العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة بمقال التحكم بالعقل أكثر مشاريع المخابرات الأمريكية سرية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أشباح بلا أرواح (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 02-08-2008, 12:12 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

مَرَّ القطار - لنازك الملائكة

الليل ممتدُّ السكونِ إلى المدَى

لا شيءَ يقطعُهُ سوى صوتٍ بليدْ

لحمامةٍ حَيْرى وكلبٍ ينبَحُ النجمَ البعيدْ،

والساعةُ البلهاءُ تلتهمُ الغدا

وهناك في بعضِ الجهاتْ

مرَّ القطارْ

عجلاتُهُ غزلتْ رجاءً بتُّ أنتظرُ النهارْ

من أجلِهِ .. مرَّ القطارْ

وخبا بعيداً في السكونْ

خلفَ التلال النائياتْ

لم يبقَ في نفسي سوى رجْعٍ وَهُونْ

وأنا أحدّقُ في النجومِ الحالماتْ

أتخيلُ العرباتِ والصفَّ ا لطويلْ

من ساهرينَ ومتعبينْ

أتخيلُ الليلَ الثقيلْ

في أعينٍ سئمتْ وجوهَ الراكبينْ

في ضوءِ مصباحِ القطارِ الباهتِ

سَئمتْ مراقبةَ الظلامِ الصامتِ

أتصوّرُ الضجَرَ المريرْ

في أنفس ملّت وأتعبها الصفيرْ

هي والحقائبُ في انتظارْ

هي والحقائبُ تحت أكداسِ الغبارْ

تغفو دقائقَ ثم يوقظها القطارْ

وُيطِلُّ بعضُ الراكبينْ

متثائباً، نعسانَ، في كسلٍ يحدّق في القِفارْ

ويعودُ ينظرُ في وجوهِ الآخرينْ

في أوجهِ الغُرَباء يجمعُهم قطارْ

ويكادُ يغفو ثم يسمَعُ في شُرُودْ

صوتاً يغمغمُ في بُرُودْ

" هذي العقاربُ لا تسيرْ !

كم مرَّ من هذا المساء؟ متى الوصولْ ؟"

وتدقٌّ ساعتُهُ ثلاثاً في ذُهُولْ

وهنا يقاطعُهُ الصفيرْ

ويلوحُ مصباحُ الخفيرْ

ويلوحُ ضوءُ محطةٍ عبرَ المساءْ

إذ ذاكَ يتئدُ القطارُ المُجْهَدُ

... وفتىً هنالكَ في انطواءْ

يأبى الرقادَ ولم يزلْ يتنهدُّ

سهرانَ يرتقبُ النجومْ

في مقلتيه برودةٌ خطَّ الوجومْ

أطرا فَهَا .. في وجهِهِِ لونٌ غريبْ

ألقتْ عليه حرارةُ الأحلام آثارَ احمرارْ

شَفَتاهُ في شبهِ افترارْ

عن شِبْهِ حُلْمٍ يفرُشُ الليلَ الجديبْ

بحفيفِ أجنحةٍ خفيّاتِ اللُحونْ

عيناهُ في شِبْهِ انطباقْ

وكأنها تَخْشَى فرارَ أشعةٍ خلف الجفونْ

أو أن ترى شيئاً مقيتاً لا يُطَاقْ

هذا الفتى الضَّجِرُ الحزينْ

عبثاً يحاول أن يرَى في الآخرينْ

شيئاً سوى اللُغْزِ القديمْ

والقصّةِ ا لكبرى التي سئمَ الوجودْ

أبطالهَا وفصولهَا ومضَى يراقبُ في برودْ

تَكْرارَها البالي السقيمْ

هذا الفتى.....

وتمرُّ أقدامُ الَخفيرْ

وُيطل وجهٌ عابسٌ خلفَ الزُجاجْ،

وجهُ الخفير!

ويهزُّ في يدِهِ السِراجْ

فيرى الوجوهَ المتعَبة

والنائمينَ وهُمْ جلوسٌ في القطارْ

والأعينَ المترقبة

في كلّ جَفْنً صرخةٌ باسمِ النهارْ،

وتضيعُ أقدامُ الخفير الساهدِ

خلفَ الظلامِ الراكدِ



مرَّ القطار وضاع في قلبِ القفارْ

وبقيت وحدي أسألُ الليلَ الشَّرُود

عن شاعري ومتى يعودْ ؟

ومتى يجيء به القطارْ ؟

أتراهُ مرَّ به الخفير

ورآه لم يعبأ به .. كالآخرينْ

ومضى يسيرْ

هو والسِّراجُ ويفحصانِ الراكبين

وأنا هنا ما زلتُ أرقُبُ في انتظارْ

وأوَدُّ لو جاءَ القطارْ ....

1948

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 60 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .





--------------------------------------------------------------------------------
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .