يغلي العالم العربي بثورات متتابعة تقفز من دولة لأخرى ..
طبعا هي أمر محمود في ظل الانسداد التام لكل آفاق المستقبل في ظل الأنظمة الحاكمة .. لكن ..
الثورة كفعل مجرد من ثار يثور ثورة فهو ثوري و ثائر لا تغني من الحقيقة شيئا .. اذ نلاحظ أن الثوار الجدد هم نسخ مزوقة للثوار القدامى الذين أورثونا الذل و الفاقة .
في مصر .. نرى سيرا ممنهجا يستهدف اسقاط الدولة لا مجرد اسقاط النظام .. و ما مطالب تنحية كل رموز النظام القديم بخافية عن أحد .. قف عند كلمة .. كل الرموز .. و هي تعني عند العرب هدم أسس البنيان و اعادة بناء جديد / طبعا الاسمنت واحد و الرمل و الماء / .. و طوبى للثوار الجدد .. لا مشروع حضاري واضح و لا هم يحزنون .. بل قفز نحو المجهول و فقط / قد يكون أفضل .. و قد لا يكون /.
في تونس .. تولد الأحزاب كالفطر .. و ينشق عن الشقين شقان ..
في ليبيا .. يتوقع الجميع السيناريو المستحيل و هو تدخل الغرب لنصرة الاسلاميين على القذافي .. روسيا تقول للعرب نحن لم نفهم ماذا تريدون / و الدم بلغ الركب / و ما معنى و مغزى و منتهى و كيف و أين و متى و لماذا الحظر الجوي ؟ طبعا يلزم سنوات لاعطاء الأجوبة / و يكون القذافي قد فعلها و أتم فعلته / .
في اليمن .. صراع القبائل قد يفجر اليمن لعشر دول أو على الأقل حرب أهلية كالبسوس / الصومال قريبة أكثر من اللازم جغرافيا و .. /
في البحرين .. السعودية تقف على خط التماس في حرب مع ايران .
من السابق لأوانه أن ننظر للدكتاتوري القادم المنتظر ، ببساطة لأن الشعب الذي أسقطه -بإذن الله- قادر على إعادة الكرّة مرة أخرى عليه إذا لم يصلح الأوضاع .
وإلى ذلك ، فالمرحلة الانتقالية من تداعي نظام من أنظمة الحكم الديكتاتورية إلى تحقق نظام ديمقراطي أو نظام قريب من الديمقراطية لا يكون ممهدًا ومفروشًا بالورود وإنما يستدعي مدة زمنية تتغربل فيها جميع الأفكار والتوجهات حتى يستقر الناس -باختيارهم- على ما يرونه مناسبًا . وفي هذه الحالة فإنهم يتحملون مسؤليات اختياراتهم وتبدأ من هنا الاستفادة من هذه التجارب .
إننا على أول أدراج السلم ومن الترف الفكري أن نتصور أن هناك ثورة قامت بخطط تنموية قبل إسقاط النظام وأنها كانت -محدِدة سلفًا- مرشحيها ونوابها وكأنها دولة داخل الدولة أو نظام ينقلب على نظام .
دعوا الأوضاع تأخذ مسارها الطبيعي وائتونا ببدائل إن كانت ثمة بدائل جاهزة . من الخطأ أن نظهر المجتمع العربي في شكل (حتمية المعاناة) إن كان خانعًا -كما كان يظن البعض-قلنا لماذا لا يثور ؟وإن ثار قلنا لماذا لم يجن ثمرة ما أنجزه بعد .
اعلموا أن شهرين وحتى ثلاثة أشهر ليست مدة كافية في تاريخ أية أمة للحكم على صحة أو خطا مسار الثورة ، أمامنا على الأقل سنة بكاملها حتى تكتمل لنا الصورة ونكون على إلمام بكافة الجوانب ، خاصة أننا أمام مرحلة استثنائية لا يمكننا إصدار الأحكام عليها بهذه السهولة والسرعة.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
طبعا .. أشاطر الأخ المشرقي فيما يقوله .. من المستحيل بناء أو إعادة بناء دولة بين يوم و ليلة .
الدولة مشروع كبير و حساس و يختلف في أسسه عن بناء نظام .. الأول يحتاج لمنظرين و علماء
متخصصين و الثاني يحتاج لتقنيين .
هناك فروق جوهرية بين الشعوب من الناحية الذهنية .. زين العابدين لم يستطع القضاء نهائيا على أطر و أخلاقيات و مفاهيم التحضر لدى التونسيين .. بل فشل في الإقتصاد فشلا ذريعا و كانت ديكتاتوريته غطاء و فرضا للتسيير الفاشل على شعبه .
أما مبارك .. فقد ورط شعبه في غابة من المتناقضات التي تمس حتى كرامة الفرد و اعتداده بنفسه كإنسان .. و لهذا رأينا كيف رُفض كل الجيل القديم من طرف الشباب الجديد .. لأنه يرمز للفساد و الديكتاتورية و ربما / لقلة الرجولة و الحياء أيضا / .. و نرى رجلا كالبرادعي يطارد أينما حل .
هناك نقطة هامة في كل الحالات .. نظرة الشباب للجيل القديم و مدى تأثرهم بالأطر المنظمة للمجتمع.
الواضح أن هناك قطيعة تامة بين الجيلين .. و الخوف أن تشمل القطيعة المحاسن أيضا لأن التخلي عن كل الماضي دفعة واحدة سينتج الفشل .
يتبع .. مع خالص الشكر و التحيات للإخوة و الأسياد .
الثورات العربية .. بين النزق و التكرار .
النمط الخطي
