بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله منزل الكتاب ومجري السحاب و هازم الأحزاب و مسبب الأسباب
الحمد لله فاطر السموات و الأرض حمدا يليق بجلال و جهه و عظيم سلطانه
ربي لك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضا
۞۞۩۞۞۩۞۞
لا شك أن الأحداث الأخيرة قد تسارعت بشكل مذهل جعل الكثير من المراقبين يقفون موقف الحائر و يفضلون التريث و الترقب خوفا من الخوض في غمار هذه المعادلة السهلة الصعبة و لا شك أن الخطاب الجهادي قد تسارع و تداخل بشكل غير مسبوق حتى صار يشبه اللغز المحير أو الفسيفساء التي من المستحيل فهمها دون جمع قطعها و ترتيبها بشكل منطقي و منتظم
خرجت القاعدة في حلة إعلامية مذهلة مهددة و متوعدة بحرب غير مسبوقة تستهدف كل من شارك و يشارك في الحرب على الإسلام و تتوعد كل من تتطاول على رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه
و بان لكل ذي بصيرة أن الضربة القاصمة قريبة تكاد القاعدة تخفيها
نحن لسنا هنا بصدد رصد توقيت الضربة القادمة أو مكان حصولها و لكننا سنحاول بإذن الله فهم و تحليل حقيقة و نتائج هذه الملحمة القادمة من بعيد والتي تتوعد المجرمين بصبح أسود
كثيرا ما يتحدث الإستراتيجيون العسكريون و خبراء الحروب عن مفهوم الضربة الإستباقية و عن المفهوم المقابل له و الذي يعرف بالضربة الانتقامية و عن مفهوم توازن الرعب
ما هي حقيقة مفهوم توازن الرعب ؟؟؟؟؟؟؟
و هل حقا أن توازن القوى العالمية و قاعدة العلاقات الدولية مبنية على هذه المعادلة منذ نهاية الحرب الغربية الثانية و هل صحيح أن النظام العالمي سيظل قائما ما دامت هذه المعادلة قائمة ؟؟؟
كل هذه الأسئلة و كل هذه المعدلات غائبة و مغيبة عن النقاشات التي تدور في وسائل الإعلام العربية الرسمية لغاية في نفس يعقوب و كل هذه الأفكار يجهلها الكثير من المسلمين الذين لا يفهمون سبب هذه الغطرسة الغربية التي تقابلها نذالة و خسة الأنظمة التي تجثم على رقاب الناس في عالمنا الإسلامي
لقد خرجت الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة في حربها ضد المحور الألماني الياباني و كل الدول التي كانت تدور في فلك هذا المحور و كان من بين المنتصرين كذلك كل الدول التي تحالفت مع أمريكا و محور الرأسمالية بقيادته القديمة البريطانية الفرنسية و تمت صياغة بنود هذا التوازن الجديد بعد مؤتمر يالطا الذي جمع قادة العالم المنتصر
تم تقاسم المصالح و مناطق النفوذ اعتمادا على مفهوم القوة العسكرية و على رأسها السلاح النووي الذي ذاقت ويلاته إمبراطورية اليابان قبيل نهاية الحرب و خيم شبح الترسانة النووية الأمريكية على العالم و رضخت روسيا و كل دول العالم لمطالب الرجل الأمريكي المتغطرس مكرهة
ثم انطلقت كل هذه الدول في سباق محموم نحو التسلح و نحو التحكم في أبجديات السلاح النووي حتى حققت توازن الرعب مع أمريكا و حصلت بموجب ذلك على نسبة لا بأس بها من الكعكة
و هذا ما عرف بمفهوم الحرب الباردة
أما الدول الإسلامية الغائبة عن ساحة الوجود بسبب الاستعمار و التبعية فقد دخلت مكرهة في هذه اللعبة القذرة ووجدت نفسها تمثل الكعكة التي يتسابق الأقوياء من أجل الظفر بها و أجبرت جلها على الرضوخ مكرهة أو نتيجة المؤامرات و المكائد و الانقلابات التي ميزت حقبة الستينات و السبعينيات من القرن الماضي
هكذا ساد الرعب و خيم شبح الفناء على البشرية جمعاء و امتدت المعركة بين الأقوياء لتشمل البر و البحر و الجو و لم تجد الدول الصغيرة الناشئة غير الالتحاق بأحد المحاور إما مع روسيا الشيوعية أو مع أمريكا الرأسمالية
و لم يستطع أحد الخروج من هذه الدائرة الجهنمية دائرة الخضوع و التبعية و فتنت الأمة بدعاة المذلة و أصبح علم الذل يدرس في المعاهد و المؤسسات الرسمية و لم يصدق أحد أن نظاما غير هذا النظام ممكن الحصول و أن للأمة خيار غير هذا الخيار
لقد دخلت القوى الجهادية دائرة الصراع كلاعب يحسب الكثيرون انه صغير و لن يقدر على شيء خاصة بعد سقوط المحور الشرقي الشيوعي و تفرد أمريكا بصياغة القرار على مستوى العالم
لقد أدرك النظام في واشنطن أن الساحة قد خلت له و أن لا أحد يقدر على الوقوف في وجه حاملات الطائرات فقرر إعادة صياغة النظام العالمي و شطب هامش الحرية و المبادرة الذي استطاع البقاء ووجد لنفسه موطأ قدم بين القوتين العظيمتين نتيجة الصراعات و المؤامرات من أجل نهب خيرات العالم
سقط جدار برلين وتوحدت أوروبا حتى تكون لها حصة من الكعكة بعد زوال البعبع الشيوعي و أراد الرأسمالي الغربي أن يضع يديه مباشرة على آبار النفط التي تملكها أنظمة تعيش في حقبة ما قبل التاريخ و لم يتعب المخطط الغربي نفسه كثيرا في التحليل و الإعداد لخطة السيطرة الشاملة لأنه حسب أن لا أحد يقوى على المواجهة و أن الأنظمة الملكية في الخليج لا تصمد ساعة قبل أن تنهار
كانت الغواصات النووية تجوب بحار العالم ورؤوسها النووية موجهة نحو العواصم و المدن مهددة بالفناء و الويل و ظلت الطائرات جاثمة فوق حاملاتها تنتظر الأوامر و
كان لا بد من استعراض للقوة حتى يرهب الجميع و يقبلون بالاستسلام دون شروط فكانت حرب الخليج الأولى و عاصفة الصحراء التي أرادها بوش الأب على طريقة أفلام رعاة البقر
وتم نقل الحرب بشكل مبرمج جعل المشاهد الأمريكي يحسب أنها لعبة من ألعاب البلاي ستايشين و أن صبيانه يتمتعون برمال الصحراء لا أكثر
و بسبب الآلة الإعلامية العملاقة و تفرد القنوات الأمريكية بحقوق البث تم لبوش الأب ما أراد و أيقنت أنظمة الأرض أن المواجهة غير مجدية و أن الاستسلام يبقى أحسن الحلول المتوفرة
[/center]