العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-05-2011, 07:24 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(24)
وهكذا يظل على امتداد القصيدة هذ1ا الصراع غير المتكافئ بين "جيكور " والمدينة ،بين نصاعة الفطرة وبراءتها الأولى وجفاف المدينة وماديتها وقسوتها ،المدينة بكل جبروتها وطغياتها وجيكور بكل وداعتها ونقائها ،وتنتهي القصيدة هذه النهاية الأليمة "وجكور من دونها قام سور ، وبوابة ،واحتوتها سكينة" هذه النهاية التي تردنا إلى بداية القصيدة ، وتوحد بين الشاعر وجيكور فكلاهما سجين محاصر ؛الشاعر في البداية "تلتف حولنه دروب المدينة " وجيكور في النهاية "من حولها قم سور وبوابة واحتوتها سكينة".

إن أحدًا لا يستطع أن يدي أن مثل هذه القصيدة تعبر بطريق مباشر عن معنى محدد يمكن تعيينه والاتفاق حوله ،إن ما تقدمه هو مجمموعة من الإحيحاءات المتشابكة المتنامية غير المحدودة وهذا هو الشأن في كل قصيدة حديثة ، وفي كل عمل فني عظيم ، وإذا كانت هذه السمة تسبب انزعاجًا لبعض الذين ينشدون من قراءتهم اللشعر معنى واحدًا دقيقًا يتفق جوله الجميع أو يكادون ،ويرفضون من الشعر كل ملا يقدم لهم هذا المعنى ، فإن النظرة العادلة تقتضينا "أن نربط بين مجال الإبلاغ أو التوصيل ،وقدرة اللغة على الإهابة بأعماقها ،ومن الخطأ أن نسوي بين مفهوم الدقة واتفاق عدد من الناس " (21)
بل كثيرًا ما تكون هذه الإيحاءات الخفية أكثر دقة ، وأكثر قربًا إلى الحقيقة من ذلك المعنى المشترك بين القراء،والذي يحكى بقدر أكبر من اتفاق الجميع ،وهو المعنى المباشر.
ولكي يحقق الشاعر المعاصر لقصيدته سمة الإيحاء تلك –وسواها من السمات السابقة –فإنه يلجأ إلى استخدام مجموعتة من الأدوات والتكنيكات الفنية ،بعضها مستمد من التقاليد الموروثة منذ أقدم عصوره ،كاللغة الشعرية،والصورة الشعرية ،والموسيقى الشعرية المتمثلة في الوزن والقافية ،وبعضها الآخر من التقاليد الشعرية الحديثة كالرمز ،والمفارقة التصويريةـ وغير ذلك من الأدوات الفنية التي ابتكرها الشاعر الحديث ،وبعضها الثالث استعاره الشاعر من الفنون الأدبية العربية التراثية بعض قوالبها الفنية ، كقالب المقامة والتوقيع مثلاً ،كما استمد من الرواية الحديثة أسلوب الارتداد(فلاش باك) والمونولج الداخلي ، وغير ذلك من تكنيكات الرواية الحديثة ، كما استعار من المسرحية أخص تكنيكاتها بها مثل تعدد الأصسوات والحوار ،والصراع بل إن بعض القصائد الحديثة استعارت القالب المسرحي بكل مكوناته وعناصره.
ولم يقف الشاعر المعاصر عند حدود الاستعارة من الفنون الأدبية المختلفة -قديمها وحديثها - وإنما مضى يستعير من الفنون الجميلة الأخرى من تصوير وموسيقى ،وسينما ،..إلخ
وقد طوع الشاعر بالطبع ما استعاره من تكنيكات هذه الفنون لطبيعة البناء الفني للقصيدة ، بحيث أصبحت تكنيكات شعرية تنتمي إلى القصيدة بنفس القدر الذي تنتمي به إليها التقاليد الشعرية الموروثة ، وأيضًا بنفس القدر الذي تنتمي به هذه التكنيكات إلى فنونها الأصلية.
ودراسة هذه الأدوات والتكنيكات في القصيدة الحديثة في موضوع المباحث التالية من الكتاب.
________________________
(21)د.مصطفى ناصف:مشكلة المعننى في النقد الحديث .ص29.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:01 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(25)
الفصل الثاني
لغة القصيدة الحديثة
اللغة هي الأداة الأساسية لشاعر –وللأديب عمومًا- أو لنقل إنها الماة الأولى التي يشكل منها وبها بناءه الشعري بكل وسائل التشكيل الشعري المعروفة ، أو أنها الأداة الأم التي تخرج كل الأدوات الشعرية الأخرى من تحت عباءتها ،وتمارس دورها في إطارها .
وإذا كان النثر يستخدم اللغة كما يستخدمها الشاعر ،فإن ثمة فروقًاً جوهرية بين استخدام الشاعر اللغة ،واستخدام الناثر لها ، أو بين"لغة الشاعر " و"لغة النثر"لأن للشعر لغة خاصة داخل اللغة ينذر الشاعر نفسه ويفنيها في سبيل تحديدها وإبداعها.(1) .والفارق الأساسي بين الاستخدامين أنه في لغة الشعر يستهلك المضمون الشعري ، و في البناء اللغوي الذي "يتضمنه " بحيث يستحيل الفصل بينهما ؛فالمشاعر والأحاسيس والأ فكار ، وكل العناصر الشعورية والذهنية ، تتحول في الشعر إلى عناصر لغوية بحيث إذا تقوض البناء اللغوي في الشعر تقوض معه الكيان النفسي والشعوري المتضمن فيه ، يخلاف النثر الذي يظل المضمون فيه متميزًا إلى حد ما عن الشكل اللغوي الذي "يحمله "بحيث يمكن لهذا الشكل اللغوي أن يفنى ويتلاشى-بل إنه يفني ويتلاشى بالفعل – عقب إيصاله للمضمون الذي يحمله ، دون أن يتلاشى هذا المضمون أو يتأثر ،وذلك لاأن اللغة في النثر "وسيلة" تؤدي غرضًا محددًا ، وتوصل إلى غاية معينة ، ومن ثم فإن دورها –شأن كل وسيلة من الوسائل –ينتهي بالوصول إلى الغاية المستهدفة من ورائها ، على حين أن اللغة في الشعر " غاية" في ذاتها،والتشكيل اللغوي الذي يشكله الشاعر في القصيدة ليس وسيلة لأي هدف آخر وراءه.


______________
(22)انظر:Paul Valery p.85
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:23 AM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(26)
ويوضح بول فاليري الفرق بين استخدام الناثر للغة واستخدام الشاعر لها بمثال استخدام الخطوات بالنسبةل لكل من ال ماشي والراقص ، فكلاهما يبستخدم نفس الخجطوات ونفس ‘ضاء الجسم التي يستخدمها الآخر ولكن الخطوات بالنسبة للماشي وسيلة توصله إلى هدف معين ، وينتهي دورها بالوصول إلى هذا الهدف ، على حين أن الخطوات بالنسبة للراقص غاية وهدف في ذاتها ،لا يهدف من ورائها إلى الوصول إلى شيء آخر .
هكذا اللغة في النثر وفي الشعر ؛ فهي بمثابةالخطوات في المشي ، وسيلة ينتهي دورها بأداء الغرض منها ، أما في الشعر فهي بمثابة الاخطوات في الرقص ،غاية لا يستهدف بها شيئًا آخر وراءها.(23)
ونتيجة لهذا الفارق الجوهري العام بين "لغة الشعر " ولغة النثر فإنه من الممكن أن نعبر عن الفكرة التي تتضمنها العبارة النثرية بأي أسلوب نثري آخر دون أن تفقد شيئًا من جوهرها ، ما دام هناك نوع من التمايز بين الفكرة والعبارة النثرية ، وما دامت الفكرة هي الغاية والعبارة هي الوسيلة إليها ، إذ من الممكن الوصول إلى الغاية الواحدة بأكثر من وسيلة ، أما الشعر فلا يمكن التعبير عن مضمونه-إذا صح أن له مضمونًا آخر غير شكله- بأي أسلوب آخر –نثرًا كان هذا الأسلوب أو شعرًا- دون أن يفقد شيئًا أساسيًا من جوهره،والشعر الذي يمكن تقديم معادل نثري له دون أن يفقد شيئًا من جوهره سوى الموسيقى هو في الواقع ليس شعرًا ، وإنما هو "نظم نثري" ردئ-إذا صح هذا التعبير-لا يمت إلى جنس الشعر بأكثر من الوزن والقافية اللذين لم يعودا أهم سات الشعر وةمميزاته التي تميزه عن النثر.
_________________
(23)انظر مقال بول فاليري:"حول قصيدة المقبرة البحرية "في كتاب "الرؤيا الإبداعية".وهو مجموعة أشرف على ىجمعها هاسكل بلوك وهيرما سالينجر ،ترجمة أسعد حلم .مكتبة نهضة مصر.القاهرة1966 ص35،36 وأيضًا د.محمد غنيمي هلال :النقد الأدبي الحديث .ص386.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:26 AM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(27)
وكما يمكن التعبير عن المضمون النثري بأي أسلوب نثري آخر فكذلك يمكن ترجمته من لغة إلى أخرى دون أن يفقد شيئًا ذا بال من قيمته ،أما الشعر فتستحيل ترجتمه من لغة إلى لغة دون أن يفقد الكثير من خواصه وسماته، فالشعر يكتب في إطار التقاليد والقوانين الخاصة باللغة التي كتب فيها ، والتي يتعذر نقلها إلى لغة أخرى بدقة كاملة.
على أننا حين نتحدث عن هذه الفروق الجوهرية الحادة بين لغة الشعر ولغة النثر ، وعن إمكان ترجمة النثر من لغة إلى لغة فإننا ينبغي –كما يقول بندتو كروتشه- أن نقصر هذه المقولة على النثر الخالص- غير الأدبي- وعلى السمات والخصائص النثرية لهذا النثر ، وينعي كروتشه على أولئك الذين يحاولون تطبيق هذه المقولة باستخفاف على النثر الأدبي الذي يحمل من السمات الجمالية والفنية ما يضع أمام إمكان ترجمته نفس العقبة الكأداء التي يضعها الشعر أمامه(24). وثمة نماذج من هذا النقثر الأدبي تقترب –في لغتها-من الشعر حتى لا يكاد يصبح بينها وبين الشعر من فارق سوى الموسيقى.
ولكن ما هي السمات الفنية الخاصة للغة الشعر بشكل عام ولغة القصيدة الحديثة على وجه الخصوص التي تميزها عن لغة النثر على هذا النحو الذي أشرنا إليه؟
إن أبرز ما يميز هذه اللغة هو ثراؤها بالطاقات التعبيرية ، واكتنازها بالإيحاءات اللامحدودة ، فلقد كان الهم الأول للشاعر في كل العصور هو أن يعيد للغة طاقاتها الأولى ، وقدراتها الخارقة على التأثير التي كانت لها في عصورها الأسطورية الأولى قبل أن تبتذل وتتحول إلى لغة عملية نفعية تضخع لمنطق العقول وتحديداته الصارمة ، وتسعى إلى نوع من التحدد والموضوعية بحيث لا تعبر إلا عن كل ما هو واضح ومحدد.
________________________
(24) :انظر :97-96La Poesie. .p.p
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:31 AM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(28)
ولكن الشاعر يحس دائمًا أن ثمة أشياء تند عن التحديد والوضوح ، ومن ثم فإن هذه اللغة العادية بمحدوديتها وتناهيها عاجزة عن استعيابها والتعبير عنها ، ومن هنا كان سعيه الدائب وراء اكتشاف لغة أخرى تتسع للتعبير عن هذه الأحاسيس والمشاعر اللامحدودة التي يحسها ويشعر بعج اللغة العادية عن استيعابها ، أو بتعبير آخر كانت محاولته المتصلة في سبيل إبداع لغة داخل لغة.
ولقد كان إحساس الشعراء المعاصرين-وبخاصة شعراء الرمزية الأوروبية- بهذه المشكلة حادًا عميقًا ، ومن ثم كان سعيهم وراء اكتشاف اللغة الجديدة-أو اللغة الأسطورية الأولى- بنفس القدر من العمق والحدة (25).وقد تراوحت محاولات هؤلاء الشعراء بين الحماس المتزن والتطرف المسرف ، ولعل من أكثر الشعراء المزيين إسرافًا وتطرفًا في محاولاته "رامبو"الذي اهتم اهتمامًا كبيرًا بهذه القضية ، ونذر نفسه للبحث عن لغة جديدة ،أو لابتكار وسائل إيحاء جديدة داخل اللغة ، وكان يرى أن "الشاعر ينبغي أن يكون سارق النار " وأن يعثر على "اللغة الشاملة""وهذه اللغة ستكون من الروح إلى الروح ،وتلخص كل العطور ،والأصوات والألوان"(26).
ولقد حاول رامبو بالفعل أن يعثر على هذه اللغة التي دعا إليها ،حيث اخترع في كتابه الغريب "فصل في الجحيم Une Saison en Enfer” ما سماه كيمياء الكلمة Alchimiedu Verbe وقد اخترع من قبل ماسماه الأصوات المتحركة الملونة في قصيدة شهيرة له بعنوان "الحروف المتحركة “Voyesses
أعطى فيها كل صوت من الأصوات المتحركة لونًا معينًا. وهو في القصيدة التي تحمل عنوان "كيمياء الكلمة" من كتاب "فصل في الجحيم" يذكر بكل هذا ويدل به ويحدد ملامح اللغة الشعرية الجديدة التي اخترعها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(25)تعرض الصديق الدكتور محمد فتوح أحمد بتوسع في دراسته الجادة عن "الرموز والرمزية في الشع رالمعاصر "التي نشرتها دار المعارف بمصر 1977 ،لجهود الرمزيين في سبيل اكتشاف لغة شعرية جديدة.

(26)انظرClaude-Edmonde Magny :Arthur Rimbaud .Ed. Segher .Paris 1967-p.68. :من رسالته إلى بول دوميني
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:33 AM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(29)
"لقد اخترعت ألوان الأصوات المتحركة .. ونظمت هيئة كل حرف وحركته. وبإيقاعات فطرية زينت لنفسي اختراع لغة شعرية ستكون يومًا ما في متناول كل الأحاسيس ..إن الابتذال له نصيب كبير في لغتي الكيميائية .لقد تعودت على الهذيان البسيط ؛كنت أرى في وضوح شديد معبدًا في مكان مصنع ومجموعة من ضاربي الطبول ،وعربات صغيرة تجرها الخيول تسير في طرقات السماء ، وغرفات استقبال في قاع البحيرة.. وعقب ذلك كنت أعبر عن ضلالاتي السحرية بهذيان من الكلمات"(27).
وقد سار السيرياليون في الطريق الذي اختطه رامبو إلى مداه ،فتحرروا من كل منطق لغوي مألوف ،وأسقطوا الراوابط وأدوات الوصل اللغوية من معظم شعرهم ، كما أسقطوا علامات الترقبيم ،وبهذا أصبحت اللغة الشعرية السيريالية"لا يراعى فيها الخضوع لأي ترتيب أو الخضوع لأي نظام .والقصيدة السيريالية النموذجية تبدو كما لو كانت مجموعة من الجمل المتجاورة غير المترابطة التي تحتوي كل منها على صورة ، أو حتى مجموعة من الكلمات ..التي تبدو كما لو كانت في بناء لم يستخدم فيه ملاط أو أسمنت"(28)مما يقرب هذه اللغة كثيرًا من لغة الحلم ومن هذيان السكارى.
كل هذه المحاولات كانت من أجل استعادة اللغة لقدراتها الأسطورية الأولى واتساعها لاستيعاب الرؤية الشعرية الحديثة بكل أبعادها الشعورية واللاشعورية التي تعجز الإمكانات العادية للغة عن استيعابها.
_________________
(27)Arthur Rimbaud: Oeuvres Poetiques-Ed.Gamier Flammarion ,Paris 1964-p.p.130-132وانظر :د.محمد غنيمي هلال: النقد الأدبي الحديث ،ص407،ود.محمد فتوح أحمد:الرمز والرمزية في الشعر الحديث ص81-83.
(28)Robert Berchon: Le Surrialisme. Libr. Armand Colin.1971.p.p.176-177

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 09:34 AM   #7
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(30)

ولكن محاولات الشعراء المحدثين-فضلاً عن القدماء- في مجال تزويد اللغة بطاقات إيحائية جديدة لم تكن كلها لحسن الحظ على هذه الدرجة من التطرف التي كانت عليها محاولة رامبو والسيرياليين من بعده ، ولكنها سارب كلها في استغلال الإمكانات والوسائل اللغويوة وإغنائها بالطاقات التعبيرية التي تساعدها على استيعاب كل أبعاد الرؤية الشعرية الحديثة .
وكان طبيعيًا أن تتأثري لغة القصيدة العربية الحديثة بكل هذه ال محاولات متطرفها ومعتدلها على السواء ، فضلاً عن المحاولات الموروثة في إطار التراث الشعري العربي.
وإذا كانت "اللغة الشعرية" هي المادة الأولى أو الوعاء العام لكل الأساليب والأدوات الشعرية الأخرى ، بحيث يعد الحديث عن كل أداة من هذه الأدوات حديثًا في الوقت ذاته عن "اللغة الشعرية" ،فإن ثمة مجموعة من الإمكانات اللغوية الخالصة التي يوظفها الشاعر توظيفًا إيحائيًا ،والتي تنتمي إىل اللغة كلغة ولا تدخل في إطار أية أداة شعرية أخرى موروثة أو مستحدثة ، ومن ثم فمن الضروري أن نعرض هنا لأبرز هذه الإمكانات قبل أن ننتقل إلى الحديث عن الأدوات الشعرية الأخرى.
القيمة الإيحائية للأصوات :
فقد لا يكون لبعض الأصوات إيحاء خاص فلي بعض السياقات المعينة ؛فحروف المد مثلاً في سياقات معينة تقوي من إيحاء الكلمات والصور ، وقد اهتدى شعراؤنا القدامى بفطرتهم اللغوية الخالصة إلى بعض الإمكانات الإيحائية في هذه الأصوات ، ووظفوها توظيفًا تعبيريًا بارعًا ،كما فعل أبو العلاء المعري مثلاً في قصيدته التي قالها في مدح أحد العلويين يقول في مطلعها


عللاني، فإن بيض الأماني
فنيت والظلام ليس بفانِ

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .