العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الخنق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلمة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السجل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حكم تارك الصلاة فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-07-2009, 08:01 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(26)

نحو اتحادٍ سلميٍ

(1)

يضع (فوكوياما) تصورا، لعالم جديد يكون منقسما الى قسمين: الأول، هو القسم ما بعد التاريخي، الذي يشمل الدول التي انتهجت النهج الليبرالي الديمقراطي الجديد، والقسم الثاني الدول التي لم تزل راكدة في نزوعها للقومية ومعاندتها للمضي في الديمقراطية، وقد أطلق عليها الدول التاريخية.

ويضع المؤلف سيناريوهات للعلاقات بين الدول، فيقول: لو اتجهنا الى الدول الديمقراطية والصناعية في أوروبا مثلا، وتكون ألمانيا متفوقة على كل الدول الأوروبية اقتصاديا وتقنيا، فإنه ليس هناك خوفٌ من الدول الأوروبية من تهديد ألمانيا لها عسكريا، بل سيكون تفوقها محفزا للدول الأوروبية للتسابق في تطوير الإنتاج فيما بينها. وهذا يشيع جوا من التوجه الى التعددية القطبية المتعاونة وليس المتنافرة.

بعكس الدول المتخلفة (التاريخية)، التي لم تلحق بعد بركب الدول الصناعية الليبرالية، فإنها ستتناحر فيما بينها، ثم تتصالح قليلا مع الليبرالية، وستعاني من عملية الاندماج في الجو الليبرالي، ففي الصين مثلا، ستظهر النزعة البرجوازية في إدارة الحكم لتهيئ انفتاحا على اقتصاديات العالم، لكنها ستحن بين فترة وأخرى للمركزية الماوية دون الانخراط في الأجواء الشيوعية القديمة. وكذلك ستفعل جمهوريات الاتحاد السوفييتي القديمة، وسيكون تقدمها نحو الليبرالية مشوبا بالحذر والتردد والنكوص أحياناً.

أما بلدان أمريكا الجنوبية فهي ستنتقل الى عالم ما بعد التاريخ، وستنتشر الديمقراطية في بلدانها، ولا يُستبعد أن تنزلق بعض دولها للوراء لتعادي المنهج الليبرالي.

(2)

في مجال العلاقة بن دول ما بعد التاريخ (المتقدمة) والدول التاريخية (المتخلفة) سيكون التفاعل فيما بينهما ضيقاً، وستكون هناك محاور اصطدام فيما بينهما، وهي النفط والهجرة وأسلحة الدمار الشامل.

فالنفط لا يزال له دور حيوي في تحريك العالم، ومما يزيد فرص الاصطدام بين العالمين (ما بعد التاريخ والتاريخي) هي الهواجس التي أوجدتها تجربة السبعينات عندما استخدم العرب النفط كسلاح.

والمحور الثاني الذي يمكن أن يصطدم به العالمان، هو الهجرة المتزايدة من بلدان متخلفة الى بلدان العالم المتقدم. ففي كل مرة تتعرض فيها أي بلاد لاضطراب تتدفق موجات المهاجرين من تلك البلاد الى أوروبا والدول المتقدمة، وسيكون العالم الحديث المتقدم أمام إشكاليتين:

الأولى: أن التعامل بقسوة مع هؤلاء المهاجرين، يتناقض مع النظرة الإنسانية التي تدعو لها الحضارات المتقدمة، بما فيها الابتعاد عن العنصرية وعن النزعات القومية والدينية، فطرد المهاجرين والتعامل معهم بقسوة يضع الدول التي تتعامل معهم بموضع لا يتناسب مع ما تزعمه من دعايات أيديولوجية.

والإشكالية الثانية: هي حاجة الدول المتقدمة لهؤلاء المهاجرين الذين ليس لديهم مهارات عالية، وبنفس الوقت يرضون برواتب أقل. ويتطلع الخبراء في الدول المتقدمة الى إبقاء تلك العمالة في بلدانها الأصلية ونقل أجزاء من القاعدة أو القواعد الإنتاجية العالمية إلى تلك البلدان، حتى يصل العالم الى حالة مندمجة كليا على المستوى الاقتصادي.

(3)

المحور الثالث الذي يؤثر في علاقة المجموعتين، هو أسلحة الدمار الشامل، ويفسر خبراء الدول المتقدمة سعي الدول النامية لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، بأن وراءه شعور باكتمال السيادة والتقدم نحو اقتصاد واستقلالية مع بقاء تلك الدول خارج المراقبة في تحقيق الديمقراطية!

