إذا تبين لك ذلك، يظهر أن الميْسر يختلف عن القمار -كما ذكرت لك- من أن القمار ما فيه مخاطرة وغرر المال وأما الميسر فأعم من ذلك.
فإذن الميسر عام والقمار بعض صوره أو أحد شقيه عند أكثر أهل العلم."
وما يهمنا هو أن الكلمتان تستعملان بمعنى واحد حاليا ومن ثم لن نفرق بينهما وأما معنى الميسر وهو القمار فهو :
لعب يكون فيه خاسر وكاسب أو خاسر وكاسبون أو خاسرون وكاسبون على حسب بدون سبب مباح للكسب أو للخسارة
واللعب كلها محرمة لأنها أخذ لأموال الناس بالباطل وقد تحدث المحاضر عن احلال بعض اللعب كالرهان على شىء مستدلا برواية لم تحدث وهى :
"لما نزل قول الله جل وعلا { الم غُلِبَتْ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ } [الروم:1-4]، فكان المسلمون يفرحون بنصرة الروم على الفُرس، وكان المشركون بنصرة الفُرس على الروم، فلما نزلت الآية وكانت الدائرة للفرس، تراهن أبو بكر مع أحد المشركين، فقال أحد المشركين ستغلب فارس أو غلبت فارس. فقال أبو بكر - رضي الله عنه - بل الروم ستغلب. وراهنه على مال، وكسب المالَ أبو بكر - رضي الله عنه –"
كما أجازوا الرهان فى الخف والنصل والحافر برواية :
«لا سَبَقَ إلاّ في خُف أوْ نَصْلٍ أوْ حَافِرٍ»
ولا يوجد استثناء فى الآية لأى شىء من الميسر وهو الخسارة والمكسب بدون سبب أباحه الله
وتحدث المحاضر عن أمور اعتبرها جديدة مثل:
تبرع التاجر بسلعة ما أو مال ما لمن اشترى قدرا معين أو لمن اختير فى القرعة وهذه الصور ليست من القمار أو الميسر فهى عملية ترويج للسلع وغالبا التاجر لا يدقع شىء من جيبه كتبرع لأنه تلك التبرعات مدفوعة من جيوب الزبائن وهم الشراة كمكسب والتبرع وهو الهبة مباح على عكس الميسر الذى يكون فيه الطرفان أو الأطراف كلهم يظنون المكسب كما يظنون الخسارة فهم لا يتبرعون من أنفسهم بينما التاجر متبرع من نفسه
وأما الآيات التى ورد فيها ذكر الميسر فى القرآن فهى:
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون"
يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يسألونه عن الخمر والميسر والمراد يستفهمون منه عن حكم الخمر وهى كل مادة تغيب العقل يتناولها الإنسان بأى طريقة وحكم الميسر وهو القمار أى اللعب على مال بحيث يكون فيه كاسب وخاسر،ويطلب الله من رسوله(ص) أن يجيب فيقول فيهما إثم كبير أى فى تناول الخمر ولعب الميسر ذنب عظيم وهذا يعنى حرمة تناول الخمر وحرمة لعب الميسر ،وإثمهما أكبر من نفعهما أى ومضارهما وهى إيقاع العداوة بين الناس والبعد عن ذكر الله مصداق لقوله تعالى بسورة المائدة "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة"أعظم من نفعهما وهو المال لصناع الخمر ومديرى أماكن الميسر ومن ثم فعملهما حرام ،ويبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يسألونه ماذا ينفقون أى ماذا يعملون فى حياتهم ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :العفو وهو ترك الكفر وطاعة الإسلام ،ويبين لنا أنه يبين لنا الآيات وهى أحكام الوحى والسبب لعلنا نفكر أى لعلنا نفهم فنطيع هذه الأحكام
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
يبين الله للذين أمنوا أى صدقوا بوحى الله أن الأشياء التالية رجس من عمل الشيطان أى شر من عمل الكافر ولذا هى محرمة عليهم:
-الخمر وهى المغيبات التى تجعل الإنسان لا يدرى ما يقول أو يفعل .
-الميسر وهو المال الناتج من طريق اللعب بأى شىء فيكون هناك كاسب وخاسر.
-الأنصاب وهى الأصنام.
-الأزلام وهى التقسيمات المعتمدة على الحظ فيكون فيها كاسب وخاسر.
ومن ثم يطلب منهم أن يجتنبوها أى أن ينتهوا عنها والمراد ألا يعملوها والسبب حتى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله.
"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"
يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو الشهوة فى نفس الإنسان أى الكافر تريد أن توقع العداوة أى البغضاء بينهم والمراد تحب أن تصنع بينهم الكراهية وهى المقت فى الخمر والميسر والمراد تضع الخلاف بينهم بسبب المخدر المغيب للعقل والقمار وأيضا تصدهم عن ذكر الله والمراد وتبعدهم عن طاعة آيات الله مصداق لقوله بسورة القصص"ولا يصدنك عن آيات الله" وفسر الله الذكر بأنه الصلاة وهى الدين فشارب الخمر أو لاعب الميسر منشغلين عن الطاعة أولهما لأن عقله ليس موجودا والثانى منشغل بما كسبه أو خسره ومن ثم لا يطيعان الأحكام الواجبة عليهما ،ويسألهم الله فهل أنتم منتهون أى فهل أنتم مبتعدون عنهم ؟والغرض من السؤال إخبارنا بوجوب تجنب شرب الخمر ولعب الميسر الأخرى معها من ميسر وغيره هى فسق أى كفر بالإسلام
|