هل كان مسيلمة الكذاب مسلما؟
تظهر في كتابات حروب الردة أن شخصاً اسمه (مسيلمة) كان من بين المرتدين الذين حاربهم الخليفة أبو بكر الصديق رضوان الله عليه. وكان يدعي النبوة. فهل كان (مسيلمة) هذا مسلماً بالأصل ثم ارتد؟ أم أنه لم يعتنق الإسلام أصلا؟
من هو مسيلمة؟
روى الجاحظ والطبري والواحدي أنباءَ عن مسيلمة هذا وناقش الدكتور العلامة جواد علي في مفصل تاريخ العرب قبل الإسلام مقولاتهم، وها نحن نلخص ما قيل في هذا الدعي الكذاب.
إنه مسيلمة بنُ ثمامة ابن كبير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هفان بن ذهل بن الدول بن حنيفة" و "مسيلمة الكذاب بن حبيب" ثمامة بن كبير، وجعله بعضهم "مسيلمة بن حبيب". وجعلوا كنيته "أبا ثمامة" وقيل "أبا هارون" و "أبو ثمالة". وذكروا أنه كان يسمى ب "الرحمان" قبل مولد "عبد الله" والد رسول الله، "وكانت قريش حين سمعت: بسم الله الرحمن الرحيم، قال قائلهم:
دق فوك، إنما تذكر مسيلمة رحمان اليمامة ". وذكروا أنه دعا إلى الرحمان، أي إلى عبادة الرحمان. بينما عرف نفسه ب "الرحمن"، فقيل له: "رحمان اليمامة". وأنه دعا إلى عبادته هذه قبل النبوة، وقد عرف أمره بمكة، فلما نزل الوحي على الرسول، قال أهل مكة إنما أخذ علمه من "رحمان" اليمامةّ. وقالوا له: لا إنا قد بلغنا أنك إنما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن، ولن نؤمن به أبداً ". فأنزل الله سبحانه: {وهم يكفرون بالرحمن. قل: هو ربي}.
وقال الواحدي إنه من المعمرين، وذكر أنه عندما قُتل كان عمره مائة وخمسون عاماً، وهو أمر مبالغ فيه. وقد قتله (وحشي) قاتل حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه.
مسيلمة وادعاءاته
يبدو من القراءة، أن مسيلمة كان ذكياً ولديه اطلاع على مسائل لم يطلع عليها قومه، ولا أستبعد أنه كان على صلة مع يهود الجزيرة، يُنسق معهم في وضع العراقيل أمام نشر الدعوة الإسلامية.
من حيله: أنه صب الخل على بيضة حتى لان قشرها، وأدخلها في زجاجة، ولما عادت هيئة قشرتها الى حالتها الصلبة، أبرزها لقومه واعتبرها آية ومعجزة، فصدقوه.
ولكن كان أحدهم يريد أن يمتحنه، فنتف ريش جناحي حمامة، فقرعه مسيلمة قائلاً له: كيف تقص ريش طائرٍ زوده الله به؟ ولو أراد الله لما جعل له جناحين؟ فبادره الرجل: أعِد له القدرة على الطيران يا مُدخل البيضة في الزجاجة. فطلب منهم أن يدخل الى غرفة ويختلي بربه، وهناك قام بزرع ريشٍ كان في جيبه (يذكر الطبري أن مسيلمة كان على علم بهذا الامتحان)، وأخرج الحمامة وأطلقها فطارت، فخر له من في المجلس ساجدين.
وكان يدعي أن الملائكة تنزل إليه، ولأجنحتها (خشخشة) فيطلب من الناس عندما يروا الملائكة نازلين أن يختبئوا ببيوتهم حتى لا يذهب الله ببصرهم، وكان يعرف تقنية طائرات الورق التي تربط بخيط، ويضع في ذيلها بعض القطع المعدنية فتصدر صوت (الخشخشة).
اتصال مسيلمة برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
يذكر الطبري روايتين أحدهما: تقول أن مسيلمة وفد مع (بني حنيفة ـ قبيلته) الى المدينة، ورواية تقول: أنه راسله ويذكر جزءا من الرسالة (من مسيلمة رسول الله الى محمد رسول الله أما بعد، فإني قد أشركت معك في الأمر، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوماً يعتدون". فكتب اليه رسول الله: "بسم الله الرحمن الرحيم:.من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب، أما بعد، فالسلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء والعاقبة للمتقين". وقدم بكتاب مسيلمة رجلان، فساًلهما رسول الله عنه فصدّقاه، فقال: أما والله لولا ان الرسل لا تقتل لقتلتكما.
وتذكر رواية أخرى ان مسيلمة قال للرسول يوم وفد عليه مع من وفد من رجال "حنيفة": "إِن شئت خلينا لك الأمر وبايعناك على انه لنا بعدك. فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا ولا نعمة عين ولكن الله لقاتلك"
من خزعبلات مسيلمة
روى أهل الأخبار عن مسيلمة، أنه جعل الصلاة ثلاث مرات، وألغى الزكاة، ونظم كلاماً ادعى أنه من عند الله مثل: ( يا ضفدع نقي كما تنقين، نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين) وكان يقول( والمبذّرات زرعاً، والحاصدات حصداً، والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً، إهالة وسمناً).
وكان الناس يفدون مسيلمة بعدما اشتهر أمره، وكان من بينهم (المتشمس بن معاوية) عم (الأحنف بن قيس) حكيم العرب، فلما خرج من عنده قال: ما هو بنبي صادق .. ولا بمتنبئ حاذق.
خلاصة: لم يثبت الرواة أو حتى لم يرد في كلامهم أن مسيلمة قد اعتنق الإسلام أصلاً، بل كان يقوم بنشاطه التخريبي في حياة رسول الله صلوات الله عليه، ولكن أمره افتضح عندما اقترن بمن رفض دفع أموال الزكاة من المرتدين.
هل كان مسيلمة الكذاب مسلما؟
النمط الخطي