ومن زاوية أخرى يقول (فوكوياما) أن مفاهيم العلاقات الدولية والشرعية قد تغيرت تغيرا كبيراً، بحيث أن تلك المفاهيم لم يعد باستطاعتها التعامل مع تلك الأنظمة، فهي تريد أن تجبرها الى الانتقال الى الحالة الليبرالية والديمقراطية، ومن هنا فإن عدم تمكينها من الحصول على تقنيات الأسلحة المدمرة، يعتبر أساسا لا تراجع عنه من قبل الدول المتقدمة، حتى لو اقتضى الأمر الى الوقوف عسكريا في وجهها.

(4)

يتطرق فوكوياما الى احتمال يشكل هاجسا قويا للبراجماتيين الليبراليين في الغرب، وهو إن استخدام القوة قد يصلح مع دولة مثل العراق أو صربيا، ولكنه لا يكون محل تنفيذ في حالة الصين أو روسيا!

ثم يذهب الى القول، ماذا لو تحولت روسيا والصين الى دول ديمقراطية؟ وماذا لو عادت ألمانيا الموحدة الليبرالية الديمقراطية الى الشعور بعظمتها؟ وماذا لو ساد شعورٌ في اليابان أنه لم تعد تحتمل موافقتها على نتائج الحرب العالمية الثانية؟

يجيب فوكوياما، إجابة غير واضحة، ولا يمكن نقلها الى إجراء عملي، فيقول عندما يتحقق الرخاء والتقدم في العالم وينتصر العالم (ما بعد التاريخ) على العالم التاريخي، سيكون أمام هذا العالم أن يتلمس نهجا للتعايش السلمي فيما بين أركانه.

لكنه في نهاية تلك المقالة، لم يكن مقتنعاً بإجابته، فيحيلها الى الجزء السادس والأخير من كتابه وهو (خاتم البشر).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 23-07-2009, 01:23 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الجزء الخامس: خاتم البشر

27ـ في ملكوت الحرية

(( التاريخ بمعناه الدقيق، الذي يتحارب فيه الناس (الطبقات) فيما بينهم من أجل نيل الاعتراف، ويحاربون فيه ضد الطبيعة بالعمل، هو عند كارل ماركس [ ملكوت الضرورة Reich der Notwendigkeit] وبعده ملكوت الحرية حيث يعيش الناس (وقد اعترف بعضهم بالبعض دون تحفظات) دون صراع فيما بينهم، مع أقل قدرٍ من العمل))

ألكسندر كوجيف : (مقدمة لقراءة هيجل)

(1)

ابتدأ المؤلف تساؤله في أول الكتاب، عما إذا كانت الغاية من التاريخ وتطوره هي الوصول الى التقدم، وإذا كان هذا التقدم سيتمثل بالديمقراطية الليبرالية، والتي اتضح (من وجهة نظره) أنها كانت أفضل من منافستيها في القرن العشرين وهما الفاشية والشيوعية.

لكن المؤلف يعاود التحذير من أن الاستسلام والركون الى أن الديمقراطية الليبرالية هي الغاية النهائية، لا يخدم فكرة الديمقراطية الليبرالية واستقرارها، فأعدائها من نظم شمولية وقومية متعصبة ودينية (ثيوقراطية) لا يعرفون الرحمة وسيبقون يحاولون إعاقتها، ويفترض الكاتب أن الديمقراطية الليبرالية تستطيع في النهاية قهر هؤلاء الأعداء وجعل آثارهم منحسرة، فهل ستبقى محافظة على نفسها وعلى درجات تقدمها، أم أنها ستنهار كما انهارت الشيوعية والفاشية من داخلها؟

ويشير الكاتب أن الديمقراطية الليبرالية تعاني من مشكلات ليست سهلة كالبطالة والتلوث والمخدرات والجريمة وما شابه ذلك، فهل تكون نهاية الديمقراطية الليبرالية هي إيذانٌ باقتراب نهاية التاريخ؟

(2)

لقد حاول الكاتب بتسلسل كتابه أن يؤكد أن بناء التاريخ سار ويسير من خلال طريقين: الأول، تحكمه العلوم الطبيعية الحديثة ومنطق الرغبة في إشباع حاجات الإنسان، والثاني، يحكمه الصراع من أجل الاعتراف (ما أسماه الكاتب [الثيموس]).

وقد تم انتقاد الخط الليبرالي الديمقراطي من طرف جهتين: اليساريين، الذين لا يروا أن العدالة في إشباع الحاجات الإنسانية أو الاعتراف قد تحققتا في ظل النظام الليبرالي الديمقراطي. والجهة المنتقدة الثانية، هي اليمينيون الذين رأوا في أن العموميات في هذا النظام لم تحقق الاعتراف المتكافئ للبشر بشكل متساو.

رغم أن عدد اليساريين المنتقدين للنظام الليبرالي أكثر بكثير جدا من اليمينيين إلا أن انتقاداتهم أقل أهمية من انتقاد اليمينيين للنظام.

يناقش (فوكوياما) انتقادات اليمينيين بشكل مركز، على مسألة المساواة بين الناس، فيقول: أن تلك المسألة تنبع من عدم وجود قدرات طبيعية متكافئة بين الناس، فلا يمكن أن يكون أي شخص عازف بيانو (مثلا)، كما أنه لا يمكن أن يكون الشباب والفتيات بنفس القدر من الوسامة، مما سيجعل الأشخاص الأكثر وسامة (ذكور أو إناث) أكثر احتمالا للاقتران بأشخاص مهمين، وأكثر احتمالا لتبوء مراكز وظيفية أكثر أهمية، وهذا بالتأكيد سيقود الى تفاوت في جمع الثروات أكثر من غيرهم.

وقد اقترن السعي لدى القوى الرأسمالية بالهجوم المطرد على العلاقات الاجتماعية التقليدية المحضة، التي كانت تسود في المجتمعات الزراعية، لينتقلوا بالمجتمعات الى حالة طبقية أساسها المهارة والتعليم، وهذا بحد ذاته بدا وكأنه متناقض مع فكرة خلق الطبقة (الوسطى) المتشابهة لتتحقق المساواة (!).

(3)

يتكلم فوكوياما عن مظاهر تبدو فيها (عدم المساواة) واضحة، ويرد تلك المظاهر لنتائج الرأسمالية الليبرالية، ولم أجد سببا ـ لحد الآن ـ لزج تلك الأمثلة في هذه المقالة، ومن يتأمل فيها، سيظن أنها تم زجها في الكتاب من طرف يريد نسف فكرة الكتاب كاملة واستحالة ما يصبو إليه الكاتب.

يقول: في أحياء السود الفقيرة بالولايات المتحدة يبدو المستوى المنخفض للمدارس فيها، مما سيؤدي الى إنتاج خريجين أقل كفاءة وأقل حظوظا من غيرهم.

ويقول: بالرغم من قدرة الرأسمالية على خلق قدر هائل من الثروة، فستظل عاجزة عن إشباع الحاجة الإنسانية الى الاعتراف المتكافئ أو ما يسمى ب (الإيسوثيميا). فمع تقسيم العمل تظهر الاختلافات في مكانة كل من الأعمال المختلفة. وسيعامل عمال جمع القمامة والأوتوبيسات دائما باحترام أقل مما يناله جراحو المخ أو نجوم كرة القدم، وستكون معاملة العاطلين عن العمل أقل درجة من عمال جمع القمامة.

(4)

عرج الكاتب على التجارب السوفييتية والصينية والكمبودية (الشيوعيات)، والتي حاولت استئصال التمييز بين الناس، في الريف والمدينة وفي مختلف المهن، فمثلا [وهذه إضافة من عندنا] كانت نقابة موسكو تضم جراح الأعصاب والمهندس المعماري وجامع القمامة، انطلاقا من ضرورة كل مهنة للمجتمع.

لقد غمز الكاتب بتلك التجارب، باعترافه أنها حققت زوال الطبقات لكنها قتلت الإبداع، وهي في نظره تتنافى مع الحرية وحقوق الإنسان.

تعليق: الحرية وحقوق الإنسان، لا تعني إطلاق العنان للرغبات الإنسانية أن تتمدد على حساب الآخرين، كما حدث في الليبرالية الرأسمالية، كما أن معاملة الناس كأرقام (كما في التجربة الشيوعية) سيجعل الأفراد يركنون الى النمطية الساكنة، طالما أن التعليم والصحة والسكن والعمل تؤمن لكل مواطن دون اعتبار كبير للفوارق الإبداعية، وهذا ما جعل سيارة (موسكوفيتش) القوية تؤدي دورها بالنقل دون الاهتمام بمظهرها الفخم ودون تطوير قبضات الأبواب، وهذا ما جعل البضائع السوفييتية أقل رواجا من تلك المصنعة في الدول الرأسمالية.

وللتوفيق بين المنهجين (الاشتراكي والرأسمالي)، كان لا بد من الاستفادة من مبدأ العدالة العامة الذي ينشد حماية المواطن من جشع المستغلين، وبنفس الوقت مكافأة المبدعين وإعطائهم بدل إبداعهم ما يتلاءم مع إنجازاتهم، لا أن يكافأ المبدع في قضاء يومين أو أسبوع في المنتجعات الاشتراكية (عند السوفييت) ولا أن يكافأ المبدع بأن تجعل الأسواق والمستهلكين تحت خدمته ليأكلهم ويوجههم كما يشاء (عند الغرب الليبرالي).

(5)

لقد حاولت الديمقراطية الليبرالية أن تجعل من إطلاق الحريات وكأنها مكافأة للمواطنين الذين يقبلون بالمنهج الليبرالي، فتركت لهم حرية السفر وحرية التملك وحرية الزواج المثلي واللواط والإجهاض، الخ، فنتج عن ذلك تشويه للحريات وحقوق الإنسان، وتُرك المواطن ليسبح في خياله اللامحدود الى أن قاده الى الجريمة والشذوذ وتآكل بنيان الأسرة والمجتمع، واستبدال العلاقات غير الأسرية بالأسرية التي تحفظ المجتمع ك (بلوك) يتفق على قيم العدالة وحقوق الإنسان التي تتوافق مع مصالح المجتمع.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-08-2009, 10:15 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

28ـ أناس لا صدور لهم

(( أكثر الظواهر شيوعا في العصر الحديث هي أن الإنسان قد فقد كرامته، في عينه هو، الى درجة لا تكاد تُصدق. لقد ظل زمانا طويلاً محور الوجود بصفة عامة وبطله التراجيدي. وكان وقتها على الأقل مصمما على إثبات صلته الوثيقة بالجانب الحاسم والقيم في جوهره من جوانب الوجود. وذلك شأن الميتافيزيقيين الراغبين في التمسك بكرامة الإنسان. مع إيمانهم بأن القيم الأخلاقية قيم أساسية. وأولئك الذين قد تخلوا عن الله يتمسكون أكثر من غيرهم بالإيمان بالأخلاق))

نيتشه: [إرادة القوة]

يقول فوكوياما في بداية مقالته التي بين يدينا: يستحيل إكمال مناقشتنا دون الإشارة الى المخلوق الذي يقال إنه سيظهر عند نهاية التاريخ، وهو خاتم البشر.

يشير فوكوياما الى الصور النهائية التي تنبأ بها كبار الفلاسفة (هيجل، ماركس، نيتشه) التي سيؤول إليها مسار تطور التاريخ، وهو يميز بين هيجل وماركس من ناحية وبين نيتشه من ناحية أخرى، فالأخير لم يكن له أتباع ومدارس واسعة كالفلاسفة الذين تبنوا الفكرة الشيوعية والماركسية.

هيجل وماركس، كانا يريدان أن يتحقق الاعتراف العام بأهمية وكرامة كل أبناء البشرية، وهي التي أشار إليها (ماركس) بنهايات الصراع الطبقي الذي يلغي العبودية والتراتب بين الناس. كانا يريدان تعايشا بين السيد والعبد، فهم لم يريدا إلا أن يُعترف بالعبد كإنسان حر، ويكون واعيا بقدر ذاته.

في حين كان نيتشه يسفه من ذلك الاعتراف، فيقول ما قيمة الاعتراف بشكله العمومي؟ إنه شيء تافه لا قيمة له، وكان نيتشه يريد انتصارا ظافرا للعبيد على الأسياد.

(1)

يدخل (فوكوياما) في تقليب الاحتمالات القادمة، فيقول: بعد أن تحقق لشعوب الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية إزالة نظمهم الشمولية، ووضعوا أقدامهم على أول مواقع الطريق نحو الديمقراطية الليبرالية، هل هذا سينهي كل شيء؟

يذكر فوكوياما نكتة (جروشو ماركس) التي تقول: (إنه لن يوافق أبدا على الانضمام الى النادي الذي يوافق على انضمامه إليه!). وهي إشارة طبيعية الى إمكانية أن يتحول المنتصرون الى صورة شبيهة بمن انتصروا عليهم، رافضين الوفاء بالوعود التي قاموا من أجلها بنضالهم!

ومن جانب آخر، فهل سيسكت من انتزعت منهم مواقع السلطة والسيادة؟ وهم الذين يستذكرون نضالهم القديم ومجد آبائهم وأجدادهم وما خاطروا به بحياتهم من أجل أن تكون البلاد بما آلت إليه؟

(2)

أي احترام واعتراف ينشده الفرد؟ تساؤل مهم ..
إن عالم الفيزياء، يرضى بامتداح زملاءه (علماء الفيزياء) أكثر من تمتدحه مجلة أو جريدة واسعة الانتشار ك (التايم)، كذلك إن ذيوع صيت رجل مهم في مجتمع متقدم ديمقراطي، هي أكثر أهمية من ذيوع صيت رجل قدم نفس الخدمات أو قام ببعض البطولات في مجتمع زراعي ضيق.

من هنا، فيرى البعض أنه لا حياة نبيلة ولا عظمة إلا في المجتمعات الأرستقراطية، وبعبارة أخرى فإن الحرية أو القدرة على الخلق لا يمكن أن تنبثق إلا عن (الميجالوثيميا: أي الرغبة في نيل الاعتراف بالتفوق على الآخرين). ولو أن الناس ولدوا متساوين لما بذلوا جهدا في شيء، إذا كانت الغاية الأساسية من رغبتهم هي التشبه بالآخرين! فهم ـ في تلك الحالة ـ متشابهون فلماذا يتنافسون؟

ولكن الرغبة في التفوق على الآخرين، هي ما تسبب الحروب، والاختراعات والصراعات فيما بين أبناء المجتمع الواحد. وأحيانا توضع أسس لتلك الصراعات وكأنها لعبة كرة قدم، وأحيانا يتم التغاضي عن تلك الأسس، إذا ما شعر أحد الأطراف بتفوقه المطلق ولو الى حين.

والهدوء والطمأنينة والرضا عن النفس والصحة الطيبة تعتبر معوقات للانطلاق نحو احتلال المراتب المتقدمة، (( ينبغي أن تعرف النفس الفوضى داخلها حتى تلد نجما راقصا)).

(3)

إن من يقودوا الناس الى احتلال مركز الصدارة والتفوق يجب أن يكونوا أفرادا متميزين يتمتعون بقدر غير عادي من الصلابة وبُعد النظر والقسوة والذكاء، ومن يرجع للتاريخ القديم أو الحديث سيتعرف على أمثال هؤلاء القادة، فهم لا يؤمنون بالمساواة ولا بالتسامح (هانيبال، هولاكو، هتلر، ستالين، ماو).

أما انتشار الفضيلة والتراحم والتسامح وشيوع المساواة، فهي من سمات المجتمعات الديمقراطية الليبرالية!

(4)

فيما يتعلق بخاتم البشر، يشير (فرانسيس فوكوياما) الى ما قاله نيتشه: الى أن خاتم البشر ((قد خلف وراءه البقاع التي تصعب الحياة فيها، وذلك بالنظر الى حاجته الى الدفء))

ويضيف نيتشه (( إننا لا نزال نعمل. ذلك لأن العمل نوع من التسلية. غير أننا حريصون على ألا تكون التسلية شاقة أكثر مما ينبغي .. لم يعد فينا فقير أو غني. فكل من الفقر والغنى يتطلب بذل الجهد.. من لا تزال لديه الرغبة في أن يَحكم؟ أو في أن يُطيع؟ الأمران يتطلبان فوق ما نطيق من الجهد))..

(( قطيع واحد ولا رعاة! الكل يريد نفس الأشياء. وكل امرئ مشابه لغيره. ومن لا يشعر منا بأنه مختلف يدخل طواعية مستشفى المجاذيب))

لقد قدم فوكوياما في هذا المقام، فلسفة نيتشه في تصور خاتم البشر، لينتهي للقول: إننا نعيش في المجتمع الأمريكي الصورة التي نشدها (نيتشه) فالاهتمام بالصحة والتمارين الرياضية وذم عادة التدخين السيئة والمضرة بالصحة، كلها أمور مسموح بها، لكن أن نعترض على قيام الآخرين في مزاولة طقوسهم الدينية من أرثوذكس أو بوذيين أو مسلمين، فهو أمر يتناقض مع ذلك النهج!

تعليق: من الذي لم يوقع على اتفاقيات البيئة العالمية؟ ومن الذي يذكر لفظ (الحروب الصليبية) في خطاباته؟ ومن الذي يسمح بتلويث أرض العراق وغزة ببقايا اليورانيوم؟ أليسوا هم أتباع هذه المدرسة المتشدقة بالتبشير بهذا النهج؟

(5)

ينتهي الكاتب في هذه المقالة، الى أن من يقبل بعالم خالٍ من الحروب، ومنصرف الى إشاعة الفضيلة (كما هي الحال في الولايات المتحدة) فإنه هو الإنسان الذي يستحق اسم خاتم البشر.

أما من يرفض تلك الصورة المشرقة، فهم الناس الذين (لا صدور لهم) أي أن قلوبهم قاسية وخالية من الرحمة!



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .