عسى تسعف لغة تخشبت إيقاعاتها المجلجلة في وصف حذق لما نستشعره، وعساها تقيم مأتما يليق بكل هذا العناء الذي يلتف حول الرقاب الذاوية كمقصلة تتحايل على قطفها دون تمانع، أو تنهض كافرة بكل القيم العتيقة والمتبلدة الغبية، تقص أجنحة الحرية و تعبُّ ملء رئاتها هواء نقيا دون حد..
يحار المرء من مهادنة قطيعية القسمات والملامح، كأنها تجرعت كأس غبائها دفعة واحدة، تمشي فاقدة توازنها المسبي ولا تهوي، كيف نسمي الأشياء ؟ وقد رأيناها تلتبس محنطة برداء حربائي، كيف نمنح وصفا يليق بحالة تفوق كل ارتطام، ونحن نحدق في سهو عميق ارتج من وقع جرسه المدوي، أتساءل حقا، و نحن نرى شعارات تتحول إلى فقاعات مالحة وعطنة، حتى غدت مكرورة فاقدة لأي معنى، هل حري بنا الآن أن نقرع طبول انتفاض جدير بنا، و لا نفسح للانهزام مكانا كي يقتعد عرش اليأس، فلا يغدو الوطن، والأمة، ورابطة الدين، مجرد ثرثرة لاهية في مقهى، و لا تمسي أحلامنا الصغيرة منها و الكبيرة في غد موعود مجرد هلوسات تردد رجعها أطلال بليل.
حري بنا الآن، أن نهب في وجه السدنة مغامرين، صابرين مرددين ما فاه به ناظم حكمت ذات مساء :
" إن لم أحترق أنا
وتحترق أنت
فمن يضيء هذه ! "
دعوة للحديث عن اليأس، وعن شيء من الأمل.