العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 28-06-2006, 06:43 PM   #31
moataz
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
المشاركات: 557
إفتراضي

مشكور اخى ابو حوران على الكثير من المعلومات عن عرب ما قبل الاسلام
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
__________________
moataz غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 16-07-2006, 01:47 PM   #32
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الحيوانات في جزيرة العرب ما قبل الإسلام

الجمل :

يعود استخدام الجمل في جزيرة العرب الى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ، وقد ورد ذلك في نصوص أهل العراق القديم عن استخدام أهل جزيرة العرب له وكان الآشوريون يطلقون عليه ( حمار البحر ) ..

وقد مكن الجمل لسكان الجزيرة أن يتوسعوا في اكتشافهم أعماق الصحراء ، وإن لم يكونوا قد عرفوها كلها ، وذلك لما لهذا الحيوان من قدرة على تحمل العطش ، حيث يستطيع الصبر أكثر من أسبوع على العطش ، كما أن له خصائص ليست موجودة عند الحيوانات الأخرى ، والجمل العربي له سنام واحد ، يختلف عن الجمل ذي السنامين الذي يصغره حجما و لكنه يتفوق عليه بالسرعة .

لقد وجد للجمل عند العرب مئات الأسماء ، في حين وجد له القليل من الأسماء عند جيرانهم ، وكان المديانيون ( وهم عرب آل مدين الذي يرده المؤرخون الى أنه أحد أبناء ابراهيم عليه السلام من أم عربية اسمها قنطورة ) يعتنون بالجمال ، حتى أنه ذكر أنه كان لأيوب عليه السلام ألفان من الإبل .

وقد سمي الجمل جملا ، لتجمله بالصبر ، و سرعته على الإنتقام ..

الحصان :

لم يعرف عرب الجزيرة الخيل إلا قبل الميلاد بمائتي عام ، وقيل أنها انتقلت إليهم من العراق أو مصر ، والمعروف أن موطن الخيول القديمة التي انتشرت قبل التاريخ ، كان من منطقة بحر قزوين ..

والخيل أسرع من الإبل ، لكنها لم تتحمل أجواء الجزيرة و تضاريسها ، وكانت تستخدم للزينة عند الميسورين من الناس .. وحتى في المعارك الإسلامية الأولى لم تكن أعداد الخيول بالكثرة التي تذكر .. وقد ورد بالقرآن الكريم ، اقتران الخيل بالقوة ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) .

البغال :

البغال معروفة بقوة تحملها الكبرى في مناطق مختلفة من العالم ، وهي هجين بين أنثى الخيل و ذكر الحمار .. وقد حرم العبرانيون على أنفسهم استخدام أو اقتناء البغال ، حتى أحل استخدامها النبي (داوود ) .. وهم جيران العرب .

أما المسلمين ، فقد ذكر أن أول بغلة رئيت في الإسلام هي ( دلدل ) وهي بغلة أهداها ( المقوقس ) للرسول صلى الله عليه و سلم ، هي وحمار اسمه (عفير) .

الحمير :

يعتقد الباحثون أن استخدام الحمار في جزيرة العرب هو أقدم من استخدام الجمل ، و قد اتصف بسهولة انقياده و تحمله ، ووصف بالبلادة لذلك ، ليس عند العرب وحدهم بل عند كل شعوب الأرض ، و أنثى الحمار عند العرب (أتان) وعند العبرانيين ( أتون ) ..

الأبقار و الأغنام :

عرفت التجمعات السكانية الريفية الأبقار ، وكانوا يستفيدون من حليبها و استخدامها للحرث ، أما البادية فلم تقتنيها لارتفاع كلفة تربيتها و عدم ملائمتها لجوهم ، بل حتى كان من يقتنيها يقابل بنظرة احتقار من لدن أهل البادية .

حيوانات أخرى :

لقد عرف العرب الأسد ، وقد قل ظهوره مع ظهور الإسلام ، وقد وجد له العديد من الأسماء ، وكانت المناطق التي يكثر بها الأسد تسمى مآسد وواحدتها مأسدة .. كما عرفوا النمر والفهد و الضبع و الضب و الثعلب و البازي و العقاب و ابن آوى و السمك و الذباب و البعوض و الأفاعي و العقارب والنعام والقرود و الخنازير و الغراب و البوم والهدهد ..

ــــــ
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام / د جواد علي / دار العلم للملايين 1964
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-08-2006, 06:10 PM   #33
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

النباتات في جزيرة العرب قبل الإسلام :

إذا كان الجمل ( البعير ) هو الحيوان الذي رافق العربي في جزيرة العرب كحيوان ضروري ، فإن (النخلة ) كانت الشجرة والنبتة الأكثر أهمية بين النباتات عندهم ، فكانت تشكل لهم مصدرا هاما في تغذيتهم و تداويهم و خمرهم ، كما كانوا يستخدمون خشبها في أعمال البناء ، وكذلك سعفها و ليفها .

وكانت النخلة التي تزرع حيثما وجد الماء ، تشكل رمزا للغنى و الوجاهة ، ومصدرا هاما في تكوين رأس المال .. وقد تخصص اليهود في زراعتها ، وبيع تمرها . وبقيت سعفة النخيل رمزا للاحتفال و التكريم ، وقد وجدت نقوشها في الآثار القديمة . وقد زينوا بها معابدهم ، فكانت النخلة سيدة النباتات دون منازع ، ليس عند عرب الجزيرة فحسب ، بل عند كل الشعوب السامية .

أما الكروم ( العنب ) فقد ذكر العلماء أن النبط قد أدخلوها لجزيرة العرب في القرن الرابع الميلادي لكل من الحجاز و اليمن ، وقد أتوا بها من بلاد الشام . كذلك أدخل النبط زراعة الرمان والمشمش والتفاح و غيرها ، حيث زرعت في الطائف و مناطق اليمن ..

أما أشجار الأخشاب ، فقد تبين أن العرب كانوا يستوردون الخشب من الهند وإفريقيا لصناعة سفنهم ، لندرة الأشجار الضخمة إلا في المناطق الجبلية الماطرة . وقد كان بعض الغابات في منطقة (حسمى ) و بعض مناطق الحجاز ، وعرف عرب الجزيرة إلها اسمه ( ذو غابة ) . وعرفت مناطق مثل اليمن وعمان نمو الغابات بها .

وقد عرف عرب الجزيرة شجر (السدر ) .. وكانت شجرة قوية ترتفع عدة أمتار عن الأرض ، تعطي ثمرة ( النبق ) .. لا تحتاج كثيرا من الماء ، اكتسبت أهميتها لما توفره من ظل للذين يقطعون الصحراء الحارة الجافة ، فما أن يصادفوها في واحة في طريقهم ، حتى ينعموا بظلها وينسوا عناء سفرهم هم وإبلهم ، ويتذكروها .. حتى أن بعض العبرانيين قد عبدوها ، وكانوا يعتقدون أنها تتلقح من القمر .. فاعتبروها آلهة أنثى و القمر إله ذكر .

وقد عرف عرب الجزيرة أشجارا مثل (الغضى) المشهور في فحمه وجمره ، والأدراك ، والسمح ، والصعتر . أما الحبوب والبقول فقد عرف القمح والشعير و الحمص و الفول والعدس والأرز والذرة و السمسم ، وقد نأتي على ذكرها في الحديث عن الزراعة عند عرب ما قبل الإسلام .

كما استورد عرب ما قبل الإسلام بعض الخضراوات مثل البطيخ من فارس ، والذي كان يسمى (خربز ) ..

أما البخور واللبان و الصمغ ، فقد كان يشكل في الأزمنة الغابرة مصدرا للثراء كما يشكل النفط الآن لأهل الجزيرة .. وقد كان يستخرج في مناطق ظفار و مسقط وبعض نواحي اليمن .

وقد تفوقت اليمن بفنون أهلها بمعرفة النباتات وزراعتها عن دون مناطق جزيرة العرب ، فكان عندهم ثلاث مستويات من تبدل الطقس ، بارد ، معتدل ، دافئ ، عرفوا نباتات كل طقس .. و تفننوا في إقامة المدرجات و المصاطب الزراعية ، وعمل السدود .. الخ .

ونظرا للمناخ القاسي الذي يلف جزيرة العرب ، فإن غير أبناءها يستغربون طباعهم و ما يثيرهم وما يفرحهم ، فقد يستغرب باحث أوروبي قادم من حوض نهر الدانوب ، لماذا يتقاتل أخوان عرب على غدير ماء به عدة أمتار مكعبة من الماء .. كما قد يستغرب أحدهم لماذا يتم التغزل بريح الصبا و اكتمال البدر .. ولعن ريح السموم !
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-08-2006, 02:38 PM   #34
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأمطار والمناخ وتوزيع السكان :

أينما يوجد الماء ، توجد الحياة .. هذه حقيقة أكدها رب العزة في قوله : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) الأنبياء 30

حبا الله أرض اليمن وأجزاء من أرض عمان بمناخ متنوع و أمطار وفيرة في بعض الأمكنة ، فكانت اليمن من أكثر بقع الجزيرة العربية كثافة بالسكان ، وأكثر المناطق العربية التي هاجر منها العرب ، فاستوطنوا في بقاع قريبة وبعيدة ، حتى وصلوا شواطئ البحر المتوسط الشمالية . فدولة الحيرة ودولة الغساسنة ، قبل الإسلام ، أصولهم من اليمن .. واليوم تضخ اليمن موجات مهاجرة لكل بقاع الأرض ..

لقد أطلق العرب على المطر اسم ( الغيث ) ، لأنه يغيثهم من جوعهم وعطشهم ويوفر لحيواناتهم المرعى فيكثر لبنها و يزداد عددها .. وكانت الحواضر المستقرة تقع في مناطق يتوفر بها الماء ، فتكتسب تلك الحاضرة أهميتها لوفرة الغذاء والماء لأهلها ومن يصلها في طرق سفره .. في حين تتنقل القبائل العربية ، تتبع مصادر الرعي و الماء أينما وجدت ، وكانت تلك الصفة هي الأكثر عند عرب الجزيرة الذين كانت أمطار مناطقهم تتذبذب بين زخات بسيطة أو أمطار تنزل كأفواه القرب تصنع السيول و الغدران والواحات المؤقتة ، فتتجمع حولها الأعراب ، ثم تنتقل عندما تستنزف ما يوفر الحياة بها .

وقد تدمر السيول مدنا ، أو تغور في الأرض (الرمال) لتكون قريبة أو بعيدة تستثمر في أشكال ما ، وقد تغور في داخل البحر مكونة عيونا قرب الشاطئ كما في حالة (الخليد) بين البحرين والساحل .. وقد عانت مكة وبعض الحواضر من السيول الغاضبة ، كما تحايل أهل اليمن على السيول و أنشئوا السدود . وقد وجد رجال الآثار مواقع لسدود قديمة قبل الإسلام في مواضع كثيرة .

أما سكان الجبل الأخضر في عمان ، فيعتبروا من السعداء حيث تصطدم الأبخرة في قمم الجبال ، فتفرغ غيومها حمولتها من الماء ، لتسيل على سفوح الجبال مكونة بقاعا خضراء تزهو بتفوقها على ما حولها من الصحراء الجافة .

وحيث كانت السيول والنهيرات و الأودية و الإحساء ، تتكون تجمعات سكنية تعيش على هوامشها .. ورسمت الخطوط وطرق المواصلات بحيث يرتاح المسافر في تلك النقاط المخضرة .. وانتعش سكان تلك المناطق ببيعهم الغذاء وتزويد المسافرين بحوائجهم ، كما تطورت تلك التجمعات السكنية لتصبح فيما بعد نقاطا تجارية ، تجمع المنتوجات المحلية والمستوردة وتبيعها لمن يحل بها .

كما كانت النقاط الواقعة على السواحل البحرية ، تستقبل البضائع والتجار وحتى المهاجرين .. ففي السواحل الغربية والجنوبية الغربية ، تجمعت أعراق إفريقية وأوروبية ، واختلطت بالعرق العربي المتأصل في تلك المنطقة ، أما في السواحل الشرقية والشرقية الجنوبية فاختلطت الأجناس الآسيوية وبالذات الهندية والفارسية مع سكان المنطقة الأصليين .. كما أن سكان السواحل الأصليون قد انتشروا حتى وصلوا الى إندونيسية و سواحل إفريقيا الجنوبية الشرقية .

أما السكان الذين لم يكونوا يرتبطوا بتجمعات ثابتة ، وكانوا الأغلبية (قبل الإسلام ) .. فطغى التنقل على صفاتهم ، فانتقلوا بموجات متتالية حتى حلوا في العراق و(كرمان ) الساحل الإيراني الجنوبي ، ووصلوا الى ضفاف المحيط الأطلسي في حركة دءوبة لم تتوقف إلا عند نشوء الدول القطرية الحديثة .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 04-09-2006, 02:46 PM   #35
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الطرق البرية

من نتائج غلبة الطبيعة الصحراوية على أرض جزيرة العرب ، أن انحصر امتداد شرايين المواصلات فيها في أماكن خططتها الطبيعة نفسها للإنسان ، فجعلتها تسير بمحاذاة الأودية ومواضع المياه والآبار ، وهي السبل الوحيدة التي يستطيع المسافر ورجال القوافل كي يستريحوا في مواضع منها ويحملوا منها الماء . وتنتهي رؤوس هذه الطرق بالعراق وببلاد الشام في الشمال وبالعربية الجنوبية وبموانئها في الجنوب ، وهناك طرق أخرى امتدت من العربية الشرقية إلى العربية الغربية ، ولها مراكز اتصال بالطرق الطولية الممتدة من الشمال إلى الجنوب في الغالب .

وقد أقيمت في مواضع من هذه الطرق مواضع سكنى ذات مياه من عيون أو آبار ، عاشت ونمت بفضل منة مائها عليها ، فصارت منازل مريحة لرجال القوافل يحمدون آلهتهم عليها ، ويحمد أصحاب ذلك الماء آلهتهم على منتها عليهم بإعطائهم ذلك الكنز العظيم الذي أعانهم على العيش وجلب لهم كرم التجار .

وفي العقد الحساسة من هذه الطرق نشأت المستوطنات ، ومواطن السكنى القديمة انتشرت في أماكن متباعد بعضها عن بعض في الغالب ، فكان لهذا التوزيع أثر كبير في الحياة الاجتماعية والحياة السياسية والعسكرية ، ولا شك . وما الطرق الحالية التي يسلكها الناس اليوم إلا بقية من بقايا تلك الطرق القديمة التي ربطت أجزاء الجزيرة بعضها ببعض ، كما ربطت الجزيرة بالعالم الخارجي .

ونجد في مخلفات تلك المستوطنات مواد مستوردة من مواضع بعيدة ، هي دليل بالطبع على إن الإنسان كان يقطع الطرق قبل الميلاد بمئات من السنين ليتاجر ويبيع ويشتري دون إن يبالي ببعد المسافة وطول الشقة وصعوبة الحصول على وسائل النقل وما يتعرض له ، وهو في طريقه إلى هدفه ، من مخاطر وأهوال .


وتعد "نجران" من أهم المواضع المهمة الحساسة في شبكة المواصلات البرية قبل الإسلام ، ففيها تلتقي طرق المواصلات الممتدة في الجنوب ، وفيها يتصل الطريق البري التجاري المهم الممتد إلى بلاد الشام ، فيلتقي بطريق العربية الجنوبية ومنها يسير الطريق المار إلى "الدواسر" فالأفلاج فاليمامة أو ساحل الخليج ومنه إلى العراق .


ولم تموّن الطرق البرية المارة بالعربية الشرقية أي "ساحل الخليج" العراق بتجارة جزيرة العرب وبالمواد المستوردة إليها من الهند ، بل موّنتها بموجات من البشر منذ آلاف السنين قبل الميلاد . فقد كانت القبائل العربية النازحة من الجنوب لأسباب متعددة تحطّ رحالها على هذا الساحل ، انتهازاً لفرصة ملائمة ترحل خلالها إلى العراق لتستقر فيه . وقد سلكت أكثر القبائل العربية التي استوطنت العراق هذا السبيل حينما هاجرت إليه قبل الميلاد وبعده أيضاً .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-09-2006, 03:30 PM   #36
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

صلات العرب بالساميين


لاحظ المعنيون بلغات "الشرق الأدنى" وجود أوجه شبه ظاهرة بين البابلية والكنعانية والعبرانية والفينيقية والآرامية والعربية واللهجات العربية الجنوبية والحبشية والنبطية وأمثالها ، فهي تشترك أو تتقارب في أمور أصلية وأساسية من جوهر اللغة ، وذلك في مثل جذور الأفعال ، وأصول التصريف ، تصريف الأفعال ، وفي زمني الفعل الرئيسيين ، وهما: التام والناقص ، أو الماضي والمستقبل ، وفي أصول المفردات والضمائر والأسماء الدالة على القرابة الدموية والأعداد ، وبعض أسماء أعضاء الجسم الرئيسية ، وفي تغير الحركات في وسط الكلمات الذي يحدث تغيراً في المعنى .

وفي التعبيرات التي تدل على منظمات للدولة ، والمجتمع والدين ، وفي أمور مشابهة أخرى ، فقالوا بوجوب وجود وحدة مشتركة كانت تجمع شمل هذه الشعوب ، وأطلقوا على ذلك الأصل ، أو الوحدة "الرس السامي" أو "الجنس السامي"، أو "الأصل السامي"، أو "السامية، "Aemites" "Ahemites" "Semitic Race" وعلى اللغات التي تكلمت وتتكلم بها هذه الشعوب "اللغات السامية" ، "Semitic Languages"


وقد أخذ من أطلق هذه التسمية ، تسميته هذه من التوراة . أخذها من اسم "سام بن نوح" ، جدّ هذه الشعوب الأكبر ، كما هو وارد فيها . وأول من أطلقها وأذاعها بين العلماء على هذه الشعوب ، عالم نمساوي اسمه "أوغست لودويك شلوتسر" August Ludeig Schlostzer أطلقها عام "1781 م" فشاعت منذ ذلك الحين ، وأصبحت عند العلماء والباحثين في موضوع لغات الشرق الأدنى علماً للمجموعة المذكورة من الشعوب وقد أخذ "آيشهورن" "Joh. Cotte. Eichhorn" هذه التسمية ، وسعى لتعميمها بين العلماء علماً على الشعوب المذكورة.


وفي عام (1869م) قسم العلماء اللغات السامية إلى مجموعتين : المجموعة السامية الشمالية ، والمجموعة السامية الجنوبية وتتألف المجموعة الشمالية من العبرانية والفينيقية والآرامية والآشورية والبابلية والكنعانية . و أما المجموعة الجنوبية ، فتتألف من العربية بلهجاتها والحبشية . وعمم استعمال هذا الاصطلاح بينهم وأصبح موضوع (الساميات) من الدراسات الخاصة عند المستشرقين ، تقوم على مقارنات وفحوص (أنتولوجية) و (بيولوجية) وفحوص علمية أخرى ، فضلا عن الدراسات التاريخية واللغوية والدينية .


وهذه القرابة الواردة في التوراة ، وذلك التقسيم المذكور فيها للبشر ، لا يستندان إلى أسس علمية أو عنصرية صحيحة ، بل بنُيت تلك القرابة ، ووضع ذلك التقسيم على اعتبارات سياسية عاطفية وعلى الآراء التي كانت شائعة عند شعوب العالم في ذلك الزمان عن النسب والأنساب وتوزع البشر. فحشرت التوراة في السامية شعوباً لا يمكن عدها من الشعوب السامية ، مثل )العيلاميين (Elam و )اللودبين( "Ludim" "Lud"، وأقصت منها جماعة من الواجب عدّها من الساميين ، مثل (الفينيقيين) و (الكنعانيين ) وقد مررنا على هذه النقطة في مادة (من هم الكنعانيون؟) .


ويرى "بروكلمن" إن العبرانيين كانوا قد تعمدوا إقصاء الكنعانيين من جدول أنساب سام ، لأسباب سياسية ودينية ، مع أنهم كانوا يعلمون حق العلم ما بينهم وبين الكنعانيين من صلات عنصرية ولغوية .

وقد رَجَع الإصحاح العاشر من التكوين نسب الفينيقيين و السبأيين إلى حام جد الكوشيين ، ذوي البشرة السوداء ، مع أنهم لم يكونوا من الحاميين ، وقد يكون ذلك بسبب وجود جاليات فينيقية وسبأية في افريقية ، فعدّ كتبة التوراة هؤلاء من الحاميين.

وقد عرف المسلمون اسم ( سام بن نوح) ، وقد كان لا بد لهم من البحث عن أولاد (نوح) لما لذلك من علاقة بما جاء عن (نوح) وعن الطوفان في القرآن الكريم . و قد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سام أبو العرب) ، و( يافث أبو الروم ) ، و( حام أبو الحبش) ، وقد روى (الطبري) جملة أحاديث عنه في هذا المعنى . و قد لوحظ بأنها كلها وردت من طريق (سعيد بن أبي عروبة) عن (قتادة) عن (الحسن) عن (سمرة بن جندب) ، و هي في الواقع حديث واحد ، و لا يختلف إلا اختلافا يسيرا في ترتيب الأسماء أو في لفظ أو لفظين .

ومن هنا يجب إن يدرس هذا الحديث و كل الأحاديث المنسوبة إلى الرسول في هذا الباب دراسة وافية ، لنرى مدى صحة نسبتها إلى الرسول ، كما يجب دراسة ما نسب إلى عبد الله بن عباس أو غيره في هذا الشأن ، فإن مثل هذه الدراسات تحيطنا علما برأي المسلمين أيام الرسول و بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى في نسبتهم إلى سام بن نوح .

وقد قسم بعض علماء الساميات المحدثين اللغات السامية إلى أربع مجموعات هي : المجموعة السامية الشرقية ومنها البابلية والآشورية ، والمجموعة الشمالية ومنها الأمورية والأرمية ، والمجموعة الغربية ومنها الكنعانية والعبرانية والموابية والفينيقية ، والمجموعة الجنوبية ومنها المعينية والسبئية والإثيوبية والعربية والأمهرية . ويلاحظ إن واضعي هذا التقسيم لم يراعوا في وضعه التطورات التاريخية التي مرت بها هذه اللغات بل وضحوا تقسيمهم هذا على أسس المواقع الجغرافية لتلك الشعوب .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-10-2006, 03:09 PM   #37
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

هل السامية ( جنس ) أو ( رس) ؟

في اختصاصنا كمهندسين زراعيين ، نستطيع أن نجزم بمواصفات نوع من النباتات أو الحشرات أو الأبقار ، منحدرين بالتصنيف من رتبة الى عائلة الى نوع الى صنف الى تحت صنف ، معتمدين على أسس مهنية معينة ، فنستطيع أن نقول هذا الخوخ من صنف (دكس رد) ونستطيع أن نقول هذه البقرة من صنف (فريزيان ) وأحيانا نعطي تحت صنف لبقرة أخرى مثل (هولشتاين فريزيان) .. نعتمد على مواصفات مورفولوجية و تخصصية بحتة ..

لكن في مسائل البشر ، تاه العلماء في تصنيف البشر من خلال دراسة الجماجم والعظام التي تم العثور عليها في مقابر الجزيرة العربية و وادي الرافدين وبلاد الشام ، ولغاية الآن على الأقل ، ولا نعلم ما ستؤول له دراسات الحفريات مستقبلا .

فكما نشاهد في وقتنا الحاضر اختلافا في شكل الأنوف ولون العيون وحجم الجماجم ، ولون الشعر و البشرة ، فإن تلك الظاهرة كانت موجودة منذ القدم السحيق . وإن كان العلماء يردون ذلك في الوقت الحاضر للاختلاط في الأنساب ، فإن ذلك لم يكن بعيدا عن تلك الناحية في العصور القديمة .. وسنمر على ذلك في الحديث مستقبلا ان شاء الله في الحديث عن الأنساب .

أما الحديث عن السامية ، فإن أريد له أن يكون أقرب للدقة ، فإن ما يقصد به هنا هو التشابه في المعالم الثقافية والسلوكية والاعتقادات المختلفة .

وعندما كان الحديث يشغل العلماء عن موطن الساميين الأصلي ، فقد اقترح العالم الألماني ( فون كريمر ) أن موطنهم الأصلي هو منطقة (بابل ) .. حيث وجد أن ألفاظا نتيجة الحفريات ، لمسميات زراعية و ( حياتية ) تشترك فيها معظم اللغات السامية المختلفة .. إلا أنه عاد واستدرك قائلا ، أن لفظ (جمل ) الذي تشترك فيه معظم اللغات السامية ، دلالة على حيوان وجد أصلا في أواسط آسيا قرب نهري سيحون وجيحون وليس في العراق ، وعليه افترض أن الساميون الذين اقترن الجمل بهم منذ فجر التاريخ هم من أواسط آسيا ، ولكنهم فاضوا الى العراق من تلك المنطقة . وقد أيد هذا الافتراض العالم الألماني الحاذق في تفسير اللغويات ( هومل ) ، ولكنه رجح أنهم من جنوب بحر قزوين .

وقد عارض هذين الرأيين بشدة العالم ( نولدكه) الذي استند بقوله ، إلى أن الهجرات لا تتم من أراض خصبة ذات مياه وفيرة الى صحراء مجدبة ، وهو الحال الذي كانت عليه الأقاليم المحاذية لنهري ( سيحون وجيحون ) .

إلا أن الغالبية العظمى من علماء الأنثروبولوجيا يرجحون بشكل قوي أن جزيرة العرب هي الموطن الأصلي للساميين وبالذات (نجد) .. ومن هؤلاء العلماء ("سايس" و "أبرهرد شرادر"، و "دي كويه" و "هوبرت كرمه" و "كارل بروكلمن" و "كينغ" و "جول ماير" و "كوك" ،وآخرين.) .. وقد خالف هؤلاء عالم افترض أن أصل الساميين من اليمن ، وهناك من قال أن أصلهم العروض ، والقلة تقول أن البحرين هي منبت الساميين ..

أما ما يستند عليه الأكثرية من علماء الأنثروبولوجية فهو يتمثل ب :

1 ـ لا يعقل أن يكون وطن الساميين الأصلي ، في أماكن زراعية طيبة ، فلا بد لهم أن يكونوا سكانا من مناطق أقل جودة من الأرض التي انتقلوا إليها ..

2 ـ إن معظم المدن والقرى التي تكونت في العراق أو بلاد الشام ، قد بنيت بفعل عناصر بدوية أتت من الجزيرة العربية ، وبقيت على صلة وجدانية بها (الحنين في العادات والطباع ) .

3 ـ الأدلة اللغوية والدينية تشير بوضوح لانتساب الساميين لجزيرة العرب .

4ـ إن القبائل العربية الموجودة في الهلال الخصيب الآن ، هي امتداد للقبائل العربية الموجودة في الجزيرة ، ولا يستبعد أن تكون الهجرات متتالية منذ القدم .

أما أنا فأرى أن موطن الساميين هو (عُمان) .. لاعتقادي بأن سفينة نوح عليه السلام قد رست على جبل في عمان ، وليس في أرمينيا أو تركيا ، لأن اتجاهات حركة المياه من الشمال الى الجنوب وليس العكس . وهناك منطقة في عمان تسمى الأحقاف وقوم عاد قريبي الصلة من سام كانوا في عمان ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-11-2006, 09:43 PM   #38
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الهجرات السامية :

قبل أن ندخل في موضوع الهجرات السامية، لا بد من التنويه بأن هناك من يعتقد أن أصل الساميين هو من بلاد القفقاس، ولهم حججهم في ذلك،ويذهب من يتبنى تلك النظرية أن أرمينيا هي مكان رسو سفينة نوح وهي البقعة التي يفترض أن تكون موطنا للساميين. وكان من بين تلك النظريات من يقول أن أصل الساميين من إفريقيا وحججهم أقوى من حجج الذين يقولون بالقفقاس كمنشأ للساميين .

فيقول أصحاب نظرية أن أفريقيا هي الموطن الأصلي للساميين بأن خطوط الهجرة كانت من سيناء الى الجزيرة العربية ومن الصومال وهو الموطن الذي يعتقد البعض بأنه المكان الأساس للساميين، حيث دخلوا الى الجزيرة عن طريق باب المندب، وكانت حجج هؤلاء العلماء أن أسماء سامية وجدت في مصر و الحبشة و الصومال، في الأزمنة القديمة، كما أن للغة و الكتابة نصيب في استناد أصحاب تلك النظرية، إذ يعيدون لغة إثيوبيا الى اللغة اليمنية القديمة وخط قريب جدا من (المسند) .. ولكن يقول معارضو هذا الرأي أن هذا ليس دليلا كافيا، فقد تكون الهجرة من الجزيرة العربية نحو إفريقية، وقد يكون هؤلاء السكان تواجدوا قبل حدوث الشرخ الذي تشكل به البحر الأحمر كفاصل طبيعي بين الجانبين : الإفريقي و الآسيوي ..

لكن القسم الأعظم من العلماء قد تيقنوا بالاتفاق، على أن منطقة الجزيرة العربية وبلاد مابين النهرين وبلاد الشام هي الموطن الأصلي للساميين ..

هجرات الساميين والآراء حولها :

يتفق معظم العلماء على أن الهجرة كان وراءها التزاحم على الرزق، وعدم تحمل المكان الأصلي لسكانه، فيضطرون للهجرة. ثم يدعم هذا الرأي أصحاب نظرية أن جزيرة العرب هي موطن الساميين، فيقولون : أن تلك البلاد كانت من أخصب بقاع الأرض وأن تحولات مناخية قد طرأت عليها، أجبرت السكان على التفكير بالهجرة ..

وقد عين بعض العلماء تلك المرحلة التي طرأ فيها التغيير، بأنها كانت ملازمة للفترة التي حدثت في أوروبا والتي تحولت من مساحات جليدية الى أراض رخوة من ذوبان الثلوج، فقد تأثر مناخ الجزيرة العربية، بتحولها الى منطقة جافة مرتفعة الحرارة .. وقد استمرت الهجرات من الجزيرة في عدة حقبات ، وقدر للحقبة بألف سنة، يعني أن الهجرة استمرت آلاف السنين ..

ويستند بعض العلماء الى حقيقة جغرافية ملموسة، وهي انخفاض منسوب الماء الأرضي المقرون بانخفاض منسوب مياه المساحات المائية، سواء كانت بحار أو أنهار أو بحيرات، ويعزو عالم طبقات الأرض ( فلي) وأيده عالم آخر اسمه ( تويجل Twitchell )، من خلال فحص آبار في الخرج و تهامة ومناطق أخرى، أن الماء الأرضي قد انخفض زهاء 27 قدم ، وأرجعوا ذلك الى هبوط الضغط الجوي لاختلاف الظواهر المناخية، وقد ذهب غيرهما أن مياه البحر الأحمر قد انخفضت حوالي 25قدم .. ولكن علماء آخرون وبعد فحص قصة فرعون وموسى عليه السلام، أن الماء لم ينخفض بهذا الكم، بل انخفض زهاء ستة أقدام فقط منذ 3000سنة ..

أما مياه الخليج العربي، فقد انخفضت خلال ألفين من الأعوام ما بين خمسة الى عشرة أقدام .. وقد استدلوا على ذلك بوجود (سبخات ) في الحساء والقطيف ، كذلك ذهب بعضهم الى أن الربع الخالي وفي مكان منخفض معروف اسمه (أبو بحر) فيعتقدون أنه كان متصلا بالبحر العربي ..

كما أن السواح كانوا يعثروا في سياحتهم على صدف ومحار في المناطق الصحراوية شبيهة بتلك التي تكون في المياه العذبة، وكان من أبرز العلماء أصحاب النظريات المفصلة حول جزيرة العرب الإيطالي ( كيتاني) الذي سنفرد لنظريته حديثنا المقبل ..

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-11-2006, 04:34 PM   #39
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

نظرية الإيطالي (كيتاني) حول جزيرة العرب:

أحيانا يجد القارئ في الكتب العربية القديمة، ومن خلال أشعار شعراء الجاهلية ذكر لحيوانات كالأسد وحمار الوحش والريم (بقر الوحش) وأشجار ضخمة، ويتساءل القارئ: هل ذلك من ضرب الخيال، أم أن تلك المناظر قد اختفت من المشهد في الجزيرة العربية، ولماذا اختفت وغير ذلك من الأسئلة..

لقد أجاب الإيطالي (كيتاني) على تلك الأسئلة وغيرها، من خلال نظرية وضعها قائلا: أن جزيرة العرب كانت لفترات طويلة جدا عبارة عن أمكنة وفيرة الخصوبة مثيرة للابتهاج، وقد أرجع فكرة (جنة عدن) أنها في الجزيرة العربية، وأن ذكر الجنة في التوراة يقصد به جزيرة العرب، لكن الظروف قست عليها ودفعت بسكانها الى التفكير بالهجرة خارجها وتنفيذ ذلك التفكير، فكانت (برأيه) معظم الهجرات العظيمة قد حدثت بين عامي 2500 و1500 قبل الميلاد. ولكنه يرجع التغير المناخي الى حوالي عشرة آلاف سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، إلا أن سكان الجزيرة لم يبدءوا بالإحساس بقسوة التغيير إلا بعد حدوثه بخمسة آلاف سنة.

ويتصور (كيتاني) أن سكان جزيرة العرب وهم (الساميون) حسب نظريته، كانوا ينعمون بأنهار وفيرة المياه، وقد حددها بوادي الحمض ووادي الرمة ووادي الدواسر ووادي السرحان، والتي كانت تتغذى من المرتفعات المحاذية لها.

وقد وافقه المستشرق الألماني(فرتز هومل) الذي أصر على أن أنهار جنة عدن المذكورة في التوراة هي أودية (الدواسر والرمة والسرحان وحوران ). وشاركهما في ذلك (كلاسر) الذي اعتقد جازما أن نهري (جيحون وفيشون) المذكورين بالتوراة هما في جزيرة العرب.

وقد اعتقد (كيتاني) أن الجزيرة كان بها أفيال وبالذات في أرض (مدين) وأن الصيادين كانوا يخرجون لصيدها باستمرار.. وقد قسم (كيتاني) أرض جزيرة العرب الى قسمين: الغربي المحاذي لسواحل البحر الأحمر الشرقية، وهو ذو طبيعة جبلية سكانه أكثر رقيا وقوة من سكان القسم الشرقي الذي ينحدر حتى يصل الى سواحل الخليج العربي، وأن السيطرة كانت لسكان المناطق الغربية، كما أن قسوة الظروف قد تأثر بها سكان المنطقة الشرقية، فبدأت الهجرة عندهم بوقت أبكر منه في المناطق الغربية، فاتجهوا نحو العراق أو سلكوا الخط الساحلي متجهين الى ما وراء المياه في اتجاه الهضبة الإيرانية أو إفريقيا. وبرأي كيتاني استمرت الهجرة من القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد وتوقفت عند القرن السابع الميلادي.


وقد لاقت نظرية (كيتاني) رواجا بين المؤرخين وعلماء الآثار، فامتدحها السير (توماس أرنولد) واعتبرها أهم نظرية تتحدث عن الساميين .

هجوم المستشرق (لويس موسل) على نظرية (كيتاني):

سخر المستشرق (لويس موسل) من نظرية (كيتاني) واعتبرها نظرية ينقصها الأدلة القوية.. فحاكمها من خلال :

1ـ أن اعتماد الجفاف كعامل مسبب للهجرة، يفتقر الى المنطق، ويتساءل: وهل أصبحت جزيرة العرب منطقة ماطرة وخصبة بعد القرن السابع الميلادي؟ حتى تتوقف الهجرة، ثم يضرب مثلا بأن المناطق الجافة في الجزيرة عندما حسنت الإدارات الحكومية فيها تم إعمارها في أوائل القرن التاسع عشر، مستشهدا في مناطق كثيرة في الجزيرة والأردن والعراق وسوريا، والتي لم تكن محاذية للأنهر .

2ـ ويرى (موسل) أن اختفاء الحيوانات، قد يعود لجور الإنسان وليس لقسوة الظروف.. وقد أنكر (الهمذاني) قول أن الجزيرة كان بها أسود وأفيال وغيرها.. فاعتبر (موسل) أن المسألة تحتاج المزيد من الأدلة ..

3ـ استنكر (موسل) موضوع الأنهار، حتى وإن ورد في التوراة، فبرأيه أن هذا الكلام مجرد تخمين يخلو من الحقائق العلمية ..

4ـ رد موسل قيام هيئات حكومية تشكل ما يشبه الدول (الغساسنة والمناذرة)، بأنها إدارات عشائرية قامت على أنقاض دولة (تدمر) ودولة (الأنباط) وارتبطت بمن يجاورها من إمبراطوريات (فارسية و رومانية) .. كما ينكر (موسل) ارتباط قبائل (الغساسنة والمناذرة) باليمن، ويرجع ادعائهم بذلك، هو سيطرة أهل اليمن على طرق المواصلات، فكانت تلك القبائل تدعي ارتباطها باليمن!

5ـ يرجع (موسل) ضعف عطاء الأرض وهدم سد (مأرب) الى الفساد بالحكومات وعدم انتباهها لا للعوامل الجوية ..

6ـ يعترض موسل على أن الفتوحات الإسلامية تشكل هجرة، فيقول أن فتح العراق والشام جاء بمساعدة أهالي العراق والشام الذين يلتقون مع إرادة إخوانهم في جزيرة العرب ضد الفرس والروم .. وليس بدافع ديني!

سنقف في المرة القادمة على رأي مؤرخ عربي هو الدكتور جواد علي ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-12-2006, 02:30 PM   #40
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

رأي الدكتور جواد علي في أصل الساميين:

كان الدكتور جواد علي (صاحب موسوعة المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ) ـ حتى وفاته ـ من المطالبين بشدة فرق البحث العربي في مجال الآثار و الجيولوجيا في أن يكون عملهم جادا ومثابرا وعلى نهج واضح ليستكملوا دراسات باطن الأرض في جهد عربي غير متأثر بآراء الغربيين الذين لم ينزههم عن دس غايات وتحليلات نظرية تلتقي مع أهداف دولهم من زاوية مصلحية، وتلتقي مع نظرتهم المعرفية التي تستند الى حقيقة فلسفية قوامها أن الغرب هو مركز العالم الحضاري، وما سواه ما هو إلا نشاط يأتي على هامش ذلك الجهد الحضاري ( فيكو الإيطالي ـ فلسفة التاريخ).

فلذلك رأى الدكتور جواد علي عدم الاستعجال في قبول نظريات الغرب حول موضوع الساميين مارا على كل نقطة استند عليها المحللون الذين ذكرناهم في إرجاع أصل الساميين وأسباب هجرتهم وسنلخص نظرة الدكتور جواد علي وفق رأيه من محاكمة تلك التحليلات :

أولا : إن اعتماد التقارب اللغوي بين شعوب المنطقة، باعتبار هذا التقارب مؤشرا على بدء وكيفية حركة الساميين، ما هو إلا حدس وتخمين يفتقر الى الإثباتات العلمية المستندة على تحليل مختبري يفحص بعناية ما في باطن الأرض للوقوف على تلك الدلائل.

ثانيا: إن اعتبار تغير المناخ وقسوة الجو باعتبارها محركا وسببا أساسيا في الهجرة، فهو الآخر لا يعدو كونه تخمينا لا يستند الى أي حقيقة علمية، فقد تكون الخلافات السياسية هي ما دفعت الناس لهجر مواقعهم، فالصراع بين الأحباش وأهل اليمن قد دفع قسم من اليمنيين لهجر أوطانهم، وقد يكون الصراع بين الفرس والعرب هو ما دفع الكنعانيين أو الفينيقيين لترك سواحل الخليج العربي كما تركوا سواحل المتوسط متوجهين لإفريقيا، وهنا المسألة في الحالتين ليس لها علاقة بتغير الطقس.

ثالثا: لقد تسللت الى كتب التاريخ التي أثرت فيما بعد على آراء أولئك المحللين، آراء عقائدية دينية كاليهودية المحرفة والمسيحية المستندة في رأيها التاريخي على آراء اليهودية، وقد رأينا كيف فبرك مؤرخو اليهود إبعاد الكنعانيين من نسب الساميين وإدراجهم مع الحاميين لغايات إبعادهم عن السيادة على فلسطين، وذلك في الألف الثاني قبل الميلاد. وقد تسللت تلك المفاهيم الى المؤرخين العرب كالطبري مثلا فتبنى الرؤية اليهودية دون أن يعلم، وقد أشار ابن خلدون لقضية في منتهى الذكاء عندما فند رأي اليهود بأخبارهم أنهم كان لديهم سبعمائة ألف مقاتل عندما خرجوا من مصر واستمروا في زحفهم حتى احتلوا بحر الخزر وما وراءه، فعلق على هذا النوع من الافتراء بأسلوب علمي متهكم، حيث استند في محاكمته لتلك الفرية باعتماد القرآن الكريم، بأن موسى عليه السلام قد تزوج بنت شعيب عليه السلام وشعيب هو الابن الخامس (أي من الجد الخامس) لمدين ومدين هو أحد أبناء ابراهيم عليه السلام من أم اسمها (قنطورة) لم يذكرها القرآن وتجاهلها اليهود في كتاباتهم، فتبنى كل المؤرخين رأي اليهود، وإن كان كذلك، فكيف لخمسة أجيال من شخص واحد أن تكون سبعمائة ألف مقاتل، ثم يضيف ابن خلدون، أنه لم يعثر في قراءاته على تاريخ منطقة الخزر أنها تعرضت لغزو يهودي في تلك الفترة التي يشير إليها اليهود.

رابعا: إن الهجرة أو الهجرات لم تكن في اتجاه واحد فقد كانت تأخذ عدة اتجاهات فقد يخرج من جزيرة العرب ناس ثم يأتي إليها آخرون، كذلك العراق وبلاد الشام، ولم تكن الهجرات من صنف واحد من الناس، بل أجناس مختلفة تأتي وتنصهر لتذوب في شكل جديد، فلا لون البشرة ولا شكل الجمجمة ولا لون العينين ولا الأنف بقي صافيا 100% لأي جنس بشري على الكرة الأرضية.

خامسا: إن اعتماد الخرائب كدلائل أن تلك المناطق كانت عامرة، فهدمت وخُربت بسبب تغير الجو أو غيره، فإنها دلالة ضعيفة جدا، فقد تكون تلك الخرائب لأقوام لهم شأنهم لكنهم هجروها في فتوحاتهم واحتلالهم لمناطق أكثر راحة فاستوطنوا بتلك المريحة وتركوا تلك لتخرب. أو قد يكون أن خطوط النقل قد تغيرت من مكانها فلم يعد يمر بتلك الخرائب التي كانت عامرة تجار ومسافرين ليبقوا شروط الحياة فيها، فتركها أصحابها الى لا عودة فخربت ..

ينهي الدكتور جواد علي رأيه المطالب بالتريث وعدم الاستعجال، بقوله إن علينا قبل أن نبحث بأصل الساميين وموطنهم أن نبحث عن موطن البشرية، وهل هو موطن واحد أم أكثر .. وهذا يتطلب مزيدا من التنقيب والبحث والصبر ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .