العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-06-2008, 08:18 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي أحمد فؤاد نجم شاعر المعاناة والألم ؟؟؟

أحمد فؤاد نجم
١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦ ، بقلم محمد البوزيدي



كان فلاحا ألهمته المواويل التقليدية المصرية حسا جماليا مرهفا، وشحنة قوية وقوة في الإبداع والابتكار، فعاملا خبر جيدا آلام وآمال الطبقة العاملة قبل أن يصبح شاعرا زجليا يناضل إلى جانب الجماهير، فأصبح ناطقها الرسمي عبر قصائده الرائعة التي تعرضت للمحاصرة والاختطاف ومحاولات الاحتواء دون جدوى.

لقد كان الشاعر الوحيد في العالم الذي قدم للمحاكمة في محكمة عسكرية بسبب قصيدته "بيان هام"

ولد الشاعر المصري الكبير أحمد فؤاد نجم بقرية عزبة بالصعيد المصري في 29 ماي 1929 من أم فلاحة، وأب كان يتقلد منصب ضابط شرطة، لكن تم عزله، فاشتغل موظفا بوزارة المالية ثم فلاحا في أرض كان يمتلكها قبل أن يتوفى ويدع فؤاد نجم في السادسة من عمره.

بعد وفاة والده وجد نجم نفسه أمام الفاقة والعوز، فانطلقت رحلة المتاعب الطويلة مع الألم والمرارة التي كان يعيشها الشعب المصري، حيث اشتغل في البداية خادما في بيت عمه الذي كان قاسيا عليه مما أدى به إلى الانصراف عنه فعمل في معسكرات الجيش البريطاني متنقلا بين مهن عديدة: كواء، بائع سجائر، بناء.. وغيرها، وقد عبر عن وضعيته هذه في مقطع من أغنية دللي الشيكارة حيث قال:

من صغر سني

شجيان لكني

مالط غير البصارة.

التقى بعمال المطابع الشيوعيين في مدينة فايد التي كان يحتلها الإنجليز فاحتك بهم، كما علم نفسه القراءة والكتابة، ومن هنا بدأ وعيه السياسي في التبلور والتشكل، حيث شارك مع آلاف الجماهير الغاضبة في المظاهرات التي عمت مصر سنة 1946. كما بدأت تداعبه "هواية " كتابة الشعر والخواطر خاصة أنه كان يتمتع بذاكرة قوية وصوت جميل، كما درس أشعار أحمد رامي وأحمد شوقي……

ومن سنة 1951 إلى سنة 1954 اشتغل عاملا في السكك الحديدية، ثم نقل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية حيث عمل ساعيا للبريد، وعن هذه المرحلة يقول "كنت أعيد اكتشاف الواقع بعد أن تعمقت رؤيتي وتجربتي، وشعرت حينئذ رغم أني فلاح وعملت بالفأس لمدة ثمان سنوات أن حجم القهر الواقع على الفلاحين هائل وغير محتمل، وكنت أجد في الواقع المصري مرادفات قوية لما تعلمته نظريا. لقد كان التناقض الطبقي بشعا" [1]

وفي سنة 1959 انتقل فؤاد نجم من عمله في البريد إلى النقل الميكانيكي في العباسية بأحد الأحياء القديمة في القاهرة، وأصبح موظفا بأحد المكاتب، حيث لفقت له تهمة تزوير شيك بمبلغ 24 ألف جنيه فاعتقل يوم 14 نونبر 1959، ووضع لمدة 33 شهرا بسجن ارميدان في القاهرة، وفي السجن توقف تماما عن كتابة الأغاني العاطفية عن الهجر والبعد وشعر أن للكتابة وظيفة أخرى وخاصة للشعر.كما اهتدى إلى بيرم التونسي ووجد في أعماله إجابة عن السؤال المقلق والمحير: كيف ولماذا يكتب الشعر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وفي سنة 1961 ومن داخل السجن أصدر ديوانه الشعري الأول "صور من الحياة والسجن "الذي يعتبر بداية الانطلاقة الحقيقية لنجم بعد أن كانت جل أعماله وإبداعاته عبارة عن أغاني إذاعية حول كرة القدم والصراع التاريخي بين فريقي كرة القدم الأهلي والزمالك. وقد فاز هذا الديوان بالجائزة الأولى في مسابقة نظمها المجلس الأعلى للفنون والآداب بعد أن أثار نقاشا داخل المجلس، حيث كان الأديب عباس محمود العقاد ضد شعر العامية، لكن تصدى له ودافع عن نجم كل من بيرم التونسي ومحمد فريد وسهير القلماوي الذي قدم للديوان.

ومن خلال الإصدار الأول لشاعرنا يتضح جليا الحس السياسي الطبقي المرهف، إذ يقول فى أحد قصائده على لسان فلاح يخاطب إقطاعيا:

الحريم اللي أنت نايم فيه بتاعي

واللي غازل كل فتلة فيه صباعي

والنعيم اللي أنت عايش تحت ظله

كل ده من صنع أيـــــدي وذراعي

وفي سنة 1962 خرج من السجن، فعمل موظفا في مؤتمر التضامن الأسيوي الإفريقي.

وفي مايو من نفس السنة التقى عن طريق سعد الموجي بالفنان العصامي الشيخ إمام محمد عيسى،وهنا بدأت رحلة الفنانين مع الأغنية الملتزمة التي أطربت الجماهير الكادحة طوال أكثر من عقدين من الزمن رغم كل أسباب الحصار والاحتواء المتنوعة التي فرضت عليها وكانت أول أغنية جمعتهما هي "أنا أتوب عن حبك أنا".

وبسرعة نفذ الإبداع الرائع، والفن الجميل إلى قلوب الملايين التي كانت تعيش القمع والرعب في مختلف أنحاء العالم العربي، كما أن اللحن المرهف ذو الأصول الدرويشية –نسبة إلى سيد درويش- زاد من حنكة الشاعر حيث يقول عن تأثير ألحان إمام في شعره: "بدأت تجربتي تتبلور بشكل محدد منذ خروجي من السجن، لقد زادت الغنائية في شعري حيث استمعت إلى الشيخ إمام، وتبلورت أكثر النكتة والكاريكاتور اللذان أصبحا عنصرا أساسيا في القصائد التي كتبت بعد ذلك، وحين بدأ يلحن أعمالي ازداد بشكل حاد إحساسي بالمسؤولية، لأن اللحن خاصة من قبل رجل يحمل في أعماقه كل هذا التراث يضعان الشاعر في مواجهة جمهوره مباشرة" [2].

وتعتبر سنة 1967 بداية الانطلاقة الحقيقية لتجربة الثنائي، وتزامن هذا مع حدثين هز كيانه بشكل عميق:

الحدث الأول: نكسة حرب حزيران، حيث كتب قصيدة بقرة حاحا ردا على تلك النغمة الإنهزامية التي قادتها جريدة الأهرام حين قدمت "منطقا متكاملا " يقول أن مصر الفقيرة المتخلفة ليس في مقدورها أن تناطح الثور الأمريكي، لهذا جاءت بقرة حاحا المسلوبة نطاحة رغم كل شيء. فكانت ردا شعبيا من موقع الجرح الغائر ضد الذين يريدون تغلغل الهزيمة وتكريسها.

الحدث الثاني: اغتيال المناضل الكوبي ارنستو تشي غيفارا الذي كان يرى فيه نجم رمزا أمميا، ونموذجا متكاملا لتكامل الفكر والممارسة، يشحن معنوياته ويشعره بالاطمئنان الداخلي لعدالة قضيته، وعنه يقول في قصيدة غيفارا مات

مات المناضل المثال

يا ميت خسارة ع الرجال

مات البطل فوق مدفعه هو الممات

جسد نضاله بمصرعه ومن سكات

لا طبالين يفرقعوا

ولا إعلانات

غيفارا مات غيفارا مات

وفي سنة 1968 بدأت رحلة نجم – إمام مع السجون، حيث لفقت لهما تهمة حيازة المخدرات، لكن تم تبرئتهما من طرف القاضي.

وفي 15 مايو 1969 وبعدما كان نجم ينوي إعلان خطبته يتم اعتقاله من جديد، ثم التحق به الشيخ إمام، وقد تعرضا خلال هذه السنة خاصة لضغوطات قوية للتراجع عن إنتاجاتهما والتصالح مع السلطة، ورغم كل الإغراءات كان الرفض والانصياع سمة الثنائي المميزة لهما، حيث شاعت وانتشرت إبداعاتهما التي اكتسبت من مرارة الوضع وفظاعة الهزيمة لذغتها وقسوتها وغنائيتها، رغم كل محاولات الإحتواء تارة والتمييع تارة أخرى.

وفي 21 أكتوبر 1971 يتم إطلاق سراحهما بعد جهود كبيرة من طرف المثقفين وضغوطات قوية من العمال والطلبة، بعد أن ملأت ظاهرة نجم –إمام مصر كلها.

وقد كانت قصائد نجم وألحان إمام تتسرب من السجن رغم احتياطات المخابرات العامة حيث يقول نجم في محاولة تفسير هذا اللغز "كنت أكتب القصيدة بدون ورقة، ولا قلم ثم أقرأها على الطلبة المعتقلين من فتحة الزنزانة مرة أو مرتين، وكان هناك طلبة مثل آلة التسجيل يحفظونها بسرعة وعندما يتوجهون إلى المحكمة ويقابلون أحد أفراد عائلتهم يملون علينا القصيدة، فتنتشر بعد ذلك في المجلات الحائطية وفي أوساط الطلبة، وكان جهاز المباحث يكاد يجن، لأنه لم يستطع اكتشاف الطريقة التي تتسرب بها القصائد من داخل السجن" [3]

وفي سنة 1972 يتم اعتقالهما من جديد لمدة 65 يوما بتهمة التضامن مع الطلبة.

وفي 15 مارس 1978 يتم تقديمهما للمحاكمة من جديد بعد مشاركتهما في ندوة نظمها الطلبة بكلية الهندسة بجامعة عين شمس في 14 نونبر 1977.

ولم يكن الإعتقال يقتصر عليهما، بل امتد لزوجة نجم الفنانة عزة بلبع التي تعرضت للإعتقال أكثر من مرة خصوصا في مارس1979 عندما ألقي عليها القبض فيمن ألقي عليهم القبض من الألفي مثقف مصري الذين حشدهم التجمع الوطني التقدمي الوحدوي في مؤتمر المثقفين الرافضين لمعاهدة كامب-ديفيد الخيانية التي أبرمها السادات.

وفي 7 ابريل 1982 وبعد محاولات شاقة، تمكنا من الخروج من مصر، والسفر إلى مجموعة من الدول للتعريف بفنهما خاصة والأغنية الملتزمة عامة، حيث تمت استضافتهما في فرنسا أولا عبر وزارة الثقافة، بعدها أحيوا حفلات عالمية في مجموعة من البلدان الأوروبية،لكن حينما عرجا على بعض الدول العربية بدأت تفتر العلاقة بين الفنان والشاعر خاصة في محطة الجزائر، حيث بدأت الخلافات تذب وتشتد بسبب تدخل بعض العناصر المختلفة في علاقاتهما الشخصية.

ويلخص الباحث إدريس مسكاوي لغز الفتور بين نجم وإمام في قوله: "إن فشل هذه التجربة وخروجها عن السكة الأصلية كانت له أسباب غامضة وغير واضحة استغلتها الصحافة والأقلام المضادة للنيل منها وتشتيتها، وهذا هو مرمى كل العقول الحاملة لأفكار الهدم والتخريب وتوجيه الضربة القاضية لكل تجربة جادة عبر التاريخ، ويبقى البحث ساريا من أجل توضيح وإبراز الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الطلاق المر وتهديم هذه التجربة لاستخلاص العبر والدروس.

ومهما يكن الأمر، وكيفما كانت النتائج البحوث في موضوع أسباب الفراق، سيبقى عمل الثنائي ظاهرة فريدة من نوعها عرفتها الشعوب العربية في تاريخها الفني والمعاصر ووصمة عار على جبين المرعوبين" [4].

وفي سنة 1986 حل أحمد فؤاد نجم ضيفا على اتحاد كتاب المغرب، حيث أحيى أمسيات شعرية عديدة، واغتنم الصحفيان حسن نجمي وعبد الكريم الأمراني الفرصة فأجريا معه حوارا شاملا و مطولا جمع في كتاب الكلام المباح الذي صدر سنة 1988، وهو وثيقة هامة تتبع عن كثب السيرة الذاتية والشعرية والفنية للشاعر.

أصدر أحمد فؤاد نجم - على حد علمنا- ثمانية دواوين شعرية وهي: صور من الحياة والسجن، عيون الكلام، العنبرة، يعيش أهل بلدي، أغنيات الحب والحياة، مصر، الطير المهاجر..

وكعربون على القيمة الشعرية العالية لفؤاد نجم نظم الملياردير المصري نجيب ساوريس سنة 1999 حفلة على شرفه بمناسبة عيد ميلاده السبعين، حضرها العديد من الفنانين والمثقفين المصريين، كما أجرت معه العديد من القنوات الفضائية برامج تلفزية خاصة ترصد مسارات حياته المختلفة.

وكخلاصة فإن أهمية قصائد أحمد فؤاد نجم واللحن المميز الذي أداه ببراعة الشيخ إمام تكمن في كونها ترسم لنفسها رؤية واضحة لاغموض ولا لبس فيها، تستند لمخاطبة الجماهير وجدانيا لتعبئتها سياسيا، وتأطيرها بلغة بسيطة تفهمها، وتستوعب عمق مدلولاتها، وهذا ليس بعسير على نجم مادام أنه نضج وتكون وسط ثقافة شعبية استوعب أدواتها جيدا، فوظفها في قصائده الزجلية التي كانت ثورة بحق في الشعر المصري المعاصر آنذاك، كما أن انتمائه الطبقي ألهمه عدم التصنع فكما يقول " لست سائحا، ولا أتكلم عن الناس، بل أتكلم وباعتباري جزءا منهم " [5].

لقد كان شاعرنا الكبير يعتبر الشعر إبداعا راقيا، وردا حقيقيا وواقعيا، يملؤه ثقة في النفس وبالنفس، كما يمنحه راحة داخلية قاومت كل مظاهر السجن الضيق والواسع، كما تصدت للجوع وللاحتواء وحققت أملها في الارتباط بالناس وبالحياة وبالوطن.

لقد كان الشعر بالنسبة إليه بلسما يعانق ويداوي الجراح، لذا كانت النتيجة المنطقية، فالصمت مشاركة خفية في مختلف المؤامرات المدبرة، والكلام مبادرة وشحنة للأمام، أليس هو القائل:

يقول الشعر المجروح فؤاده

من الأنوال ومن عشق الصبايا

غرامي في الحروب يسبق سلاحي

وأملي في الشعوب يخلق غنانيا

وعشقي للكلام سابق سكوتي

وكرهي للسكوت جالب شقايا.

حواشي
[1] فريدة النقاش بلدي وحبيبتي: ديوان أحمد فؤاد نجم الطبعة الثانية ص 8

[2] نفسه ص 11

[3] حوار مع احمد فؤاد نجم الاتحاد الاشتراكي العدد1126 4/9/86 ص 5

[4] البعد الإنساني في الأغنية الملتزمة تجربة إمام – نجم بحث لنيل الإجازة من انجاز الطالب مسكاوي إدريس سنة 1996 كلية الآداب أكادير ص 66

[5] ابراهيم منصور الازدواج الثقافي وأزمة المعارضة المصرية ص 146

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .