هل دفــنت حــليمــة الســعــدية في المدينة النبوية ؟

[الصمصام]

هل دفنت حليمة السعدية في المدينة المنورة؟

اطلعت على موضوع لأخت فاضلة في أحد المنتديات عنوانه( رحلتي لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم )
ومن ضمن الصور التي رأيتها صورة قبر من قبور البقيع منسوب للسيدة حليمة السعدية .
توقفت عند هذه الصورة وعند المعلومة المرفقة بها بأن صاحبة القبر هي :حليمة السعدية .
ما أوقفني أن هذه المعلومة لم تمر علي من قبل ولم أسمع أو أقرأ بأن السيدة حليمة دفنت في بقيع الغرقد
فأحببت التأكد من ذلك من باب طمأنة النفس حول صدق المعلومة ومن باب زيادة المعرفة فما أكثر الذي
لا يعرفه المرء منا ومهما قرأ الإنسان سيبقى غير عالم بالكثير من المعلومات فبحر العلم ليس له ساحل
وقد سألت أختنا الفاضلة عن مصدر المعلومة والصورة فأخبرتني بأن مصدرها المؤسسسة الخاصة بالرحلات الدينية في المدينة المنورة وأن من أفادها بذلك المرشد السياحي للمؤسسة فزاد استغرابي وزادت رغبتي للتأكد من المعلومة
خاصة أن مصدرها مؤسسة متخصصة في هذا الباب فهل يعقل أن تمد زوار المدينة بمعلومات خاطئة!
كما أن الصورة بدت من مأخوذة من مطبوعة أو من كتاب عن المدينة النبوية وليست من تصوير صاحبة الموضوع ومعنى ذلك أن المعلومة ليست من لسان مرشد فقط وإنما موثقة .
فطلبت رقم المؤسسسة فأخبرتني أنها ستوافيني بالرقم ولكن يلزمها بعض الوقت .
خلال ذلك قمت ببحث من جهتي حول الموضوع

فبدأت أولا ببحث سريع في الشبكة العنكبوتية ووجدت مايفيد بأن حليمة السعدية ماتت ودفنت في البقيع في السنة الثامنة من الهجرة النبوية ولكن المصادر غير موثوقة وقد انقسمت لقسمين:

المصدر الأول المنتديات وكما نعلم لا يمكن الركون أبدا للمنتديات كمصادر ومراجع .

المصدر الثاني: مواقع الشيعة وكما بدا لي أن المراجع الشيعية تثبت هذا الخبر وكما نعلم أيضا أن المراجع الشيعية لا يعتمد عليها وهي مراجع يكثر فيها الكذب والتدليس وأغلب الظن أن خبر دفنها في البقيع مأخوذ من المراجع الشيعية.


فتركت النت واتجهت للبحث عن طريق الكتب والمراجع الموثوقة – ستجدونها في نهاية الموضوع- ولم أجد في أي منها مايفيد بدفن حليمة في المدينة المنورة حتى عمر كحالة مؤلف موسوعة أعلام النساء لم يذكر شيئا عن وفاتها وقد أثبت ا لمراجع التي عاد إليها في شأن حليمة وهي:تاريخ الطبري وسيرة ابن هشام والمصطفى لعبدالملك النيسابوري(مخطوط) والاستيعاب لابن عبدالبروأسدالغابة لابن الأثيروالإصابة لابن حجر ودرة الغواص للحريري والوافي بالوفيات للصفدي(مخطوط) .

وهذا يدل على عدم ورود خبر في أي من المصادر السابقة عن وفاتها ومكان قبرها .


خلاصة البحث:

د تضاربت الروايات بشكل عام حول وفاة حليمة السعدية ما بين وفاتها قبل فتح مكة ووفاتها بعد ذلك كما تضاربت في شأن اسلامها ووفاتها دون أن تسلم وذكرت بعض الروايات أنها التقت بالرسول مرة واحدة قبل بعثته في مكة وذكرت الروايات الأخرى التي تقول بعدم وفاتها قبل الفتح بأنها التقته في الجعرانة بعد غزوة حنين وحصار الطائف وأنها وفدت عليه في من وفد من بني سعد.

ولو أخذنا بمقولة وفاتها في المدينة في السنة الثامنة من الهجرة فمعنى ذلك أنها صحبت النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ولم تعد إلى قومها بعد أن وفدت عليه في الجعرانة وتكون بذلك قد ماتت في شهر ذي الحجة من العام الثامن لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرجع إلى المدينة إلا في نهاية شهر ذي القعدة من ذلك العام،فهل يعقل أن تعود معه ولا يذكر خبر ذلك وتموت في دار الهجرة ويجهل خبر وفاتها وهي مرضعة النبي الكريم ، كيف يكون ذلك وقد علم الصحابة مكانتها من النبي صلى الله عليه وسلم والحديث الوارد في قدومها عليه في الجعرانة يبين تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لها حين بسط لها رداءه فجلست على ردائه المبارك حتى سأل راوي الحديث تعجبا عن من تكون هذه المرأة البدوية المجهولة التي عظمها النبي عليه السلام وسرّ برؤيتها وأكرمها كل هذا الاكرام .

وقد بقي السؤال مطروحا في نفسي ولم أجد في ما قرأت ما يذهب هذا السؤال فربما يكون قد فاتني ما غفلت عنه حتى وقعت على بحث ثمين صادر عن مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة
وعنوانه :( مرويات غزوة حنين وحصار الطائف ) جمع وتحقيق ودراسة دكتور إبراهيم بن إبراهيم قريبي
وقد استقصى الباحث في الجزء الأول من رسالته الأحاديث الواردة في شأن حليمة وقدومها على النبي صلى الله عليه وسلم واستقصى الروايات التاريخية حول اسلامها كما أورد ردود بعض العلماءعلى من قال بوفاتها قبل بعثته وخلص إلى القول :

(ويستأنس بهذا الأثر مع ما قبله من الآثار السابقة الواردة في هذا الصدد أن أم الرسول صلى الله عليه وسلم قدمت عليه الجعرانة،والآثار السابقة وإن كانت لا تخلو من مقال لكنها يعمل بها في مثل هذه المسألة التاريخية ، إذ لا يوجد معتمد فيها إلا هذه الآثار وليس لها معارض يدفعها. )

وهكذا هدأت نفسي بعد الاطلاع على هذا البحث القيّم وزال تساؤلها وثبت لدي بأن حليمة السعدية لم تدفن في المدينة المنورة فلو ورد خبر لوفاتها في أي مصدر من مصادر الحديث أو التاريخ المعتمدة لذكره الباحث وأورده ضمن ما أورد من أحاديث وروايات حول قدومها على الجعرانة وحول اسلامها ولو كان هناك خبر حول دفنها في المدينة لاعتمده الباحث وأيضا من قبله من علماء السلف مِن مَن عدوها في عداد الصحابة رضوان الله عليهم وعليها وكان لهم ذلك دليلا واضحا وحجة دامغة في الرد على الروايات التي تقول بوفاتها دون أن تسلم .

وخلاصة القول مما سبق هو :أن السيدة حليمة السعدية لم تمت وتدفن في المدينة النبوية ويبقى هذا هو الخبر الصحيح لدي إلا أن أجد ما ينفي ذلك وينقضه .
والسؤال الآن : كيف لمؤسسة خاصة بالرحلات الدينية ومركزها المدينة النبوية أن تمد زوار المدينة بمعلومة خاطئة كهذه دون أن تتثبت من المعلومات التي تعطيها للحجاج والزائرين؟
وهل لديها مصدر موثوق لهذه المعلومة أم أنها أخذته من أي مصدر كان دون التأكد منه؟
يبقى السؤال معلقا حتى يتم الاتصال بهذه المؤسسة ومعرفة مصادرها فربما نجد عندهم ما ينقض كل كلامي السابق.


===========================================

المصادر التي عدت إليها :صحيح البخاري :

تاريخ الطبري
تاريخ ابن خلدون
الكامل في التاريخ لإبن الأثير
زاد المعاد لإبن القيم
سيرة ابن هشام
الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري
الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين لغالي محمدالأمين الشنقيطي
نبذة من السيرة النبوية لمبشر الطرازي الحسني

السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري
السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي
فقه السيرة لمحمد الغزالي
أعلام النساء عمر رضا كحالة
مرويات غزوة حنين وحصار الطائف دكتور إبراهيم بن إبراهيم قريبي

[الوافـــــي]

أخي الفاضل / الصمصام

كم يسعدنا بل يشرفنا أن نراك بيننا ومعنا دائما هنا
وعن الموضوع أقول :

كثيرة هي الآثار المنسوبة زورا وبهتانا إلى غير أصلها
وأنا هنا لا أتحدث عن قبر ( حليمة السعدية ) أبدا
بل أتحدث عن الآثار عموما ، والقبر المشار إليه في موضوعك عن مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم واحد منها
ولعلي أنا أيضا أستغرب أن يكون قبر السيدو حاليمة السعدية في المدينة المنورة
فالذي أعرفه أنها من الطائف أو من ضواحيه ، ولم يتغير هذا الفهم أو تلك المعرفة
حتى وإن وجدت من يقول خلاف ذلك
ثم إن أمر وجود القبر هنا أو هناك لا يشكل قيمة عند السعوديين
ولكنه يشكل لبعض المسلمين من أقطار أخرى قيمة من نوع خاص
قد يحسبون لها ألف حساب
مع أن الأخطاء قد تقع من ( المرشدين ) فما يقومون به هو ( تجارة ) غالبا
وسواء كان قبر حليمة السعدية في المدينة أو في الطائف أو في غيرهما
فذلك لا يعني قيمة أثرية أو تاريخية مهمة تحتاج عناء البحث أو التقصي
تلك هي رؤيتي الخاصة والله أحكم وأعلم

تحياتي

[الصمصام]

المشاركة الأصلية بواسطة الوافـــــي

أخي الفاضل / الصمصام

كم يسعدنا بل يشرفنا أن نراك بيننا ومعنا دائما هنا :)
وعن الموضوع أقول :

كثيرة هي الآثار المنسوبة زورا وبهتانا إلى غير أصلها
وأنا هنا لا أتحدث عن قبر ( حليمة السعدية ) أبدا
بل أتحدث عن الآثار عموما ، والقبر المشار إليه في موضوعك عن مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم واحد منها
ولعلي أنا أيضا أستغرب أن يكون قبر السيدو حاليمة السعدية في المدينة المنورة
فالذي أعرفه أنها من الطائف أو من ضواحيه ، ولم يتغير هذا الفهم أو تلك المعرفة
حتى وإن وجدت من يقول خلاف ذلك
ثم إن أمر وجود القبر هنا أو هناك لا يشكل قيمة عند السعوديين
ولكنه يشكل لبعض المسلمين من أقطار أخرى قيمة من نوع خاص
قد يحسبون لها ألف حساب
مع أن الأخطاء قد تقع من ( المرشدين ) فما يقومون به هو ( تجارة ) غالبا
وسواء كان قبر حليمة السعدية في المدينة أو في الطائف أو في غيرهما
فذلك لا يعني قيمة أثرية أو تاريخية مهمة تحتاج عناء البحث أو التقصي
تلك هي رؤيتي الخاصة والله أحكم وأعلم

تحياتي

:)

أخي الفاضل الوافي

أبقاك الله وأدامك

وأنا من يتشرف بوجودي بينكم

إثبات مثل هذا الموضوع تكمن في أهميته وحقيقته التاريخية وهذا هو الهدف من الموضوع

فالحقائق التاريخية يجب إثباتها إن استطعنا ذلك.

فالمشكلة ليست أنها من الطائف أو ضواحيها فكثير من الصحابة ليسوا من المدينة وإنما هاجروا إليها فمسقط الرأس ليس دليلا لأن المرء قد ينتقل لمكان آخر .

لكن الحقائق التاريخية والمصادر هي مرجعنا في هذا الأمر

وهي من وجهة نظري مهمة وتستحق عناء البحث والتحري فلا يمكن أبدا أن نغفل أهمية التاريخ ومصادره وآثاره.


ولك مني الشكر على مداخلتك اوتعليقك


لك كل التحية وكل التقدير

[العنود النبطيه]

الاصدقاء اوطان صغيرة
ونحن نشتاق اليك يا وطن
متى تشرق شمسك على الخيام من جديد
طال انتظارنا
وطال ليل الخيام

شاعرنا واستاذنا ومعلمنا الكبير الصمصام
ننتظرك يا ابا هاشم على الوعد
فلا تطل الاحتجاب

نحتاج الى نورك يبدد عتمة الغياب