العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى مقال باربي الاوكرانية وحلم الدمى البشرية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال أنين الموتى ورعب القبور (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال المنقرض الأفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: السحر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الشجرة الملعونة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال السرنمة (المشي اثناء النوم) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الحيوانات تنطق وتتكلم حقيقة أم خيال؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال البحث عن الكنوز المفقودة .. ما بين العلم والسحر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Poverty (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 19-08-2007, 12:26 PM   #411
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile أوفي بعهده وعاد لتنفيذ حكم الإعدام الصادر ضده!

أوفي بعهده وعاد لتنفيذ حكم الإعدام الصادر ضده!



الإنسان هو الإنسان في كل العصور.. تتنازعه عوامل الخير والشر، الغدر والوفاء.. ومهما كانت العوامل التي تؤثر فيه من ظروف البيئة والتربية وما مر به أحداث، إلا أنه في لحظات معينة تبرز قيمة الرجال ومعادن الرجال.
والقصة التي نرويها اليوم حدثت في أزهي عصور الإسلام، حيث أخذ الإسلام ينتشر في كل بقاع الدنيا، ودانت له امبراطورية الفرس، وتقلصت امبراطورية الروم.. كان ذلك في زمن الخليفة العظيم الفاروق عمر بن الخطاب.
من ومع شدة عمر في الحق، وعدله الذي فاق كل المقاييس، حدث هذا الحدث الذي تكلمت عنه كتب التراث.
فقد تناولت الكتب هذه القصة لما فيها من عظات، ولما فيها من كشف عن معادن الرجال.
كان الفاروق جالسا في مجلسه وحوله بعض الصحابة، إذ فوجئ بشابين قويين يحضران شابا وسيما إلي مجلس الخليفة، ولم يبد علي هذا الشاب أي اضطراب أو خوف.
وقص الشابان للخليفة حكاية هذا الشاب، وملخصها أنه قاتل والدهما.. فقد ذهب الأب إلي حديقته ليقطف بعض ثمارها غير أن هذا الشاب قاتله وقتله!!
واستمع عمر بن الخطاب إلي الشاب وهو يتحدث عن حقيقة ما حدث برباطة جأش، دون أن يعتريه الخوف، وقال ما ملخصه كما تروي كتب التراث هذه الحكاية: إنه أعرابي يعيش في البادية، وأنه كان يسير خلف بعض نياقه. وأسرعت النياق نحو الحديقة، حيث كانت تتدلي بعض غصونها خارج أسوار الحديقة، فمدت أفواهها لتأكل بعض أوراق أشجار الحديقة، وإذا بشيخ يزمجر وتسوٌّر السور، وفي يده حجر كبير، فضرب فحل الإبل بهذا الحجر حتي قتله.. فما كان من هذا الشاب إلا أن تقدم وأخذ من الرجل نفس الحجر وضربه به حتي قتله هو الآخر!
ومن هنا كانت الجريمة حقيقة اعترف بها القاتل وإن كان المبرر أنه انتقاما من الرجل الذي لم يرع حق (الفحل) وقتله بسبب تافه وهو امتداد فمه علي بعض أوراق من أشجار حديقته!

* * *

قال عمر: قد اعترفت بما اقترفت، وتعذٌّر الخلاص، ووجب القصاص، ولات حين مناص.
قال الشاب: سمعا لما حكم به الإمام، ورضيت بما اقتصته شريعة الإسلام، لكن لي أخ صغير كان له أب كبير خصه قبل وفاته بمال جزيل، وذهب جليل، وأحضره بين يديٌ، وأسلم أمره إليٌ، وأشهد الله عليٌ.
وقال: هذا لأخيك عندك، فاحفظه جهدك، فاتخذت لذلك مدمنا (دار قديمه) ووضعته فيه، ولا يعلم به إلا أنا، فإن حكمت الآن بقتلي ذهب الذهب، وكنت أنت السبب، وطالبك الصغير بحقه يوم يقضي الله بين خلقه، وإن أنظرتني ثلاثة أيام أقمت من يتولي أمر الغلام، وعدت وافيا بالزمام، ولي من يضمنني علي هذا الكلام.
فأطرق عمر ثم نظر إلي من حضر وقال:
* من يقوم علي ضمانه والعود إلي مكانه؟

* * *

وتقول كتب التراث أن الشاب نظر حوله، ووقعت عينيه علي أبي ذر، وأشار إليه بأنه هو الذي سيضمنه، وافق أبوذر علي الرغم من أنه لا يعرف الفتي، كذلك وافق الشابان مادام أبوذر قد وافق علي أن يضمنه، حتي يرد الحق لأخيه ويعود لينفذ فيه القصاص!

* * *

وتمضي الأيام الثلاثة.
ويجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وحوله بعض الصحابة، ومنهم أبوذر، والشابان اللذان قتل والدهما، ولكن الشاب لم يظهر له أثر، وبدا الاضطراب علي وجه الجميع، فابن الخطاب معروف شدته وعدله، وأنه لابد أن ينفذ القصاص، وبدأ القلق يعتري الصحابي الجليل أبي ذر، فهو لا يعرف الفتي!
ولا يعرف من أي القبائل هو!
ومع ذلك، فقد أحس بالتعاطف معه، عندما طلب منه أن يضمنه عند أمير المؤمنين، فوافق لا لشيء إلا لأنه أحس ألا يخذل من التجأ إليه، وطلب معونته، فتحركت فيه النخوة ووافق علي أن يضمن هذا الشاب الذي لم يسبق له أية معرفة به.
وهاهو اليوم الثالث قد أوشك علي الرحيل، ولم يأت هذا الشاب، حتي أن الصحابة قد أشفقوا علي أبي ذر، وطالبوا الشابين بأن يصفحا عن أبي ذر، وأن يأخذا الدية، وأنهما بهذا العمل سيذكر الناس هذه القصة ويثنون عليهما، ولكن الشابين رفضا أن يأخذا الدية!

* * *

وبينما أخذ الصحابة يتداولون الرأي، وأعينهم تتطلع إلي الأفق البعيد لعل الشاب يحضر في ميعاده، ويوفي بالوعد الذي قطعه علي نفسه، وينقذ في نفس الوقت الصحابي الجليل الذي ضمنه دون سابق معرفه، بينا هم علي هذا الحال إذ رأوا شبح الشاب يأتي من بعيد، ثم تقدم حتي وصل إلي مجلس أمير المؤمنين، حتي يوقع القصاص حسب شريعة الإسلام!
وتنفس الناس الصعداء.
ووقف الشاب أمام الفاروق رابط الجأش، مطمئن البال، بعد أن أدي لأخيه حقه حسب وصية والده، ولم يعد يشغله شاغل سوي أن يقع عليه القصاص.
وعندما سجئل الشاب عن السبب الذي جعله يرجع مع أنه كان في إمكانه الفرار والهروب من الموت..
وكان رد الشاب أنه يخشي أن يجقال أن الوفاء قد ذهب من الناس!

* * *

فقال أبوذر:
والله يا أمير المؤمنين.. لقد ضمنت هذا الغلام، ولم أعرفه من أي قوم، ولا رأيته قبل ذلك اليوم، ولكن نظر إليٌ دون من حضر فقصدني، وقال: هذا يضمنني!
فلم استحسن رده، ورأيت المروءة أن تجيب قصده، إذ ليس في إجابة القاصد من بأس، كي لا يقال: ذهب الفضل من الناس!

* * *

وأمام هذا الموقف النبيل، لم يجدا الشابان بدا من التنازل عن دم هذا الرجل الذي كان في إمكانه أن يهرب من العدالة ولكنه آثر الوفاء بوعده.. كما خجلا من موقفهما من أبي ذر الذي ضمن الغلام دون سابق معرفة، لا لشيء حتي لا يقال أنه ذهب الفضل بين الناس.
ومن هنا فقد قررا أن يكون لهما موقف نبيل لا يقل عن موقف الغلام وموقف أبي ذر فقد وهبا للشاب دم أبيهما، حتي لا يقول الناس: ذهب المعروف بين الناس!

* * *

يقول صاحب كتاب نوادر الخلفاء: فاستبشر الإمام بالعفو عن الغلام، وصدقه ووفائه، واستغزر مروءه أبي ذر دون جلسائه، واستحسن اعتماد الشابين في اصطناع المعروف، وأثني عليهما أحسن ثنائه، وتمثل بهذا البيت:
من يصنع الخير لم يعدم جوائزه *** لا يذهب العرف بين الله والناس
ثم عرض عليهما أن يصرف من بيت المال دية أبيهما فقالا:
* إنما عفونا ابتغاء وجه ربنا الكريم، ومن نيته هكذا لا يتبع إحسانه منٌّا ولا أذي.

* * *

ومغزي هذه الحكاية التراثية الجميلة لا تخفي علي أحد.
فالإنسان هو الإنسان في مختلف العصور.. تمتلئ نفسه بالخير والشر.. بالهدي والضلال.. ويطفئ نار أحقاده القيم النبيلة، والكلمة الطيبة فيسمو إلي مستوي الإنسان، ويبتعد عن مستنقع الجريمة.
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 23-08-2007, 09:51 AM   #412
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile الملائكة تنقذ فتاة من الإغتصاب ... سبحااااااااااااان الله

الملائكة تنقذ فتاة من الإغتصاب ... سبحااااااااااااان الله



قصه حقيقيه حصلت احداثها في الرياض

ولأن صاحبة القصة أقسمت على كل من يسمعها ان ينشرها للفائده فتقول

لقد كنت فتاه مستهتره اصبغ شعري بالاصباغ الملونه كل فتره وعلى الموضه

واضع المناكير ولا اكاد ازيلها الا لتغيير

اضع عبايتي على كتفي اريد فقط فتنة الشباب لاغوائهم

اخرج الى الاسواق متعطرة متزينه ويزين ابليس لي المعاصي ماكبر منها وما صغر،

وفوق هذا كله لم اركع لله ركعه واحده،

بل لا اعرف كيف الصلاة

والعجيب اني مربية اجيال

معلمه يشار لها بعين احترام فقد كنت ادرس في احد المدارس البعيده عن مدينة الرياض

فقد كنت اخرج من منزلي مع صلاه الفجر ولا اعود الا بعد صلاة العصر،

المهم اننا كنا مجموعة من المعلمات،

وكنت انا الوحيده التي لم اتزوج

فمنهن المتزوجة حديثا، ومنهن الحامل.

ومنهن التي في اجازة امومه،

وكنت انا ايضا الوحيده التي نزع مني الحياء،

فقد كنت احدث السائق وأمازحه وكأنه أحد أقاربي،

ومرت الايام وأنا مازلت على طيشي وضلالي،

وفي صباح أحد الايام أستيقظت متأخره، وخرجت بسرعه فركبت السياره،

وعندما التفت لم اجد سواي في المقاعد الخلفيه،

سألت السائق فقال فلانه مريضه وفلانه قد ولدت و...و...و

فقلت في نفسي مدام الطريق طويل سأنام حتى نصل،

فنمت ولم استيقظ الا من وعوره الطريق، فنهضت خائفة،

ورفعت الستار .....ما هذا الطريق؟؟؟؟

وما لذي صاااار؟؟؟؟

فلان أين تذهب بي!!؟؟؟

قال لي وكل وقااااحة:

الآن ستعرفين!!

فقط لحظتها عرفت بمخططه الدنئ............ قلت له وكلي خوووف

يافلان أما تخاف الله!!!!!!

اتعلم عقوبة ما تنوي فعله

وكلام كثير اريد أن اثنيه عما يريد فعله،

وكنت اعلم أني هالكة......لا محالة.

فقال بثقة أبليسية لعينة:

أما خفتي الله أنتي وأنتي تضحكين بغنج وميوعة، وتمازحيني؟؟

ولا تعلمين انك فتنتيني،

واني لن اتركك حتى آخذ ما أريد. بكيت...صرخت؟؟

ولكن المكان
بعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييييييييد،

ولا يوجد سوى أنا وهذا الشيطان المارد،

مكان صحراوي مخيف..مخيف..مخيف،
رجوته وقد أعياني البكاااااااااااااااااء،
وقلت بيأس وأستسلام،

أذا دعني اصلي لله ركعتين لعل الله يرحمني!!!!!

فوافق بعد أن توسلت إليه نزلت من السيارة وكأني آقاااااااد الى ساحة
الاعدام صليت ولأول مرة في حياتي،

صليتها بخوووف...برجاااء والدموع تملأ مكان سجودي،

توسلت لله تعالى ان يرحمني،

ويتوب علي، وصوتي الباكي يقطع هدوء المكان،

وفي لحظة والموت ي..د..ن..و.

وأنا أنهي صلاتي.

تتوقعون مالذي حدث؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وكااااااااانت المفاجأة.

مالذي أراه.!!!!!

أني أرى سيارة أخي قادمة!!

نعم أنه أخي وقد قصد المكان بعينه!!

لم أفكر لحظة كيف عرف بمكاني،

ولكن فرحت بجنون وأخذت أقفز، وأناااااااااااادي


وذلك السائق ينهرني،

ولكني لم أبالي به......

من أرى أنه أخي الذي يسكن الشرقيه وأخي الاخر الذي يسكن معنا.

فنزل أحدهما وضرب السائق بعصى غليظة،

وقال أركبي مع أحمد في السيارة،
وأنا سأخذ هذا السائق وأضعة في سيارتة بجانب الطريق...... ركبت مع
أحمد والذهول يعصف بي وسألته هاتفة:

كيف عرفتما بمكاني؟

وكيف جئت من الشرقيه ؟

..ومتى؟

قال: في البيت تعرفين كل شيئ.

وركب محمد معنا وعدنا للرياض وانا غير مصدقه لما يحدث. وعندما وصلنا
الى المنزل ونزلت من السيارة قالا لي أخوتي اذهبي لأمنا وأخبريها
الخبر وسنعود بعد قليل،

ونزلت مسرعة، مسرورة أخبر أمي.

دخلت عليها في المطبخ وأحتضنتها وانا ابكي واخبرها بالقصة،

قالت لي بذهول ولكن أحمد فعلا في الشرقيه،

وأخوك محمد ما زال نائما.

فذهبنا الى غرفة محمد ووجدناااه فعلا لا زال نائم.

أيقظتة كالمجنونة أسئله مالذي يحدث...

فأقسم بالله العظيم انه لم يخرج من غرفتة ولا يعلم بالقصة؟؟؟؟؟

ذهبت الى سماعة الهاتف تناولتها وأنا أكاد أجن،

فسألتة فقال ولكني في عملي الأن،

بعدها بكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييت

وعرفت أن كل ما حصل أنما ملكين أرسلهما ربي لينقذاني من براثن هذا الاثم .

فحمدت الله تعالى على ذلك،

وكانت هي سبب هدايتي ولله الحمد والمنه
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-09-2007, 09:48 AM   #413
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile مولد فتاة على درب الهدى

مولد فتاة على درب الهدى



بما أن رباط الأخوة في الله يحتم علينا – طوعا لا كرها – أن نبكي وتتفطر قلوبنا حزنا لبعد اخوتنا من المسلمين عن دينهم، وأيضا نسعد بكل من أصابة الخير ورجع الى ربه، وتاب، و أناب، فها أنا ذا أزف أليكم بشرى، بكل معانى الفرح والسرور، بشرى تكاد العين أن يجف ماءها من البكاء من أجلها، ولكن ليس بكاء حزن وألم، بل بكاء فرح وسرور، بشرى يرقص القلب منها طربا وتتمايل منها الأغصان، وتغرد لأجلها الطيور بأعذب الألحان، إنها بشرى لمولد امراة في دنيا الهداية وطريق النجاة، لم أصدق نفسى وأنا اسمع كلماتها التى مُزجت بنحيب البكاء، وبدا الندم يطل من بين كلماتها، فلتسمعوا قصة توبتها، وهي إن كانت قصيرة ولكن معانيها لو كتبت لما أحاطت بها دواوين الكاتبين .


ذات مرة كنت اتصفح احد المواقع على الشبكة العنكبوتية، ومن عادتى ان افتح ماسنجر m s n، وبرنامج المحادثه المشهور ( I c q )، وبعد دقائق فُتحت غرفة محادثة من شخص لم أكن أعرفه، وإذا بفتاة من نساء المسلمين قد قتلها الملل، تريد أن تخرج من هذا الضيق الذي يخنق أنفاسها، بأى طريقة كانت، محرمة او غير ذلك، المهم تمضى ساعتها هذه وتخرج مما هى فيه من هم وضيق، فهاكم الحديث الذي دار بيننا

فقالت : هاى، ممكن اتعرف عليك

فقلت وكنت أظنه رجلا لأنى لم أكن أتخيل أن أمرأة بهذه الجرأة

قلت: أنا محمود من القاهرة عمرى أثنين وعشرين عاماً وبضعة أشهر .

قالت : أنا رانيا من اسكندرية، وطلبت محادثة صوتية

فرفضتها

فكررت الطلب للمحادثة الصوتية فرفضتها أيضا

قالت : لماذا لا تريد ان تتحدث معي؟

فقلت: أنا من الممكن أن اتحدث معك في حالة واحدة فقط

قالت: ماهي؟

قلت : في وقت لا يرانى فيه الله عز وجل.

وعندما قلت كلمتى هذه وكأني فجرت منها قذائف الاستهزاء والشتم

فقالت بحمئة وغيظ: ما الحرمة فى أن تحدثنى وأحدثك، نحن لن نتكلم فى كلام محرم، أنت اول من يرفض ذلك معي، يبدوا أنك من الجماعات الأرهابية التى تحرم الحلال، أنت كذا ...، وكذا...، وكذا،

فتغاضيت عن كل ما قالته من اتهامات وافتراء وقلت لها وبهدوء:

أني إن تكلمت فكأني وضعت قدمي على خطا الشيطان التى لا مناص من الوصول للحرام ما دمت عليها .

ودعوت لها بالهداية وقطعت الأتصال، وذهبت لحالى.

وقلت في نفسي: هذه من ضحايا شياطين بلادي الذين قلبوا الموازين رأسًأ على عقب، واستغلوا وسائل الإعلام، فدمروا حياة شبابنا بدعوى التقدم والعصرية، وذهبوا بما بقى لديهم من فطرة سليمة، وفتحوا الأبواب على مصراعيها للفتن والزنا والخنا، جعلوا فتياتنا من العفيفات عارضات أزياء، بائعات للهوى، مائلات مميلات، فصرنا تبعا للغرب، تبعا لأزل أمم الأرض فتبدل حالنا زل بعد عزة، وفقر بعد غنى، وضعف واستكانه بعد عزة ومهابة، بعد أن كان الطفل منا يبكى لأجل أنه لم يصيب أكثر من هدف بسهم واحد، فما بالك بالشاب او الرجل الكبير، فاللهم عليك فكل من فتح بابا للفتن فى مصر وسائر بلاد المسلمين، وعليك بكل من ملك أمرًا للمسلمين فلم يرع حقق فيهم، اللهم امين .

وبعد يومين أو ثلاثة، دخلت لأفتح الإيميل الخاص بي، فوجدت رسالة منها، فقلت في نفسي: لعلها تريد أن تكمل الاستهزاء بي بعد أن تركتها وانصرفت فى المرة الماضية.

ولكن خاب ظني فيها هذه المرة،

فتحت الرسالة، قرأتها، لم أصدق نفسي،

وقلت: لعلى لم أحسن فهم ما قرأت، قرأت ثانية،

اقشعر منى البدن، تسابقت منى العبرات، وقبلها تسابقت الدمعة، وخانتني الجفون فلم استطع أن احبس الدمع، فما قرأت كفيل بأن يجعل القلب القاسي كالزبد اللين، لم أقرأ كلماتها فحسب، بل قرأت بين الكلمات نحيب الصدر، ودمعة العين، وبدا لي خيط رقيق من نور الهدى يؤذن بسطوع شمس امرأة على درب التقى والإيمان، كتبت لي وكأنها تعترف بكل ما اقترفت من معاصي وآثام، ولسان حالها:

أتيتك واعترفت بكل ذنب ٍ فهل من توبة تمحوا الخطايا

كانت من بين ما قالت: لقد حذفت كل أرقام الهاتف الجوال التي كانت لشباب تعرفت عليهم من قبل.

وقالت أيضا: بالأمس أتصل على شاب ممن كنت أعرفهم، فقلت له لقد أخطأت في الاتصال، وأغلقت الهاتف.

أقسم بربي، ما من شاب يحدثني إلا وقد سبق الكذب والخداع كلماته المعسولة، ولم أجد حتى الآن من يرتاح إليه قلبي واستأمنه على نفسي.

ثم قالت: والله هذه أول مرة أعترف فيها بكل ما فعلت من معاصي، وأرجوا الله أن يقبل توبتي، وينزع عني لبس الضيق والهم والغم.

قررت ارتداء الحجاب بعد ما كانت سافرة عن مفاتنها، التزمت بالصلاة، بالقران، بالأذكار،

عزمت على أن تذهب لأداء العمرة هي وأمها.

طلبت مني أسماء لبعض الكتب التي تعينها على دينها والتزامها .

ذهبت أسرتها لرحلة (المصيف) في مدينة مرسى مطروح بالساحل الشمالي، ولكنها لم تذهب، وقالت أنها تريد أن تعوض ما فاتها من خير.

وبعدما قرأت كل ما كتبت، خلوت بقلبي، ووجهت السؤال لنفسي: ماذا لو كنت استجبت لداعي الشيطان والهوي، وتحدثت معها؟ لا شك أنها كانت ستظل على ما هي عليه من عصيان- إلا أن يشاء الله -، ولأصبحت سبب من أسباب ضلالها، ولربما طبع الله على قلبي فاصبحت من أهل الفجور والعصيان، فالحمد لله رب العالمين، وصدق من قال: من صبر عن معصية، كان له من الأجر ما لا يعلمه إلا الله، وربما أجرى الله على يديه ما لا يخطر على بال، ووالله الذي لا إله إلا هو، لم يخطر ببالى لحظة أنها ستعود لربها، خالقها ومولاها

أخوة الإيمان، كم هو جميل طعم الإيمان، بل ما من لذة تسامي لذة الطاعة وحلاوة التقوى، فها هي هذه الفتاة بعد ما قضت سنوات طوال في المعاصي والتفريط في جنب خالقها ومولاها، تعود صفر اليدين من الراحة والسعادة، وما وجدت سعادتها إلا في لحظة توبتها .

فيا أخوتي ، ثباتنا على الحق ليس سبب فى هدايتنا فحسب؛ بل هو من أكبر أسباب هداية الآخرين ونحن لا نشعر

يا أيها الشاب، غضك للبصر سبب عظيم لهداية الفتيات قبل الشباب،، ووالله لن أنسى ما قاله لي أحد أخواني حاكيا عن جار له: كنت أنا وجارتي صغار نلعب سويا كما يلعب الصبيان، ونلهو كما يلهو الفتيان، لا يحتجب أحدنا عن الآخر، ومرت الأيام وانسلخ من بين أيدينا عمر الصبى، يا له من زمن جميل لا يشعر بحلاوته إلا الطفل البرىء السليم الفطرة، من الله عليّ بالهداية، صرت شابا ملتزما بما استطيع من أمر ديني، وعلى الجانب الآخر، فكانت جارتي فتاة فتنتها زينة الحياة الدنيا، متبرجه كباقي بنات جنسها، وكعادتنا نتقابل من غير قصد في أوقات شتى من الوقت بحكم مسكنها المجاور لي، تلقى علي التحيه، تريد أن تتحدث معي كما كنا من قبل فما وجدت مني إلا النفور والبعد، فتتعجب الفتاة قائلة: لماذا يفعل فلان ذلك؟ هل أغضبته؟ هل نسي ما كان بيننا من صداقة بريئة منذ نعومة أظفارنا؟ فما زالت في حيرتها حتى علمت أن التزامه يحتم عليه ذلك، يحتم عليه أن يترك كل غالى وثمين ما دام على غير هدى، يحتم عليه أن يقطع كل علاقة ما دامت في غير ذات الرب جل وعلا، فوالله ما هي إلا أيام، وإذا بهذه الفتاة ترتدى الحجاب، بل النقاب، وتلحق بقوافل العائدات، فازت هي بالهداية، وفاز هذا الشاب بأجره وأجرها، فياله من فوز، وياله من قلب لا يرضى بدون الهدى سبيلا.


فاسأل الله الثبات لفتيات المسلمين، وأن يجنبهن التبرج والسفور، وتقليد نساء الكفرة واليهود
اللهم أمين .

وبالله عليكم أخوتي، كل من قرأ هذه القصة فليدعوا لها بالثبات على ما هي عليه من خير، ولا تنسوا كاتبها من دعوة في جوف الليل لعل الله أن يقبله في عبادة الصالحين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


منقووول
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-09-2007, 03:00 PM   #414
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي هذا الكيس فيه التاريخ

هذا الكيس فيه التاريخ



اطلعت على بعض الكتب (والحديث لصاحبه) وإذا بصديق لي لم أره منذ سنة كاملة (فأنا طالب في أمريكا)، سلمت عليه وتحدثنا حديثاً رفيع المستوى فصاحبي رجل مثقف يعرف مكانة الكتب، تحدثنا عن جديد وقديم الكتب ونصحني بقرائة كتاب وأنا بدوري بادلته النصح وأرشدته لكتاب معين.

خلال حديثنا دخل المكتبة شاب في مقتبل العمر، ضعيف البينة، مصفر الوجه، قصير جداً، ملابسه لم متكن نظيفة! كان يلبس ثوب (دشداشة)، وبيده كيس أصفر.

زاحمت عقارب الساعة صاحبي فاستأذنني بالرحيل، فأنهيت حديثي معه وسلمت عليه سلام المسافر، فسفري الجمعة القادمة لأتم دراستي في أمريكا.

جلست بجانب البائع على كرسي، وعيني تجول في الكتب من حولي وكأنها تجول وتسهو في كنز من الماس والعسجد. فتوقير الكتاب والاستفادة منه ميزان يرفع الله به أقواماً ويحط آخرين، وصدق سبحانه اذ بدأ التنزيل بقوله: ((اقرأ)) سورة العلق 1.

على هذه الحال والخواطر تجول في نفسي وعقلي، تحدثني عن فضيلة العلم والتعلم، فاجأني الشاب بقوله: ((السلام عليكم، أنت وين ساكن؟)) فحدثتني نفسي أن: لماذا يسألك عن مكان سكنك! ما دخله؟ فقلت له: قريب.

ابتسم الشاب ابتسامة كلها براءة وبساطة. وقال بلهجة كويتية فيها نبرة طفولة: ((يا حظك)) وأكمل كلامه ((أنا ساكن في الفردوس وأمشي حتى أصل لحولي لأقرأ في المكتبات. أنا ماعندي فلوس كافية، أشتغل واذا حصلت فلوس آتي للمكتبة واشتري أي كتاب أرغب فيه)). في هذه اللحظة يأتيني ابليس اللعين يفسد علي الموقف يقول: ((شحات آخر من الشحاتين)). أكمل الشاب كلامه يسألني: ((قرأت كتاب تفسير القرآن العظيم؟)) قلت له: ((نعم قرأت منه، لإبن كثير)) فتهلل وجهه وملء شفتيه الإبتسام وقال: ((كتاب حلو)). لاحظت من كلامه بأنه خارج من القلب. أكمل الشاب: ((حين تقرأ الكتب الدينية هذه تجعلك تخاف من العذاب وتحب الجنة)). اسلوبه في الكلام كان بسيط جداً وكان يتلعثم في كلامه كأنه طفل. كان غريباً.

في هذه اللحظة كلمني البائع بأمر ورددت عليه. ثم أتى الشاب ليسأل البائع عن سعر كتاب معين فأجابه: ((بدينار ونصف)). أطرق الشاب وسكت وعينه تنظر في الكتاب ثم قال بنبرته الطفولية: ((أنا عمري الحين عشرين سنة وأقرأ منذ كنت 18، اذا قرأت أنسى الناس من حولي, أنسى أمي وأبي وكل من يناديني)) رد عليه البائع: ((شيء طيب القرائة مفيدة)).

أراد الشاب أن يمشي فناداه البائع: ((لا تنسى كيسك)) رجع الشاب مبتسماً وقال: ((هذا الكيس فيه تاريخ)) وأخرج كتاب من الورق الأصفر، محروق جانبه ومغبر. فسأله البائع: ((أين وجدت هذا؟)) قال: ((في الشارع، وأنا محتفظ فيه وأقرأ منه)). فسأله ثانية: ((ماذا تستفيد منه؟)) فرد الشاب: ((فيه كلام حلو عن الايمان وعن الجهاد)) فقال له البائع: ((لحظة لا تمشي))، وأخرج له كتيب صغير فيه أذكار وأهداه للشاب وقال: ((اقرأ في هذا يفيدك)).

تهلل وجه الشاب وملأه الفرح.
فرحاً ما رأيت مثله.
فتح الكتيب وابتدأ في القراءة وهو يمشي حتى ترك المحل وخرج.

أنهيت مشاغلي مع البائع، وركبت سيارتي فوجدت الشاب قريباً من حدود منطقة حولي وهو يمشي على قدميه ويقرأ في كتاب الأذكار! وكأنه لم يرفع رأسه مذ خرج من المكتبة!

خالجتني عندها عبرة، وأثر بي أني أسأت الظن فيه حين قالت لي نفسي ((شحات)).

رثيت لحاله فهو لا يملك مالاً يشتري به كتاب.

تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مائة عام: نصف يوم)) "صحيح"مشكاة المصابيح 5172. وأنه كما يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((يموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء)) صحيح الترغيب 3138.

تفكرت في حالي وقلت الحمد لله عيش الملوك، بل أحسن. فالبال مرتاح والضمير مطمئن، الله لا يغير علينا.

موقف مؤثر استفدت منه:

- أن البساطة مؤثرة للغاية، وكلما فلسفنا الأمور وزدناها تعقيداً خسرنا روحنا المؤثرة. وصدق استاذنا محمد أحمد الراشد صاحب سلسلة احياء فقه الدعوة حين قال: (التعقيد التخطيطي ينافي السكينة الإيمانية).

- أنه كلما ملئت قلوبنا بخسائس الدنيا وجذب الطين، سهلت مهمة ابليس، فيا عجبي من مراغم يعين خصمه على نفسه! اللهم طهر وسخ قلوبنا.

- أن المال الذي أصرفه على سفاسف الأمور، قد يحتاج إليه انسانٌ جاد يريد الرفعة لهذا الدين.

موقف مر وأثر بي.

وصدق الشاعر حين قال:

الــنــفــس تـجـزع أن تكون فـقــيرة *** والـفـقــر من غـنـى يـطـغـيـهـــا

وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبته *** فجميع ما في الأرض لا يكفيـها


__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-09-2007, 05:04 PM   #415
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

إقتباس:
الــنــفــس تـجـزع أن تكون فـقــيرة *** والـفـقــر من غـنـى يـطـغـيـهـــا

وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبته *** فجميع ما في الأرض لا يكفيـها
حيّاكم الله اخى النسرى
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 16-09-2007, 09:24 AM   #416
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة عاشق القمر
حيّاكم الله اخى النسرى
أهلاً أخي الفاضل والكريم محمد ...

وكل عام وأنتم بخير ...

وأجيبك بلغتنا تحيا وتدوم ...
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 16-09-2007, 12:00 PM   #417
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile قصـ حـب ــــــة :::

قصــــ حـب ــــــة



جابر شاب تملأ جوانحه مشاعر الوفاء، وتتشرب نفسه معاني الإباء .. من جلال الوحي شفت روحه، ومن رحيق النبوة تلقحت أفكاره، ومن عنفوان المجد ارتقت همته، تراه شعلة نشاط لا يخمد بريقها .. له في كل خير سهما، وعند كل بر رسما .. خيول خيره مسرجة، وبواكير معروفه محلقة، تخضر بحضوره النفوس، وتزهر بمحادثته القلوب ...

أمه قرت به عينا، وأبوه همى بحبه قلبا .. كان بالنسبة لهما كالماء البارد للأكباد الحرى، وكالغيث الهاطل للأرض القفرى ..

أما أخوانه فهو واسطة عقدهم .. وزملاءه، وأساتذته فالكل يعجز عن وصفه .. يأسرهم بحلاوة منطقه، ويستعبدهم بدماثة خلقه، ويستمطر مشاعر الإعجاب بروحه المرحة ....

ها هو ينفتل من صلاة الليل تسري في دمائه آي الذكر، وتتشع في قلبه معاني الوحي ..
وتقف على يمينه نديمة وحدته .. فارهة الطول .. ممشوقة القوام .. فاتنة الطلعة .. قد سلبت لبه، واستباحت وجدانه ..!!

ها هو يلتفت إليها بإعجاب، فتبادله الشعور بدلال .. ثم أخذ يتحسسها برفق، ويمر بيديه على وجنتيها الرقيقتين، ويهز كتفها بحرارة .. وهي ساكنة مستسلمة تغريه بكبريائها الفاتن .. فيخالجه شعور مختلف، وتهجم عليه أسئلة كثيرة تفترس خلوته، فتضج نفسه بها ...
أتراها تخونني ؟ وأنا الذي محضتها عمري، واستبدلت بها اعز رفقتي ..!!

ثم يتحسس أحشائها فتهتز، وتهيج .. يتوسل لها أن تتكلم، أن تقول شيئا .. فهو يضيق ذرعا بصمتها البارد ..

دقق النظر إليها يخفضه تارة ويرفعه تارات .. تخيلها تهمس له ..

: جابر حبيبي لقد دنت ساعة المخاض، وبدت لحظات الطلق ..

في هذا الجو الحالم تمر لحظات، ولحظات .. وجابر يطارح غرامه .. لا يكترث بهمهمات النجوم، ولا يبالي بنظرات القمر ..!!

صوت ينساب بلطف يداعب سمع جابر ..

صالح : ما لي أراك واجما أخي جابر ..؟
جابر : لا .. لا .. لا شيء .. وهو يخفي دمعة حارة تزحلقت على صحراء خده لم يستطع أن يحول بينها وبين مفارقة مآقي عينه .
صالح : أتبكي أخي جلال وانت من علمنا أن البكاء لا يليق بالرجال ..
جلال : يحاول جاهدا دون جدوى أن يوقف السيل الهادر من عينه.. ثم يدفن وجهه في تعاريج يديه .. ويذهب بعيدا ..

فيتذكر تلك الليلة الفاصلة التي لم يذق فيها للنوم ذواقا .. كان يجلس القرفصاء على سطح منزلهم الطيني يسامر القمر، ويناجي النجوم .. إلى أن بدأ الفجر يرسل خيوطه البيضاء ...
وعلى الضفة الأخرى سواد في محراب الصلاة يقوم ويركع ويسجد بحركات خاشعة، ويرفع يديه إلى السماء..

ها هو يتحرك يقترب من جابر ...
.... : جابر بني مالك لم تنم ..؟
جابر : أمي لا .. لا شي .. ثم يسكت قليلا .. ثم يقول : أمي .. هل أنت راضية عني .؟
أم جابر : كيف لا أرضى عنك حبيبي .!!
ثم تردف قائلة : جابر كأنك تفكر في الزواج ..
جابر يتنهد تنهيدة طويله، ويرفع رأسه إلى السماء ..
أم جابر : لا عليك حبيبي .. سنخطب لك أجمل البنات، وسنزفك في أجمل الزفات ..
جلال يؤخذ نفسا عميقا .. ويقول بصوت متقطع : وس ت فرحين يااا أمي ..
أم جابر : لن تسعني الدنيا حبيبي .. سنوقد الشموع، وسنفرش الورود، ونذبح الذبائح، ونستقبل الضيوف و. و و
جلال : لن تغضبي مني يا أمي ..؟!


ضوضاء، وأصوات ترتفع تختلط بـ الله أكبر، الله أكبر ..
يفيق جابر على صوت صديقه صالح ..
صالح : جابر هيا بسرعة .. لقد حانت ساعة الصفر .. هناك دورية للعدو راجلة .. تستطلع المكان، وخلفها رتل من المدرعات ..
جلال : وقد انفرجت أساريره .. ( لقد بدت الزفة ياااا أمي .. )

ثم يلتفت إلى يمينه، ويحتضن عشيقته، ويقبلها بشغف قائلا: سنشرب نخب الحب حتى الثمالة ..

ينطلق جابر مع رفاقه سريعا .. ثم أخذ كل واحد منهم مكانه .. تحتبس النفاس تزداد ضربات القلوب .. تقترب ساعة الصفر رويدا .. رويدا .. وجابر يقبض على حبيبته بكل ما أتي من قوة واضعا اصبعه على زنادها .. يضغطه بقوة ويمطر جنود الإحتلال بوابل من معشوقته .. فيسمع جابر أجمل معزوفة في ليلة العمر التي كان انتظرها كثيرا ..!!

