أعتقد أخوتي الأكارم أن عمل حركة من هذه الحركات يومياً لا يعتبر رومانسية بقدر ما هو حنان ...
... ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ...
ولقد أحببتُ أن أشرح أيضاً طرق الاعتذار بين الزوجين والتي ترسخ مفهوم إدارة المشكلات في الأسرة
فلا تجد بعض الفتيات حرجا أو ضيقا عند تقديمها الاعتذار لزوجها في حال حدث خلاف بسيط بينهما.
حيث الكثير من التفاصيل التي يساء فهمهما من قبل أي من الزوجين وتؤدي في المحصلة إلى سوء تفاهم. سرعان ما يتلاشى إذا قدر أي طرف طبيعة هذا التصرف والعفوية التي لا تحتمل أن يراد سوء من ورائه.
وقد لا تعتمد بعض الفتيات أسلوب الاعتذار المباشر، وإن كانت لا ترى في هذه الطريقة انتقاصا من كرامة وكيان الطرف المعتذر. وأن اعتذارها لا يخرج عن نطاق جملة تترجم ما حدث وهي "ما كنت قصدي أزعلك".
ويرى خبراء أنه من الأهمية أن يكون هنالك أساليب يتبعها الأزواج للاعتذار في حال نشب بينهم مشكلة أو سوء فهم، وبشكل يتناسب مع طبيعة الموقف الذي حصل وطبيعة الطرف المراد الاعتذار له النفسية والاجتماعية ومدى تفهمه له.
ويشير أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د.حسين الخزاعي إلى أن الحياة الزوجية لا تخلو من بعض المشكلات الطارئة، ويعتبرها من طبيعة نمط الحياة الأسرية وتمتحن مقدار محبة كل طرف للآخر ومدى الاحترام له.
وحتى يسود الحب بين الزوجين، كما يقول المدرب في مجال الاتصال والتأثير بالآخرين محمد سريحين، يجب أن يكون هنالك احترام متبادل بين الطرفين سواء للمشاعر أو الآراء أو الشخصيات. منوها "هنالك كثير من الأزواج ممن يحبون زوجاتهم ولكنهم لا يحترمون شخوصهن وتفكيرهن".
ويعتبر الاعتذار نوعا من الاحترام للذات، وفي حال تراجع أي من الزوجين عن خطأه فهذا انعكاس حقيقي لما يكنه من احترام للطرف الآخر.
ويكون الاعتذار، وفق السريحين، بالقول دون النطق بكلمة آسف، كأن يقول المعتذر" اكتشفت أنك على حق" أو، "توصلت لقناعة أنك مصيب"، أو"نظرتك أوسع وأعمق وأشمل مني".
وأثناء كلام الاعتذار يراعى بحسب علم الاتصال، عدم استعمال الأسماء المجردة، واللجوء إلى استخدام الألقاب المحببة للزوج أو الزوجة، لأن الأسماء المجردة تبقي الاعتذار في حدود الإطار الرسمي.
وتجاوز الاعتذار بالكلام حدود مبادلة الجمل وجها لوجه في ظل التقدم التكنولوجي وأصبح بإمكان الأزواج الاعتذار لفظيا من خلال الرسائل القصيرة عبر الهاتف الخليوي، أو من خلال الرسائل عبر شبكة الانترنت.
وتقر التربوية واختصاصية الشؤون الأسرية والعلاقات الزوجية نيردين أبو نبعة بحقيقة عدم وجود إنسان لا يخطئ. وتؤكد على أنه لا ضير من قول كلمة آسف، وإن لم نستطع فيكون الاعتذار بالتصرفات.
ولا تجد بعض الفتيات أية ضرورة لاستخدام الهدايا كوسيلة للاعتذار أو تبادل الورد، وتعتبرها وسيلة تواصل بين الأزواج في مختلف المناسبات الخاصة بينهما.
ومن وجهة نظر سريحين فإن الهدية بغض النظر عن قيمتها، وسيلة من وسائل الاعتذار غير المباشرة التي ترضي النفوس وإن لم يصرح بذلك بشكل علني، فهي تشعر الزوجين بإنسانيتهما وتضفي زهوا على العلاقة الزوجية.
والدعوة على العشاء أو الغداء من دون التطرق إلى موضوع الخلاف الأساسي يعد من أهم وسائل الاعتذار بين الزوجين كونه ينقلهن إلى خارج المكان الذي حدثت فيه المشكلة ويفسح لهم مجالا للتفاهم من دون حدية أو عصبية.
وتبقى الوسيلة الأخرى ضمن دائرة لباقة الرجل أو المرأة، كما يقول سريحين، وتتمحور في اللجوء إلى تصرفات وسلوكيات وعادات زوجية يحبذونها، كأن تعد الزوجة لزوجها طبقا يشتهيه أو ترتدي إحدى هداياه إن كانت ساعة أو غير ذلك.
في حين يرى الخزاعي أن طرق الاعتذار تبدأ بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة. وهذا يستوجب على الرجل والمرأة كما يقول البدء عند الاعتذار بما هو محبب لقلب وعقل وسلوكيات الطرف الآخر.
ولعل المبادرة إلى تفكير الطرف الآخر واسترجاع أجمل اللحظات بينهما مثل طريقة تعارفهما أو فترة الخطوبة أو الزواج، تجعل من الاعتذار مهمة سهلة مصيرها النجاح.
ومهمة الأزواج كذلك في حال نشوب سوء تفاهم ينبغي أن تتركز بعدم إشعار الطرف الآخر بالخطأ وتسوية المشكلة بما يرضي الطرفين. ولا ننسى كما يقول الخزاعي إدارة المنغصات والمشاكل بأسلوب جيد، والذي سيقود في النهاية إلى الصلح من دون اللجوء إلى الاعتذار الشفهي أو غير ذلك.
وتبقى مشكلة الاعتذار محصورة في النظرة الاجتماعية للذكر والأنثى، ويبقى الزوج هو الذي يدور في فلك الصواب في حين أن الزوجة هي المخطئة ويجب عليها الاعتذار.
وفي حدود الرجولة الشرقية، كما يذهب سريحين، فإن النطق بكلمة آسف يعتبر انتقاصا وخدشا لهذه الرجولة، لذلك نجد كثيرا من المشاكل الزوجية تتفاقم لدخول الرجل في مرحلة العناد وعدم الاعتراف بالخطأ لزوجته.
ويذهب الخزاعي إلى أننا كمجتعمات عربية لدينا عقدة الذكورة وهي من الموروثات الاجتماعية التي رسختها القيم والعادات التي تؤكد أن الرجل هو الذي على حق بحكم أن القوامه له.
وتطالب أبو نبعة بضرورة تغيير هذه النظرة، مؤكدة "يحتاج ذلك إلى حراك اجتماعي طويل، كي يصل الرجل الشرقي إلى الاعتراف بالخطأ".
وتقول أبو نبعة مخاطبة الرجل "كن عفوّا عن زوجتك، ستجعلها تقبل عليك وتعتذر إليك بطريقة مباشرة وستعود حانية إليك". في حين تطلب من المرأة "افتحي بابا للاعتذار من خلال تصرفات توحي بذلك".
ويحذر د.الخزاعي من الاعتذار أمام الأبناء حتى لا يشعر أي منهما بأنه مخطئ أمامهم، بما ينعكس سلبا على إدارة الأسرة فيما بعد، وكذلك من إدخال أي كان بطلب الاعتذار لان العلاقة الزوجية علاقة مقدسة يجب عدم اختراقها.
وفي حال اعتذر أي من الزوجين للآخر، تؤكد أبو نبعة على أهمية قبول الاعتذار والابتعاد عن العتاب. وتشرح "فقبول الاعتذار يرفع من قيمة الإنسان في الدنيا والآخرة، إلا أن تكرار الخطأ مشكلة أخرى بحاجة إلى حلول وآليات مختلفة للعلاج". في حين يؤكد الخزاعي على أهمية نسيان الخطأ في حالة الاعتذار وعدم التذكير به.