مراكش الحمراء، مدينة النوروالصالحين
[FRAME="11 70"]مدينة مبسوطة في حقول الريحان، منازلها و أسوارهاوأبوابها
مشمولة بأردية الشمس.
الشفق فيها يعبق برائحة الزيتون، والنخيل العتيق يحدث إلى
السماء بلغة الأهلة، وأشجار البرتقال تزهر في أربعة مواسم.
ثراها ظل الأصيل،والعصافيرـآلاف العصافيرـ تشقشق في
أفنائها تسمعها ولا تراها،وأنت لا تدري أهي وسنانة،أم أنها
تتأهب للمرح قبل أن تنام، كي تحلم بمسك الليل وبقطرات الطل
تتلألأ في غضون الغسق، وبحبات الخرطال تتناثر فوق العشب
الندي.
مدينة يطالعك، وأنت داخل إليها، رداء ًابن يوسفً يلف الكتبية
الفرهاء الجليلة فلا تحس بابن تاشفين، ودار الحمراء إلا حينما
تطويك أسوار المدينة، و تظللك في دروبها عرائش الكروم
والياسمين.
و ًأبو العباسً ـ أحد رجالها السبعةـ يخاطبك حينما تنطلق
أصوات المؤذنين من فوق الصوامع، فيحدثك عن السبحة
الخضراء..عن عياض و أزهار رياضه عنً العود الملقى في
البحر على بطنهً..فتتيه في مفاوز الزمن، وفي عينيك لؤلؤتان
باردتان.
وحينما تدغدغ همسات النسيم أذنيك، تشعرو كأنك في مضارب
ًالمرابطينً تلتقي برجالهم الملثمين في الأزقة و الدروب، يحملون الشموع في أيديهم اليمنى، و الكتب في اليسرى، وسرعان ما تذكر خلوةً أغماتً، وهي على مرمى الظل منك،
و تذكرًالخيرالداً، ومياه النهر الكبير تخطر في أعطافً إشبيليةً
هادئة خفيفة خضراء، و تذكر ًالبديعً، و فوائد الشعر معلقة في
أبهائه وسراديبه و قبابه.
و يشغلك المساء، فتجد نفسك في زقاق طويل منعرج، والناس
في دكاكينهم قاعدون و كأنهم لم يبرحوها منذ الزمن السحيق...
حركات الأيدي قديمة، وتعابير الوجوه ثابتة لا تريم، والسواعد
تتحدى الأيام و الليالي...
و في بستان ًالمسرةً تغيب نظراتك في مياه الصهريج، فتختلط
بأشباح النخيل و أطياف السماء و عيون النيلوفر، وكل شيء
يبدو في لون خضرة غامقة متموجة دافئة.
و تسمع الطبول و الدفوف و المزاميرـ أو يخيل إليك أنك
تسمعهاـ فيبدأ الرقص و السمر، و يمتزج الفرح بالوحشة،
و القرب بالهجران، و بنات الأطلس في أرديتهن البيضاء،
و مجاديلهن الملونة يملأن المكان ترنيما و حركة و بهجة.
الزلال في مائها زلال، والنسيم في أكنافها شفاء، و العطر
في رياضها عشق و صبابة، نهارها رجاء، و ليلها دعاء،
و فجرها صلاة واستجابة.[/FRAME]
آخر تعديل بواسطة السيد عبد الرازق ، 09-05-2008 الساعة 12:09 AM.
|