يتأرجح بين (الحكومة القائمة) وبين الشعب، فالحزب إن وافق الحكومة فيما تقوم به، ينظر إليه على أنه خالف تطلعات الشعب والأمة، وإن وافق الحزب تطلعات الشعب والأمة فإنه مصطدم بالحكومة القائمة لا محالة.

والحق يقال أن هذا عرف جارٍ في كل أرجاء الكرة الأرضية، وإني لأستغرب لهذه العلاقة المتنافرة بين الحكومة وبين الشعب، وكأنهما ديكين يقتتلان على دجاجات الحظيرة ! وربما أفردنا في المستقبل القريب شيئاً من طاقة الكتابة لبحث هذا الواقع الشاذ.

وما يعنينا في الأمر، هو الأحزاب السياسية وكونها تتعرض لمواقف صعبة جداً، وقد تتطلب منها هذه المواقف اتخاذ قرارات مصيرية على الحزب أو الكتلة، وأحياناً يكون عبء هذه القرارات كبيراً جداً بحيث يشكل قضية حياة أو موت فيصدق عليه الوصف بأنه (قرار مصيري).

والناظر المتتبع لسيرة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام في مكة، حين كان قائد كتلة المؤمنين فيها، يجد أنه قد تعرض لهذه المواقف غير ذي مرة، وكانت الأعباء دائماً كبيرة جداً جداً.

ونعرض هنا لموقف سياسي واحد فقط نستخلص منه عبراً تكفي أمة بأسرها.

تعالوا نحلق في جنبات هذا الموقف العصيب الذي مر به خير خلق الله أجمعين، وكيف أن سياسة الخنق والتغوّل كانت هي التي يفقهها سادة مكة آنذاك

جاء في الرحيق المختوم ما نصه

وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين‏.‏

عَظُم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له‏:‏ يا بن أخي، إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته، فقال‏:‏ ‏(‏يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته‏)‏، ثم استعبر وبكى، وقام،

وفي هذا الموقف العصيب يتوعد السادة المتربعون على سدة الحكم بمكة، يتوعدون قائد تكتل سياسي قائم بالمنازلة حتى تتم عليه الهلكة إذا لم يقدم تنازلات سياسية أبرزوها آنذاك وجعلوها تتركز في ثلاثة أمور:

1. التوقف عن شتم الآباء

2. التوقف عن تسفيه الأحلام

3. التوقف عن التعييب على الآلهة

في مثل هذا الموقف تتجلى قدرة التكتل السياسي على دراسة كل البدائل المتاحة واتخاذ القرار الصائب، لأن النتائج خطرة، فالتكتل إن رفض الإذعان لاقى من الهوان أشده، وإن أذعن خسر ما قام من أجله، ولهذا كان لا بد من موقف واضح لا مواربة فيه ولا مراوغة لأن الأمر لا يحتمل إلا المفاصلة.

في مثل هذا الموقف لا بد من تحديد القرار ثم التعبير عنه بأنسب الأساليب، ونظرة سريعة لقرار النبي عليه الصلاة السلام آنذاك تجعلنا نقف تملؤنا الدهشة أمام هذه القوة.

لاحظوا معي يا إخوة أن قريش جاءت تهدد النبي عليه الصلاة والسلام بالمنازلة حتى الهلكة إن لم يستجب لمطالبها، وقد رأى الحبيب عليه الصلاة والسلام أن القرار الحق هو عدم الإذعان، والبقاء على القضية التي من أجلها قام تكتل المؤمنين في مكة، قضية الإسلام، والعبودية لله وحده، إفراده به سبحانه.

لم يرد منهم مجرد الإقرار بكون الله عز وجل خالقاً، فهذه قد أقروها، ولكنه أراد منهم الإقرار باستحقاقه وحده سبحانه أن تكون له العبودية الكاملة والإسلام التام والخضوع الكامل، وهذا ما رفضه سادة مكة آنذاك، فبدأ الصراع، وكان الصراع من أدواته عقد المقارنة الدائم بين حجارة قريش والتي زعموا أنها (آلهة) وبين الإله الحق سبحانه، فكانت حجارة مكة تخسر دوماً، وهذا ما لم يطقه سادة مكة، فلجئوا كعادة كل الطواغيت إلى استعراض عضلاتي أمام كتلة مستضعفة لا تملك شيئاً من العضلات، اللهم إلا قضية نذروا حياتهم من أجلها.

نقول:

لقد هددوه بالمنازلة حتى الهلكة ولكنه لما رد عليهم، وكان قد اختار عدم الإذعان، والبقاء على قضيته عليه الصلاة والسلام، قضية الإسلام، لم يجعل لتهديدهم أي اعتبار، ولم لوعيدهم أي قيمة، فكيف ذاك

هددوه فأجابهم بإجابة تصلح في حال الإغراء، هم توعدوه بالمنازلة حتى الهلكة وهو يرد عليهم بقوله (لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري) أي أنه لو بلغ من قوة سادة قريش أن يتحكموا بحركة الكون، فيقدمون الشمس هدية إلى النبي عليه السلام وكذا القمر هدية له، لما ترك هذا الأمر، وكان هذا من أعجب المواقف السياسية في تاريخ البشرية.

موقف لا تقل عظمته عن عظمة متخذه عليه أفضل الصلاة والسلام، هو لم يأبه بوعيدهم ولا بتهديدهم، ورد عليهم رداً يقطع عليهم طريق المساومة قطعاً مبرماً، فهم مهما كانوا وصاروا لن تبلغ طاقة قوتهم أن يقدموا الشمس والقمر هدية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وهو قد صرح بأنهم حتى لو قدموها هدية له، فلن يغير موقفه.

يتبع
فكره وطريقه غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .