العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: انطلاق ثورة كردية ضد الاحزاب الحاكمه شمال العراق (آخر رد :اقبـال)       :: الرد على مقال لماذا الاسم الحقيقي لأبو الهول هو مقام إبراهيم؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الدراية في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الاول من كانون الاول يوم الشهيد العراقي (آخر رد :اقبـال)       :: العوج فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السودان زوجة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الدرك في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المد في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 01-11-2021, 09:16 AM   #2
رضا البطاوى
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,967
إفتراضي

تخاف عليك رقة النسيم وطنين الذباب، وتؤثرك على نفسها بالغذاء والراحة، فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أخذت تحيطك بعنايتها، وتتبعك نظراتها، وتسعى وراءك خوفا عليك، وبقيت ترعاك وتحنو عليك حتى آخر لحظاتها من الدنيا.
أما أبوك فأنت له مجبنة مبخلة، يكد ويسعى ويدفع عنك صنوف الأذى، ينتقل في الأسفار، ويجوب الفيافي والقفار، ويتحمل الأخطار، بحثا عن لقمة العيش؛ لينفق عليك، إذا دخلت عليه هش، وإذا أقبلت إليه بش، وإذا خرج تعلقت به، وإذا حضر احتضنت حجره وصدره، تخوف الناس بأبيك، وتتوعدهم بفعل أبيك، فهذان هما والداك، وتلك هي طفولتك، فلم تنكر الجميل؟!"
وبعد ذلك أورد رسالة من أم يعقها ابنها كتبتها وهى :
"رسالة من أم مكلومة:
يا بني: هذه رسالة مكلومة من أم مسكينة كتبتها على استحياء بعد تردد وطول انتظار، أمسكت بالقلم مرات فحجزته الدمعة، وأوقفت الدمعة مرات فجرى أنين القلب، فاقرأ ما كتبت:
يا بني: بعد هذا العمر أراك رجلا سويا مكتمل العقل ومتزن العاطفة، من حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة، وإن شئت بعد فمزقها، كمما مزقت أطراف قلبي من قبل.
يا بني: منذ خمسة وعشرين عاما كان يوما مشرقا في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أنني حامل، والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيدا، فهي مزيج من الفرح والسرور، وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية، وبعد هذه البشرى حملتك تسعة أشهر في بطني فرحة، جذلة أقوم متثاقلة، وأنام بصعوبة، وآكل مرغمة، وأتنفس بألم، ولكن كل ذلك لم ينقص من محبتي لك وفرحي بك، بل نمت محبتك مع الأيام وترعرع الشوق إليك، حملتك - يا بني - وهنا على وهن، وألما على ألم، أفرح بحركتك، وأسر بزيادة وزنك، وهو حمل علي ثقيل، إنها معاناة طويلة، أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها، ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه القلم ولا يتحدث عنه اللسان، ورأيت بأم عيني الموت مرات عدة، حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي وأزالت كل آلامي وجراحي.
يا بني: مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشا، وصدري لك غذاء، أسهرت ليلي لتنام، وأتعبت نهاري لتسعد.
أمنيتي أن أري ابتسامتك، وسروري كل لحظة أن تطلب مني شيئا أصنعه لك، فتلك هي منتهي سعادتي ومرت تلك الليالي والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تفتر، حتى اشتد عودك، واستقام شبابك، وبدأت تظهر عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يمينا وشمالا لأبحث لك عن المرأة التي طلبت، وأتى موعد زفافك فتقطع قلبي وجرت مدامعي فرحة بحياتك الجديدة وحزنا على فراقك.
ومرت الساعات ثقيلة، فإذا بك لست ابني الذي أعرفك، لقد أنكرتني وتناسيت حقي، تمر الأيام لا أراك ولا أسمع صوتك، وتجاهلت من قامت بك خير قيام - يا بني - لا أطلب إلا القليل، اجعلني من أطرف أصدقائك عندك، وأبعدهم حظوة لديك، اجعلني - يا بني - إحدى محطات حياتك الشهرية؛ لأراك فيها ولو لدقائق - يا بني - احدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك، لو أكرمك شخص يوما لأثنيت على حسن صنيعه وجميل إحسانه، وأمك أحسنت إليك إحسانا لا تراه ومعروفا لا تجازيه، لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات، فأين الجزاء والوفاء؟
إلى هذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام - يا بني - كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري، ولكني أتعجب وأنت صنيع يدي، وأتساءل أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل عن زيارتي؟ هل أخطأت يوما في معاملتك أو قصرت لحظة في خدمتك؟ اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم، امنحني جزءا من رحمتك، ومن علي ببعض أجري وأحسن،فإن الله يحب المحسنين.
يا بني - أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك، دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك - يا بني - تفطر قلبي وسالت مدامعي وأنت حي ترزق، ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك - يا بني - أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق، وألجمها الحزن، جعلت الكمد شعارها، والغم دثارها، أجريت لها دمعا، وأحزنت منها قلبا، وقطعت لها رحما، لن أرفع الشكوى، ولن أبث الحزن؛ لأنها إن ارتفعت فوق الغمام واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق، ونزلت بك العقوبة وحلت بدارك المصيبة، لا لن أفعل، لا تزال - يا بني - فلذة كبدي، وريحانة حياتي، وبهجة دنياي.
أفق - يا بني - بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أبا شيخا، والجزاء من جنس العمل، وستكتب رسائل لابنك بدموع مثلما كتبتها إليك، وعند الله تجتمع الخصوم - يا بني - اتق الله في أمك، كفكف دمعها، وخفف حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها، واعلم أن {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}.
ذكرى:
يا بني: بعد قراءتك للرسالة تذكر زمن حمل أمك بك وأنت في بطنها، علة من أكبر العلل، وتذكر وقت أن كانت تلدك وهي مما بها لا من الأحياء ولا من الأموات، وتذكر ما خرج عقب ولادتك من نزيف الدم الذي هو نفسها، وتذكر أنك كنت تمص دمها مدة الرضاعة وسرورها بك تقصر عن شرحه العبارات، وتذكر تنظيفها لبدنك وملابسك من الأقذار، وتذكر فزعها عندما يعتريك خوف أو مرض أو نحو ذلك، وتذكر دفاعها عنك إذا اعتدى عليك معتد، وتذكر حرصها الشديد على أن تعيش لها ولو حرمت لذة الطعام والشراب، وتذكر سهرها عليك عندما يؤلمك شيء من جسدك، وتذكر كد والدك مدى الليالي والأيام، وكلما خشي أن تجوع تقحم الشدائد، وهام على وجهه في الدنيا لا يرده إلا أن يراك في سرور، وتذكر عنايته بك في تعليمك وتوجيهك إلى ما فيه صلاح دينك ودنياك، وتذكر حياطته ونصحه لك ومقاساة الشدائد لراحتك، وتذكر فرحه واستبشاره بمجيئك ونجاحك، وتذكر دفاعه عنك بيده ولسانه، وتذكر دعاءه لك في مظنة أوقات الإجابة أن يصلحك الله ويوفقك، وتذكر قلقهما والبحث عنك إذا تأخرت عن وقت المجيء، وتذكر وتأمل بشاشتهما فيمن يعز عليك لسرورهما فيما يسرك، من أجل ذلك أكد الله وشدد عليك بالوصية بهما {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
وقفة:
يا بني: كم ساعات قضى فيها المسلم للوالدين حاجات غفر الله عز وجل بها الذنوب والخطيئات، وفرج بها الهموم والكربات، كم ولد بار أو فتاة بارة قاما من عند والديهما بعد سلام أو طيب كلام أو هدية متواضعة، وقد فتحت أبواب السماء لدعوات مستجابة لهما من والديهما الضعيفين الكبيرين، فاتق الله - يا بني - في شأن الوالدين، سيما إذا بلغا من الكبر والسن ما بلغا، سيما إذا وهن العظم منهما واشتعل الرأس شيبا، سيما إذا بلغت لهما الحال ما بلغت وأصبحا ينظران إليك نظر الذي ينتظر منك لقمة أو أعطية أو لباسا أو طعاما، اتق الله في الوالدين، فوالله ما جزيتهما بما فعلا."
صور من البر مشرقة:
يا بني: يقول الله عز وجل: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}
يا بني: لعلي أرجع بك إلى العهد الزاهر، عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لترى صورا من البر والمتمثلة في قصة إسلام أم أبي هريرة، ولندع أبا هريرة يرويها لنا، وهو بذلك يطبق صور البر لوالديه، فقال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة؛ فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله (ص)ما أكره، فأتيت رسول الله وأنا أبكي؛ قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة،
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .