العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟ (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2008, 01:08 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

وحسب رأي الشاعر زكريا محمد, تسعى قصائد درويش المتأخرة إلى بناء سفر تكوين للفلسطينيين : ” كلها تبدأ : كان شعب وكان ارض...” ومجمل شعره حوار بينه وبين الإسرائيليين للعثورعلى نقطة يستطيعون التصالح عندها.”

في شهر آذار سنة 2000 تورط درويش في” حروب إسرائيل الثقافية” عندما أعلن وزير التربية يوسي ساريد أن خمساً من قصائده ستكون جزءا من مناهج مدرسي متعدد الثقافة – في بلد 19 بالمائة من سكانه الإسرائيليين فلسطينيون وترعرع عديد يهوده أو والديهم في العالم العربي, ثار صخب, قال عضو الكنيست اليميني المتطرف بني آلون ” فقط مجتمع يريد الانتحار يضع” شعر درويش” في منهاجه الدراسي”.

وقد نجا رئيس وزراء إسرائيل آنذاك, أيهود باراك، من تصويت لطرح الثقة قائلاً:” أن إسرائيل غير مهيأة لهذا الشعر” ويقول درويش,” يدرسون الطلاب أن البلاد كانت فارغة. وإذا درسوا الشعراء الفلسطينيين, فسوف تتحطم هذه المعرفة." معظم شعري عن حبي لبلدي, مؤخراً ترجمت عدة دواوين من شعره إلى العبرية, ورغم ذلك, يظل وضعه في إسرائيل أسيرا للمناخ السياسي. طالبت الصفحات الأدبية في الصحف باستمرار بترجمة قصائده,” إلا أن كل شيء توقف مع انتفاضة الأقصى” كما يقول تساسون سوميخ.

يقول درويش, ” لدى إسرائيل فرصة جيدة لتعيش بسلام. رغم الظلمة, أري بعض الضوء” ولكن شارون, كما يعتقد يريد جر الصراع ” إلى المربع الأول, وكأنما لم توجد عملية سلام. إنها حرب لأجل الحرب, وليس الصراع صراعاً بين وجودين, كما تحب الحكومة الإسرائيلية تصوير الأمر”.

وكان ديوان ” سرير الغريبة” 1998، كما يقول, أول كتاب له مكرس للحب كلياً, ورغم ذلك, حتى القدرة على الحب ” شكل من أشكال المقاومة: يفترض أن نكون نحن الفلسطينيين مكرسين لموضوع واحد – تحرير فلسطين, هذا سجن, نحن بشر, نحب، نخاف الموت, نتمتع بأول زهور الربيع, لذا فالتعبير عن هذا مقاومة لان يكون موضوعنا مملا علينا, إذا كتبت قصائد حب فأنني أقاوم الظروف التي لا تسمح لي بكتابة قصائد الحب.”

وقد صدم قراؤه لما رآه البعض تخليا عن القضية, أحد الأصدقاء الإسرائيليين الفلسطينيين, المؤلف انطون شماس, رأى في الديوان” رسالة تحد كئيبة : إلى الجحيم بفلسطين, وأنا الآن على عاتقي." ورغم ذلك يروي شعر درويش وحضوره في رام الله المحاصرة قصة مختلفة يقول: ” أنتظر اللحظة التي أستطيع فيها القول: إلى الجحيم بفلسطين. ولكن ذاك لن يحصل قبل أن تصبح فلسطين حرة, لا أستطيع تحقيق حريتي الشخصية قبل حرية بلدي. عندما تكون حرة, أستطيع لعنها”.

المصدر : الغارديان البريطانية 8 حزيران 2002

الدستور الأردنية، 28 حزيران 200
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 01:09 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

وحسب رأي الشاعر زكريا محمد, تسعى قصائد درويش المتأخرة إلى بناء سفر تكوين للفلسطينيين : ” كلها تبدأ : كان شعب وكان ارض...” ومجمل شعره حوار بينه وبين الإسرائيليين للعثورعلى نقطة يستطيعون التصالح عندها.”

في شهر آذار سنة 2000 تورط درويش في” حروب إسرائيل الثقافية” عندما أعلن وزير التربية يوسي ساريد أن خمساً من قصائده ستكون جزءا من مناهج مدرسي متعدد الثقافة – في بلد 19 بالمائة من سكانه الإسرائيليين فلسطينيون وترعرع عديد يهوده أو والديهم في العالم العربي, ثار صخب, قال عضو الكنيست اليميني المتطرف بني آلون ” فقط مجتمع يريد الانتحار يضع” شعر درويش” في منهاجه الدراسي”.

وقد نجا رئيس وزراء إسرائيل آنذاك, أيهود باراك، من تصويت لطرح الثقة قائلاً:” أن إسرائيل غير مهيأة لهذا الشعر” ويقول درويش,” يدرسون الطلاب أن البلاد كانت فارغة. وإذا درسوا الشعراء الفلسطينيين, فسوف تتحطم هذه المعرفة." معظم شعري عن حبي لبلدي, مؤخراً ترجمت عدة دواوين من شعره إلى العبرية, ورغم ذلك, يظل وضعه في إسرائيل أسيرا للمناخ السياسي. طالبت الصفحات الأدبية في الصحف باستمرار بترجمة قصائده,” إلا أن كل شيء توقف مع انتفاضة الأقصى” كما يقول تساسون سوميخ.

يقول درويش, ” لدى إسرائيل فرصة جيدة لتعيش بسلام. رغم الظلمة, أري بعض الضوء” ولكن شارون, كما يعتقد يريد جر الصراع ” إلى المربع الأول, وكأنما لم توجد عملية سلام. إنها حرب لأجل الحرب, وليس الصراع صراعاً بين وجودين, كما تحب الحكومة الإسرائيلية تصوير الأمر”.

وكان ديوان ” سرير الغريبة” 1998، كما يقول, أول كتاب له مكرس للحب كلياً, ورغم ذلك, حتى القدرة على الحب ” شكل من أشكال المقاومة: يفترض أن نكون نحن الفلسطينيين مكرسين لموضوع واحد – تحرير فلسطين, هذا سجن, نحن بشر, نحب، نخاف الموت, نتمتع بأول زهور الربيع, لذا فالتعبير عن هذا مقاومة لان يكون موضوعنا مملا علينا, إذا كتبت قصائد حب فأنني أقاوم الظروف التي لا تسمح لي بكتابة قصائد الحب.”

وقد صدم قراؤه لما رآه البعض تخليا عن القضية, أحد الأصدقاء الإسرائيليين الفلسطينيين, المؤلف انطون شماس, رأى في الديوان” رسالة تحد كئيبة : إلى الجحيم بفلسطين, وأنا الآن على عاتقي." ورغم ذلك يروي شعر درويش وحضوره في رام الله المحاصرة قصة مختلفة يقول: ” أنتظر اللحظة التي أستطيع فيها القول: إلى الجحيم بفلسطين. ولكن ذاك لن يحصل قبل أن تصبح فلسطين حرة, لا أستطيع تحقيق حريتي الشخصية قبل حرية بلدي. عندما تكون حرة, أستطيع لعنها”.

المصدر : الغارديان البريطانية 8 حزيران 2002

الدستور الأردنية، 28 حزيران 200
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 01:10 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

محمود درويش

بقلم: الياس خوري









3 الرئيسية


3 المقدمة


3 سيرة حياته


3 مؤلفاته


3 مقالات وقصائد مختارة


3 قراءات


3 منتدى الحوار


3 اطلب نسختك


3 جديد محمود درويش


3 الواجهة الانكليزية


الشعر ماء اللغة، به تغتسل من ذاكرتها وتصنع ذاكرتها في آن معاً…

كأن الكلمات التي يكتبها الشعراء تأتي من مكان سري في أعماقنا , من تجربة تبحث عن لغتها , ومن كلمات تتجدد في ماء الشعر .

تجربة محمود درويش هي ابنة هذا الماء به غسلت لغتها وجددتها , أقامت من المأساة الفلسطينية جداريه شعرية كبرى تختزن في أعماقها هذا الغوص في ماء الشعر وماء الحياة .

نستطيع أن نقرأ التجربة الدرويشية في مستويات متعددة ننسبها إلى أرضها , ونكتشف ملحمة مقاومة الشعب الفلسطيني للاندثار والموت فتصبح القصائد شكلاً لتاريخ المأساة .

كان الكلمات وشم على جسد التاريخ والشعر شاهد يعجن الكلمات في التجربة أو نقرأها في حاضرها الأدبي بوصفها تلخيصاً مكثفاً لتجربة الشعر العربي الحديث .

مزجت الغنائية بالرمزية وتشكلت في الأصوات المتعددة , سردت بالشعر وشعرنت النثر حاملة هاجس الحداثة العربية بوصفها جزءاً من مشروع النهضة العربية الثانية .



و نقرأها في لغتها , حيث يأخذنا التبدل الذي طرأ على الشعر العربي إلى إعادة اكتشاف العلاقة الخفية بلغة الأجداد .

فنقرأ امتداداً لمثنّى امرئ القيس وقلق المتنبي داخل موسيقى جدلتها رؤيا جديدة بحيث صار الامتداد قطيعة لا تحيل إلى الماضي , بل تعطي الماضي معنى جديد داخل حاضر متغيّر . أو نقرأها في عالمها , بوصفها جزءاً من صوت شعري متعدد اللغات , صبغ القرن العشرين بصرخة الحرية .

أو نقرأها بوصفها تجربة ذاتية كانت الذات فيها مرآة العالم , وكانت القصيدة مرآة الذات , بحيث استطاع الشاعر في صوته المنفرد , إن يفارق الصوت العام لحظة اندغامه به .

لذلك فهو عصّي على التحديد , وقادر على أن يصنع في المسافة بين المرآتين تلاوين لا حصر لها .

تتعدد القراءات لشعر محمود درويش فهو في مراحله المختلفة وطبقاته .

المتعددة يحتمل اكثر من تأويل .

لكنني افضل قراءة التجربة الدرويشية بوصفها تجربة اغتسال الكلمات بماء الشعر , أي تجربة اكتشاف دائم للكلمات التي تأتي موقعة بالتجربة .

معمودية الشعر, مثلما تتجلى في التجربة الدرويشية , لا لا يمكن فصلها عن فلسطين .

فالارتطام الأكبر بالغرب , لم يأت في لم يأتي في الزمن الكولونيا لي, بحسب افتراض أدبيات النهضة والحداثة .

الارتطام حصل على ارض فلسطين ومن خلال المشروع الصهيوني الذي أقام دولة إسرائيل بالقوة , ومحا الاسم الفلسطيني , ولو إلى حين .

وكان الارتطام مأسوياً على جميع المستويات .

فالمرآة التي صنعتها إسرائيل لم تكن تتسع للضحايا .

على الضحية أن تمحي أمام الضحية اليهودية التي صارت جلاداً مستندة في ذلك إلى دعم العالم الأوروبي الذي جعل من اليهود ضحاياه بامتياز .

في ارض الضحية اكتشف الفلاح الذي فقد أرضه , إن الأرض الوحيدة التي يستطيع حراثتها هي اللغة .

صارت اللغة أرضه المؤقتة ,في انتظار أن تعود الأرض إلى لغتها .

وحين بدأ محمود درويش يحرث لغته – لغتنا , وسط هذا العطش العربي , لم يجد أمامه سوى أن يغسل اللغة بالشعر , ويسقي الأرض بمائه , وتكتب نفسها في مكان سري يقع بين الأغنية والملحمة ...

من: كتاب في جريدة رقم 39

3 كانون الثاني 2001
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 01:12 AM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

الرمز في الشعر العربي الحديث : محمود درويش نموذجاً...

بقلم: د.أحمد الزعبي









3 الرئيسية


3 المقدمة


3 سيرة حياته


3 مؤلفاته


3 مقالات وقصائد مختارة


3 قراءات


3 منتدى الحوار


3 اطلب نسختك


3 جديد محمود درويش


3 الواجهة الانكليزية


توظيف الرمز في القصيدة الحديثة سمة مشتركة بين غالبية الشعراء على مستويات متفاوتة من حيث الرمز البسيط إلى الرمز العميق إلى الرمز الأعمق.. وهكذا ومع أن الرمز أو الترميز في الأدب بعامة سمة أسلوبية واحد العناصر النص الأدبي الجوهرية منذ القدم إلا أننا نراه قد تنوع وتعمق وسيطر على لغة القصيدة الحديثة وتراكيبها وصورها وبنياتها المختلفة, والرمز بشتى صوره المجازية والبلاغية والإيحائية تعميق للمعنى الشعري, ومصدر للإدهاش والتأثير وتجسيد لجماليات التشكيل الشعري, وإذا وظف الرمز بشكل جمالي منسجم, واتساق فكري دقيق مقنع, فأنه يسهم في الارتقاء بشعرية القصيدة وعمق دلالاتها وشدة تأثيرها في المتلقي.

وغرف شعراؤنا من معين الرمز الأسطوري والتاريخي والثقافي.. إلى غير ذلك.. صوراً فنية دالة أغنت نصوصهم الشعرية وعمقتها فكرياً وجمالياً.. وتميزت أشعار محمود درويش في دواوينه الأخيرة ( 1 ) بتوظيف الرموز المختلفة بشكل مكثف عميق موح, حيث ارتقت القصيدة العربية الحديثة إلى مستويات إبداعية مبتكرة متطورة تتوازى مع اعظم الأشعار العالمية في القرن العشرين. ففي قصيدته " يطير الحمام " ( 2 ) يوظف محمود درويش الحمام ليرمز إلى السلام المفقود في وطنه وفي نفسه, يقول :





يطير الحمام

يطير الحمام

اعدي لي الأرض كي استريح

فأني احبك حتى التعب

.. أنا وحبيبتي صوتان في شفة واحدة

أنا لحبيبي أنا, وحبيبي لنجمته الشاردة

وندخل في الحلم, لكنه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي احرس

الحلم مما يراه

.. يطير الحمام

يطير الحمام ( 3 )

فالحمام الذي يطير ويحط.. ثم يطير ويحط.. وهكذا.. هو حلم السلام الذي يراود الشاعر وحبيبته أو الذي يضيء وينطفئ في حياة شعبه الذي ينتظر هذا السلام المتأرجح ما بين الأرض والسماء حتى يعود إلى وطنه وينتهي كابوس الاحتلال, فالشاعر لسنوات طويلة, وهو هائم في السماء والأصقاع ويطلب من بلاده ( إن تعد له الأرض كي يستريح ) من ( طيرانه ) الذي لا ينتهي.. فقد تعبت أجنحته ولا بد أن ( يحط ) فوق أرضه.. ويلتقي حبيبته المبعدة.

فهما ( صوتان في شفة واحدة ) وانه يحرسها في أحلامها.. مثلما يطارد أحلامه الضائعة, ولكنه ينتهي في آخر الرحلة إلى ( يطير الحمام..يطير الحمام ), فيلغي ( يحط ) الحمام, لان هذا السلام, بعد كل هذا العمر الذي ضاع انتظارا لتحقيقه, طار ولم يعد.. تلاشى, ولن يأت.

كما وظف محمود درويش الرموز الأسطورية والتاريخية والدينية ( تموز والعنقاء ويولسيز. وضياع الأندلس والنبي يوسف واخوته.. وغيرهم كثير ) ( 4 ) في دواوينه ( أحد عشر كوكباً ) لماذا تركت الحصان وحيداً و ( سرير الغريبة ) وغيرها, ففي قصيدته ( أنا وجميل بثينة ) و ( قناع.. لمجنون ليلى) ( 5 ) يوظف حكايات الحب العذري التراثية لجميل بثينة ومجنون ليلى لترمز إلى حبه ( الأسطوري ) لوطنه, ولكن بثينة المعاصرة وليلى المعاصرة ( الوطن ) قد ابتعدتا, وحيل بينهما وبينه بألف ستار وستار, وما عاد اللقاء ممكناً ؟ يقول :

كبرنا, أنا وجميل بثينة, وكل

على حدة في زمانيين مختلفين

... يا جميل ! تكبر مثلك مثلي

بثينة ؟

تكبر يا صاحبي خارج القلب

في نظر الآخرين..

... هي, أم تلك صورتها

إنها هي يا صاحبي, دمها, لحمها

واسمها, لا زمان لها, ربما استوقفتني

غدا في الطريق إلى أمسها... ( 6 )



*ويقول في قصيدة ( قناع لمجنون ليلى ) :

وجدت قناعاً, فأعجبني أن

أكون أخري, كنت دون

الثلاثين, احسب أن حدود

الوجود هي الكلمات, وكنت

مريضاً بليلى, كأني فتى شع

في دمه الملح, أن لم تكن هي

موجودة جسداً فلها صورة الروح

في كل شيء

... أنا قيس ليلى

غريب عن اسمي وعن زمني

.. أنا قيس ليلى, أنا

وأنا... لا أحد (7 )

يستحضر محمود درويش في هاتين القصيدتين أقنعة العشاق المشهورين في التراث العربي ( جميل بثينة وقيس لبنى ومجنون ليلى ) وينطلق في الترميز والدلالة من حالة الحب الخالد العظيم بين العشاق وحالة الفراق المرير التي مُني كل منهما في حبه وفي عشقه.

وهي الحالة التي يسقطها الشاعر على نفسه وعلى حبيبته اليوم ( أرضه ووطنه ) وبأسلوب حواري عميق دال يتساءل ويستفسر من العاشقين المخلصين القديمين إن كان هذا العناء في الحب.. والفشل والفراق البعد القسري عن المحبوبة قد قضى على حبهما أنساهما إياه..لعرف نفسه إن كان هذا البعد والمنفى الطويل عن وطنه قد جعله يألف وطناً آخر.. أو حباً آخر.. بعد أن طالت المسافات.. ومر العصر دون لقاء بالمحبوبة... ولكنه يستشف الجواب الأخير.. ويستنتج الموقف الصريح من ردود جميل وقيس... الردود المقنعة بالرمز والإيحاء.. ويقتنع بعد ذلك بأن الشعراء يكبرون.. والأجيال تمضي من الوطن في انتظار ( لا زمان له ).. في انتظار عودة العشاق.. عودة الآهل.. مهما طال الزمن, فالحبيبة, جسداً أم روحاً .

موجودة منتظرة ( فلها صورة الروح في كل شيء ) وان اغترب الشاعر.. وان تاه قيس.. فان الحبيبة حتى النهاية تنتظر ( المريض بليلى ).. تنتظر فارسها وحلمها وعاشقها دون اعتبار لزمن أو مسافة أو منفى قسري.

أما الرموز الفنية العميقة التي يشكلها الشاعر أو يبتكرها ويوظفها لتجسيد حالة ذهنية أو واقعية ينسجها في تراكيب قصيدته, فأنها كثيرة في قصائد درويش في المرحلة المتأخرة.. وربما تكون قصيدة ( بيروت ) تجسد كثيراً من الصور الشعرية الرامزة التي يبتكرها الشاعر في سياقات القصيدة وإيحاءاتها

يقول في مطلع قصيدته ( بيروت ) :

تفاحة للبحر, نرجسة الرخام
فراشة فجرية, بيروت, شكل الروح في

المرأة

وصف المرأة الأولى, ورائحة الغمام

بيروت من تعب ومن ذهب واندلس وشام

فضة, زبد, وصايا الأرض في ريش الحمام

وفاة سنبلة تشرد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت

لم أسمع دمي من قبل ينطلق باسم عاشقة

تنام على دمي...

وتنام... ( 8 )

فالقصيدة مليئة بالرموز والإشارات والإيماءات التي لا تنكشف مدلولاتها بسهولة أو من القراءة الأولى, وإنما تحتاج إلى وقفة طويلة وتحليل عميق واستحضار لمعجم الشاعر الفني ومتابعة سياقات القصيدة وصورها المتشابكة المترابطة من أول القصيدة إلى آخرها وباختصار فان الشاعر الذي يرسم صورة لبيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي لها وبعد تدميرها وبعد طرده وطرد المقاومة منها بالقوة ليبحث عن منفى جديد, يستحضر هذه الصور المعبرة المؤلمة عن صراع بيروت ما بين الفناء والبقاع صراع الحب, صراع الحياة والموت فصور التفاحة والنرجسه الفراشة والحمام والسنبلة.. كلها رموز للبقاء للحب.. للحياة.. ويقابلها أو يتربص بها صور البحر والصخر / الرخام والتعب والزبد والتشرد والدم.. وكلها رموز للفناء.. للحقد.. للموت.

ويرسم درويش صورة المواجهة, ويدبر هذه المقولة الشرسة فينا في القصيدة – رمزاً للمقولة الواقعية – ما بين رموز الموت ورموز الحياة.

وتحيره هذه الحرب.. تمزق أوصاله وأعصابه وذهنه.. فبيروت ( الوطن.. الملاذ.. الحبيبة.. فلسطين المقاومة.. الأحلام.. النصر ).. كلها تغرق الآن في امتحان عسير ), ( فبيروت خيمتنا الأخيرة ) يقول, أيستمر هذا الرحيل من خيمة إلى أخرى.. ومن منفى آخر, أيدفعني العدو والصديق إلى بحر لا نهاية له لإقناعي أني ( أدافع عن هواء ليس لي ) وقد كان دائماً هذا الهواء في سماء الأرض العربية كلها لي, لتنفسه واحميه أدافع عنه, أيتحول الوطن.. الماء.. الموج.. إلى زبد يذهب ( جفاء ) بعيداً, أيكون الملاذ.. أو ( الميناء.. هو القاتل ).

أتأتي الطعنه من الأمام ثم من الخلف.. ومن البحر ثم من الميناء الذي نسير إليه للوصول إلى شاطئ الأمان.

كان هذا الصخب المدوي في أعماق الشاعر الذي يمزقه ويوجع قلبه يتجسد في ثنايا قصيدة ( بيروت)

وكأنها تطواف شائك في أعماق النفس رامزاً إلى تطواف مفجع في ارض الواقع بعد تدمير بيروت والبحث عن منفى جديد.. ليدمر من جديد.. وهكذا إلى ما لا نهاية وقد يحتاج البحث في رموز قصيدة ( بيروت ) المتميزة المحكمة المكثفة إلى عشرات الصفحات لبلورتها وتحليلها وكشف اوجه الإبداع فيها, وهو ليس مجالنا هنا.

هوامش..

( 1 ) انظر : ديوان ( أحد عشر كوكباً ) 1993

سرير الغريبة 1999

( 2 ) حصار لمدائح البحر ص 221

( 3 ) المصدر نفسه, ص 21- 222

( 4 ) انظر قصائد ( أقبية أندلسية ) و ( رحلة المتنبي إلى مصر )

( 5 ) سرير الغريبة, ص 116 – 118

( 6 ) المصدر نفسه, ص 118

( 7 ) المصدر نفسه, ص 124
( 8 ) حصار لمدائح البحر, ص 145



جريدة الرأي الأردنية، الجمعة 20/7/2001
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 01:13 AM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

محمود درويش.. سقوط الحصانه عن الشعر والشاعر

بقلم: حبيب الزيودي









3 الرئيسية


3 المقدمة


3 سيرة حياته


3 مؤلفاته


3 مقالات وقصائد مختارة


3 قراءات


3 منتدى الحوار


3 اطلب نسختك


3 جديد محمود درويش


3 الواجهة الانكليزية


ينفي محمود درويش في حواره الأسبوع الماضي مع الفضائية اللبنانية ( ال. بي. سي. ) العلاقة بين الشاعر والنبي, وفي ضوء هذا الفهم لهذه الاستقلالية يسقط الحصانه عن الشعر والشاعر مع كل ما تكلفه هذه الحصانه من مفاهيم تجعل الشاعر فوق المساءلة, فالشاعر لا يقرأ الغيب أو يفتح أسراره ويفك طلامسه, وضمن هذا الفهم يحصر درويش وظيفة الشاعر ويضعه أمام مهمته الحقيقية وهي تقديم رسالة جمالية تتمرد على الثوابت وتبحث دائماً عن كل ما هو جديد ومثير ومجهول.

والذي أعاق الشعر العربي عن تطور طوال قرون خلت, هي الضمانات التي جعلت الشعراء يتمتعون بوراثة الأنبياء وإن كانت تلبس عمائم مختلفة تكفل لكل من يتقن العروض أن يضع نفسه فوق البشر العاديين, ويمضي في الشعر حيثما ماجت به تفاعيل البحر أو قاده زمام القافية.

وجدد درويش في حواره الغني هذا ثوابته الشعرية فهو شاعر غنائي, وهروبه من الغنائية أحيانا أو وقوفه بين الإيقاع والنثر ليس وقوف المحايد, فهو لا يخرج من الإيقاع ولا يدخل في النثر, وإنما يقف في المنطقة التي تؤهله لاستخراج كل ما فيهما من مثيرات تغري الشعر بالمغامرة والبحث الدائم عن الجديد.





جاب درويش عن السؤال الدائم الذي يطرح عليه في المقابلات, والذي يتعلق بطموحاته في الوصول إلى العالمية دون التخلي عن هويته الشعرية كشاعر عربي فلسطيني.. حيث يؤكد أن الترجمة لا تضمن لأي شاعر الوصول إلى العالمية, وفيما يتعلق بتجربته هو يؤكد, بالرغم من ترجمة كل أعماله الشعرية إلى اللغات الحية.

بأنه لا يدري هل وصل إلى العالمية أم لا, ولا ينفي زهده بالترجمة, ولا يخفي زهده بدور النشر الغربية التي توزع آلاف النسخ من أعماله المترجمة, ويعيد تأكيد طموحه إلى سعيه الدائم إلى التأثير في لغته وثقافته, فالقيمة الحقيقية للشاعر هي القيمة التي يحققها في ثقافة أمته وقدرته على تجديدها والإضافة إليها.. فهو زاهد في العالمية ومتشبث بثقافته العربية.

وعلى مدى رحلته الشعرية كان درويش يوظف كل طاقاته في بناء النص الجديد, ثم يوظف كل الطاقات بعد إنجازه لهدمه وتجاوزه, وبناء النص الذي يليه بأدوات مختلفة فهو يدخل إلى الشعر من بوابات مختلفة, ولا يعيد طرق الباب مرتين, فقد دخل إلى ديوانه " لماذا تركت الحصان وحيداً " من بوابة السيرة الذاتية للمكان والذات, وذهب إلى " سرير الغريبة " من بوابة الحب, ليستقر في " جداريته " في ظلال إحساسه بتجربة الموت.

الشاعر ناقد نفسه, في هذا التنقل بين الموضوعات والكتب والقصائد, ومهمته الحقيقية كما يعلن درويش أن يضيء المناطق المعتمة والجديدة, وان يأخذ القارئ إلى اللامتوقع الذي يضمن للشاعر والمتلقي الاستمتاع بلعبة الشعر.

خلاصة ما يتمناه درويش كشاعر وكفلسطيني أن يتحول إلى إنسان عادي, وحسب تعبيره العفوي الذي لا يخلو من الدعابة يتمنى أن يحلم مثل سائر خلق الله أحلاما عادية وسخيفة, وان يصل الفلسطيني إلى حالة الخلاص من فكرة البطل والضحية, ولكنه يؤكد أم كل فلسطيني هو عبد فلسطين حتى يتم التحرير, وقبل أن يصل الفلسطيني إلى ذلك فان حريته لا تكمن ألا في هذه العبودية.

وحول الخاص والعام يؤكد درويش انه يصل دائماً إلى العام من خلال الخاص وضمن هذا الفهم تحدث عن قريته وأحلامه الصغيرة وأمه " التي تلقي في قصيدته الأخيرة شالها " وعن ميراثه الثقافي الذي يتمثل في كل ما ورثته هذه المنطقة من سلالات ورسالات وثقافات, فهو كما صرحّ في بعض قصائده " ابن الساحل السوري " بكل ما سكبه هذا الساحل في ضميره من ثقافة وتاريخ وشعر وأسئلة ستظل متجددة على الدوام....

جريدة الرأي الأردنية، الجمعة 20/7/2001
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 01:17 AM   #6
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

محمود درويش مؤرخ التراجيديا الفلسطينية
لا القوة انتصرت ولا العدل الشريد

بقلم: حبيب الزيودي









3 الرئيسية


3 المقدمة


3 سيرة حياته


3 مؤلفاته


3 مقالات وقصائد مختارة


3 قراءات


3 منتدى الحوار


3 اطلب نسختك


3 جديد محمود درويش


3 الواجهة الانكليزية


في " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل " حكاية عن ضابط إسرائيلي يزجر امرأة عائدة مع طفلها إلى قرية تدعى : البروّة. يكتب اميل حبيبي في روايته الساخرة :

“فقامت المرأة وقبضت على يد ولدها وتوجهت شرقاً... وكلما ابتعدت المرأة وولدها ازدادا طولاً حتى اختلطا بظلهما في الشمس الغاربة, فصارا أطول من سهل عكا... “كان ذلك في عام النكبة 1948 والطفل في السادسة من عمره, وكانت المرأة والدة محمود درويش. بعد هذا التاريخ بسنين سيستعيد الشاعر وقائع ما جرى, ساخراً من هادم القرى “وسفاح الطفولة“ وعابثا ب " الشياطين التي تجعل من طفل نبياً".

كان درويش في عام النكبة قد نزح مع عائلته إلى لبنان, وعاد بعد عام إلى قرية لن يجدها بعد أن هدمها " جيش الدفاع " ليقاسم غيره من " عرب إسرائيل ", كما يقال, تجربة العيش في وطن مصادر.

ولأن الحياة لم تكن واسعة فوق ارض اغتصبت أسماؤها, بدأ درويش بخلق الأفق الذي يريد, فذهب إلى لغته وثقافته وعرف السجن في الرابعة عشرة وكتب الشعر قبل أن يلتقي بالسجن, الذي سيأخذ لاحقا أشكالا مختلفة.




كان شعر الشاب الناحل بحثا عن الأسماء وكتابة فوق كتابة ذاكرة تحتفظ بصور السهول الفلسطينية الآفلة.

فقد أدرك درويش, وفي سن مبكرة, أن من يسمي المواضيع يملكها ومن يكتب عن الوقائع يسيطر عليها وأن الذاكرة فراغ موحش دون حرف مكتوب ترتكن إليه.

ومع أن الشاعر " مؤرخ السماء ", بلغة رومانسية خالصة, فقد آثر محمود أن يكون المؤرخ الغريب للقدر الفلسطيني الغريب, يكتب عن ارض يراها من سماء بعيدة, ويتأمل السماء وهو واقف في لا مكان.

كتب المؤرخ بحروفه الغريبة عن أوجاع " عرب إسرائيل " صارخاً : " سجل أنا عربي ", وسجل " "احمد الزعتر" حين أرهقته الأوجاع العربية, وحاور الكون متفجعا في " مديح الظل العالي ", وهو يعيش خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت عام 1982, وساءل الحلم وانكساره في " أحد عشر كوكباً " عام 1992 بعد اتفاق أوسلو, حيث الخارطة الفلسطينية المقترحة تستجيب لمعايير " القوة" ولا تلتقي بالعدل الذي تطلعت إليه.

محمود درويش هو المؤرخ الغريب الذي يكتب التاريخ بلغة لا بتداولها المؤرخون. وفي مهنته الغريبة يكون الشاعر مقيداً وطليقا في آن. مقيداً وهو مشدود إلى صرخته الفلسطينية وطليقاً وهو يشتق الحزن الفلسطيني من تاريخ الشعر كله.

ولعل المرض، الذي أبعد الصخرة قليلاً, هو الذي أتاح لمحمود أن يلتقي بنفسه في " جداريه محمود درويش", إذ الشاعر يلتقي بالشعر الخالص وهو يتأمل قوة الحياة وهشاشتها في آن. بدا الشعر في " الجدارية " تتويجاً لمسار توزع على الاجتهاد والإبداع, ومرآة تكشف عن معرفة رفيعة وثقافة شعرية واسعة, احتضنت الشعر العربي القديم والحديث وموروثاً شعرياً كونيا متعدد الألوان. " لا يوجد الشاعر إلا بعد القصيدة. ومن القصيدة يولد الشاعر ". يقول (بلا نشو). ومهما يكون القصد الذي يرمي إليه الشاعر الفرنسي فإن تجربة درويش تؤكد الشاعر النجيب ابنا لمن سبقه من الشعراء النجباء, وأباً لقول شعري نجيب سيأتي بعده وينتسب إليه. وبسبب جهد إبداعي, تنظيم " قصيدته " الوجود " الشاعري " الذي تلتقي به, حول محمود التجربة الفلسطينية إلى قصيدة كونية.

وكان طبيعياً, في مدار منسوج من الموهبة والاجتهاد, أن يبدأ محمود شاعراً من " شعراء المقاومة ",

وان يصبح لاحقاً " شاعر المقاومة ", وان ينتهي لزوما, إلى الشاعر الذي ينتمي إلى ما شاء أن ينتمي إليه, وان تنتمي إليه أجيال من الشعراء.

انتمى الإنسان إلى فلسطين, وتوزع شعره على أمكنة وأزمنة مختلفة, كما لو كان الشعر يحاور القراء الذين سعوا إليه, قبل أن يلتحق بزمن الشعر الذي ينتظره.

نقل درويش قصيدته من زمن الوطن إلى زمن الشعر, محولاً فلسطين إلى مجازر شعري كبير وكان في جهده الدؤوب, 14 ديواناً, يرد بصوت مهموس على تسويق الشعر الرديء بموازين وطنية, ويحاور بهدوء تعارضاً مصطنعاً بين الشعر والثورة, مؤمنا بأن الشعر لا ينعزل عن الحياة, وأن قصيدة لا تظفر بقارئها المحتمل لا ضرورة لها.

لم يكن محمود يكتب القصيدة لجمهور واسع ينتظرها, بل كان يدخل إلى عالم شعري أصيل, يروض القصيدة ويروض قارئا ينتظر القصيدة. ولذلك لم يصطدم ب " شعر الغموض " ولم يخذل القصيدة الكبيرة التي يتطلع إليها, وظل في ذاك الموقع الصعب والفريد الذي يلبي القصيدة ومستجدات الحياة والقارئ الفطين الذي يصفق للقصيدة.

وفي هذه التجربة الشعرية كان الوطن حاضراً لا يغيب, يستو لده الشاعر من نسيج شعري, لا يرتهن إلى الجغرافيا وينفتح على تاريخ متعدد ألا زمنه.

لم يصدر إبداع قط عن انتصار أو نشوة منتصرة. كما لو كان الإبداع بحثا متوحداً عن جهات الروح الضائعة وحوار مع دليل مشبع بالضياء. لذا ترشح التراجيديا في مشروع درويش الشعري كله, وتكون تراجيديا ثنائية الصدر: تصدر عن تجربة فلسطينية تتعامل مع قرية انهدمت وغرفة قلقة ابتعدت وطفل خرج ولم يعد إلى بيته ثانية، وتصدر عن عملية الإبداع ذاتها, حيث القصيدة في مكان ومثالها الشعري في مكان لا يرى. وفي الحالين تتعامل الكتابة المبدعة مع المفقود والهارب والمحتجب ومع " مطلق شعري " عصيّ علي التعريف. فالمطلق الذي تبحث عنه قصيدة درويش " كان " " لا ما يكون " بل كان وانفقد وفقدان الذي " كان " ولا يبشر بعودة هو الذي يملي على درويش أن يقرأ "المطلق " في البسيط والمعقد وفي ضوء النهار وسدف الليل وان يسأل كثيراً ولا ينتهي إلى إجابة.

يقول درويش " سأصير يوماً فكرة, لا سيف يحملها إلى الأرض اليباب ولا كتاب. كأنها مطر على جبل تصدع من تفتح عشبه. لا القوة انتصرت ولا العدل الشريد." في مكان ما "مطلق" يسأل عنه محمود درويش, منذ أن زجر الضابط الإسرائيلي والدته, وكان في السادسة من عمره حتى اليوم...

جريدة الرأي الأردنية

الجمعة 10/8/2001
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 11:57 AM   #7
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

اطمئن يا محمود فالسائرون وراءك أكثر من عشرين !!

--------------------------------------------------------------------------------

قد تكون جنازة الشخص الغريب جنازتي والسائرون وراءه عشرون شخصا ما عداي!



حسين نصرالله












منذ رحيل المتنبي لم يفجع الشعر العربي برحيل قامة من قاماته الكبار، مثلما فجع بفقدان نجمه بامتياز محمود درويش. منذ بداياته الأولى استطاع هذا الشاعر أن يحرر القصيدة العربية من'المثالب' التي هيمنت على لغة الشعر قبله. لقد كان مسعى درويش الأول هو التحرر من فخامة الكلاسيكيين وبلاغتهم وجهوريتهم، ومعه لم يعد اللفظ الرقيق هدفاً للخلق، بل اللفظ المشحون المضطرب برموزه.
إنه سيد الصورة الشعرية، تلك الصور الغنية والمتحررة والمضيئة، مكتوبة بلغة لا تقارب التعقيد ولا تسقط في فخاخ الغرابة، وهي رغم ذلك متفردة تحمل ميسمها الطليق، الجذاب والقادر على الحياة وعلى الآخرين. قصائد تتوهج بنورها الخاص وهي لشدة حميميتها تأخذ بمجامع القلوب وتستأثر بها، وتعلق بالذاكرة، وكأنها تملك طاقة الحفر وموهبة النقش في أذهاننا.
دائماً يعطينا هذا الشاعر الصورة غير المتوقعة، الصورة المدهشة التي لم نعتد عليها يوماً، وها هو يدعونا إلى'تربية الأمل' ويحرضنا على اجتراح 'ذاكرة للنسيان'، ومعه نعثر على ذلك الجنوح نحو تمثيل الحياة العريضة المتفتحة المغاليق، نحو إيجاد معان جديدة في الأشكال والألوان والأشياء، وفي علاقتها بالإنسان وتجربته. إن في صوره (وخصوصاً في أحدث قصائده) غرابة ذات معنى داخلي، فكأنها تصدر عن النفس العميقة الجارفة الاندفاع كالنهر، وفيها مفاجأة الأشياء الغريبة واصطدام الرؤية بالمعنى البكر المعتق، البريء المتحذلق، المختمر بمعاني الأشياء في روحها البدائية، وفي محتواها الحضاري الجديد.
إن مغامرة محمود درويش الأولى هي مع المعنى، لكنها في الوقت نفسه مغامرة مع اللغة، فاستعماله للكلمات بعيد عن المألوف، وقاموسه الشعري غني بالدلالات، وهو مغامر جريء توصل إلى أسلوب شعري خاص به، وفرض على لغة الشعر كلمات لم يسبق لها أن استعملت في الشعر. إنه شاعر المعنى والإيماءة والتوهج، وإذا كانت الكلمات في شعره تحافظ إلى هذا الحد أو ذاك على معناها الأول، إلا أنها أيضاً وهنا فرادتها تكتسب قرائن جديدة فهو يقف في منتصف الطريق بين الشعر والفلسفة. إن كلماته، متوهجة، فجائية، راعشة بحالات قلقها وجدتها وغرابة استعمالها، تبعث الرعشة الشعرية في النفس، وهي الأكثر قدرة على الإحاطة بالكائنات والأشياء من حولها، ومن تجارب الإنسان جميعها، دينية وسياسية وشخصية.
بسرعة بدأ محمود درويش حواره النقدي مع الأسلاف، وبحث الشاعر عن اتجاهه وطريقه في مجموعته' أحبك أو لا أحبك'، و'الكتابة على ضوء البندقية' و'أوراق الزيتون' ، تحولت القصيدة إلى أداة لا غنى عنها، إنها باتت تستخدم في غرض حيوي، بل بالإمكان القول إن مثل هذا الشعر كان من وحي الساعة، وعكس على طريقته الجانب الموقوت المحدود بالظروف السياسية والاجتماعية، فبدا بدوره موقوتاً ومرهوناً بظروفه - ولم يكن الاتصال من طابع القصيدة الفلسطينية في ما مضى من تاريخها، ولا أظن أنه كان طابعها في أدب من الآداب. لقد كان شعر درويش في تلك المرحلة شعراً يتسم بالجهد والعناء، لا يطفر طفرة حتى يتجاوزها، ولا يتصل بتراث حتى يعلن عليه القطيعة- أي انه كان مرهوناً بظروف بلده ومبدعه في أغلب الأحوال. لكن رغم هذه السمات إلا أن القصيدة الدرويشية لم تكن تهرب من مواجهة الأزمات، أو تنقل رد الفعل إلى عالم جمالي منعزل، بل رأينا أن مجموعات هذا الشاعر سرعان ما حظيت بالكثير من الإعجاب والاحترام والتقدير ولاقت نجاحاً نادراً وأقبل عليها القراء أيما إقبال 'حبيبتي تنهض من نومها'، و'محاولة رقم 7'، و'تلك صورتها وهذا انتحار العاشق'، مع هذه المجموعات طرأت على قصيدة درويش بعض التغيرات، كانت في مجموعها أقرب إلى روح المغامرة الجسورة، من دون أن تفقد هذه القصائد طابعها السياسي الملتزم. نعم في هذه المرحلة سطع نجم درويش وتوهج في سماء الشعر العربي حتى أوشك أن يطفئ كل ما عداه. لقد ارتبطت قصائده بموقف فكري وأخلاقي صلب لا يلين. وهذا هو الذي جعله من بين قلة بين شعراء وطنه الذين لم يضعف نتاجهم ولم يتغير أو ينقطع حتى بعد هجرته من وطنه فلسطين. أصبحت القصيدة عنده دعوة سياسية تهم الرأي العام، سلاحاً للكفاح في سبيل العدل والتقدم والتحرر والسلام، أداة للفعل والثورة والتغيير. واستقبل الناس في العالم العربي كله نموذجه الشعري المستفز المتحدي بالغضب أو الترحيب. وها نحن من جديد إزاء رسالة الشعر الذي يجب أن يكون عوناً على الفعل.
لقد ظل شعر محمود درويش في حركة دائمة وتحول لا يعرف الراحة أو الاستقرار، والكلام عن المدارس والحركات والاتجاهات في القصيدة الدرويشية أمر يوقعنا في التبسيط، ذلك أنه من أصعب الأمور أن نفرض على الشعر في عصر أو مرحلة معينة شكلاً ثابتاً أو قالباً جامداً، ولذلك يحسن بنا الحديث عن القصيدة الدرويشية، بدلاً من الحديث عن الشعر، فهناك القصيدة السياسية، وقصائد الحب، وقصائد الومض والحكمة والتوهج، وقصائد التجريب أو اللعب، وكل هذا يقودنا إلى قصائد التأمل أو الصمت إذا جازت التسمية. وفي كل مرحلة من هذه المراحل كنا نتعرف على محمود درويش صاحب الطموح الشعري الأعلى والوعي الشعري الأرقى والمعرفة الشعرية الأغنى. نعم محمود درويش الذي تمرد منذ بداياته على الرواد أعطى شعره شحنة تجريبية تجديدية جعلت الشعر يطرح أسئلته بطريقة مختلفة عن تقنيات الرواد. ففي شعر هؤلاء الأخيرين كانت الحداثة تحدد بالقافية والوزن، لكن عقلية القصيدة وروحيتها تكونان مختلفتين جداً ومكتوبتين بوزن حديث، أما مع درويش فقد اكتشفنا أن نظرته للحداثة مؤسسة على رؤية جديدة للعالم بما في ذلك النص الشعري وطريقة بنائه وطريقة استيعابه لعصره وطريقة إعادة الحياة إلى اللغة. الحداثة الشعرية عند درويش كانت تقوم على كيفية إعادة الحياة إلى اللغة على إيقاع زمن القصيدة الحديث، والتي هي في المحصلة إعادة نظر بالتراث والتاريخ ونقد الذات وفهم العالم الجديد.
نعم لقد أدرك درويش أن شعر الرواد كان تبشيراً بالحداثة أكثر منه تحقيقاً لها، لكنه رغم هذه المعرفة كان يدرك أيضاً أهمية الدور التاريخي الذي لعبته قصائد هؤلاء الرواد أمام الجيل الجديد الذي لم يحتج إلى أن يبرهن على شرعيته، ما دام هناك جيل سابق خاض هذه المعركة مع التقليد والقديم. هكذا ورث الجيل الدرويشي حالة شعرية شرعية، ولم ينشغل بالصراع مع العمودي ولا بالصراع مع الديني أو المقدس... إذ كانت الأرض ممهدة أكثر لأن يزرع الشعراء الشباب تجربتهم ويغامرون، لأن المناخ بات صالحاً للتجربة وأصبح أي اقتراح شعري حديث مقبولاً عند الذائقة العامة، إلى حد الفوضى أحياناً.
واللافت أن درويش الذي يملك حساً نقدياً عالياً قلما كتب شيئاً غير الشعر، بل هو من بين قلة من الشعراء الذين كتبوا شعراً أكثر مما تكلموا عن الشعر وأكثر مما اشتغلوا بالتنظير للشعر. إلا أنه لم يفعل ذلك من منطلق أنه من الصعب على الشاعر ناقداً أن يكون عادلاً مع نتاجه، ذلك لأنه من وجهة نظر درويش فان الشاعر الذي يقدم نظرية شعرية، مهما ادعى الموضوعية أو القدرة على التعامل مع نصوص غيره، سيكون مشغولاً أكثر بالتنظير لتجربته. وفي رأي درويش أن الشعر يقول نظريته أكثر مما تقول نظريته عنه، أي ان الشعر يقول عن الشعر أكثر مما تقول النظرية عن الشعر. مع درويش الشعر هو الذي يقول ذاته، وعلى المنظر أو الناقد أن يستنبط المفهوم الشعري عند الشاعر من خلال قراءته لشعره.
هل لهذا السبب عندما ينظر هذا الشاعر إلى الوراء لا يحس بالرضا أبداً؟! وهل لهذا السبب اكتشفنا مراراً أن درويش هو أكثرنا مقدرة على نقد ذاته وعلى اكتشاف ما ليس شعرياً في شعره؟ كان محمود درويش يملك القدرة على إعادة النظر في كل نص من نصوصه النثرية والشعرية على حد سواء. ولذلك كان يردد باستمرار أنه لو أتيح له أن يعيد كتابة ما كتبه فقد لا ينشر منها إلا نحو خمسة فقط.. هذا هو تواضع المبدع.
لقد اجتهد درويش كي يصل بقصيدته إلى مرحلة الشعر الصافي، رغم أنه كان يدرك استحالة هذه المهمة، لكننا حين نقرأ له ليس أمامنا إلا أن نصدق أنه موجود ، وأن هذه القناعة هي التي كانت تحرضه على مواصلة البحث والكتابة، وذلك بهدف إعطاء النص الشعري قدرات جمالية تسمح له أن يحقق حياة أخرى في زمان آخر، ليكون ابن تاريخه، وليستقل في الوقت نفسه عن تاريخه وظرفه الاجتماعي، وينظر إلى مستقبل غير مرئي. ومن دون أن يقتنع درويش بأن هذا المستقبل غير موجود إلا أنه كان أكثرنا تصديقاً أن الشعر يستطيع أن يتحرر مما ليس منه، وما ليس منه هو الراهن القابل للتبدل السريع. محمود درويش شاعر المعنى بامتياز، ومن وجهة نظره أن التمرد على المعنى هو تمرد على مفهوم حرية الإنسان ووجوده وإنسانيته، ورغم انحيازه الموضوعي إلى الكلام المفيد إلا أنه كان يدرك أنه في حياتنا المعاصرة تموت الكثير من المعاني الكبرى وتتساقط، لذلك حاول في شعره أن يقدم لا معنى مضاداً للامعنى الخارجي، وكانت قصائده تكشف عن شاعر يؤمن بحقه في العبثية واللعب، لأنه يعتبر أن هذه العبثية هي الرد الجمالي الأفضل على الفوضى السائدة أو سقوط المعاني الكبرى. والسؤال: هل هناك إمكانية معنى؟ يجب على الشعر أن يصدق أن هناك معنى، وكذلك على الإنسان أن يصدق، وإلا دخلنا في العدمية المطلقة، في اليأس من الحركة حتى، وهذا ما قاومه درويش في تجربته الإبداعية والإنسانية.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:07 PM   #8
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ليلٌ يفيض من الجَسَد *
ياسَمينُ على لَيْلِ تَمَوزَ , أُغْنيَّةٌ

لغَريبَيْنِ يلتقيانِ على شارع

لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ ...

مَنْ أَنا بعد عينين لُوزتَّينِ ؟
يقول الغريبْ

مَنْ أَنا بعد منفاكَ فيِّ ؟ تقَولُ الغريبْة

إذنْ , حسناً , فلنَكُنْ حَذِرَيْنِ لئلا

نُحَرِّكَ مِلْحَ البحارِ القديمةِ في جَسَد يتذَكَّرُ ...

كانت تُعيدُ لها جَسَدَاً ساخناً ,

ويُعيدُ لها جَسَداً ساخناً ,

هكذا يترُكُ العاشِقانِ الغريبانِ حُبَّهما فَوْضَوِيَّاً,

كما يتركان ثيابَهما الداخليَّة بين زُهور الملاءات ...

إن كُنْتَ حقاً حبيبي , فأَلِّفْ

نشيدَ أَناشيدَ لي , واحفُرِ اسمي

على جذْع رُمُانة في حدائِقِ بابلَ ...

- إن كُنْتِ حقاً تُحِبِّينَني , فَضعي

حُلُمي في يديَّ . وقولي لَهُ , لابنِ مريمَ ,

كيف فَعَلْتَ بنا ما فعلتَ بنفسِكَ ,

يا سيِّدي ؟ هل لدينا من العَدْل ما سوف

يكفي ليجعلنا عادلين غداً ؟

كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟

كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟

يُعْتِمانِ معاً في ظلالِ تشعُّ على

سقف غُرْفَتِهِ : لا تكُنْ مُعِتْماً

بَعْدَ نهديَّ – قالت له ...

قال : نهداكِ ليلٌ يُضيءُ الضروريَّ

نهداكِ ليلٌ يُقَبِّلُني , وامتلأنا أَنا

والمكانُ بليلٍ يَفيضُ من الكأسِ ...

تَضْحَكُ من وَصْفِهِ , ثم تضحك أَكثَرَ

حين تُخَبِّئُ مُنْحَدَرَ الليل في يدها ...

- يا حبيبي لو كان لي

أَنْ أَكونَ صَبيَّاً ... لكُنْتُكَ أَنتَ

- ولو كان لي أَنْ أَكونَ فتاةً

لكنتُك أَنتِ ! ....

وتبكي , كعادتها , عند عَوْدَتِها

من سماءِ نبيذيّةِ اللون : خُذْني

إلى بَلَد ليس لي طائرٌ أَزرقٌ

فوق صَفْصَافِةِ يا غريبُ !

وتبكي , لتَقْطَعَ غاباتِها في الرحيلِ

الطويل إلى ذاتها : مَنْ أَنا ؟

مَنْ أَنا بعد مَنْفاك في جسدي ؟

آهِ منِّي , ومنكَ ومن بلدي

- مَنْ أَنا بعد عينين لوزتَّين ؟

أَرِيني غَدي! ...

هكذا يتركُ العاشقانِ وداعَهُما

فَوْضَوِيَّاً, كرائحةِ الياسمين على ليل تمُّوزَ..

في كُلِّ تمُّوزَ يَحْملُني الياسمينُ إلى

شارع , لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ ,

بَيْدَ أَني أُتابعُ أُغنيّتي ...



(من ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" 1995 )
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:09 PM   #9
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

قصيدة الأرض ** ( مقطع )

مساءٌ صغيرٌ على قريةٍ مُهمَلهْ
وعينان نائمتانْ

أعود ثلاثين عاماً

وخمسَ حروب

وأشهد أن الزمانْ

يخبئ لي سنبلهْ



يغنّي المغنّي

عن النار والغرباء

وكان المساء مساء

وكان المغّني يُغَنّي



ويستجوبونه :

لماذا تغّني ؟

يردُّ عليهم :

لأنُي أُغنّي

وقد فتَّشوا صدرَهُ

فلم يجدوا غير قلبهْ

وقد فتشوا قلبَهُ

فلم يجدوا غير شعبهْ



وقد فتَّشوا صوتَهُ

فلم يجدوا غير حزنهْ

وقد فتَّشوا حزنَهُ

فلم يجدوا غير سجنهْ

وقد فتَّشوا سجنَهْ

فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود



وراء التلال

ينام المغَّني وحيداً
وفي شهر آذار ...

تصعد منه الظلال ,,,,,,.



(من ديوان "أعراس" 1977)





السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:11 PM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

لحن غجري *
شارعٌ واضحٌ
وَبِنْتْ

خَرجتْ تُشعلُ القمرْ

وبلادٌ بعيدةٌ

وبلادٌ بلا أثرْ ..



حُلمٌ مالحُ

وصوتْ

يحفر الخصر في الحجرْ

اذهبي يا حبيبتي

فوق رمشي .. أو الوَتَرْ



قَمَرٌ جارحٌ

وصمتْ

يكسرُ الريح والمطرْ

يجعل النهرَ إبرةٌ

في يدٍ تنسج الشَجَرْ



حائطٌ سابحٌ

وبيتْ

يختفي كُلَّما ظَهَرْ

رُبَّما يقتلوننا

أو ينامون في الممّر ...



زَمَنٌ فاضحٌ

وموتْ

يشتهينا إذا عَبَرْ

انتهى الآن كُلُّ شيء

واقتربنا من النَهَرْ

انتهت رحلةُ الغَجَرْ

وتعبنا من السَفَرْ



شارعٌ واضحٌ

وبنتْ

خرجت تَلصق الصُوَرْ

فوق جدران جُثَّتي ..

وخيامي بعيدة

وخيامٌ بلا أثَرْ ...



(من ديوان "حصار لمدائح البحر" 1984)

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .