تاريخ:11/03/1429 الموافق |القراء:1693 | نسخة للطباعة
المختصر/ الاقتصاد الأميركي وصل إلى مرحلة الانهيار، وحرب العراق تكلف 12 مليار دولارشهرياً.
ميدلايست اونلاين / في الربع الأخير من سنة 2003 وبعد أشهر قليلة من سقوط البوابة الشرقية للأمة العربية تحت الاحتلال، سخر الرئيس الأميركي بوش وطاقمه من المحافظين الجدد وفي مقدمتهم وزير دفاعه رامسفيلد ووزير خارجيته باول من تحذيرات العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين من ان المقاومة العراقية التي استمرت وتصاعدت بعد سقوط بغداد في 9 أبريل/نيسان لن تتوقف مهما كانت طبيعة المخططات والمناورات الأميركية التي ستنفذ داخل العراق أو خارجه بالتعاون مع أطراف إقليمية ساعدت بشكل أو بآخر العدوان والاحتلال.
وخلال السنوات الخمس التي مرت على احتلال بلاد الرافدين جربت واشنطن وحلفاؤها كلالأساليب لوقف المقاومة وتشويه صورتها بعد أن انكر حكام البيت الأبيض حتى وجودمقاومة عراقية، فنسبوا العمليات العسكرية ضدهم أحيانا للمتطوعين الأجانب وتارةلتنظيم القاعدة وغير ذلك من الأكاذيب التي برعوا في نسجها منذ أن شرعوا في سنة 1991في حربهم الأولى بهدف تدمير العراق كقوة إقليمية قادرة على تهديد إسرائيل.
المقاومة العراقية
ولقَّنت المقاومة العراقية الاحتلال دروساً ستسطَّر بحروف من ذهب في كتب التاريخ، ومع مرور الأشهر والسنين وجد الاحتلال أنه لا يخسر الحرب في العراق فقط، بل أدرك المحافظون الجدد المتحالفين مع الحركة الصهيونية أن مشروع الإمبراطورية الذي وضعوه ينهار ومعه مخطط الشرق الأوسط الكبير وحتى القوة الأميركية العسكرية والاقتصادية والسياسية.
وعلى مدى التاريخ البشري المعروف كانت الإمبراطوريات تنهار في الغالب من الداخل لأسباب كثيرة ومن أهمها انهيار قيمها وتورطها في صراعات خارجية تفوق قدراتها وتستنزفها.
وفي مارس/آذار الجاري كشف الاقتصادي الأميركي البارز، الحائز على جائزة نوبل للسلام، جوزيف ستيغليتز، في كتاب جديد أن تكلفة حرب العراق، التي تدخل عامها السادس تضاعفت ثلاث مرات بالمقارنة مع الأعوام السابقة، لتصل إلى 12 مليار دولار شهرياً في العام الحالي.
وتوقع سيتغليتز، والكاتبة المساعدة، ليندا بيلميز، أن تكلف حربا العراقوأفغانستان، بالإضافة إلى التواجد العسكري طويل الأمد في الدولتين الذي تخطط لهواشنطن، الخزانة الأميركية ما بين 1700 مليار دولار إلى 2700 مليار دولار، أو أكثربحلول عام 2017، وذلك في "أفضل الأحوال" وإذ ما تم تطبيق سيناريوهات "واقعيةومعتدلة"، كما أوردت الأسوشيتد برس.
وقد تضيف الفائدة على قروض تمويل الحرب تلك وحدها مبلغ 816 مليار دولار إلى التكلفة، وفق المصدر.
وتفوق تلك التصورات توقعات "مكتب الموازنة بالكونغرس" الذي رجح أن تصل تكلفة الحربين إلى ما بين 1200 - 1700 مليار دولار بحلول عام 2017، سيذهب ثلاثة أرباعها للعراق.
وقال مكتب المحاسبة الحكومي الإميركي في هذا السياق: "رغم تباين التوقعات إلا أن التكلفة ستكون هائلة".
وأوضح الكاتبان ستيلغيتز من جامعة كولومبيا وبيلميز من جامعة هارفارد، فيكتابهما: "حرب الثلاثة تريليونات دولار" أن الحربين كلفتا الخزينة الأميركية عام 2007 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، 845 مليار دولار، علما أن الأرقام شاملة ولاتقتصر على العمليات العسكرية فقط.
وذكر "مكتب موازنة الكونغرس" أنه رغم تراجع معدلات الخسائر البشرية بين الحلفاءمن العراقيين والعسكريين الأميركيين خلال الشهور القليلة الماضية، إلا أن معدلالإنفاق في تصاعد.
وأشار إلى أن موازنة الحرب هذا العام أعلى بواقع 155 في المائة عن عام 2004،وعزا الارتفاع إلى أسباب ضخمة منها: زيادة حجم القوات الأميركية في العراق بقرابة 30 ألف جندي إضافي، ارتفاع أسعار الوقود، واستبدال المعدات العسكرية البالية أوالمتضررة.
ويسجَّل هنا أن الإدارة الأميركية لا تتحدث عن كلفة ما بين 120 و140 الف من قواتالمرتزقة التي تشارك في حرب العراق ولا مصاريف القوات البريطانية التي تصل الى 9000مليون دولار.
ويشار إلى أن البنتاغون خصص قرابة 17 مليار دولار هذا العام لتزويد القوات الأميركية بالعراق بمركبات مدرعة حديثة لحماية الجنود من القنابل التي تزرعها المقاومة على جانبي الطرق.
واستمد التقريران أرقامهما من سيناريوهين مختلفين: توقع في الأول حسب مكتب الموازنة بالكونغرس خفضاً حادًا لعديد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان بـ30 ألف جندي في أواخر 2009 و55 ألف جندي بحول العام 2012 في تقرير ستيليغيتز.
التقريران أهملا احتمال اضطرار الولايات المتحدة الى الانسحاب من العراق تحت ضغط المقاومة وانهيار المسرحية السياسية الوقحة التي يمثلها الاحتلال مع مجموعة من العراقيين وأشباههم من الجوار، والذين استقدموا على دبابات الأميركية ومعهم من جندتهم طهران ليعيشوا حيناً في المنطقة الخضراء وتحكم واشنطن باسمهم.
قنبلة زمنية موقوتة
ويأتي الكشف عن هذه المصاريف في وقت يحذر فيه الخبراء من أن الدَّين الداخلي الأميركي أشبه بقنبلة زمنية موقوتة يمكن أن تنفجر في لحظة، حيث يزداد بحوالي 1400 مليون دولار يومياً، أي بحوالي مليون دولار كل دقيقة.
ويبلغ حجم الدين الداخلي الأميركي حالياً 9130 مليار دولار، ولكن ماذا يعني هذا؟ببساطة يعني أن مديونية كل أميركي، سواء أكان رجلاً أم امرأة أم طفلاً أم رضيعاً،تبلغ 30 ألف دولار تقريباً.
ووفقا للأسوشيتد برس، فإنه حتى وإنتمكَّن المواطن الأميركي من النجاة من أزمةالإسكان وقروض الائتمان ونجح في التعامل مع ارتفاع أسعار الوقود، فإنه يتجه نحوحالة من "البؤس الاقتصادي".
ومثل ملاك البيوت والمنازل، الذين حصلوا على قروض عقارية معتدلة الفائدة، فإن الحكومة تواجه إمكانية رؤية دينها الداخلي ولو بمعدل الفائدة المنخفض نسبياً ينقلب إلى معدلات عالية، الأمر الذي يفاقم من الأزمة المالية المؤلمة ويضاعفها ويزيد أخطار الانهيار.
ويؤكد اقتصاديون غربيون ان الاقتصاد الأميركي يواجه خطراً كبيرً غير مسبوق بسبب مشكلة الديون الداخلية والخارجية.
فمن جهة يواجه مشكلة الديون الضخمة المستحقة للمستثمرين الأجانب الذين قاموا باستثمار أموالهم في الولايات المتحدة في عصر الاقتصاد المزدهر وسوق الأوراق المالية المنطلقة.
ومع تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي وتدهور ربحيَّة البورصات الأميركية يخشى على الاقتصاد الأميركي أن يجد نفسه أمام مأزق الديون لا يستطيع سدادها مثله مثل شركة ضخمة أفلست ولكن بفرق شاسع هو ان الولايات المتحدة تحتاج لعقود طويلة من العمل الشاق والتقشُّف المطلق إذا أرادت الوفاء بجزء من ديونها.
مرحلة الأفول
العديد من الكتابات والدراسات التي تتحدث عن انهيار الولايات المتحدة اجتمعت علىان بحث هذا الإحتمال لأي دولة او إمبراطورية يتم من خلال رصد المثلث الاقتصاديالعسكري والاجتماعي، فهذا المثلث يعطينا فكرة واضحة عن موقع الدولة في ميزان القوةوالضعف وعن كونها فتية وقادرة على زيادة قوتها ام هرمة وضعيفة وفي مرحلة الانهيار،أو في مرحلة الوسط بين المرحلتين، مع العلم ان مرحلة الوسط هذه تكون في المقياس،الذروة التي تصل اليها الدولة في قوتها، وهي نقطة القمة وبعدها تأخذ قوة الدولة فيالانحدار نزولا.
المفكر الأميركي بول كينيدي أستاذ التاريخ بجامعة "يل" كتب في بداية صيف سنة 2007 وهو يسجل دخول الولايات المتحدة مرحلة الأفول "ان العناوين الرئيسية التي نقرأها هذه الأيام عن الولايات المتحدة تبدو مألوفة نوعا ما وهي تعبير عن حالة قائمة سببها تورط واشنطن في مغامرات خارجية تأتي بنتائج كارثية.
فأميركا زجت بنفسها في حرب غير قابلة للكسب في بلد بعيد هو العراق، لدرجة جعلت الكونغرس، بل الشعب الأميركي نفسه، يندمان على تأييدهما لتلك المغامرة في البداية.
ونجد أن القوات البرية الأميركية منتشرة على امتداد مساحة تفوق قدرتها على الانتشار، وأن العجز في الميزانية الفيدرالية يزداد سوءً عاما بعد عام، والعجز في الميزان التجاري قد وصل إلى حدود مزعجة، وأن القوى العظمى الأخرى الصين وروسيا والهند تعمل على تأكيد وجودها، وأن سمعة أميركا قد وصلت إلى درجة من السوء ليس لها مثيل.
كما تدل على ذلك استطلاعات الرأي التي أجريت في مناطق مختلفة من العالم، مع ذلكرأينا البيت الأبيض يعمد، متجاهلاً كل تلك الحقائق، إلى تطبيق سياسة زيادة عددالقوات في العراق على الأرض، كما رأينا العديد من المحافظين الجدد يغادرون صفوفالحكومة، أو يخططون لمغادرتها عما قريب "مثل الفئران التي تهرب من السفينة التيتوشك على الغرق".
الإفلاس
__________________
اللهم انصر الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وأذنابهم من المنافقين
|