غامت السماء اسدلت نقابا على وجهها الصبوح طال بها التبدل فآثرت الحجاب.و اخذت الشمس تبدو من حين الى حين بخيوطها الذهبية الرقيقة كأنها حسناء تختلس النظرات.
حقا ما اعجب ما تتجاوب النفس مع الكون! احسست النور فى نفسى يحجبه رويدا زويدا مثل الغيم الذى حجب الشمس فضقت بالمكان المحدد و آثرت الخلاء المنطلق.اويت الى الطبيعة الرقيقة الباكية و قد اخذ المطر يهطل كما يقولون- على الابرار و الفجار- فيغسل الارض كأنه يغسل الذنوب و كفت الناس عن السير بعض الشئ التمس كل انسان ملجأ يقيه.
هذة هى الطبيعة تقسو علينا تارة و ترحمنا تارة ترسل الصواعق كما تبعث بنور الشمس الدافئ تبارك الله تعالى جعل الخير و الشر صنوين و الموت و الحياة ظلين يتتابعان فاجتمع فيهما سر الفناء و الخلود.
و سالت نفسى ما هو الفاصل بين الخير و الشر؟ بل سالت نفسى ايوجد فى الحياة شر محض او خير محض؟
المطر المنهمرللاعرابى الضارب بالصحراء الذى يرعى الغنم و الابل شر لانه يهز قوائم خيمته و يدخل عليه مأمنه و قد يطيح به فيدعه فى العراء يلتمس الملجأ فلا يبلغ ما يريد . و فى نفس الوقت المطر خير لانه يسقى زرعه و ينعش نبته و يملا جوف الارض فتتفجر عيونا منها العذب الفرات.و المطر للساكن فى المدينة شر لانه يحجبه عن مجتمعاته و نزهاته و بحجزه فى بيته يصير سجينا او كالسجين. و هو للقروى الذى يزرع الارض خير اذا كان زرعه قد جف او عز عليه الماء و هو شر اذا كان زرعه ريان لا حاجة به الى الماء.
كل منا يحمل فى قلبه جانب الخير و جانب الشر. و كل ما هو مطلوب منا ان نشعر بجانب الخير فى نفوسنا و ننميه و اذا فعلنا كنا كحبات المطر تنزل بردا وسلاما على الوجوه فتنعشها و تغسلها.