العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة بـــوح الخــاطـــر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 02-08-2008, 04:20 PM   #1
نايف القحطاني
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 20
إفتراضي محارب إلى النهاية

"محارب إلى النهاية"

ومضى في المدينة المزدحمة خائف يترقب ، يتلفت يمنة ويسرة....لم يصدق نفسه أنه أخيرا نال حريته حريته بعدما استلبوها منه عنوة ، لم يصدق عينيه وهو ينظر إلى الشمس التي حرم منها سنوات .. كان مشتاق إلي الشمس ، حتى أنه ركز عينية عليها بشوق رغم أنها كانت قاسية على الجميع وكانت عيون كل المارة تبتعد عنها إلا هو الذي أحس بأنها الأكثر حنانا والأقوى جاذبية وكأنها ياقوته جميلة تخطف الأبصار لكن لم يكن إلا بصره .
مضى يعرج في ذاكرته ليتذكر ما فات وكيف أنه ، وهو المدافع عن الشعب ، المحارب من أجل الوطن ، أصبح - بحكم القانون-العميل الخائن لبلده ، سارق أقوات الكادحين !... لقد عمل من اجل الشعب فخانه الشعب ودافع عن الوطن فزجه المسئولون عن الوطن في غياهب السجون ليدفع من عمره سنوات قضاها مربوطا في "العروسة" و"الفلكة" وأدوات "التقليع" المحلية التي بالتأكيد تفوقت على المستورد .... في سنوات عمره تلك جرب كل وسائل التعذيب التي ابتكرتها قريحة أبناء وطنه "المخلصين".
يمضى الآن متحفزا متوقعا أن يضع أحدهم يده الثقيلة على كتفه؛ تلك اللغة التي تحدثوا بها إليه لسنوات، تمنى لومات قبل أن تعود. تذكر أيام اعتقاله الطويلة التي لم يكن له ذنب فيها إلا أنه أحب بلده لدرجة أنه تمرد على هذه الهدوء المستفز الذي يسيطر على الجميع تكلم رغم صمت الناس والوطن .
يوم أن أخذوه في فجر ذلك اليوم العاصف أخبرهم ألا يقلقوا لأنهم - كما اخبروه - سوف يسألوه بعض الأسئلة سريعا وسيعود قبل أن تغيب شمس اليوم القادم ..... غابت شمس ذلك اليوم وشموس بعدها غابت وهو في انتظار يوم لن يأتى وشمس لن تشرق - كما آمن فيما بعد.
في البداية كان يتوقع أنه سوف يخرج في لحظة أو أخرى .. ورغم التعذيب لم يتخل عنه الأمل .... وبعد أن طالت المدة كان يجلس لساعات طويلة رافعا يديه يدعو الله أن يخرج من هذا المكان اللعين ، أدرك أنه لن يترك هذا المكان المجهول حتى بالنسبة للسجانين إلا إذا سقط النظام أو تغير الحاكم الذي بالضرورة سوف يجد فى البحث عند جرائم سابقه والكشف عن السجون التي يحتضنها تراب الوطن الطاهر.
ولكن الأيام تمضى ، وتصير الأيام كلها ليال ... وشهور تمر وسنون تمر ويعرف أن النظام لن يسقط وأن الحاكم باق وأن اللحظة لن تأتى والشمس لن تشرق ، ساعتها فقط عرف أن السبيل الوحيد للخروج هو الموت ، حتى لو كانت النهاية هي قبر مجهول مكتوب عليه رقم -مجرد رقم - بالطبع هو رقمه فى السجن ، حيث يتحول الشخص إلى مجرد رقم وشهادة ميلاد جديده النوع فيها " عيشة " والقبلة التي يقتبلها السجين ويقبلها هي أحذية السجان الميرى .
توقفت دموعه ولم يتوقف عذابه وكذلك دعاءه لم يتوقف لكنه ما عاد يدعو الله أن يخرج أو يدعو على النظام أن يسقط ، لكنه كان يدعو الله ويتوسل إليه أن يرحمه من هذا العذاب بأن يمن عليه بالموت ...
رغم أن النظام لم يسقط والحاكم لم يمت إلا أنهم أخرجوه بالأمس ليصبح رقمه من نصيب آخر ينتظر أن يخرج من مقبرة تمتلئ بالصراخ إلى قبر يمتلئ بالصمت لكن في الحالتين تحت نفس الرقم الخالي من أي معنى.
لم يعرف لماذا أخلفوا وعدهم معه ، بأنه لن يخرج إلا جثة ..هل لأنه بالفعل صار جثة لا ترتجى ؟
طاردته كل هذه الذكريات وحاصرته وهو يمضي في الشارع الغاص بالمارة ، لا يعرفه أحد ولا يعرف هو أحد ..لا يعرف إن كان الشخص الذي بجواره من بلده أم من أعداء بلده السابقين....لا يجب أن يشغل نفسه مجددا بهذه الأفكار؛ فعدو البارحة أصبح صديق اليوم ؛ حيث أصبح السلام يعم المنطقة رغم الإشاعات المغرضة التي تقول أن الصديق الجديد يذبح في الأشقاء ويهدم منازلهم.
متوجها إلى محطة القطار، ما زال في تلفته، يشعر أن أحدا ما يراقبه...خلفه...ربما إلى جانبه...أو ربما هذا الشخص الذي تحت ذلك العمود، عليه ألا يطيل النظر إليه حتى لا يدفعه ذلك إلى الإمساك به مجددا إلى حيث لا أمل ثانية في الخروج.....أخيرا وصل إلى محطة القطار ووقف أمام مسئول التذاكر الواقف خلف الحائط الزجاجي ..رفع عينيه إلى الشخص الواقف خلف الزجاج فوجده يركز النظر عليه ، وبسرعة أدار وجهه بعيدا.. وبسرعة أيضا أعاد النقود إلى جيبه وخرج من مبنى المحطة وهو أكثر رعبا؛ فهذه المرة ليست مجرد مخاوف من بعيد، فقد تيقن أن هذا الشخص يعرفه ..ورغم أنه لم يدم النظر إلى عيني هذا الشخص طويلا إلا أنه رآه ينظر إليه وكأنه يعرفه..لا بد أنه الشخص الموكل بمراقبته....يحاول أن يتذكر أين رأى هذا الوجه ولكنه لا يستطيع..من المؤكد أنه رآه في السجن وأنه أحد سجانيه.
يحاول أن يهرب من هذا الشخص الذي يشعر أنه يتبعه. وفجأة تذكر شيئا ، فكل ماراه في السجن من عذاب أنساه كل ما أمن به ودافع عنه . لقد أنساه التعذيب أنه هو الشخص الذي أحب وطنه وحارب معه في كل الحروب التي خاضها أخيرا ..نسى انه ضحى من أجل هذا الوطن بيده التي اعتاد أن يمسك بها السلاح ، ولولا تلك الحادثة لما غادر ميدان الحرب مع سارقي الأوطان إلى الحرب مع سارقي الأرزاق .. كم كان صلبا فى دفاعه ، فولاذيا في إرادته ، عنيدا في الدفاع عن قضاياه.
أيقبل أن تكون هذه نهايته؛ مطاردا مثل اللصوص .. لقد أصبح اللصوص هم القضاة والشهود وأصبح البطل هو المتهم ، فهل يخضع وينحنى وهو البطل الذي يحمل وساما في يده التي لا يحملها ... لقد أرادوا له هذه النهاية ولكن أيقبل هو أن تكون هذه نهايته ..... دك قدمه على الأرض بقوة وكأنه يوقظ ما تخيل أنه مات .... صمم أن يواجه جلاده لا أن يهرب منه ، وعاد بنفس السرعة التي هرب بها ولكن بأفكار مختلفة ... وقف أمام شباك التذاكر وبتحد نظر إلى ذلك الشخص الذي ما لبث أن رفع يده اليسرى المبتورة بنفس التحدي ليتأكد هو أن هذا الشخص ما هو إلا صورته معكوسة على الزجاج ... نظر إلى ذراعه مبتوره اليد على الزجاج ... وببعض الحياء من الحاضرين الذين كانوا ينظرون إليه باستغراب ... لكنه ابتسم بفخر ، لأنه أخيرا ........ رأى نفسه !
نايف القحطاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-08-2008, 08:25 PM   #2
اليمامة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية لـ اليمامة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: بعد الأذان
المشاركات: 11,171
إفتراضي

جميلة البداية وجميلة النهاية
والأجمل اننا كسبنا قلماً مميزاً في الخيمة
__________________
تحت الترميم
اليمامة غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .