العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 06-08-2007, 07:02 PM   #1
تحسين
عضو جديد
 
الصورة الرمزية لـ تحسين
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2007
المشاركات: 26
إفتراضي قصة : من تحت الرماد

بسم الله الرحمن الرحيم
قصة / من تحت الرماد
بقلم : أ / تحسين يحيى أبو عاصي * غزة – فلسطين *
tahsseen@hotmail.com
*** *** *** ***
تزلزلت الأرض من تحت الأقدام ، في ظلمة الليل الدامس ، وفي دياجيب النفق الأسود ، بحيث لا نور فيه ولا ضياء ، ولا ظلال ولا أمان .

وتعانقت الزلازل مع ظلمة الليل المرعبة ، وهي تصافح عنفوان بركان ينفخ بزفير نيرانه حمما لا تبقي ولا تذر .

وتآلفت مجتمعة كل جيوش الأرض ، متعددة الجنسيات ، في رسوم وألوان وأشكال ، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبلها العذاب ، تحت مسميات وشعارات مختلفة ، من الحرية والديمقراطية والعولمة والحداثة ، رسوم وصور من الهمِّ والجوع والخوف ، والقلق والضعف والفقر، والقهر والمرارة والألم ، والحرمان والبطش والظلم ، والقتل والتنكيل والتعذيب ، والإبادة والتشريد والضياع ، ومفردات أخرى لا تفي بحق المعاني الرازحة ، من خلف بحور المعاناة ومحيطات الأفكار ، فكلمة نار مثلا هي مبنى من ثلاثة أحرف ، ولكن معناها أعظم بكثير من مبناها ، فمتى يدرك الإنسان أن المعاني أعظم كثيرا من المباني ؟

اتحدت جميعها وتعاهدت ، أن يكون صدره مسكنا لها ، فلا ينظر للحياة إلا من ثقب الإبرة ، إن أبقوا له ثقبا يتنفس منه ، أطبقت حصارها من كل مكان ، ليس فقط على صدره ، بل حاولت أيضا أن تُطبق على عقله ومفاصل عظامه وخلايا جسده النحيف ، إطباقة كأنها نار تدب في الهشيم ؛ فتأجج لهيبها وهجا واحتراقا بين ضلوعه ، لكنه لا يئن ولا يكل ولا يمل .

إنها الغابة ، وجودا وشريعة ، ونظرية وحقيقة ، مترامية الأطراف ، ومن حولها الصحراء القاحلة ، خالية من كل مظاهر الحياة ، إلا حياة البراري والهضاب والوديان والقفار الموحشة .

قلبه منكسر مقهور ، يحترق بمرارة وألم ، في وحدة وغربة ووحشة ، ولكن في أودية شرايينه كل معاني الرفض والعزّة والإباء ، رغم عوامل القتل ، وظروف الإعدام ، ومسببات الموت ، ورغم جحافل القهر ، وجيوش الذل ، وأبواق الكفر ، ورغم سياط الظلم ، وثقل البطش ، وفتك الجوع ، ورغم مرارة الواقع ، وشظف العيش ، وألم الجوى ، فقد تململ من تحت الأنقاض بعد أن انقضّت عليه السماوات و الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن .
نهض من تحت الركام وهو يقول : لا إله إلا الله .
قام منتفضا صارخا بأعلى صوته ، لا... لن أركع إلا لله .
كان رجلا ليس كمثل الرجال ، بعد أن تنكر له أشباه الرجال ، كان صلبا فذا ، قويا في إرادته ، طموحا في تفكيره ، رغم جراح قلبه وآلام روحه ، والتي لا يطببها دواء ولا مداوي ، ولكنه يملك قلبا رقيقا ليس كمثل القلوب ، يتأثر كثيرا بكل دمعة طفل أو تأوه شيخ أو امرأة ، أو تأفف مضطهد أو مظلوم ، وكان يملك عمقا في الرؤية ، وبعدا في التفكير ، يجيد وبمهارة تصفح سطور الوجوه التي وضع الزمان عليها بصماته ، بفعل الأيدي المتعددة الجنسيات ، فما خاب تفكيره ، ولا سقط تحليله ، ولا ضعفت شخصيته ، ولا وهنت عزيمته ، ولا انهزمت إرادته أبدا ، فقد كان رجلا في زمن عزّ فيه الرجال ،وأضحت الرجال تُكيّل في آخر الزمان بالمكيال ، بحيث عجزوا عن التمييز بين ما هو تمر ، وبين ما هو تبر ، وبين الغث والسمين ، وبين القمح والزوان ، بضاعته نادرة في أسواق الكساد والنخاسة والبوار .

كان ينبوعا .... كان نهرا....كان بحرا...يزخر في أحشائه بكل ثمين ، ولكنه يحتاج إلى كل من يُتقن الغوص في سُبره ، ليستخرج من عصارته ما يُشفي كل عليل ، في زمن العلل والرذيلة .

استل قلمه من جرابه ، وبدأ يقاتل ، محملقا من وراء نظارته الطبية ، وقد انحنى ظهره وأخذ منه الشيب مأخذه ، ووهن عظمه ، وضعف جسمه وسمعه وبصره ، وأوشك على أعتاب شيخوخته .

..... لا يهم فكل ذلك ثمن رخيص من أجل حبك ورضاك ربي سبحانك .
كان يتفحص كلمات سطوره حتى بزوغ الفجر وانبثاق الضياء ، معبرا عن آلام الأمة وعمق جراحها ، يتمتم في شفتيه ، نحن نزرع وغيرنا يأكل .... ولكن المهم هو ، ماذا نزرع لأحفادنا من بعدنا ؟ هل نزرع لهم تِبغا ؟ هل نزرع لهم شوكا ؟ هل نزرع لهم حنظلا ؟ هل نزرع لهم سُمّا ؟ فكل زارع حاصد لِما زرع ، وإن طال زمانه أو قصر ، فلقد حصدنا ما زرعه الذين من قبلنا ، وما تركته لنا ولأطفالنا الليالي والأيام ، فهل نترك لأبنائنا رصيدا من التعاسة والشقاء والحرمان ، وفقدان الأمن والوطن ، وضياع الدين والهوية ، فقديما قيل من لا وطن له لا دين له .
لقد سئمنا كثيرا من أصحاب العَشَى الليلي ، وسئمنا من ضعاف البصر ، كما سئمنا من البلادة والاسترخاء .
فهل تتذوق القلوب الحزينة المعاني وتترك المباني ؟
هل تتمكن الأرواح من أن تنفذ إلى أغوار المعاني القابعة وراء المفردات ، فتنجذب إليها جذب العطشان للماء باحثة عن القواسم المشتركة بينها ؟
ثمة فرق بين من يقرأ من أجل التسلية أو المتعة أو كسر الوقت وما إلى ذلك ، وبين من يقرأ متلمسا خُطاه ، ناشدا ضالته ، باحثا عن الحلم الكامن في أعماق سريرته ، لعله يجد طيفه ، مغردا بين سربه وليس بعيدا عنه .
وثمة فرق أيضا بين من ينظر إلى جمال الدنيا ، وبين من ينظر إلى بطنه المتدلية من أمامه .
الأول يتبادل علاقة الجمال مع كل جميل في الوجود ، مع وردة ، مع شلال ماء ، مع حديقة ، مع ابتسامة ، مع ريشة رسام ، مع الحجر والشجر والمدر ، مع الطير والإنسان والحيوان ، مع كل قلب طيب ، مع الخير والنور والمحبة ، مع جمال الوجود الذي خلقه الرحمن ( إن الله جميل يحب الجمال ، ونظيف يحب النظافة ، وعفو يجب العفو ) .

وأما الثاني فيستحي القلم أن يكتب عنه ، لأنه سبب الشقاء والبلاء والألم لبني البشر .
فكل قلب له شغله ، وكل عقل له بضاعته ، وكل روح لها تحليقها ، في عالمها المتميز عن غيرها ، فمن كانت بضاعته وشُغله نشر بذور الخير والجمال في تربة المحبة ، نبت زرعه ، ونما عوده ، واخضر لونه ، وأتى أُكله ، ( أصلها ثابت وفرعها في السماء ) ، وهذه هي دعوة الإسلام لمن أبحر في ثناياها .
ومن كانت بضاعته وشغله هو نشر بذور الذاتية البغيضة ، والنفعية الضيقة ، والأنانية الممقوتة ، في تربة الشر والكراهية ، جعله الله حطب جهنم .
(( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا )) 45 الكهف .

زيارتكم شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.com
تحسين غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-08-2007, 07:17 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

شكرا شاعرنا وأديبنا تحسين علي القصة
تحياتي وتقديري
والمودة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .