العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الطرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الخنق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلمة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-06-2011, 09:28 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(110)
أما الحالة الثانية فيوم أن تجهمت له وأنكرته ، وتخلت عن دورها العظيم ،يوم "هاجرت من عروبتها"وقطعت أواصر العمودة والتواصل بينها وبينه . والشاعر يضع الوجه الأول بكل ملامحه وقسماته -التي يتأنق في تصويرها - في مقابلة الوجه الثاني بكل ملامحه وقسماته . يقول في تصوير ملامح الوجه الأول :
كنت أعرف هذا المدينة ،كانت شوارعها تتأبطني في ليلي الضجر
وتواعدني في الغياب ، تكاتبني إذ يطول السفر
تشتكي لي ، وتنقل بشرى ، تذكرني بالزمان القديم
أتوهج شوقًا ، وحين أرى وجهها في اللقاء أبش ، فتبسم ، تربكني
بابتسامتها الساحرة
.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
والمدينة كانت تنادمني ، وتعيد عليّ أحاديثها .. عن ليالي أساها وأمجادها الغابرة .
كنت أعرف هذا المدينة : صوت بكاء أعزيه ، فرحة عمر أغني لديها
ديارًا تكفكف مني اغترابي وحضنًا على صدرها أترعرع ، صوت
انتخاء إذا ما أتاها الخطر
كنت أعرف هذه المدينة ، كانت دمشق ، وكان الدمشقي فيها يسجيها بالدماء
كنت أعرف أنا بناة الحصون بها ، وكماة المعارك ، الحاصدون المواسم
جمعًا من الفقراء
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 09:30 PM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(111)
وعلى هذا الوجه يمضي الشاعر في تصوير الوجه الأول بكل تألقه ، وبكل كبريائه وجلاله ،وبكل حنوه وتواصله الحميم معه ،وما إن ينتهي من تصوير هذا الوجه -الذي يمثل الطرف الأول للمفارقة- حتى ينتقل إلى تصوير الوجه الثاني لدمشق-الذي يمثل الطرف الثاني فيها- :
أمس فتشت فيها عن الفقراء عن الثائرين بغوطتها لم أجدهم ، وعن
شجر الغوطتين فلم أتعرف على الخضرة الحانية
ثم وجهت وجهي إلى حارة كانت "القنوات"وكانت تقاتل أعداءنا ،
وتقدم بين الحواري ملاجئها للمطارد ، وحدي صرخت بها ..لم تجب ،
لم أجد غير جبهتها الدامية
أمس فتشت عن أصدقائي القدامى فما عرفوني ، رأيت الوجوه تغيم ،
تجف ، تفر الملامح منها ، وكنت أنادي فلم يسمعوني ، ولم يفهموا
لغتي بالنداء
كنت أعرف هذي المدينة . ما للمدينة تنكر وجهي ، أضاحكها لا تجيب،
تصادر صوتي ، تحاصرني باليعاسيب ، تملأ أوجهها بالطحالب والميتين ..إلخ
وهكذا يمضي الشاعر في تصوير ملامح هذا الوجه الآخر من وجهي دمشق،
بكل مكا نفيه من تجهم له ، واربداد وإنكار ، وبكل ما يخد قسماته من ملامح الضعف والهوان
والانكسار ؛فالمدينة التي كانت شوارعها خنادق نضال وصمود ،التي كان يحس الشاعر
بالانتماء إليها والتواصل الحميم معها ، حيث كان يحس أنها جزء منه وأنه جزء منها ..تحتضنه وتنادمه
وتمنحه الأمان والنجدة والحمى إذا ما استغاث بها قد تحولت إلى خرائب صامتة يحس فيها بالغربة ،يستصرخها
فلا يجيبه أحد ، يضاحكها لا تستجيب ، تنكر ملامحه وتحاصره بكل ملامح الركود والخمود والموت ،اليعاسيب
والطحالب والميتين
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 09:34 PM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(112)
وهكذا من خلال مقابلة الوجه الثاني -بكل ملامحه-بالوجه الأول-بكل ملامحه أيضًا - تبرز فداحة المفارقة
ويتجاوز إيحاؤها في كل من الطرفين مدى ما كان يستطيع أن يصل إليه تصوير كل طرف منفردًا،لأن كلا
في المفارقة يلقي بظلاله على الآخر فيبرز ملامحه ويزيدها وضوحًا وجلاء ، ومن خلال التفاعل بين ملامح الطرفين تغني إيحاءات القصيدة ، ويعمق عطاؤها .

أما النمط الثاني من نمطي المفارقة ذات الطرفين المعاصرين ، فإن الشاعر لا يقدم كلاً من الطرفين متكاملاً في مقابلة الآخر ، وإنما يفتت كلاً منهما إلى مجموعة من العناصر التفصيلية ، ثم يضع كل عنصر منها في مقابلة ما يناقضه من عناصر الطرف الآخر ، بحيثب تنحل المفارقة في النهاية إلى مجموعة من المفارقات الجزئية ، وبذلك يتم إبراز التناقض على مستويين ، يتم أولاً على مستوى جزئيات كل الطرفين ، ويتم ثانيًا-ومن خلال تجميع هذه الجزئيات-على مستوى الكل الذي يتألف منها .
ففي قصيدة "الزيارة.."(101)للشاعر حامد طاهر ، التي كتبها في ذكرى وفاة بعض الأعزاء من الراحلين ، وتصوير ما كانت عليه حاله قبل رحيلهم من سعادة وانطلاق وتفتح للحياة ، وقدر ةعلى الإبداع والعطاء ، وما أصبحت عليه هذه الحال بعد رحيلهم من تعاسة وكلال وانطفاء ، وهذان هما طرفا المقابلة الأساسيان ، ولكن الشاعر يفتت كلاً منهما إلى مجموعة من العناصر الجزئية ، ويضع كل عنصر من هذه العناصر بإزاء ما يقابله من عناصر الطرف الآخر ،فيقول:
___________________
(101) حامد طاهر:"قصدية الزيارة" حوليات كلي دار العلوم .العام الجامعي 1972\1973.ص 155
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 09:36 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(113)
كانت خطواتي حين أسايرهم نغمًا يزهر فيه الصوت
صارت خطواتي يابسة ، وامتد خريف الصمت
كان خيالي مشبوبًا .. يتعلق بالسحب ، وينفذ من أبواب الجنة
صار خيالاً مشلولاً ،يتعثر بالأحجار ويسكن حفر الأرض
بصري كان أحدّ ، وعيناي تجوبان سماء الأمل ، ومملكة الشمس
صرت ضعيف البصر ، أحدق في ظلمات اليأس
كان لروحي إشعاع ، وبنفسي شوق للمجهول
جف الشوق ، انطفأ الإشعاع تهاوت أجنحة النفس

وهكذا يحل كل من الطرفين إلى مجموعة من العناصر التي يقوم بها كل عنصر منها بإزاء العنصر المقابل
له من الطرف الآخر ؛ فخطوات الشاعر التي كانت في ظل هؤلاء الراحلين نغمًا مزدهرًا بالصوت-وهذا عنصر من عناصر الطرف الأول - قد أصبحت خطوات يابسة يرين عليها خريف ممتد من الصمت -وهذا هو العنصر المقابل له من الطرف الثاني - وخيال الشاعر الذي كان من قبل رحيل هؤلاء الراحلين خيالًا مجنحًا طليقًا ،يحلق إلى أقصى الآفاق ولا تقف في وجهه حدود ولا تخوم - وهذا عنصر آخر من عناصر الطرف الأول للمفارقة-قد أصبح خيالاً كسيحًا يتعثر في أحجار الأرض وحفرها -وهذا هو العنصر المقابل-والبصر الذي كان حديدًا نافذًا يتطلع دائمًا إلى سماوات الأمل المفتوحة-وهذا عنصر ثالث من عناصر الطرف الأول - قد أصبح بصرًا كليلاً مشدودًا إلى الأرض وإلى ظلمات اليأس - وهذا هو ما يقابله من عناصر الطرف الثاني -وأخيرًا فإن روحه التي كانت تفيض بالإشعاع
،ونفسه التي كان يفعمها بالشوق إلى المجهول- وهذا هو عنصر الطرف الأول - قد جف فيهما الشوق إلى المجهول-وهذا هو عنصر الطرف الأول -قد جف فيهما الشوق وانطفأ الإشعاع .. وعلى هذا النحو يضع الشاعر كل عنصر من عناصر الطرف الأول في مواجهة ما يقابله من عناصر الطرف الثاني .
وتتحول الأبيات إلى مجموعة من المفارقات الجزئية البارعة ، التي تتألف من مجموعها المفارقة الكبرى في القصيدة، ويشعر القارئ بفداحة المفارقة بين الحالين مرتين ، مرة على مستوى جزئيات كل من الحالين ، ومرة على مستوى الحالين ككل ، وبهذا يزيد معنى المفارقة عمقًا ووضوحًا .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 09:40 PM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(114)

ثانيًا :المفارقات ذات المعطيات التراثية :
شاع في شعرنا العربي الحديث في المرحلة الأخيرة بناء المفارقة التصويرية عن طريق استخدام بعض معطيات التراث لإبراز التناقض بينها وبين بعض الأوضاع المعاصرة ، ولهذه المفارقة المبنية على معطيات تراثية بدورها نمطان أساسيان :
النمط الأول : المفارقة ذات الطرف التراثي الواحد ، وفي هذا النمط من نمطى المفارقة ذات المعطيات التراثية يقابل الشاعر بين طرف تراثي ، وطرف آخر معاصر .
النمط الثاني : المفارقة ذات الطرفين التراثيين ،وفي هذا النمط يكون طرفا المفارقة كلاهما من التراث ، ولكن الشاعر يسقط عليهما -أو على أحدهما -دلالة معاصرة رمزية ، وبهذا تتم المفارقة في هذا النمط على مستويين .
المفارقة ذات الطرف التراثي الواحد :
ولهذا النمط من نمطي المفارقة ذات المعطيا ت ا لتراثية ثلاث صور أساسية :
الصورة الأولى :يصرح فيها الشاعر بطرفي المفارقة-التراثي والمعاصر- محتفظًا لكل منهما بتميزه واستقلاله عن الآخر ، وتتحقق المفارقة عن طريق المقابلة بين الطرفين المتمايزين ، ففي قصيدة "أحزان في الأندلس"(102)
للشاعر نزار قباني ، يبني الشاعر القصيدة على مفارقة تصويرية كبيرة طرفها الأول -التراثي-ماضي العرب في الأندلس ، وما كانوا عليه من قوة وبأس وسلطان ومجد ، وطرفها الثاني ما آل إليه هذ االمجد من انطفاء وخمول ،والشاعر يصرح بكلا الطرفين لا يخلطه بالآخر ، ولا يسقط عليه أيًا من ملامحه وسماته ، يقول عن الطرف الأول مصورًا عزة الماضي العربي في الأندلس وتألقه :
___________________
(102)نزار قباني : ديوان "الرسم بالكلمات" ص 176
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 09:41 PM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(115)
كتبتِ لي يا غالية …

كتبت تسألين عن إسبانية

عن طارق يفتح باسم الله دنيا ثانية

عن عقبة بن نافع

يزرع شتل نخلة

في قلب كل رابية

سالت عن أمية

سألت عن أميرها معاوية

عن السرايا الزاهية

تحمل من دمشق في ركابها

حضارة وعافية

ثم ينتقل إلى تصوير ملامح الطرف المعاصر المتمثل فيما آل إليه هذا المجد من انطفاء وذبول :

لم يبق من اسبانية

منا ومن عصورها الثمانية

غير الذي يبقى من الخمر بجوف الآنية

.. .. .. .. .. .. .. ..
لم يبق من قرطبة

سوى المئذنات الباكية

سوى عبير الورد والنارنج والأضاليه

لم يبق من ولاّده ومن حكايا حبها

قافية… ولا بقايا قافية
لم يبق من غرناطة ، ومن بني الأحمر إلا ما يقول الراوية .. إلخ
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2011, 10:06 PM   #7
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(116)
فالشاعر كما رأينا يصور كلا من الطرفين مستقلاً عن الآخر ، والطرف الأول بما يحمله من عبير المجد والعزة والخلود ، والثاني بكل ما آل إليه هذا المجد من اضمحلال وخمود ، ومن خلال وض عكل من الطرفين إزاء الآخر يبدأ التفاعل بينهما ، وتبرز المفارقة. وفي مثل هذه الصورة من المفارقة يظل الطرف التراثي محتفظًا بدلالته التراثية، ولا يحمل أية دلالة معاصرة في ذاته إلا من خلال مقابلته بالطرف المعاصر ، والتفاعل بينهما ، ومن ثم فإن هذه الصورة تظل أهون صور المفارقة ذات المعطيات التراثية قيمة من الناحية الفنية
الصورة الثانية : وفيها يستدعي الشاعر الطرف الثاني إلى وعي القارئ دون أن يصرح بملامحه التراثية-التي يعتمد على أنها مضمرة في وعي القارئ- وبدلاً من التصريح بهذه الملامح يضفي الشاعر على هذا الطرف التراثي الملامح الخاصة بالطرف المعاصر ، والتي تناقض الملامح الحقيقية -المضمرة - للطرف التراثي . ومن خلال التفاعل العميق بين هذه الملامح الحقيقية المضمرة والملامح المعاصرة تبدو المفارقة فادحة وأليمة ، حيث تصبح منابع العطاء والخصب في التراث رموزًا للجدب والعقم ،ومعاني الشجاعة رموزًا للجبن ، وقيم الخير رموزًا للشر ..إلخ

أود لفت عناية القارئ أن الكاتب قد أورد في هذه الصورة مقطعًا من قصيدة تحمل نوعًا من التهكم بأحد الصحابة الذين لعبوا دورًا بارزًا في تاريخ الفتوحات الإسلامية ؛لذلك فقد استعضت عنها بنموذج آخر منعًا للحرج (مع الاحتفاظ بكامل التقدير للكاتب الراحل)
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .