العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى مقال أغرب القوانين حول العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أغرب عمليات التجميل واكثرها جنونا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال أضخم المخلوقات التي مشت على وجه الارض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الاحتضار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: الموضة الممرضة والقاتلة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: لعنة مومياء الثلج أوتزي الرجل الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة بمقال التحكم بالعقل أكثر مشاريع المخابرات الأمريكية سرية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أشباح بلا أرواح (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-05-2011, 07:10 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(13)
فلجوء الشاعر الحديث إذًا لمثل هذا البناء المعقد ،واستخدجامه لمثل هذه الأدوات والتكنيكات الغريبة ليس نوعًا من الحذلقة الفنية ، وإنما هو استجابة لضرورة التعبير عن الرؤية الشعرية الحديثة التي لم تعد خيطًا شعوريًا بسيطًا وواضحًا ، وإنماأصبحت نسيجًا شعوريًا متشابك الخيوط ، سداه ولُحمته مزيج غريب من المشاعر والأحاسيس والرؤى المتشابكة المعقدة ، ومثل هذه الرؤية الخاصة تحتاج إلى بناء فني في مثل تشابكها وتعقيدها ليستطيع تجسيد أبعادها المختلفة.
صحيح أن بعض النماذج الحديثة تسرف في التركيب والتعقيد دون أن يكون ثمة داع لذلك ، ودون أن يكون وراء هذا التعقيد المسرف رؤية شعرية على قدر من العمق والرحابة يستدعي مثل هذا التعقيد ، ومن ثم فإن الجهد المبذول من القارئ في سبيل استيعاب هذه النماذج يكون جهدًا شائعًا سدى ، ومثل هذا التعقيد يكون ناشئًا عن ضعف التأليف والتركيب وليس عن التركيب في ذاته، وغالبًا ما تكون الرؤية الشعرية في مثل هذه القصائد على قدر من التشوش والتفكك والضحالة ، ويكون مثل هذا التعقيد ستارًا يستر به الشاعر ضحالة رؤياه وخواءها ، فهو لا يعكس أكثر من نزعة مراهقة إلى استعراض المهارات التكنيكية واللعب بها بدل الإخلاص الصادق في معاناة الرؤيا الشعرية ومحاولة تحقيق التلاحم والتكامل والامتزاج بين عناصرها وتجسيدها في أكثر الأشكال الفنية ملاءمة لها.
وصنيع مثل هؤلاء الشعراء أشبه ما يكون بصنع شعراء البديع الذين ولعوا بإثقال شعرهم بالحلى والزخارف البديعية في تراثنا القديم ، حتى تحول شعرهم إلى نماذج للعب بالكلمات ، أو استعراض المهارات اللغوية ، دون أن يكون وراء ذلك كله رصيد حتقيقي من المعاناة يريدون إيصاله إلى القارئ من خلال هذه الأشكال الفارغة من المحتوى الفني الحقيقي.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:11 PM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(14)
وتنبغي الإشارة في النهاية إلى أن درجة التركيب في القصيدة الحدديثة تتفاوت بتفاوت خط الرية الشعرية التي تجسدها القصيدة من التركيب والتعقيد ، فعلى حين نجد بعض القصائد على قدر من بساطة التركيب –إذا صح هذا التعبير-لا يصعب معه على القارئ إدراك طبيعة العناصر التي يتألف من ها هذا التركيب ، ونهوعية الععلاقات والروابط التي تؤلف بين هذه العناصر ، نجد بعضها الآخر يبلغ درجة من التركيبو التعقيد تحتاج إلى جهد حقيقي من القارئ ليدرك طبيعة هذا التركيب ونوعية العلاقات بين عناصره ، وعلى أية حال فإن طبيع ةالرربية والشعرية هي التي تحدد طبيعة الإطار الفني الملائم ، وحظه من التركيب والتعقيد.
الوحدة :
على الرغم من أن القصيدة الحديثة تتركب –سواء على مستوى نسيجها النفسي والشعوري ، أو على مستوى بنائها الفني –من مجموعة من العناصر والمكونات المتنوعة ، والمتنافرة في بعض الأحيان ، فإن ثمة وحدة عمليقة تؤلف بين هذه العناصر ، وتنصهر فيها هذه المكونات المتناثرة المتنافرة لتصبح كيانًا واحدًا متلاحمًا متجانسًا ، لا تفكك فيه ولا تنافر .وهذه الوحدة تنسحب على العناصر الشعورية والنفسية والفكرية التي يتألف منها نسيج القصيدة الشعوري بمدقار ما تنسحب على الأادوات والتكتنيكات الفنية التي يتأللف منها بناؤها الفني ، فكل هذه الأشياءي في القصيدة الحديثة تمتزج وتتلاحم وتتكامل في كيان واحد متماسك.
ولقد كانت وحدة القصيدة من أول ما اهتم به رواد التجديد عندنا من سمات الحداثة في القصيدة العربية ، وقد تجلى هذا الاهتمام في كتابات مطران والعقاد وشكري في مقدمات دواوينهم وفي كتبهم النقدية كما تجلى في أعمالهم الشعرية(9) ، وقد اعتبر هؤلاء الرواد وحدة القصيدة مقياسًا من أهم المقاييس التي يقومون بهاب شعر معاصريهم ليبينوا مدى محظه من الحداثة ، وكثيرًا ما كان حجماسهم لهذه الوحدة يدفعهم إلى نوع من التشدد والصرامة في تطبيقها على شعر معاصريهم ، بحيث إذا وجدوا قصيدة من القصائد يمكن تقديم بعض أبياتها على بعض اعتبروا هذا إخلالاطص بالوحدة في القصيدة يستحق اللوم والمؤاخذة . ولقد كان من أبرز هذه المآخذ التي أخذها العقاد في "الديوان" على شوقي في قصائده أن بعض قصائده يمكن إعادة ترتيبها بتقديم بعض أبياتها على بعض ، وقد حاول إعادة ترتيب أبيات هذه القصيدة التي كتبهاشوقي في رثاء مصطفى كامل ، حيث عرضها أولا ًكما كتبها "شوقي"ثم عرضها مرة ثانية بعد أن غير في ترتيبها ، بحيث جاءت على ترتيب آخر يبتعد جد الابتعاد عن الترتيب الأول ليقرأها القارئ المرتاب ، ويلمس الفروق بين ما يصلح أن يسمى قصيدة من الشعر ، وبين أبيات مشتتة، لا روح فيها ، ولا سياق ، ولا شعور ينتظمها ويؤلف بينها(10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(9)انظر محمد غنيمي هلال:النقد الأدبي الحديث ،ص409وما بعدها والمراجع المبينة به.
(10)عباس محمود العقاد بالاشتراك مع إبراهيم عبد القادر المازني :الديوان.اتلطبعة الثالثة.(جزآن متصلان).دار الشعب –القاهرة (بدون تاريخ)ص122 .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:12 PM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(15)
والحقيقة أن قصيدة شوقي لم تكن بمثل هذا التفكك الذي حاول العقاد أن يتهمها بثب ، والحقيقة أيضًا أن وحدة القصيدة ليست بمثل هذه الصرامة التي ترفض إمكان تقديم بيت من أبيات القصيدة أو تأخيره ، كما سنوضح بعد قليل،ولكننا إذا ما نحينا جانبًا هذه النزعة المتحاملة في كلام العقاد عن ظاهرة التفكك في شعر شوقي –وفي موقفه من شوقي عمومًا- فإنه يبقى لنا منه ذلك الإدراك الموضوعي الواعي لضرورة ترابط أجزاء القصيدة وعناصرها ، ونعيه على القصيدة المكونة من مجموعة من الأبيات المفككة المستقلة ، وعلى الذين "يحسبون البيت في القصيدة جزئًا قائمًا بنفسه ، ولا عضوًا متصلاً بسائر أعضائها ، فيقولون أفخر بيت وأغزل بيت وأشجع بيت ، وهذا بيت القصيد ، وواسطة العقد ،كأن الأبيات في القصيدة حبات عتقد تشترى كل منها بقيمتها ، فلا يفقدها انفصالها عن سائر الحبات شيئًا من جوهرها ، وهذا أول دليل على فقدان الخاطر المؤلف بين أبيات القصيدة ، وتقطع النفس فيها ، وقصر الفكرة ، وجفاف السليقة؛فكأنما القريحةالتي تنظم هذا النظم وبصات نور متقطعة لا كوكب صامد متصل الآشعة يريك كل جانب وينير لك كل زاوية
وشعبة ، أو كأنما هي ميدان قتال فيه ألف عين وألف ذراع وألف جمجمة ، ولكن ليس فيه بنية واحدة حية ، ولقد كان خييرًا من ذلك جمجمة واحدة على أعضاء جسم فرد تسري فيه حياة.(11)
ويعد هذا الكلام الذي كتب في بداية العقد الثالث من القرن العشرين من أنضج ما كتب عن وحجدة القصيدة في نقدنا العربي الحديث ، وقد تأثر بدعوة العقاد وأقرانه الكثير من الشعراء والنقاد والمثقفين عمومًا حتى أصبحت سمة من أبرز سمات الحداثة في القصيدة العربية الحديثة.
ولكنه ينبغي تقرير أن الوحدة العضوية في القصيدة ليست في وضوح وصرامة الوحدة في المسرحية والرواية اللتين تتسلسل أحداثهما ومواقفهما في ترابط وتماسك يضفي على البناء العام لكل منهما لونًا من الوحمدة الصارمة الوثيقة ، بحيث لو قدم منظر من مناظر المسرحية أو حدث من أحدجاث الرواية أو أخر عن موضعه لأصاب ذلك بناءها العام بالخلل والاضطراب ، أما وحدة القصيدة في على قدر كمن المرونة لا يرفض إماكن تقديم بيت من أبيات القصيدة أو مقطع من مقاطعها على سواه ، ودون أن يكون في ذلك إخلال بالوحدة ، ما دام ثمة نوع من الوحدة الشعورية والفنية يضم هذه الأبيات والمقاطع بعضها إلى بعض .(12)
__________________________
(11) السابق 131،132 .والوبصات : الومضات
(12)انظر : النقد الأدبي الحديث .ص411 . بل إن الوحدة العضوية في المسرحية والرواية ذاتهما لم تعد بمثل ما كانت عليه من الصرامة والرسوخ ،خصوصًا في الاتجاهات الروائية والمسرحية الحديثة التي لم تعد تعطي الحدث الخارجي وتسلسله ما كان له من أهمية من قبل ؛ حيث أصبح من الممكن في ظل هذه الاتجاهات أن تكتب مسرحية أو رواية دون أن تعتمد على أحداث خارجية ذات بال ، بل أصبح كسر التسلسل الطبيعي للأحداث والترابط المنطقي بينها تكتيكًا فنيًا من تكنيكات هذه المسرحيات والروايات التي لم تعد خاضعة لتلك الوحدة الظاهرية المحسوسة الصارمة ، وإنما أصبحت خاضعة لنوع من الوحدة أكثر خفاء ودقة.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:13 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(16)
وإذا كان حماس رواد التجديد الأوائل في شعرنا ونقدنا الحديث لوحدة القصيدة قد دفعهم إلى نوع من التشدد في تطبيقها ،فإن حماسهم لم يلبث أن أن ارتد إلى نوع من الاعتدال والموضوعية ، بل إنهم في الوقت الذي كانوا يتشددون فيه على المستوى الإجرائي في تطبيقهم لمقياس الوحدة لى شعر معاصريهم كان كلامهم النظري عنها أكثر اعتدالاً وموضوعية ففي الوقت الذي نجد فيه العقاد يتشدد-على المستوى الإجرائي –في تطبيق مقياس الوحدة على شعر شوقي إلى حد التعسف ، نراه على المستو النظري يقول مثل هذا الكلام الموضوعي المعتدل "إننا لا نريد تعقيبًا كتعقيب الأقيسة المنطقية ولا تقسيمًا كتقسيم الأقيسة الرياضية ، وإنما نريد أن يشع الخاطر في القصيدة ، ولا ينفرد كل بيت بخاطر فتكون كما أسلفنا بالأشلاء المعلقة أشبه منها بالأعضاء المنسقة .(13)أمخا في الشكل الأكثر حدابثة في القصيدة العربية فقد أصبحت بالوحمدة أكثر خفاءً ودقة ، نتجية لخفاء ودقة العلاقات التي تربط بين عناصر القصيدة ومكوناتها ، بحيبث أصبح من المشروع في إطار هذه الوحدة إمكان تقديم بيت على بيت أو مقطع على مقطع ، بل لقد تجاوز الأمر ذلك إلى جواز وجود نوع من التباعد الظاهري بين بعض أجزاء القصيدة وبعضها الآخر ، إذا كان مثل هذا التنافر موظفًا توظيفًا إيحائيًا ،وإذا كان ثمة نوع من الوحدة العميقة الخفية يضم كل هذه العناصر المتنافرة في الظاهر ، ويصهرها في كيان نفسي وفني واحد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) الديوان .ص141

المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:15 PM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(17)

ولقد كان شعراء الرمزية هم رواد هذا الاتجاه ، حيث كاهوا ينتقلون في قصائدهم من فكرة إلى فكرة أو من خاطر إلى خاطر دون أن يكون بينهما ترابط منطقي ، وذلك بهدف إثارة عنصر المفاجأة ،رغبة في تقوية الجانب الإيحائي في قصائدهم دون أن تفقد هذه القصائد وحدتها الخفية العميقة.(14)
وفي إطار هذه الوحدة عندهم لا بأس من أن يجتمع الشيء مع أشد الأشياء تباعدًا عنه وتنافردًا معه ، مد داما يتآزران على إحداث أثر نفسي واحد ، وبث إيحاء واحد ، وهذا ما عبر عنه الشاعر الرمزي الفرنسي الكبير شارل بودلير في قصيدته" تراسلات correspondances " (15) التي يقول فيها

الطبيعة معبد ، الدعائم الحية فيه


يصدر عنها في بعض الأحيان همهمات مبهمة


يسير المرء فيها عبر غابات من رموز


ترمقه بنظرات رفيقة


وكأصداء طويلة تختلط من بعيد


في وحدة معتمة عميقة


رحيبة كالليل وكالضوء


تتجاوب العطور والألوان والأصوات

ولقد تأثرت القصيدة العربية الحديثة بمثل هذه النزعة ، بحيث لم يعد نادرًا أن نجد القصيدة تجمع بين أشياء بينها من التباعد والتنافر الظاهريين أكثر مما بينها من الترابط، ومبالغة في هذا الاتجاه فإننا كثيرًا ما منجد الشاعر يسقط أدوات الربط اللغوي بين أجزاء القصيدة ، حتى لتبدو القصيدة في بعض الأحيان أشبه ما تكون بمجموعة من العبارات والجمل المفككة المستقلة ،الواقعة بذاتها في الفراغ ، ولكن يكن هناك رابط وثيق خفي يضم شتات هذه الأجزاء المتنافرة في كيان واحد شديد التماسك (16)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(14) انظر النقد الأدبي الحديث.ص407
(15) Charles Baudelaire:Les Fleurs du Mal.Ed. Club.de Libraires de France,1959.p.38.
وانظر النقد الأدبي الحديث .ص 426
(16) سنعرض لهذه القضية بشيء من التفصيل عند الحديث عن لغة القصيدة الحديثة .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:16 PM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(18)
وفي بعض الأحيان تتركب الرؤية الشعرية في القصيدة من مجموعة من الأبعاد التي يتميز بعضها عن بعض إلى حد ما دون ان تفقد ترابطها وتلاحمها الكلي ، فتجئ مثل هذه القصيدة مؤلفة من مجموعة من المقاطع التي تتمتع بلون من الاستقلال كثيرًا ما يؤكده الشاعر بإعطاء كل مقطع منها عنوانًا خاصًا في إطار الوحدة العميقة الوثيقة التي تتعانق في إطارها كل الأبعاد وتمتزج كل المقاطع . وهذا واضح في القصائد الطويلة التي اصبحت تمثل القدر الأكبر من نتاج الشعر الحديث ، وقد سبق أن اقتبسنا نصوصًا من قصيدتين من هذا القبيل ، وهما قصيدتا "الناي والريح في صومعة كيمبردج" لخليل حاوي ،" ورحلة في الليل" لصلاح عبد الصبور.
فالقصيدة الأولى منهما تتألف من ستة مقاطع تحمل أربعة عناوين خاصة هي على التوالي :
1- في الصومعة 2- الناي 3- الريح
4- الناسك.بينما اكتفى في تمييز المقطعين الثاني والسادس بإعطائهما أرقامًا خاصة.
أما القصيدة الثانية "رحلة في الليل" فهي تتألف أيضًا من ستة مقاطع يحمل كل منها عنوانًا خاصًا ، والعناوين الستة على التوالي هي :
1-بحر الحداد 2- أغنية صغيرة 3- نزهة الجبل
4- السندباد 5-الميلاد الثاني 6- إلى الأبد
ولم يحل هذا التمييز الظاهري بين مقاطع كلتا القصيدتين دون وجود نوع من الوحدة الخفية العميقة التي تضم هذه المقاطع كلها وتربط بينها بأوثق الروابط.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 07:17 PM   #7
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(19)
وإذا ما أخذنا قصيدة الدكتور خليل حاوي (17) نموذجًا ، فإننا نجد مقاطعها كلها تدور حول محور واحد هو الصراع والتفاعل في ذات الشاعر بين بعدين متعارضين يتجسدان في مجموعة من الرموز المتشابكة المتآزرة.
ويتمثل أول البعدين في كل ما هو ثابت وراسخ وجامد في حياة الشاعر ، بينما يتمثل ثانيهما في رياح التغيير الهادرة التي تعصف حوله في عرامة.
وقد تمثل البعد الأول في مجموعة من الرموز الفنية ، منها "الصومعة"،حيث يعكف الشاعر على أبحاثه العلمية –ولقد يكون من المفيد أن نعرف أن الشاعر كتب هذه القصيدة وهو يعد للحصول على الدكتوراه من جامعة "كيمبردج"-منكبًا على أقلامه وأوراقه العتيقة ، وحيث الثبات والرسوخ يحينل من في الصومعة إلى مجموعة من "النساك" و"اللحم المقدد"، ومن القصائد التي تجسد فيها البعد الأول "الناي"بكل ما ارتبط به من إيحاءات الأسى الراسخ ، ثم الأسرة ممثلة في الأب الذي ينتظره في صبر – مع أمه- ليحمل عنه هم البيت الثقيل ،وصاحبته التي تنتظره معهما هناك ، والتي لا تفكر إلا فيه ولا تحلم إلا به حتى يبت على اسمه ، ومص دماءها شبحه ، وقد تموت انتظارًا قبل أن يعود إليها .ثم ذلك الناسك المخذول في رأسه- الذي تكون من طول عكوفه في الصومعة من ناحية ، ومن تراثه العريق في الحكمة من ناحية أخرى – وهذا الناسك لا يفتأ يلاحقه بنصائحه وتحذيراته من الاندفاع في رياح التغيير بكل ما فيها من مخاطر وعدم تبصر.وأخيرًا ذلك الواقع الحضاري والسياسي المتخلف الذي يعيشه وطنه العربي ، بكل ما فيه من تجزؤ وتفتت ، وما يعيش على ثراه من نماذج بشرية مشوهة التكوين تكرس هذا الواقع المتخلف المتفسح لأنها لا تستطيع العيش إلا في ظلاله.
________________________
(17)تراجع القصيدة في "جيوان خليل الحاوي"ص167-189
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .