العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرواسى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرغب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اسم فرعون بين القرآن والعهدين القديم والجديد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: القضاء في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطمع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الاستنباط في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المواقيت فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: العفاف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 03-04-2010, 10:13 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القوي الفاجر
وقيل: إنه قدم أهل الكوفة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكون سعد بن أبي وقاص.
فقال: من يعذرني من أهل الكوفة? إن وليتهم التقي ضعفوه، وإن وليتهم القوي فجروه.

فقال له المغيرة بن شعبة: يا أمير المؤمنين، إن التقي الضعيف له تقاه ولك ضعفه، وإن القوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره.
قال: صدقت أنت القوي الفاجر فاخرج إليهم.

فلم يزل عليهم أيام عمر وعثمان رضي الله عنهما وأيام معاوية حتى مات المغيرة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-04-2010, 03:26 PM   #2
عثمان شريف
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1
إفتراضي السلام عليكم

بارك الله فيكم الهم يزدكم ولاتحرومنا من صالح الدعوات
وجزاكم الله خيرا
عثمان شريف غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-04-2010, 09:38 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

خلافة عمر بن عبد العزيزرضي الله عنه



أمه أم عصام بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو تابعي جليل. قال الإمام أحمد بن حنبل:
ليس أحد من التابعين قوله حجة إلا عمر بن عبد العزيز. كان، رضي الله عنه عفيفاً زاهداً ناسكاً عابداً مؤمناً تقياً صادقاً، أزال ما كانت بنو أمية تذكر به علياً رضي الله عنه، على المنابر وجعل مكان ذلك قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" الآية، ولما ولي الخلافة رضي الله عنه.

عمر بن عبد العزيز والشعراء

وفد الشعراء إليه وأقاموا ببابه أياماً لا يؤذن لهم فبينما هم كذلك إذ مر بهم رجاء بن حيوة وكان جليس عمر فلما رآه جرير داخلاً قام إليه وأنشد يقول أبياتاً منها:
يا أيها الرجل المرخي عمامته ......... هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا

فدخل ولم يذكر شيئاً من أمرهم ثم مر بهم عدي بن أرطاة فقال جرير أبياتاً آخرها قوله:
لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة ..... قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني
قال: فدخل عدي على عمر، وقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك وسهامهم مسمومة وأقوالهم نافذة.

فقال: ويحك يا عدي ما لي وللشعراء? قال: أعز الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتدح وأعطي ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة.


قال: كيف.? قال: امتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه.

قال: أو تروي من قوله.


قال: نعم، وأنشد:

رأيتك يا خير البركة كلها................ نشرت كتاباً جاء بالحق مَعْلما
شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا ..... عن الحق لما أصبح الحق مظلما
ونورت بالبرهان أمراً مدنساً...............وأطفأت بالإسلام ناراً تضرما
فمن مُبلغ عني النبي محمدا............ وكل امرئ يُجزى بما كان قدما
أقمت سبيل الحق بعد اعوجاجه ............وقد كان قدماً ركنه قد تهدما
فقال: ويلك يا عدي، من بالباب منهم? قال: عمر بن أبي ربيعة.

قال: أوليس هو الذي يقول:

ثم نبهتها فمدت كِعاباً...........طفلةً ما تبين رجع الكلامِ
ساعة، ثم أنها لي قالت....ويلتي قد عجلت يا ابن الكرامِ
فلو كان عدو الله إذ فَجَر كتم على نفسه لكان أستر له: لا يدخل علي والله أبداً، فمن بالباب سواه? قال: الفرزدق.

قال: أوليس هو الذي يقول:

هما دلتا في من ثمانين قامةً.......... كما انقض بازٌ أقتَم الريشِ كاسره
فما استوت رجلاي في الأرض قالتا:........أحيٌ فيُرجى أم قتيل نحاذره؟
لا يدخل علي والله أبداً، فمن سواه منهم.

قال: الأخطل.


قال: يا عدي، أوليس هو الذي قال:

ولست بصائمٍ رمضان يوماً...... ولستُ بآكلٍ لحمَ الأضاحي
ولست بزاجرٍ عنساً بكوراً..........الى بطحاء مكة للنجاح
ولست بقائمٍ كالعير أدعو.....قبيل الصبح حي على الفلاح
ولكني سأشربها شمولاً...... وأسجد عند منبلج الصباح
والله لا يدخل علي أبداً وهو كافر، فمن بالباب سوى من ذكرت? قال: الأحوص.

قال: أوليس هو الذي يقول:

الله بيني وبين سيدها......... يفر مني بها وأتبعه
فمن بالباب دون من ذكرت أيضاً? قال: جميل بن معمر.

قال: أوليس هو الذي يقول:

فيا ليتنا نحيا جميعا، وإن أمُت....يوافق موتي موتها وضريحها
فلو كان عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا ليعمل بعد صالحاً لكان أصلح. والله لا يدخل علي بداً، فهل أحد سوى من ذكرت? قال: جرير.

قال: أوليس هو الذي يقول:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا....وقت الزيارة، فارجعي بسلام

فإن كان ولا بد فهو الذي يدخل. فلما مثل بين يديه قال: يا جرير اتق الله ولا تقل إلا حقاً.

فأنشد قصيدته الرائية المشهورة التي منها:

إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ............... من الخليفة ما نرجو من المطرِ
جاء الخلافة، أو كانت له قدراً ................... كما أتى موسى على قدرِ
هذي الأراملُ قد قضيت حاجتها.............. فمن لحاجة هذا الأرمل الذكرِ
الخيرُ ما دُمت حيا لا يفارقنا............. بوركت يا عُمر الخيرات من عُمرِ
فقال: يا جرير لا أرى لك فيما ههنا حقاً.

قال: بلى يا أمير المؤمنين! أنا ابن سبيل منقطع.

فأعطاه من طيب ماله مائة درهم وقال: ويحك، يا جرير، لقد ولينا هذا الأمر ولم نملك إلا ثلاثمائة درهم، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام: أعطه المائة الأخرى.


فأخذها جرير وقال: والله لهي أحب مال اكتسبته في عمري. ثم خرج فقال له الشعراء: ما وراءك يا جرير? فقال: ما يسوءكم. خرجت من عند خليفة يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض وأنشد يقول:

رأيت رقي الشيطان لا تستفزه ..... وقد كان شيطاني من الجن راقيا
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-05-2010, 06:05 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ابتداء الدولة العباسية


كان القائم بهذه الدولة أبو مسلم الخراساني، وكان اسمه عبد الرحمن ابن مسلم، فمن قوله:
أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت....عنه ملوكُ بني مروان إذ حشدوا
ما زلتُ أسعى بجهدٍ في دمارهم..... والقوم في غفلةٍ والناس قد رقدوا
حتى ضربتهمو بالسيف فانتبهوا........ من نومة لم ينمها قبلهم أحدُ
ومن رعى غنماً في أرضٍ مسبعةٍ........ونام عنها تولى رعيها الأسدُ

أولهم أبو عبد الله السفاح. ذكر ابن الجوزي في كتاب الأذكياء عن خالد بن صفوان أنه دخل يوماً على أبي العباس السفاح وليس عنده أحد، فقال: يا أمير المؤمنين إني والله ما زلت منذ قلدك الله خلافته أطلب أن أصير معك بمثل هذا الموقف في الخلوة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب فعل حتى نفرغ.

فأمر الحاجب بذلك، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني فكرت في أمرك واستجلبت الفكر فيك، فلم أر أحداً له قدرة واتساع في الاستمتاع بالنساء ولا أضيق فيهن عيشاً منك. إنك ملكت نفسك امرأة من نساء العالمين فاقتصرت عليها، فإن مرضت مرضت وإن غابت غبت، وإن عزلت عزلت وحرمت، يا أمير المؤمنين، على نفسك التلذذ بما يشتهى منهن، فإن منهن الطويلة التي تشتهى لحسنها، والبيضاء التي تحب لرؤيتها، والسمراء اللعساء، والصفراء الذهبية، ومولدات المدينة والطائف واليمامة ذوات الألسنة العذبة والجواب الحاضر، وبنات سائر الملوك وما يشتهى من نضارتهن ونظافتهن.


وتخلل خالد لسانه فأطنب في صفات ضروب الجواري وشوقه إليهن. فلما فرغ من كلامه قال له السفاح: ويحك ملأت مسامعي، ما شغل خاطري والله ما سلك مسامعي كلام أحسن من هذا فأعد علي كلامك فقد وقع مني موقعاً.

فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأ به. ثم قال له: انصرف! فانصرف وبقي أبو العباس مفكراً. فدخلت عليه أم سلمة زوجته، وكان قد حلف لها أنه لا يتزوج عليها سرية ووفى لها. فلما رأته على تلك الحالة قالت له: إني لأنكرك يا أمير المؤمنين، فهل حدث شيء تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له? قال: لا.

فلم تزل به حتى أخبرها بمقالة خالد فقالت له: وما قلت لابن الفاعلة? فقال لها: أينصحني وتشتميه? فخرجت إلى مواليها وأمرتهم بضرب خالد.

قال خالد: فخرجت من الدار مسروراً بما ألقيت إلى أمير المؤمنين. ولم أسك في الصلة. فبينما أنا واقف إذ أقبل موالي أم سلمة يسألون عني فحققت الجائزة فقلت لهم: ها أنا واقف. فاستبق إلي أحدهم بخشبة فغمزت برذوني فلحقني وضرب كفل البرذون، وركضت ففررت منهم واستخفيت في منزلي أياماً ووقع في قلبي أني أمنت من أم سلمة. فبينما أنا ذات يوم جالس في المنزل فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فسبق إلى قلبي أنه الموت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، لم أر دم شيخ أضيع من دمي. فركبت إلى دار أمير المؤمنين فأصبته جالساً ولحظت في المجلس بيتاً عليه ستور رقاق وسمعت حساً خفيفاً خلف الستر فأجلسني. ثم قال: يا خالد أنت وصفت لأمير المؤمنين صفة فأعدها.


فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، أعلمتك أن العرب ما اشتقت اسم الضرتين إلا من الضر وإن أحداً لم يكثر من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص.

فقال السفاح: لم يكن هذا من كلامك أولاً? قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الثلاث من النساء يدخلن على الرجل البؤس وتشييب الرأس.

فقال: برئت من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت سمعت هذا منك أولاً أو مر في حديثك.
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجتمع لصاحبهن يشيبنه ويهرمنه.

قال: والله ما سمعت منك هذا أولاً? قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن أبكار الإماء رجال إلا أنه ليست لهن خصاء.

قال أمير المؤمنين: أفتكذبني? قلت: أفتقتلني? قال خالد، فسمعت ضحكاً خلف الستر، ثم قلت وأخبرتك إن عندك ريحانة قريش وأنت تطمع بعينيك إلى النساء والجواري.

فقيل لي من وراء الستر: صدقت يا عماه هذا حديثك ولكنه غير حديثك ونطق بما في خاطره عن لسانك.

فقال السفاح: ما بك قاتلك الله? قال خالد، فانسللت وخرجت فبعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وبرذوناً وتخت ثياب.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-05-2010, 06:19 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أبو دلامة والسفاح



وروي أن أبو دلامة الشاعر كان واقفاً بين يدي السفاح في بعض الأيام فقال: سلني حاجتك? فقال له أبو دلامة: أريد كلب صيد.

فقال: أعطوه إياه.


فقال: ودابة أتصيد عليها.


فقال: أعطوه دابة.


فقال: وغلاماً يقود الكلب والصيد.


فقال: أعطوه غلاماً.


فقال: وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه.


فقال: أعطوه جارية.


فقال: هؤلاء يا أمير المؤمنين عيال ولا بد لهم من دار يسكنونها.
فقال: أعطوه داراً تجمعهم.


ثم قال: وإن تكن لهم الدار فمن أين يعيشون? قال: قد أقطعتك عشرة ضياع عامرة وعشرة غامرة من فيافي بني إسرائيل.


قال: وما معنى الغامرة يا أمير المؤمنين? قال: ما لا نبات فيها.


قال: قد أقطعتك يا أمير المؤمنين مائة ضيعة غامرة من فيافي بني سعد.


فضحك منه وقال: أعطوه كلها عامرة.


قال الحافظ: فانظر إلى حذقه بالمسالة ولطفه فيها كيف ابتدأ بكلب صيد فصهل القضية وجعل يأتي بمسألة مسألة على ترتيب وفكاهة حتى نال ما سأله. ولو سأل ذلك بديهة لما وصل إليها.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-04-2010, 10:08 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أشكركم أخي الفاضل على المرور الكريم
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-04-2010, 01:32 PM   #7
أبا الوليد
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2009
المشاركات: 242
إفتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم
أبا الوليد غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-04-2010, 05:51 PM   #8
فسحة أمل
مشرفة عدسة الأعضاء واللقطات
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2009
المشاركات: 1,583
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

شكرا لك أخي ابن حوران على هذه الدروس القيمة

أين نحن من عدل عمر وتقوى عمر وحكمة عمر

بارك الله فيك أخي وجعله في ميزان حسناتك
__________________



فسحة أمل غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-04-2010, 08:02 AM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

معاوية والطرماح بن الحكم


قيل: إن معاوية رضي الله عنه جلس يوماً بين أصحابه، إذ أقبلت قافلتان من البرية، فقال لبعض من كان بين يديه: انظروا هؤلاء القوم وائتوني بأخبارهم. فمضوا وعادوا وقالوا: يا أمير المؤمنين، إحداهما من اليمن والأخرى من قريش. فقال: ارجعوا إليهم وادعوا قريشاً يأتونا، وأما أهل اليمن فينزلون في أماكنهم إلى أن نأذن لهم في الدخول.

فلما دخلت قريش سلم عليهم وقربهم وقال: أتدرون يا أهل قريش لم أخرت أهل اليمن وقربتكم? قالوا: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: لأنهم لم يزالوا يتطاولون علينا بالفخار ويقولون ما ليس فيهم، وإني أريد إذا دخلوا غداً وأخذوا أماكنهم من الجلوس أن أقوم فيهم نذيرا وألقي عليهم من المسائل ما أقل به إكرامهم وأرخص به مقامهم، فإذا دخلوا وأخذوا أماكنهم من الجلوس وسألوا عن شيء فلا يجبهم أحد غيري.

قال الراوي: وكان المقدم عليهم رجلاً يقال له الطرماح بن الحكم الباهلي، فأقبل على أصحابه، وقال: أتدرون يا أهل اليمن لم أخركم ابن هند وقدم قريشاً? قالوا: لا قال: لأنه في غداة غد يقوم فيكم نذيراً ويلقي عليكم من المسائل ما يقل به إكرامكم ويرخص به مقامكم، فإذا دخلتم عليه وأخذتم أماكنكم من الجلوس وسألكم عن شيء فلا يجبه أحد غيري.


فلما كان من الغد دخلوا عليه وأخذوا أماكنهم فنهض معاوية قائماً على قدميه، وقال: أيها الناس من تكلم قبل العرب، وعلى من أنزلت العربية? فقام الطرماح وقال: نحن يا معاوية، ولم يقل يا أمير المؤمنين.


فقال: لماذا? فقال: لأنه لما نزلت العرب ببابل وكانت العبرانية لسان الناس كافة أرسل الله تعالى العربية على لسان يعرب بن قحطان الباهلي، وهو جدنا فقرأ العربية وتداولها قومه من بعده إلى يومنا هذا، فنحن يا معاوية عرب بالجنس وأنتم عرب بالتعليم.



فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أقوى العرب إيماناً ومن شهد له بذلك? فقال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم? قال: لأن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم فكذبتموه وسفهتموه وجعلتموه مجنوناً، فآويناه ونصرناه فأنزل الله: "والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً". وكان النبي صلى الله عليه وسلم، محسناً لنا متجاوزاً عن سيئاتنا فلم لم تفعل أنت كذلك? كأنك خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فسكت زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لساناً ومن شهد له بذلك? قال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم ذلك? قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده:


يطعمون الناس غَباً
في السنين الممحلاتِ

في جِفانٍ كالخوابي
وقدورٍ راسياتِ

وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

قال: فسكت معاوية زماناً وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكراً ومن شهد له بذلك? قال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم ذلك? قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارساً في الجاهلية وفارساً في الإسلام وشهد له بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.


فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفداً بالحديد? فقال له الطرماح: ومن أتى به? قال معاوية: أتى به علي.


قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبداً.


فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن? قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: "وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد".


قال: فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: جزاك الله خيراً من صاحب ووفر عقلك ورحم سلفك وأعطاه وأحسن إليه.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-04-2010, 06:44 AM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العاشق ذو المروءة

حكي عن الأصمعي أنه قال: دخلت البصرة أريد بادية بني سعد، وكان على البصرة يومئذ خالد بن عبد الله القسري (والي العراق في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان)، فدخلت عليه يوماً فوجد قوماً متعلقين بشاب ذي جمال وكمال وأدب ظاهر، بوجه زاهر حسن الصورة طيب الرائحة جميل البزة، عليه سكينة ووقار، فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا: هذا لص أصبناه البارحة في منازلنا. فنظر إليه فأعجبه حسن هيئته ونظافته، فقال: خلوا عنه. ثم أدناه منه وسأله عن قصته، فقال: إن القول ما قالوه والأمر على ما ذكروه.

فقال له: ما حملك على ذلك وأنت في هيئة جميلة وصورة حسنة? قال: حملني الشره في الدنيا. وبذا قضى الله سبحانه وتعالى.


فقال له خالد: ثكلتك أمك، أما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك وحسن أدبك زاجر لك عن السرقة.


قال: دع عنك هذا أيها الأمير، وانفذ ما أمرك الله تعالى به. فذلك بما كسبت يداي. وما الله بظلام للعبيد.


فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى ثم أدناه منه وقال له: إن اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وأنا ما أظنك سارقاً. وإن لك قصة غير السرقة فأخبرني بها.


فقال: أيها الأمير، لا يقع في نفسك سوى ما اعترفت به عندك، وليس لي قصة أشرحها لك إلا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت منها مالاً فأدركوني وأخذوه مني وحملوني إليك.


فأمر خالد بحبسه وأمر منادياً ينادي في البصرة: ألا من أحب أن ينظر إلى عقوبة فلان اللص وقطع يده فليحضر من الغد.


فلما استقر الفتى في الحبس ووضع في رجليه الحديد تنفس الصعداء، ثم أنشأ يقول:

هددني خالد بقطع يدي
إن لم أبح عنده بقصتها

فقلت هيهات أن أبوح بما
تضمن القلب من محبتها

قطع يدي بالذي اعترفت به
أهون للقلب من فضيحتها

فسمعه الموكلون به فأتوا خالداً وأخبروه بذلك، فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده، فلما حضر استنطقه فرآه أديباً عاقلاً لبيباً ظريفاً فأعجب به فأمر له بطعام فأكلا وتحادثا ساعة. ثم قال له خالد: قد علمت أن لك قصة غير السرقة، فإذا كان غداً وحضر الناس والقضاة وسألتك عن السرقة فأنكرها واذكر فيها شبهاتٍ تدرأ عنك القطع. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات".

ثم أمر به إلى السجن، فلما أصبح الناس لم يبق بالبصرة رجل ولا امرأة إلا حضر ليرى عقوبة ذلك الفتى، وركب خالد ومعه وجوه أهل البصرة وغيرهم، ثم دعا بالقضاة وأمر بإحضار الفتى، فأقبل يحجل في قيوده، ولم يبق أحد من النساء إلا بكى عليه وارتفعت أصوات النساء بالبكاء والنحيب، فأمر بتسكيت الناس، ثم قال له خالد: إن هؤلاء القوم يزعمون أنك دخلت دارهم وسرقت مالهم فما تقول? قال: صدقوا أيها الأمير، دخلت دارهم وسرقت مالهم.


قال خالد: لعلك سرقت دون النصاب.


قال: بل سرقت نصاباً كاملاً.


قال: فلعلك سرقته من غير حرز مثله.? قال: بل من حرز مثله.


قال: فلعلك شريك القوم في شيء منه? قال: بل هو جميعه لهم لا حق لي فيه.


فغضب خالد وقام إليه بنفسه وضربه على وجهه بالسوط. وقال متمثلاً بهذا البيت:

يريد المرء أن يُعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أرادا

ثم دعا بالجلاد ليقطع يده. فحضر وأخرج السكين، ومد يده ووضع عليها السكين، فبرزت جارية من صف النساء عليها آثار وسخ، فصرخت ورمت بنفسها عليه، ثم أسفرت عن وجه كأنه البدر وارتفع للناس ضجة عظيمة كاد أن تقع منه فتنة، ثم نادت بأعلى صوتها: إليه رقعة ففضها خالد فإذا هي مكتوب فيها:

أخالد هذا مُستهام متيمٌ
رمته لِحاظي من قسي الحمالق

فأصماه سهم اللحظ مني فقلبه
حليف الجوى من دائه غير فائق

أَقَرَ بما لم يقترفه لأنه
رأى ذلك خيراً من هتيكة عاشق

فهلا على الصب الكئيب لأنه
كريم السجايا في الهوى غير سارق

فلما قرأ الأبيات تنحى وانعزل عن الناس وأحضر المرأة، ثم سألها عن القصة، فأخبرته أن هذا الفتى عاشق لها وهي له كذلك، وأنه أراد زيارتها وأن يعلمها بمكانه، فرمى بحجر إلى الدار، فسمع أبوها واخوتها صوت الحجر، فصعدوا إليه، فلما أحس بهم جمع قماش البيت كله وجعله صرة، فأخذوه وقالوا: هذا سارق وأتوا به إليك فاعترف بالسرقة وأصر على ذلك حتى لا يفضحني بي اخوتي، وهان عليه قطع يده لكي يستر علي ولا يفضحني. كل ذلك لغزارة مروءته وكرم نفسه.

فقال خالد: إنه خليق بذلك.


ثم استدعى الفتى إليه وقبل ما بين عينيه وأمر بإحضار أبي الجارية وقال له: يا شيخ إنا كنا عزمنا على إنفاذ الحكم في هذا الفتى بالقطع، وإن الله عصمه من ذلك، وقد أمرت له بعشرة آلاف درهم لبذله يده وحفظه لعرضك وعرض ابنتك وصيانته لكما من العار. وقد أمرت لابنتك بعشرة آلاف درهم، وأنا أسألك أن تأذن لي في تزويجها منه.


فقال الشيخ: قد أذنت أيها الأمير بذلك.


قال: فحمد الله وأثنى عليه وخطب خطبة حسنة وقال للفتى: قد وقدره عشرة آلاف درهم.


فقال الفتى: قبلت منك هذا التزويج.


وأمر بحمل المال إلى دار الفتى مزفوفاً في الصواني، وانصرف الناس مسرورين ولم يبق أحد في سوق البصرة إلا نثر عليهما اللوز والسكر حتى دخلا منزلهما مسرورين مزفوفين.


قال الأصمعي: فما رأيت يوماً أعجب منه أوله بكاء وترح وآخره سرور وفرح.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .