بسم الله الرحمن الرحيم
عدد الأفراد الآن كم ؟ عد على بركة الله ..
هنودة،إيناس،محمد الحبشي،صلاح الدين القاسمي،محمود راجي،الفجر الجديد،
السمو ، المشرقي الإسلامي.. أعتقد أن العدد قد اكتمل .
لا أحب البدء بموضوع كهذا .. كان أملي أن نتكلم عن الخصائص الإبداعية
للمضيفة لكن ليكن هذا في (زيارة خاصة) .
أما وقد اتفقتم بناء على رأي المضيفة على قضية النظر إلى المطلقة .. فعلى بركة الله
تختلف المجتمعات من حيث ثقافاتها ،والعناصر الداخلة في تكوينها لاسيما العناصر غير المادية
كالعقائد والتراث والعرف .......إلخ
وفي الواقع ففي مجتمعاتنا العربية التي تشير بعض الإحصاءات أن إجمالي الأميةفيها يقارب ال39 % فإننا
نجد النظرة إلى المرأة في كثير من الأحيان مقصورة على الجانب البيولوجي لها .
وهذا تجسيد لدورها الاجتماعي من هذا المنظور ،وكلما ارتفعت مستويات الفكر الثقافي في الدول اختلفت
طريقة تفاعلها مع المرأة .فإذا كانت المرأة من حيث هي كائن بشري يُنظر إليها هكذا نظرة في الحال المجرد.فكيف
بالأمر إذا تعلق بعلاقتها الزوجية ؟
إذًا نحن أمام واقع تراجيدي يفرض نفسه من خلال مدخلات الثقافة المختلفة وليس من سبيل إلى تغييره إلا
من خلال تغيير الإطار الذي تصدر فيه النظرة الكلية للأشياء وليس للمرأة ودورها الاجتماعي فقط ، وهذا يحتاج
إلى عناصر كثيرة لا وقت للحديث عنها .
في مجتمعاتنا العربية يُنظر إلى المرأة المطلقة على أنها محرومة من حقوقها التي كان لها أن تنعم بها في عصمة الزوج . هذا المنطق يأتي على اعتبار أن المرأة كائن هو الأكثر حاجة إلى الطرف الآخر ؛لأن هذا الطرف الآخر وهو الرجل هو الذي يقوم بعملية الإنفاق واتخاذ القرارات في شأن الأسرة.
لذلك يرى الناس أن المطلقة هي امرأة خرجت عن طوع الحياة الزوجية ، وأن طلاقها -مجرد طلاقها- دليل على سوء سمعة أو يمكن القول هو استبطان لرؤى متعددة في اللاشعور الجمعي للأفراد تتخذ من خبرات الآخرين مصدرًا لتدعيمها .
المطلقة ينظر إليها على أنها امرأة أولاً سيئة الخلق (خائنة) أو في أحسن الأحوال (مستهترة) وتتعدد النظرات إليها على اعتبارها (عديمة الطاعة-عديمة الولاء-رضاها بالطلاق يفتح باب التفسير لأغراضها-متطاولة-متحكمة فشلت في تحقيق مآربها مع الطرف الآخر-مجازفة بحياة أبنائها ...)وهذه النظرات كلها لا تحاول أن تنظر على الظاهرة الأساسية وهي سبب الطلاق .فكأن الطلاق في حد ذاته هو بوابة خلفية أو دلالة من باب خفي للسمعة السيئة أو الرذيلة.
المشكلة أن المجتمع -رغم أنه إسلامي الطبائع- لم يتدبر إلى أن الله سبحانه وتعالى أنزل سورة في القرآن سماها بسورة الطلاق ، وأن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم طلقوا ،ولم يكن ذلك نقصًا من قدرهم.
إن النظرة إلى المرأة على أنها الوعاء المؤبد للرجل تجعل التساؤلات تثور حول من يجرؤ على الزواج من ثيّب ؟ وأن المطلقة باختيارها قرار الطلاق أو موافقتها عليه تكون قد فتحت الباب للرغبات الذكورية المشروعة في التحكم فيها .
فهي لن تعدو كونها (خادمة) عند أي زوج آخر ،لطالما أنه يعلم أن نقطة تميزها الأساسية (أنها كانت بكرًا) قد أزيلت .
من باب آخر ، فما يزال القانون وجميع القنوات المنوطة برد الحق إلى المرأة بالقوة معطلة رغم أن الإسلام كفل للمرأة المطلقة النفقة والحقوق التي على الزوج أو ولي الأمر القيام بها تجاهها.
لن أتحدث عن مشكلات المرأة وقدرة المؤسسات المدنية أن تعيد إليها حقوقًا أساسية لها والتي من ضمنها حق الحرية في الحياة مع الزوج أو بدونه.
ولأن المجتمعات العربية تتميز بتغليب ذكورة المجتمع بشكل سلطوي للغاية ، فإن المطلقة تكون علامة ضعف لا لنفسها فحسب بل لأسرتها التي خرجت من تربتها (الأب والأم ).
ويتولد عن هذا نتائج وهي أن المرأة-نتيجة لتراكم الضغوط والصور السلبية عن الطرف الآخر - ما إن ترى في الأفق بادرة لزواج جديد لها إلا واستغلتها بشكل فيه نوع من التشفي وإخراج الكبت تجاه الزوج الآخر لا سيما إن كانت ثقافة تعامله مع هذه القضايا تختلف عن الواقع التقليدي الذي تعيشه كل مطلقة .
وبعد هذا وذلك ليس هنالك من منظمات تعمل على توعية المرأة بكيفية تنظيم أولويات الحياة لها ، فالزواج مهما بلغت قيمته ليس هو آخر المطاف .وليس هو أكسير الحياة أو المحلول السحري الذي به حلول المشكلات ، ولقد تمر على المختصين حالات تحسد المرأة ُالمتزوجة ُ فيها المطلقة َ نتيجة تعقد الوضع الإنساني لها .
على المجتمعات المدنية والاستشارية في هذا المجال توعية المرأة بأنها في حالات كثيرة يجب أن تضع نفسها موضع الشريك للرجل ، فتشارك في المجتمع بالعمل والتجارة وتنمية الذات واستغلال الطاقات البشرية الجبارة بدلاً من الانكفاء على الذات .
أخيرًا : على المجتمع والقائمين بالتربيةأن يشعِروا المرأة بكينونتها البشرية بغض النظر عن كونها متزوجة أو غير متزوجة أو مطلقة لأن ربط كرامة المرأة بوجود قائد تعمل تحت إمرته -ولو قهرًا-أرحم لها من الذاتوية هو تشويه لها وحصر لمهامها عند نقطة واحدة وهي الخدمة شبه (المجانية).. ومن هنا ندرك فداحة المثل القائل "ضل راجل ولا ضل حيطه" لأنه يظهِر العملية الإنسانية كأنها ليست شراكة بل عملية تقوم على التبعية الإجبارية.