غضبَ صاحبي وقال :
دعك من قول الشعراء .. وإن شئت .. ألم يقل الشاعر عن هذه المرأة وكل أخواتها :
هي الضلعُ العوجاءُ لستَ تقيمهـا ** ألا إن تقويم الضلوع انكسارها !
فقلتُ له سريعًا :
أكمل إذن لتعرف حقيقة حالي معها ! أما وأن الشاعر قال في بيته التالي :
أتجمعُ ضعفًا واقتدارًا على الفتـى ** أليس عجيبًا ضعفها واقتدارها ؟!
أطرق صاحبي .. واستدار وعاد إلى مكانه في صف أصحابي !
ليصرخ صاحبي الذي نزلت دموعه :
منذ متى تحبها ؟
بل كم عمرُ وصالكما ؟
فقلتُ له .. وقد تدفقتِ الخواطر على سواحل فكري :
سنواتٌ هيَ !
بل شهور !
لعلها يا صاحبي أيام !
ولربما كانت ساعاتٍ .. أو دقائق .. بل كانت ثواني ..
كنا معًا ..
في ذكرى حرف ..
ثم افترقنا ..
وكأنما قد وصف الشاعر عمري حينما قال :
مرَّت سُنونٌ بالوئام وبالهنا ** فكأننا وكأنها أيامُ
ثمَّ أعقبت أيامَ سوء ٍبعدها ** فكأننا وكأنها أعوام !
ثم انقضت تلك السنونُ وأهلها ** فكأننا وكأنهم أحلام !!
عمري .. مضى يا صاحبي ..
في بُعدها ..
يبكي الفراق ..
ويتعجب من طول البقاء ..
والحمد لله على كل حال ..
وما عجبٌ موتُ المحبين في الهوى ** ولكن بقاء العاشقين عجـيبُ !!
أما وأنه لعجيب !
صرخ من أطلق دموعه :
أما من أمل في لقائكما ؟
=======
لستُ أدري ..
أي أصحابي بدأ بالبكاء !
فقد أصبحنا مجموعةً من الأصحاب تبكي ..
وقد أدماها ..
ضيق العيش ..
دون فسحة َ الأمل !
تذكرت أبيات "المتنبي" .. وأنا ما بين تجفيف دموعي وإرسالها .. متخيِّلاً تلك الأطلال .. وقد استلقت تلك الحبيبة عليها تنتظر :
أجاب دمعي وما الداعي سوى طللِ ** دعا فلباهُ قبلَ الركب والإبلِ
ظللتُ بين أصيحابي أكفكفهُ ** وظل يسفحُ بين العذر والعذلِ
وما صبابةُ مُشتاقٍ على أملٍ ** من اللقاءِ كمشتاقٍ بلا أملِ
والهجرُ أقتلُ لي مما أراقبهُ ** أنا الغريقُ .. فما خوفي من البللِ ؟!
أنا الغريق ..
فما خوفي من البلل ؟!
=======
يتبع