ها هو يحصدهم واحدا واحدا .. لم تنفعهم ستراتهم الوقاية من الرصاص .. فجابر يعرف كيف يحتفل على طريقته الخاصة ..

وبينما كان جابر يتقدم صوب العدو بكل بسالة ليلقنهم دروس العزة ويسمعهم لحن الحياة الشريفة تأتيه رصاصة فتخترق صدره النحيل فيخر صريعا يلفظ أنفاسه الأخيرة وعلى صدره تجثو حبيبته ترتل أهازيج الوداع..

حاول جابر أن يمسك ببندقيته لكنه لم يستطع .. استسلم للأمر،

وتذكر أمه فتلفظ بكلمات بصوت متهدج .. أمي هل أنت راضية عني ..؟

ثم يرفع أصبعه إلى السماء ويردد

أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله ..

ثم تفيض روحه إلى الملأ الأعلى ..!!
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-09-2007, 09:14 AM   #418
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile لماذا تفر من الله ؟!؟!

لماذا تفر من الله ؟!؟!




كان لحاتم الطائي وهو أحد كرماء العرب في الجاهلية ابن يسمى عديّا -وكان نصرانياً- له قصة جميلة دعونا نستمع إليه وهو يحدثنا بها قائلا عن نفسه:

ما كان رجل من العرب أشد كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، حين سمعت به. وكنت رجلاً شريفا نصرانياً. وكنت أسير في قومي بالمرباع. وكنت في نفسي على دين. فقلت لغلام لي راع لإبلي: اعدد لي من إبلي أجمالا ذُللا سمانا. فإذا سمعت بجيش محمد قد وطئ هذه البلاد فآذني. فأتاني ذات غداة، فقال: ما كنت صانعاً إذا غشيتك خيل محمد فاصنع الآن. فإني قد رأيت رايات، فسألت عنها؟ فقالوا: هذه جيوش محمد . قلت: قرب لي أجمالي. فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت: ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام، وخلفت بنتا لحاتم في الحاضرة. فلما قدمت الشام أقمت بها، وتخالفني خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتصيب ابنة حاتم، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيئ.

وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام. فمر بها . فقالت: «يا رسول الله، غاب الوافد، وانقطع الوالد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة، فمنّ علي. منّ الله عليك . فقال: "من وافدك؟ . قالت: عدي بن حاتم، قال: "الذي فرّ من الله ورسوله؟" - وكررت عليه القول ثلاثة أيام - قالت: فمنّ علي، وسألته الحملان، فأمر لها به وكساها وحملها وأعطاها نفقة».

فأتتني. فقالت: لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها. ائته راغبا أو راهباً، فقد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه. قال (عدىّ): فأتيته، وهو جالس في المسجد. فقال القوم: هذا عدي بن حاتم - وجئت بغير أمان ولا كتاب - فأخذ بيدي - وكان قبل ذلك قال: "إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي" - فقام إليّ، فلقيت امرأة ومعها صبي . فقالا: إن لنا إليك حاجة. فقام معهما حتى قضى حاجتهما. ثم أخذ بيدي حتى أتى داره . فألقت له الوليدة وسادة . فجلس عليها، وجلست بين يديه. فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال : « ما يفرّك؟ أيفرّك: أن يقال: "لا إله إلا الله؟" فهل تعلم من إلـه سوى الله؟ "فقلت: لا. فتكلم ساعة . ثم قال: "أيفرّك أن يقال: الله أكبر؟ وهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ "قلت: لا، قال: "فإن اليهود مغضوب عليهم. والنصارى ضالون"، فقلت: فإني حنيف مسلم. فرأيت وجهه ينبسط فرحاً» .

والآن تخيل أيها الإنسان أنك جالس مكان عدي بن حاتم الطائي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألك نفس السؤال: لماذا تفر من الله.. ماذا سيكون موقفك؟ أتفر من أن يقال لا إلـه إلا الله.. فهل تعلم من إله سوى الله؟ أيفرك أن يقال الله أكبر .. فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟

أتفر من كلمة الحمد لله رب العالمين وسبحـان ربي الأعلى وسبحـن ربي العظيم.. فهل تعلم أحدا يُحمد مطلقا إلا الله وهل تعلم أعلى أو أعظم من الله؟

أيفرك أن تقول الله أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؟ فهل تعلم لله أبا أو أما أو ولدا أو زوجة؟ وهل تعلم أحدا يصمد إليه الناس أجمعين لحوائجهم إلا الله؟ أيفرك أن تؤمن بأن الله ليس كمثله شيء وأنه القاهر فوق عباده وأنه على كل شيء قدير؟ فهل تعلم لله مثلا أو شبيها؟ وهل تعلم أحدا قدرته فوق قدرة الله؟ وهل يمكن أن يصل إلى الله أذى من البشر سبحانه وهو محيط بهم مهيمن عليهم؟

أيسوؤك أن تؤمن أن الله حفظ المسيح عليه السلام من كيد اليهود ورفعه إلى السماء بعد أن كنت تعتقد أن الله تركه ليقتل على الصليب مهانا ذليلا؟

أم تفر من أن تؤمن أن المسيح أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله وليس بقدرته هو.. وهل كان المسيح يملك من أمر نفسه شيء إذ كان جنينا في بطن أمه؟ أتفر من أن تؤمن بأن المسيح جاء بالإنجيل الذي أنزله الله عليه من السماء بدلا من إيمانك بأناجيل شتى كتبها أناس مجهولون لم يروا المسيح قط ليس بينها إنجيل واحد منسوب للمسيح؟؟

أيفرك أن تؤمن أن المسيح كلمة الله وروح منه ورسول من أولي العزم من الرسل وأمه صديقة اصطفاها الله على نساء العالمين ... فهل كان المسيح وأمه غير ذلك؟ أيفرك أن يقال محمد رسول الله .. فمن كان محمد إذن إن لم يكن رسول الله؟

أيفرك أن تعلم أن الله قد غفر لآدم خطيئته حين ندم وتاب وأناب وأنه يغفر الذنوب جميعاً.. فهل تعلم أحدا يغفر الذنوب إلا الله؟ أيفرك أن تطلب مغفرة ذنوبك من الله بعد أن كنت تطلبها من القسيس على كرسي الاعتراف؟ أيفرك أن تنتمي لدين لا يجعل أحداً من الناس واسطة بينك وبين الله ومهيمنا على حياتك الروحية يغفر لك إن شاء وإن شاء حرمك من دخول الجنة كما تفعل الكنيسة؟ أتظن أن الله خلقك بنفسه ليجعل تقرير مصيرك ومغفرة ذنوبك بيد غيره؟ أيفرك أن تعتقد أن أطفالك يولدون مبرئين من كل إثم وخطيئة بدلا من اعتقادك أنهم يولدون موصومين بخطيئة أبيهم آدم عليه السلام؟ أتفر من دين كرم المرأة وكفل لها حق العبادة وطلب العلم والسؤال وحق التصرف في مالها وحق اختيار الزوج والخلع منه إذا لم تطقه وخافت ألا تقيم حدود الله معه وأمر الزوج بالإحسان إليها بل وجعل خير الناس هو خيرهم لأهله وجعل الجنة جزاء لمن رزقه الله ببنت فأكرمها وأحسن إليها إلى دين جعل المرأة مصدر الخطيئة وجعلها مخلوقة أساسا من أجل الرجل وحرمها حق الطلاق بل ومنعها من الكلام داخل الكنيسة كما جاء على لسان بولس في رسالته إلى كورونثيوس وجعل كل ما تلمسه أثناء فترة حيضها يكون نجسا كما جاء في سفر اللاويين؟!!

منقوول
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-09-2007, 12:31 PM   #419
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile كيف أسلم باذان؟

كيف أسلم باذان؟




قال تعـالى:- {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ...} سورة الأنعام آية 125

جهَّز عبد الله بن حذافة راحلته، وودَّع صاحبته وولده، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد، وتحطه الوهاد، وحيداً، فريداً، ليس معه إلا الله .
حتى بلغ ديار فارس، فاستأذن بالدخول على ملكها، وأخطرَ الحاشية بالرسالة التي يحملها له، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزُيِّن، ودعَا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا، ثم أذِنَ لعبد الله ابن حذافة بالدخول عليه .
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس، مشتملاً شملته الرقيقة، مرتدياً عباءته الصفيقة، عليه بساطة الأعراب، لكنه كان عاليَ الهمَّة، مشدود القامة، تتأجج بين جوانحه عزَّةُ الإسلام، وتتوقَّد في فؤاده كبرياءُ الإيمان .
المؤمن له هيبة، ومَن هاب اللهَ هابه كلُّ شيء .
فما إن رآه كسرى مقبلاً، حتى أومأ إلى أحدِ رجاله أن يأخذ الكتاب من يده، فقال عبد الله بن حذافة:
لا، إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه إليك يداً بيد، وأنا لا أخالف أمر رسول الله .
فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدنو مني، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده، ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًا مِن أهل الحيرة، وأمَرَه أن يفضَّ الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه، فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام الله على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك."
فما إن سمع كسرى هذه الرسالة، حتى اشتعلت نار الغضب في صدره، فاحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، بدأ بنفسه، وبدأه بقوله: من محمدٍ رسول الله إلى كسرى، فكان تفكير كسرى تفكيرًا شكليًّا، ولم يفهم المضمون، ولم يهتمَّ له، فغضِبَ للشكل .
غضب هذا الرجل المغرور المتكبر رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم خاطبه بالعظمة فقال (إلى عظيم الفرس)، وكان النبى صلى الله عليه وسلم دقيقًا فى ألفاظه فلم يقل (سلام عليك) بل قال (سلامٌ على من اتّبع الهدى)، أي إن اتبعتَ الهدى فسلامٌ عليك، وإن لم تتبع الهدى، فالسلام ليس عليك، على من اتبع الهدى... وهكذا ..
ولكن أنَّى يأتى الخير من رجل امتلأت نفسه كبرًا وتيها فظن أنه الوحيد وما عداه صفرًا .

وكيف يؤمل الإنسان خيرا... وما ينفك مُتبعًا هواه
يظن بنفسه قدرًا وشرفًا ... كأن الله لم يخلق سواه

ولعل كسرى انفعل هذا الانفعال الشديد بسبب هزيمته الأخيرة التى نالها على أيدى الروم، فظن أن الأعراب والتابعين بدأوا يتجرأون عليه بسبب هزيمته .
لقد فقد كسرى توازنه تمامًا إذ إنه جلب الرسالة من يد كاتبه، وجعل يمزِّقها دون أن أى شر يجره على نفسه، مزقها وهو يصيح: أيكتبُ لي بهذا، وهو عبدي؟.
لأنه من أتباعه، ولأن باذان عامله على اليمن، تابع لكسرى، والمناذرة وعاصمتهم الحيرة يتبعون كسرى، فهذا الذي قال له:
من محمد رسول الله هو من عبيده، هكذا يفهم كِسرى، قال: أيكتب لي بهذا وهو عبدي؟!!!
ثم أمر بعبد الله بن حذافة، أن يُخًرَج من مجلسه، فأُخرج .
فلما بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك الخبرُ قال: "اللهم مزِّق ملكه"

قام كسرى منتفخا وأمر كاتبه أن يكتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل، الذي ظهر بالحجاز، رجلين جَلْدين من عندك، ومُرهما أن يأتياني به .
ولم تكن هذه المرة الأولى التى يسمع بها أهل اليمن عن دعوة الإسلام إذ أن أرض الحجاز ليست بعيدة عن أهل اليمن فهناك ارتباط وثيق بين البلدين من زمن بعيد من حيث الموقع الجغرافى ومن حيث الرحلات التجارية التى كانت قريش تقوم بها فى رحلتى الشتاء والصيف .
وقد سمع أهل اليمن عن رجل يدعى النبوة من أهل مكة وسمعوا أنه خرج طريدًا إلى يثرب وأقام بها حتى الآن أى قرابة عشرين عامًا -إذ ظل النبى فى مكة ثلاثة عشر عامًا وها نحن فى العام السابع للهجرة- كل هذا والأمر حتى الآن لا يعنيهم بل يتابعونه من بعيد.
لكن باذان ما إن وصلته رسالة سيده كسرى حتى انتدب رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمَّلهما رسالةً له، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كِسرى، دون إبطاء، وطلب إلى الرجلين أن يقفا على خبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يستقصيا أمره، وأن يأتياه بما يقفان عليه من معلومات .
فخرج الرجلان يُغِذَّان السير الى غايتهما شطر المدينة، حتى إذا بلغاها علما مما رأيا من تعظيم أهل المدينة للنبى صلى الله عليه وسلم وحبهم له مدى خطورة المهمة التى أقبلا من أجلها حيث إنهما لا يستطيعان أن يأتيا بمحمد إلا إذا أتيا بأهل المدينة أجمعين، نظرًا للمحبة والفداء التى يصنعها أهل المدينة لمحمد صلى الله عليه وسلم .
ولما دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما، وأظهر ذلك لهما وقد أشاح بوجهه الى الجانب الآخر حتى لا ينظر إليهما وقال: (ويلكما من أمركما بهذا؟ قالا أمرنا ربنا يعنيان كسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي) .
ودفع الرجلان إلى النبى صلى الله عليه وسلم رسالة باذان، وقالا له: إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا باذان، أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه، "شرِّف معنا" فإن أجبتنا، كلَّمنا كسرى بما ينفعك، ويكفُّ أذاه عنك، وإن أبيت، فهو مَن قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك، وإهلاك قومك، " إذا قلت: لا، فإن كسرى قادرٌ على أن يهلكك، ويهلك قومك .
لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم بل تبسَّم عليه الصلاة والسلام، وقال لهما: ارجعا إلى رحالكما اليوم، وائتيا غداً .
فلما غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي، قالا له: هل أعددتَ نفسك للمُضِيِّ معنا إلى لقاء كسرى؟
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: إن ربى قتل ربكما الليلة .
لن تلقيا كسرى بعد اليوم، فلقد قتله الله، حيث سلَّط عليه ابنه شيرويه في ليلة كذا من شهر كذا وقتَله .
إنه خبرُ الوحي، نقله ببرودة، لن تلقياه بعد اليوم، لقد قتله الله، لأنه مزَّق الكتاب .
فحدَّقا في وجه النبي، وبدت الدهشة على وجهيهما، وقالا: أتدري ما تقول!! أنكتب بذلك لباذان؟
قال: نعم، وقولا له: إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى، وإنَّك إن أسلمتَ، أعطيتكَ ما تحت يديك، وملَّكتكَ على قومك.
بلِّغا باذان وقولا له: إنّ مُلكي سيصل إلى ملك كسرى، وأنت إن أسلمتَ أقررناك على ملكك، اختلف الأمر اختلافًا كلِّيًّا .

خرج الرجلان من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدما على باذان، وقالا له لقد أرسلتنا إلى رجل نأتيك به لا نستطيع أن نأتى به إلا إذا أتيناك بأهل المدينة جميعًا، وأخبراه الخبر .
طار عقل باذان، لكن باذان كان رجلا لبيبًا عاقلا حازما يعرف مصادر الأمور ومواردها، فقال لمن حوله: إن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من شهر لنعرف حقيقة محمد .
قال له جلساؤه: كيف ذلك؟
قال باذان: ننتظر حتى تأتينا الرسل من فارس، فلئن كان ما قال محمّدٌ من قتل كسرى حقًا فإن محمد نبيّ صادق . أما إن كان غير ذلك فلنا معه شأن آخر .
لم يكن وقتها أقمار صناعية، أو محطات بث مباشر، أو محطات وكالات أنباء عالمية، لم يكن لهذا كله وجود، بل إن الخبر يومها يحتاج إلى شهر كامل أو يزيد حتى ينتقل إلى اليمن .
وعلم أهل اليمن بالقصة كلها، فظل باذان ومن معه من أهل اليمن فى انتظار الرسل من قبل كسرى ..
انتظروا شهرًا كاملاً ..
حتى جاءت الرسل .. فقال لهم أهل اليمن : هل حقًا قُتل كسرى . فتعجب الرسل ..
فغروا أفواههم قائلين: من أخبركم؟! من أعلمكم؟!
قال باذان كيف تم ذلك؟!
قالوا: لقد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع هـ، واستلم حكمه فحسبوا الليلة التى قتل فيها فإذا هى الليلة التى أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فض باذان رسالة شيرويه التى فيها:
"أما بعد فقد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا انتقامًا لقومنا، فقد استحلَّ قتلَ أشرافهم، وسبيَ نسائهم، وانتهابَ أموالهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممّن عندك".
فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه، حتى طرحه جانبًا، وأعلن دخوله في الإسلام، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن .
يا لا باذان!!
لقد آمن قلبه وفؤاده
وسجد لله رب العالمين ..
وآمن معه أهل اليمن .
فلقد تأكدوا من صدق ما قاله محمد، ولمسوا ذلك بأنفسهم ..
وقالوا: لم يعد لنا قبلة نتوجه اليها الا حيث يتوجه محمد وصحبه.

وصل الخبر إلى مدينة رسول الله يعلمهم بإسلام باذان وإسلام أهل اليمن التى هى امتدادًا جعرافيًا للجزيرة العربية .
وفرح النبى صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فرحًا شديدًا، وقال لأصحابه مُرحبًا بوفدهم: (أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا منكم، وألين أفئدة، وهم أول من جاء بالمصافحة) .. ثم قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان، الفقه يمان، والحكمة يمانية" .
وأرسل إليهم جماعة من أكابر أصحابه يعلمونهم الإسلام منهم الصحابى الجليل على بن أبى طالب ثم معاذ بن جبل الذى قال معلمًا إياه: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات فى يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس"
إنها خطوات مفصلة يعلم بها النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدأوا بالأهم فالمهم كما يقول القائل:
العلم إن طلبته كثير .. والعمر فى تحصيله قصير ..
فقدم الأهم منه فالأهم
وأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يظل باذان على ملكه ..
يا لا باذان .. نال عز الدنيا، وسعادة الآخرة!
أما كسرى ففى مزبلة التاريخ، لقد مزق الله ملكه، فلم تقم له قائمة بعد ذلك. وما هى إلا سنوات معدودات حتى كانت مطارق الفتح الإسلامى تضرب إيوان كسرى وتسيطر عليه ودخل الصحابى الجليل سعد ابن أبى وقاص إيوان كسرى بعد هزيمتهم دخل باكيًا يقرأ قول الله تعالى:
{كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ. كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} سورة الدخان آية 25 :29 .
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-10-2007, 01:05 PM   #420
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile قد صرتِ شيخة يا أُنْس

قد صرتِ شيخة يا أُنْس



بطلتنا اليوم..هي واحدة من ممن لم يرق لهن أن يكن على هامش الأحداث..أو في حاشية الزمن
فهي إحدى العظيمات في سماء تراثنا الأشم..وتاريخنا العطر..

لما بلغ العالم الشاب خمسا وعشرين سنة..أشار عليه شيخه
أن يخطب بنت القاضي كريم الدين..عبد الكريم..وكانت إذ ذاك قد بلغت ثمانية عشر ربيعا
..
وحين حضرتها الوفاة..أوصت بجل مالها للمشاريع الخيرة..وهذا دأبها رحمها الله تعالى في حب الصدقة..

هذه همسة..لأخواتي هنا..أن يقتفين أثرها في حب العلم.. لا للعلم ذاته..وإنما للفهم عن الله.. والتوقيع عنه في الأرض..
وما أشرف أن يكون المرء وارثا للنبوة.


فما كان منه إلا أن لبى دعوة شيخه ونصيحته..لما كان يعتمل في نفوس طلبة العلم من توقير لمشايخهم يفوق احترام الآباء ..في كثير من الأحيان

وفي صباح يوم أغر.. ذهب يقصد هذا البيت الكريم من بابه -لا عن طريق محاورات عبر شبكة الانترنت!- وانفتح مع دخول الباب..أبواب فضل عظيمة..وأسباب للبركة كريمة
إذ لم يفتأ مذ عقد عليها هذا الذي يتوقد فطنة وحبا للسنة.. منذ ريعان شبابه ونعومة أظفاره
أن يسقيها مما آتاه الله من جزالة علم ومتانة فهم..

وماله ألا يفعل وهو الإمام الذي لا تخلو مكتبة طالب علم أو عالم.. من مؤلفه الموسوعي الفريد الذي يضاهي كتب المتقدمين متانة وجودة وتحريرا وتقريرا وتحقيقا وتدقيقا

فعندما سئل الإمام الشوكاني.. لمَ لا تصنف شرحا للبخاري؟
قال: لا هجرة بعد الفتح!

لابد أنكم عرفتموه

إنه الإمام الحافظ.. شيخ الجرح والتعديل.. أحمد بن حجر العسقلاني

وكان من وفائه رحمه الله يتعهد زوجه بالعناية.. كما الأطيار تعني بفراخها..
فأسمعها الحديث المسلسل.. وتدارس معها الأسانيد والعلل.. والمتون.. والسير
ناهيك عن انتظامها في حلقات مشايخ آخرين.. بسماح زوجه لها.. رغبة منه في بلوغها الأرب..

وقد دخل عليها ذات مرة وقد أصبح يتحلق حولها كبـــــار أهل العلم!.. فقال وهو يتبسم: قد صرت شيخة يا أنس! (بضم الهمزة وتسكين النون)

وكانت تملي من حفظها .. فقرأ عليها الإمام السخاوي بحضور زوجها صحيح البخاري
وخرّج لها بنفسه أربعين حديثا..

وكان من عادتها رحمها الله تعالى.. أنها تحتفل في نهاية سلسلة الدروس .. بتقديم الحلوى للطلبة تكريما لهم

وحين يتتبع الراصد لهذه الأسرة المباركة.. يلحظ علاقة الحب الشفافة التي كانت تجمع بينهما.. فمن قرأ سيرة الإمام ابن حجر.. وجد له أبياتا صادقة في وصف شوقه لها.. وعدم احتمال فراقها.. لما خرجت حاجة إلى البيت الحرام

وقد رزقهما الله خمسة من البنين والبنات..
ومات لهما ثلاثة..

ولما توفي زوجها الحافظ.. أصرت أن تظل وفية له.. فلم تتزوج بعده
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .