السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أشكر كل من مر على هذه المقالة، وأبدى رأيه. دعونا نؤسس لمسألة نلحظها تخلط علينا كثيراً من الأمور، وتذهب بالفكرة يميناً وشمالاً حتى تدمر أوصالها.. تلك المسألة ـ ودوافعها الطيبة مفهومة ـ تتمثل في القفز من فوق الفكرة للهجوم أو لاستنكار وضعٍ قائم قد يشترك الجميع في تصنيفه، لكن قد لا يكون المجال لعرضه مناسباً. فيكون مثلنا في ذلك مثل من يُذكر أمامه شخصاً طيباً أو ذكياً، فيوافق على ذلك، مع ربط موافقته ب (لكن)، فيقول: صحيح، هو ذكي لكن أنفه طويل!
ما تفضل به أخي وصديقي عثمان، يأتي من باب الحرقة التي نحس بها جميعاً، ولكنه ابتعد في مناقشة روح الفكرة نفسها. في بداية التسعينات من القرن الماضي، أحس الدكتور (كلوفيس مقصود)، وهو الرجل الذي أمضى ردحاً طويلاً من حياته ممثلاً لجامعة الدول العربية في الأمم المتحدة، أي ممثلاً للصوت الرسمي العربي. أحس الرجل بعقم الأداء الرسمي العربي على كل الأصعدة فطرح فكرة ذهبت أدراج الرياح، وهي إنشاء جامعة شعوب عربية تضم الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع العربي، تجتمع وتدرس وتناقش وتزاحم الصوت الرسمي لترتقي به الى مصاف الصوت الجاد والمهتم.
وقبله، قام مجموعة من الشباب العرب الاقتصاديين بمسح السلع والبضائع الموجودة في الدول العربية وابتكار طريقة لتسويقها وتقديمها بشكل يتناسب مع ما يحصل عالميا. فعلى سبيل المثال: الصمغ العربي الموجود في السودان، لا يحتاجه أبناء المغرب كثيراً ولكن يحتاجه السويسريون والهولنديون في صناعة الشوكلاته الفاخرة، فبالإمكان ـ حسب رأيهم ـ التنسيق مع الجاليات المغاربية هناك لاستبداله بالساعات السويسرية التي يقبل عليها اللبنانيون. والتمور العراقية التي تمتاز بجودتها العالية، ولكنها كانت تعاني من ضعف التصنيع والتسويق، فكان بالإمكان عقد اتفاقيات ذات أطراف متعددة لتحقيق التطوير فيها لدرجة أفضل.
في عام 1969 ابتكر العراق طريقة لنقل التكنولوجيا، فتعاقد مع (تشيكوسلوفاكيا) لاستيراد تراكتورات (ساحبات) (زيتور) على أن تنتقل التكنولوجيا لصناعتها محلياً بنسبة 10% سنوياً، فكانت ساحبة (عنتر60 وعنتر 70 وكريستال عراقية 100% في عام 1980. وكذلك فعل مع ناقلات الجنود (سافيم) التي أصبحت ناقلات (صلاح الدين)، وحافلات (سكانيا السويدية) التي أصبحت (ريم) وأكثر من مئات المنتجات.
خلال ثلاثة شهور اطلعت على صناعة الجلود في مدينة (فاس) المغربية، واطلعت بعدها على صناعة الجلود في مدينة (مرمريسا) التركية، ورغم دقة وجودة الجلود المغربية، إلا أن الأتراك تفوقوا عليهم باللمسات الأخيرة على المنتَج، وهذا عائد لتطور تقليد علاقات الإنتاج عند الأتراك.
إن مهمة المثقف، هو أن يبدي رأيه، ولا يتطير إذا لم تتحقق أحلامه سريعاً، فتراكم الأفكار ومناقشتها جماهيرياً سيصب في الفضاء الذهني الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتشريعي.
أشكركم جميعاً على تفاعلكم مع الموضوع
__________________
ابن حوران
|