عندما
أتوه في شوارع الأحزان
أبحث عن وجوه أعرفها
أو عرفتها ذات زمان
لتشاطرني الأنين
وتقاسمني بعض أشجان
لا أسمع إلا صدى رثاء أمل
كبر وشاخ في حضن الأحلام
كفنته أيادي السراب
عند غروب شمس المنى
فنعود من حيث أتينا
أنا
وخريطة
وبوصلة مكسورة
في حياتنا اليومية كثيرًا ما تتشابه المواقف التي نمر بها ،ولكثرة ما نمر بها يفوتنا تصيب بالركود والرتابة التي لا تحرك فينا الهمة نحو التعبير عنها . هنا الخاطرة عن حالة حزن عادية لكنها تتخذ من الصور التشكيلية أداة لتوصيل الفكرة بقوة وتتسم هذه القطعة بقدر كبير من التركيز خاصة في استخدام الصور الفنية الجميلة كالتكفين لصدى رثاء الأمل ،الخريطة والبوصلة المكسورتين .
لن أتحدث عن عبارة شوارع الحزن لأنها مكررة كل الناس يستخدمونها لكن استخدامك لها ومجيئ كلمة البوصلة والخريطة أضاف لها تفردًا في التناول .
كان تعبيرك صدى رثاء الأمل جميلاً لأنه جعل صوت الرثاء هو الأعلى لذلك هو مسموع لديك أما إذا كنت تتحدثين عنه فقط دون الحديث عن أنه تسمعينه فكان الأصح القول بأنه خافت .لذلك كان استخدامك للصدى في موضعه السليم لأنك تقولين إن الحزن هوأعلى الأصوات.
شيخوخة الأمل رغم أنه تعبير مكرر يستخدمه الكثيرون إلا أنه كان له قيمة خاصة عندما يأتي معانقًا الحزن ليكون الشعور به أعمق عندما يجتمعان معًا وإن كان بعض الخطأ متحققًا في جملة كبر وشاخ في حضن الأحلام ،فالأمل والحلم مترادفان لم يكن لوجودهما معًا فائدة كبيرة في العمل.
كانت التقفية في كلمة أتينا ،أنا ،المنى معطية شعورًا بحالة من الأنين تحيط بالنص .
أجمل ما في النص الختام المميز في رمزية الخريطة والبوصلة المكسورة وما يتبعها من رجوع دائري إلى حيث البدء .فالبوصلة والخريطة عندما قادتاك أو من تتحدثين على لسانها إلى الشارع كانتا غير موفقتين لأن من في الشارع خذولك . لهذا تاتي جملة خريطة وبوصلة مكسورة لتدل على الخيبة وأن هذه النفس هي البوصلة التي تدفعنا إلى السير في طريق نحسبه صحيحًا ولكننا نفاجأ بأن النفس قد دخلت الطريق غير الصحيح وانكسرت . وما أصعب انكسار النفس بعد هكذا رحلة تبتدئ بشوارع الحزن وتمر بأحلام مكفنة وتنتهي ببوصلة مكسورة!!
عمل رائع أحييك عليه وأنتظر الأفضل والأفضل لاحقًا بإذن الله ، وأقول لهذا العمل :
إلى مشروع صناعة مبدع دُر