لا ثالث
وعاد إلى ثكنة الجيش بعد القتال
وجاء من الصف صف الحداد
يسح الدموع على من تولى وقد بعثرته القنابل، رويدًا :
تذكر أن له أسرة في بلاد ترفرف راياتها بالنجوم
وأن بها "مهد كل الحضارات كل العلوم"
وبسمته في احتفال الرفاق
وياسمينتيه ابنتيه وزوجته بادلوه العناق
فسحّ الدموع على البندقيه
وألقى بخوذته المعدنيه
ليفتح من بعدها باب ما قد تبقى من الذكريات ..
***
لقد كان في أرضه في احتفال الكريسماس كالطفل يلهو،
وزوجته تعطيه شيئًا لكي يرفعه
فترفع عن رأسه القبعه
وتلهو بها طفلة مولعه
يعانقها ثم يخبرها شكلك الآن أحلى وما أروعه!
"ولست الوحيد إذا ألبس الخوذة المعدنيه ،
بل الموت يلبسنا الأربعه"
وساءل أدمعه الحائرات ، فماذا تبقى من السابقين ..
حذاء ممزق
وصورة شاب وسيم معوق
عليه دموع بحجم النجوم التي في العلم
وجرح كموقعنا بالخريطه
لقد قيدوني بدبابة حمولتها عمري المستحق
تدوس سلالها فوق حلمي
وطلقاتها تستحل الطيور التي في سمائي
لماذا أتيت ؟
وفي كل يوم تمر القبور على بابنا
وتخرق شرفاتنا ،
وحتى وسادات أحلامنا
أيا طفلتيّ أيا زوجتي رغبتي أن أعود ،
ولكن هنا الطير يشدو بصوت الرعود
وإن الوحوش لها مكمن في عيون العمود
وإن العدو عفاريت تجتاز كل الحدود
أيا طفلتيّ أيا زوجتي رغبتي أن أعود ،
ولكن سأحتاج في كل شبر لدبابة
سأحتاج في كل شب لليل طويل بحجم البلاد التي جئت منها ،
ليعمي أبصار من لاحقونا
ولما تهاوى ضياء القمر
رأى الليل قنطرة للمفر ّ
وفي وجهه أدمع الأهل و الأصدقاء
***
أيأتي أبي سالمًا هل يعود ؟
فتلك البلاد -كما أخبرونا -
بها الماهرون لهم خبرة يقتفون الأثر
وأيقظها من خيال رنين ،
و "إن أباك غدًا عائد "
فتختال زهو ًا ولا تستقر
"أبي عائد في الغد المنتظر ؟!"
وأكمل( لم يمهل الوقت أفراحها )
"بأن لنا دفعة عادئه
فبعضم قادم في نعوش ،
وبعضهم لازمٌ مقعده"
***