العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 18-09-2008, 02:16 PM   #11
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الرابع عشر: صورة الإفريقي لدى المثقف العربي: محاولة تخطيطية لدراسة (ثنائية قبول/استبعاد) ..

قدمه: حلمي شعراوي .. مركز البحوث العربية ـ القاهرة .

يشكل موضوع (السود) في الثقافة العربية مشكلة كبيرة لا تختلف كثيرا عن تلك التي تحيط بموضوع المرأة. فهو موقف مرتبك بين الاعتذار عن السلوك تجاه هاتين المسألتين انطلاقا من سماحة الشرع والتعامل الديني الإسلامي مع هذين الموضوعين بشكل إنساني يشهد الجميع به حتى أعداء الإسلام، وبين موقف أو مجموعة مواقف مستمدة من التراث العربي قبل الإسلام وغيره من الروافد التي ورثتها الأمة.

أولا: إيضاحات تعريفية:

1ـ يحس العرب بأن لسانهم الذي نزل به القرآن، وكتبت به العلوم الشرعية واللغوية والتطبيقية سواء بأيديهم هم أو بأيدي من دخل الإسلام من غير العرب، يعطيهم الحق في إسقاط نظرتهم لمختلف المسائل على غيرهم من الأمم التي دخلت في دين الله الذي نزل بلسانهم! ومن بين تلك المسائل ما يخص نظرتهم للزنوج والأحباش وغيرهم، التي تكونت لديهم قبل دخول العرب في الإسلام.

2ـ سوسيولوجيًا، ترتبك النظرة العربية بين القبول والاستبعاد للآخر الإفريقي، ولن يصمد تفسير السلوك (التصويري) العربي تجاه الإفريقي أو الآخر المسلم، الذي حث الله عز وجل في كتابه على اعتباره أخا، كما حث الرسول صلوات الله عليه على مثل ذلك. وفي نفس الاتجاه يميل العربي لقبول الآخر المسلم (عجمي، إفريقي، كردي) في حالات الإنجاز العلمي أو الفلسفي أو العسكري (ابن سينا، الفارابي، يوسف ابن تاشفين، صلاح الدين الأيوبي).

من ناحية أخرى، تمتلئ الثقافات العربية أو المترجمة بتبرير السلوك المتعالي لعرق تجاه آخر، اليونانيون والبرابرة (أي غير اليونانيين الواقفين على حدودهم)، المكتشفون الأوروبيون لأمريكا وسلوكهم مع الهنود الحمر، الإيطالي الشمالي ونظرته لأهل جنوب إيطاليا. وقد تحدث عن ذلك باقتدار وتفصيل كل من (جرامشي) و(إدوارد سعيد).

3ـ قد يكون ما كتبه ادوارد سعيد حول هذه المسألة الأحدث والأشمل والأوسع إجابة عن ما هو معروف ب ((الثقافة الامبريالية))، حيث يتحدث عن أنماط من الكتابات الأوروبية وخطابها الاستشراقي أو نحو نظرتها الى إفريقيا والهند، إن مجموعة المؤلفين الذين اختارهم إدوارد سعيد ليكتب عن كتاباتهم يؤكون فيها أن استعمار بلادهم لغيرها كان من أجل نقل الحضارة لها، وعندما يكون الحديث عن رفض تلك الشعوب للاستعمار وثورتها ضده وردة فعل الغرب في قمع تلك الثورات، فإن الكتاب يقولون: ( إنهم برابرة .. ليسوا مثلنا .. ولذا يستحقون أن نحكمهم ونجبرهم على القبول بنا كأسياد عليهم)! (كونراد) .. وكونراد هذا، معروف بأنه معادٍ للإمبريالية!

4ـ إن علاقة ما ذكر سابقا بالكيفية التي ينظر العرب فيها الى الآخر، هي أن العرب كانوا في عينة من الوقت ينظرون الى غيرهم من الشعوب التي حكموها بأن حكمهم لتلك الشعوب رحمة لها وإنقاذا لها من جهلها. وبغض النظر عن صحة تلك المعلومة من عدمها، فإن تلك النظرة عاشت ولا زالت تعيش في نمطية تفكير المثقفين والكتاب العرب، ومن يطلع على أدب (الرحلات) سيجد أن الرحالين العرب ينظرون الى المناطق التي زاروها وفق ما ذكرنا.

ثانيا: ظروف تأسيس الصورة: صراع/استبعاد

كان لمجاورة الحبشة (إثيوبيا) لبلاد العرب الدور الكبير في تأسيس صورة الإفريقي عند العربي. وخصوصا أن الاحتكاك العربي الحبشي استمر زهاء سبعة قرون، بدأت قبل ميلاد المسيح عليه السلام بقرن من الزمان، وقد وجد ما يدل على ذلك في نقوش أكسومية تعود الى (مملكة الشجرى الأثيوبية) قبل المسيح بقرن، حيث نجد أن الملك الحبشي يذيل اسمه وتوقيعه ب (ملك أكسوم وحمير وريدان وحبشة وسلع وتهامة)*1 وانتهت بإحلال الفرس والروم محل الأحباش المستعمرين والحاكمين لجنوب جزيرة العرب (اليمن) والطامحين في محو رموز العربية في الشمال (مكة ـ وغزو أبرهة الأشرم).

ويذكر الجاحظ في كتابه (فخر السودان على البيضان)*2 على لسان الزنج أنهم قالوا: (نحن قد ملكنا بلاد العرب من الحبشة الى مكة وجرت أحكامنا في ذلك أجمع، وهزمنا ذا نواس وقتلنا أقيال حمير، وأنتم لم تملكوا بلادنا.

وبعد أن اندثرت قوة الأحباش وتشتت جموعهم، تحول كم هائل منهم الى عبيد أو مقاتلين مستأجرين لتجار مكة ومن حولها، وقيل لقد أعتق الزبير بن العوام وحده ألفا من العبيد الأحباش*3

لقد اتسمت معاملة العرب للسود بالتجاهل وليس بالعداء أو الاحتكار والتفاخر عليهم. فلم يجد أي باحث في المعلقات السبع ما يشير الى ذكر السود بسوء أو انتقاص.

ويشير التاريخ أن السود لم يكن منهم شعراء كثر ويذكر التاريخ منهم أربعة أو سبعة، إذ أن الشعر كان له وظيفة النطق بلسان الشاعر عن قومه أو قبيلته، في حين أن السود إن نظموا الشعر لا يذكرون قبائلهم ولا يقولون: نحن بل (أنا) وهذا ما نلاحظه بشعر عنترة و خفاف بن ندبة وسليك ابن السلكة وأبو عمير بن الحباب السلمي.

فهذا عنترة يقول:
ينادونني في السلم بابن زبيبة .......... وعند صدام الخيل بابن الأطايب

ويقول في موضع آخر:
وأنا الأسود والعبد الذي .......... يقصد الخيل اذا النقع ارتفع
نسبتي سيفي ورمحي وهما ......... يؤنساني كلما اشتد الفزع

ثالثا: عصر الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية :
قبول/استبعاد


أحس العرب أنهم قاموا بتأسيس ما يشبه (العولمة) في إمبراطوريتهم الواسعة، والتي لم يكن للعرب ذكر في اسمها، ولكننا نناقش تلك المسألة في لحظة معاصرة وبأدوات تقييم متأثرة بما يدور حولنا.

حقا كانت السمة الإسلامية سائدة على وصف تلك الإمبراطورية، لكن لم تختف من تلك الأجواء المفاخرة العرقية، ففي حين كان يشعر العربي بأن الفضل في تأسيس أركان تلك الإمبراطورية يعود له وحده، دون مشاركة أقوام أخرى من غير العرب، فهم من هدموا أركان الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية دون مشاركة أحد.

بالمقابل، فإن أقواما أخرى تتطير من إلصاق العروبة بالإسلام على النحو الذي يبرز دور العرب بشكل استثنائي، بل تذهب تلك الأقوام الى أبعد من ذلك حينما تربط التطور العلمي والأدبي والفلكي والفلسفي بما أتت به كأمم اعتنقت الإسلام ولها ماض حضاري عريق (الفرس) أو كقوى لها دورها في الفتوحات العسكرية وتثبيت حدود وشكل الإمبراطورية، (ترك، كرد، أمازيغ).

هذا الأمر جعل العرب يزيدون من تفاخرهم، وإرجاع فضل تلك الثورات العلمية لهم هم كحاضنة أو رافعة هيأت لجهد المجتهدين. ومن يشكك بهذا القول رماه العرب بوصف (الشعوبي).

لنعد الى الأفارقة، وطبيعة التعامل العربي معهم:
لا شك أن ما مررنا عليه لوصف النظرة العربية تجاه الآخر الأفريقي، هو من الأهمية بمكان، بحيث أن مناطق إفريقية سوداء دخلت في الإسلام وتحت كنف الدولة المركزية لكنها لم تحظ بقدر كاف من الرعاية لها، وهذا من وجهة نظر الأفارقة آت من الإهمال المتعمد أو الشعور بالتعالي أو الاثنين معا. والأفارقة محقون بذلك، فقد عرف العرب مثل ذلك السلوك على أيدي الأتراك، عندما اعتنوا بحواضرهم وأهملوا حال المدن والقرى العربية.

مستويات متعددة من موقف الدين أو وصفه للسود:

1ـ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم (الحجرات 13)(الدعوة للالتزام بالمساواة بين المسلمين)
2ـ الناس سواسية كأسنان المشط .. .. لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى (تأكيد موضوع المساواة)
3ـ إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون (يوسف 2) .. تخصيص للعربي
4ـ حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (التوبة 24) أحقية الفاتح على المهزوم.
5ـ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه(آل عمران 106).. و (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين (الزمر 60) و (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا) النحل 58


إن تفسير تلك الآيات من لدن العلماء لم يشفع كثيرا في إزالة بعض الأذى الذي يلحق بالسود.

كما أن تلك القصة التي تظهر بالتوراة وتتناقلها كتب التاريخ العربي من أن (حام) جد السود كان ينظر الى عورة أبيه (نوح) عليه السلام وقد وشى (سام) بذلك لأبيه فدعا عليه بأن الله (يسود وجهه)!

لقد كتب أستاذ إفريقي مجتهد هو (آرشي مافيجي) عن تلك النظرة المتوطنة عند غير السود تجاههم شيئا جميلا يهمنا منه ما أطلق عليه: القيمة الاستعمالية (Use Value) وهو مصطلح استبدل به مصطلح (فائض القيمة) في الكتابات الاشتراكية.

سنكتفي بهذا القدر في هذا الموضوع.






هوامش:

*1ـ بين الحبشة والعرب/عبد المجيد عابدين/القاهرة: دار الفكر العربي 1947
*2ـ رسائل الجاحظ/ كتاب فخر السودان على البيضان/أبو عثمان الجاحظ/ تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون/بيروت: دار الجيل 1991
*3ـ التحول الاقتصادي والاجتماعي في مجتمع صدر الاسلام/ الحبيب الجنحاني/ بيروت: دار الغرب الإسلامي 1985
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .