أرتشف ملامح قهوتي بطعم الغياب وترتشفها أنت بطعم الحنين
أم سنجتمع في فنجان واحد بطعم العشق..؟؟
رغم أن الحنين والغياب مكمّلان لبعضهما ،إلا أنك جعلت فلسفتهما اختلافًا ،لأن العشق ما لم يو ؤحد الطرفين فيكون الفراق هو الطعم الواحد فإما العشق وإما الخصام.
ما زالت اللغة الأرستقراطية من خلال القهوة والفنجان مثار إعجاب لأنها معبرة عن واقع قليل التناول .وإن كنت ارى أن التركيبة أرتشف ملامح قهوتي غريبة نوعًا ما .أرتشف قهوتي تكون أكثر واقعية .رأيي الشخصي .
أياترى سأتحسس تجاعيد وجهك بأناملي
وتحتضن أنت تجاعيد عمري ذات مساء..؟؟
هذه القطعة رائعة للغاية وتبرز مرة أخرى عنصر الاختلاف واجتماع الثنائيات (المادة- الروح ،الرجل والأنثى،القلب والعقل )ولفظة تجاعيد فيها إشارةإلى الإرهاق الذي يطال الجانبين ،كما أن الرومانسية فيها كانت حاضرة بشكل يتناسب مع نهاية الخطاب والذي يؤكد مرة أخرى على طبيعة الأنثى (من وجهة نظرك) والتي تلتزم بالحب وتفرِِد للآخر جناحيها لتضمه قبل أن تفرده لتطير بهما.
وتعانق يدك الدافئة يديّ عندما يسرقني الموت منك..؟؟
وقبلتنا تلك بدايتنا أم نهاينتا..؟؟
حبيبي.. ألا من جواب؟؟
أم أنها حكاية نسجت خيوطها مجرد احتمالات
كانت النهاية المليئة بالخوف والتي لم تجد معها الأنثى تحذيرًا غير هذا موفقة للغاية في توصيل المعنى وهو الوفاء والحب،لكن تظل اللغة غير المباشرة هي المسيطرة حتى يفيض الكيل فتقول صراحة يسرقني الموت منك، والأرستقراطية الإنسانية تتجلى في عدم استخدام لفظة استنكار مباشر أو تأنيب ، ويظل الصوت رغم حزن المحتوى وألمه هادئًا خافتًا .
ورغم ما أستشعره من تبلد إحساس الطرف الآخر أو شعورها بذلك إلا أن النهاية أو ما بعد النهاية لفظة حبيبي لتأكيد نفس الحالة ولكن بأشكال مختلفة . السطر الأخير أراه محتاجًا إلى إعادة الصياغة .
النص أراه متقنًا للغاية وأكد على ذلك الآتي :
*السرد : كان السرد متقنًا أي أن الانتقال من جزئية لأخرى جعل من غير المتصور حذف سطر واحد مما يعني التماسك النصي بشكل كبير .
*الاستفهام : وإن جاء بشكل يوحي بأنه يحمل غرض المعرفة إلا أنه في مضمونه استنكاري ليعبر عن الأرستقراطية والتي أصرّ عليها كمدخل لتقييم العمل .
*المواءمة بين الملموس والمحسوس : عبر طول العمل كان الحضور للمتناقضات تجاعيد الوجه وتجاعيد العمر ،وغيرها من العبارات ،الخوف والإطار .
*ثنائية التضاد والتناقض : من خلال المعنى وليس النص الصريح ، النصف المملوء والنصف الفارغ (تأخذ مني عمري أو كتابًا ،آخذ منك الغربة أو لا شيء).
*الاستقبالية : سيستمر ، سيأتي . هناك السين التي تدخل على المضارع لتدل على حدوث شيء في المستقبل وهذا ما يجعل للاحتمالات حضورًا قويًا في العمل والعنوان .
*اللغة : كانت لها فاعلية ، من حيث الاستخدام المجازي والاستخدام التقليدي والذي أفاد حالة غير تقليدية ، إضافة إلى صياغة المعنى الفلسفي بأسلوب بسيط .
الرؤية : كان الاتكاء على عنصر العشق وهو الكوب الذي يجمع الطرفين .
أخيرًا : النص أكثر من رائع ، وفيه صور كبيرة من الإدراك والوعي بفنيات العمل الأدبي خاصة في المقدمة التي سبقت الخطاب .وحقيقة أرى أنني لن أتمكن فيما بعد من نقد أعمالك الأدبية لأنها ستكون قد تجاوزت المستوى الذي يمكن فيه استخدام هذه الأدوات في النقد .
أستطيع أن أغمض عيني ّ وأقول الآن انطلقي إلى عالم الإبداع وحلقي فيه كما تشاءين ، لك تنحني الحروف وتتهادى أوراق الشجر .وفقك الله .
***