(175)
وتبدأ (المرأة) حديثها ، ولكن الجمهور يحتج ويعترض لإحساسه بما في كلامها من زيف وافتعال ، ويعلن المؤلف –بنفس الطريقة التي أعلن بها عن دخول المرأة- عن خروج سامر من بين صفوف الجماهير لمحاورة المرأة :
(..يخرج من بين الجمهور
سامر ، كالرمح نحيلاً ، ومضيئًا بالحب
يتوقف في دائرة النور )
سامر :
إني أنشل نفسي من بئر الأخطاء
وأحاكمها
وأدينك باسم سنابلنا الظمآنة
والشجر ا لمقصوف
ثم يعلن الشاعر –بطريقته السابقة ذاتها- عن صوت الجوق ةالتي ل ايظهر أفرادها ، وتترد أغنية للجوقة معلقة على الأحداث ، وممثلة للطرف الثالث في الحوار ، وتحاول المرأة في البداية أ، تحتوي سامرًا بالإغراء والترغيب ، ولكنه لا يستجيب ، ثم بالنصح . ولكنه لا يستجيب أيضًا ، فتعمد في النهاية إلى أسلوب الترهيب حيث تتحول إلى شرطي بهرواة تنذر سامرًا .
المرأة (الشرطي):
حاذر ، حاذر
واضبط أعصابك يا سامر
لكن الجوقة تدخل لتحض سامرًا على الصمود ، التمسك بموقفه وكلمته الثائرة ويتمسك سامر بموقفه مهما كانت التضحية ، يعلن في وجه المرأة :
وجهك يا سيدتي يتلون ، يكلح ، يصفر
ويطالبني بالصمت
لكني أختار الموت
وهكذا تستمر القصيدة في تطورها ونموها من خلال هذا القالب حيث يسجن سامر ، وحيث تنعكس تضحيته على الجوقة المحايدة السلبية فتقرر في النهاية أن تحطم المسرح وتثور ، وتنتهي القصيدة ونهر الأصوات الغضبى يهدر ، وتدق الأجراس ، وتسمع في الظلمة أصوات مقاعد تتحطم ، إذ ينفض الناس .
وعلى هذا النحو نجد الشاعر قد استعار الشكل المسرحي بكل عناصره وتكنيكاته مما يضفي على القصيدة طابعًا دارميًا واضحًا ، ويزيل كثيرًا من الفوارق بينها وبين المسرحية .