تـــرانيــــم ســــــوداء
أنفس العاشقين فى الحب غرقى ** ولها الليل فى الظلام بكاءُ
إن ليل العشاق فى العمر دهرٌ ** ليس فيه بداية وانتهاءُ
وبعمق الظلام ما يقبض النفس ** كأن الوجود فيه هباءُ
وإذا ما رنوت فى الأفق ليلا ** فهو الكون صفحة سوداءُ
وهدوءٌ يكاد يعصف بالنفس ** فنفسى فى إثره أنضاءُ
وكأن الفضاء بحرٌ عميقٌ ** سبحت فى غماره الحوباءُ
وكأن الظلام والنفس فيه ** صحراءٌ تسرى بها وجناءُ
وكأنى فى الكون حبة رمل ** فى كثيب تضمه البيداءُ
سكن الليل واعترى الوهن ذهنى ** ولجسمى بين الدجى استرخاءُ
ليت أن النسيم يصغى ولكن ** ليس يصغى من أذنه صماءُ
لحديث يدور فى النفس منى ** وله فى جوانبى أصداءُ
إن فى الليل والوجود سكونٌ ** أرقٌ يستفزه الإدجاءُ
ولوقع الظلام فى النفس سحرٌ ** رائعٌ لا تحسه الأحياءُ
أيها الليل زل على قلب صبّ ** فبقلبى لما تجنّ عناءُ
زل فلى فيك لوعة وعذابٌ ** وبلاءٌ ينجاب منه بلاءُ
فلعقلى بين الظلام اضطرابٌ ** ولقلبى تشوقٌ وشقاءُ
ولرأسى مع النسيم مميلٌ ** مثلما مال بالطروب الغناءُ
وإذا ملنى الحراك التزمت الأرض ** فالآن ملّ منى الثواءُ