نقد كتاب الحكومة الدينية أم المدنية؟
نقد كتاب الحكومة الدينية أم المدنية؟
الكتاب مؤلفه ياسر فكري أبو الحسن وهو يبحث فى وجوب كون الدولة دينية وفى مقدمته بين كثرة الكلام حول الموضوع فقال:
"فقد كثر في الآونة الأخيرة الكلام عن رفض أن تحكم الحكومات بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأننا في مجتمع واحد لسنا كلنا مسلمين، فكيف نجبر الآخر على العمل بشرعنا المطهر؟
وقد شاهدت مؤخرا جزءا من برنامج تليفزيوني وكان ضيفه رئيس تحرير إحدى الصحف الشهيرة، وفي سؤال عن هل ترى أن تكون الحكومة دينية؟ فأجاب بأنه يرى أنها يجب أن تكون مدنية"
ويبين فكرى أن الدولة يجب أن تكون دينية إذا كانت الغالبية من السكان من المسلمين فقال:
"وهذه الإجابة للدول التي يسكنها أغلبية غير مسلمة والمسلمون فيها ضعفاء قد تكون مقبولة، ولكن في الدول التي يسكنها أغلبية مسلمة فهي غير مقبولة للأسباب التالية:
1 - الله هو الذي خلقنا ويعلم الأنفع لنا وما يصلحنا وما يفسدنا "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير".
2 - الله أمرنا أن نحتكم لشرعه وأن يدير حياتنا شرعه
بدليل:
سورة المؤمنون - الجزء 18 - الآية 71 - الصفحة 346
ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون
سورة الجاثية - الجزء 25 - الآية 18 - الصفحة 500
ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون
سورة البقرة - الجزء 1 - الآية 120 - الصفحة 19
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير
سورة المائدة - الجزء 6 - الآية 49 - الصفحة 116
وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك
3 - بعض أمثلة لاتباع الهوى على مر العصور:
ثمانية أزواج من الضان اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين
سورة المائدة - الجزء 7 - الآية 103 - الصفحة 124
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون
والذي حرم هذه الأشياء هم الكهنة أى كهنة الآلهة – وهم أصحاب المصالح الدنيوية- فحرموا من الأطعمة أشياء لينتفعوا بها هم فالآلهة لا تأكل ولكن الكهنة يأكلون وهذا يحدث الآن في الكنيسة، فقد أسلمت زوجة مهندس مسلم وهي أجنبية بعد أن حرمت الكنيسة أكل اللحم في يوم كذا من الأسبوع بعد أن كان يوم كذا، فوجدت أن الدين يتغير من بشر مثلها وهذا لا يتفق مع دين نزل من قبل الله. ولكن انظر إلى ما حرم الله من الأطعمة والأشربة وعلة التحريم واضحة وهي مصلحة الإنسان أولا:
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم
سورة المائدة - الجزء 7 - الآية 91 - الصفحة 123
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
فهذه الخمر هي رأس كل خطيئة ومع ذلك يحلونها لأن أصحاب المصالح كثيرين وكذلك السجائر على الرغم من أضرارها الفادحة بل حللت بعض الدول كهولندا الحشيش وهو من المخدرات التي تذهب العقل تماما.
وهذا مثل للأهواء والمصالح في الطعام والشراب والأمثلة في شتى مجالات الحياة لا حصر لها. إذن فاتباع غير شرع الله هو هلاك للمجتمع واقرأ معي هذا الحديث:
عن ابن عباس قال: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا فشت الفاحشة في قوم إلا أخذهم الله بالموت وما طفف قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين وما منع قوم الزكاة إلا منعهم الله القطر من السماء وما جار قوم في حكم إلا كان البأس بينهم أظنه قال: والقتل
الراوي: عبدالله بن بريدة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة –
فالمجتمع كله يعاقب من قبل الله بازدياد البعد عن حكم الله، فنقض العهود والزنى واللواط والغش قي الميزان وعدم جمع الزكاة أو حتى أدائها من قبل الأفراد والظلم في الأحكام، كل هذه الأمور قد انتشرت وفي القانون لا يحرم منها إلا الغش قي الميزان والظلم في الحكم. إذن ما نشاهده من عقاب الله على هذه الجرائم - التي لا يعاقب عليها القانون ويقوم بها الأفراد – من تسليط العدو وكثرة الموت المفاجئ والجفاف والحرب على المياه هو ما وعد به الله"
فكرى هنا قال كلاما نظريا ولم يتحدث عن الحقيقة المرة وهى أن تلك الكثرة الكاثرة ليس بيدها أى شىء بمعنى أخر ليس لديها قوة سلاح تقيم حكم الله وإنما هم مستضعفون فى الأرض يحكمهم كفار بأسماء مسلمة أو يحكمهم كفار من النصارى كما الحال مع كثير من دول غرب ووسط أفريقيا وحتى شرقها مثل أسياس أفورقى رئيس أرتريا النصرانى الذى يحكم بلد أكثر من90% منه مسلمون بالأسماء ومن قبله كانت تنزانيا يحكمها القس جوليوس نيريرى وما زال حتى الآن يحكمها النصارى ولولا موت الرئيس النصرانى ألأخير ما تولت الحكم نائبته المسلمة بالاسم سامية رغم أن المسلمين أكثر من90%
نحن أمام مشكلة هى كثرة كاثرة تريد بالكلام تطبيق حكم الله وأقلية حاكمة كافرة لا يهم إن كانوا يحملون أسماء مسلمين أم لا يحكمونهم بالقوة قوة السلاح ومن ثم لا يمكن تحكيم شرع الله فى ظل حالة الاستضعاف لأن الأقلية الحاكمة تحافظ على السلطة والثروة بالسلاح والأدهى أن جنود جيوش تلك الأقليات هم من المستضعفين ولكن كما قيل كثرة كغثاء السيل لا ينفعون أنفسهم ولا يغيرهم والأمر أنهم يقومون بقتل واعتقال وسجن أهاليهم الذين يطالبون بحكم الله أو حتى العدالة فى الثروة والسلطة
ثم قال فكرى:
" وانظر إلى بعض الدول التي تقربت كأفراد أو كأفراد وحكومات من منهج الله كيف تغير حالهم الدنيوي مثل ماليزيا وتركيا والسودان – ولا شك أن التغير ليس كاملا لأنهم لم يتغيروا كاملا – "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (وليس حتى يغيروا حكوماتهم)"
ما قاله هنا هو ضحك علينا فما حدث فى تلك الدول هو خداع للناس فما هى الفائدة من أن تلبس النساء اللباس الشرعى وأن تقام المساجد وتبتعث البعثات للتعلم فى الأزهر وغيره ومع هذا أصل الفساد موجود وهو تحكم أقلية فى السلطة والثروة بل فى بلد كماليزيا ما زال حكامها ملوكا
كل ما حدث هو تقدم اقتصادى وأما على المستوى الأخلاقى فما زال الفساد كما هو قابع فى أركان تلك الدول وما زالت كل الحقوق للطبقة الحاكمة وأما الباقى فحدث ولا حرج
وحدثنا فكرى عن حديث السفينة وضرورة تعاون الكل فقال:
"وتظهر مسئولية أصحاب الدين عن المجتمع في نصحهم للناس لأننا جميعا كمجتمع في مركب واحد، يقول صلى الله عليه وسلم:
مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري –
فلو ترك المخلصون النصيحة ولم يأخذوا على أيدي المفسدين – هم طيبون لا يريدون إيذاء الآخرين في السفينة - ولكنهم سيغرقون السفينة، سفينة المجتمع لو تركوا."
المشكلة هنا أن حديث السفينة لا ينطبق على أى من مجتمعاتنا الحالية فليس كل مسلم فى بلده قادر على تغيير المنكر بالقوة بل الحادث أن الظالم هو من يثبت المنكر بالقوة وهو يمنع السفينة من الغرق بالظلم وليس بالعدل فالسفينة يجب أن تسير بالظلم فى شعوبنا الحالية
وحدثنا فكرى عن مخالفة الرماة أمر الرسول(ص) فى أحد وحنين فقال:
"ولنعلم أن سنة الله في خلقه لا تتبدل
|