العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 20-05-2008, 01:29 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الجزء الثاني: شيخوخة الجنس البشري.


5ـ محاولة لكتابة تاريخ عالمي


(( لم يحدث قط، حتى في الأحلام، أن حلقت المخيلة التاريخية في أجواء أعلى مما بلغته اليوم. فتاريخ الإنسان هو مجرد استمرار لتاريخ الحيوان والنبات. وبوسع مؤرخ العالم أن يجد آثارا من ذاته حتى في الأعماق السفلى للبحر، في المادة الغروية الحية. وهو يقف مشدوها إذ يتأمل المسافة الشاسعة التي قطعها الإنسان في عَدْوِه، وتنتابه الرعشة وهو يتأمل الأعجوبة الأعظم: ذلك الكائن البشري الحديث الذي يرى الطريق من أوله الى آخره. إنه يقف فخورا على قمة هرم المسار العالمي. وإذ يضع الحجر الأخير من أحجار معرفته، يبدو وكأنما يصرخ عاليا في أذن الطبيعة المصغية إليه: قد بلغنا القمة! قد بلغنا القمة! واكتملت بنا الطبيعة!)).
نيتشه: " استخدام التاريخ وإساءة استخدامه"

يختار (فوكوياما) تلك الفقرة من ما كتبه نيتشه ليبدأ بها الجزء الثاني من الكتاب والذي يتحدث عن شيخوخة الجنس البشري. فيستعرض ما أسس له (مؤرخو الغرب) وفلاسفته، منذ العهد اليوناني (الإغريقي) الى يومنا هذا، من فلسفة التاريخ وتتابع تطوره، مستبعدا في استعراضه أي جهد عقلي أو فكري لأي مؤرخ أو فيلسوف خارج (الدائرة الغربية) معتبرا إباها مركزا للكون ومحركة لتطوره.

رأي أفلاطون وأرسطو

لقد تحدث أفلاطون في جمهوريته عن دورة طبيعية معينة للأنظمة. بينما ناقش أرسطو في كتابه (السياسة) أسباب الثورة وكيفية حلول نوع من الأنظمة محل نوع آخر، وكان من رأي أرسطو أنه ما من نظام بوسعه أن يرضي المرء إرضاء تاما، وأن السخط قد يدفع الناس الى إحلال نظام مكان نظام في دورة لا نهاية لها. ولم تحتل الديمقراطية عندهما مكانة خاصة. وأرسطو لم يفترض استمرار التاريخ. فهو يرى أن جذور دورة الأنظمة هي في دورة طبيعية أكبر، تحدث خلالها كوارث دورية كالفيضانات فتقضي لا على المجتمعات البشرية القائمة فحسب، وإنما أيضا على كل الذكريات المتعلقة بها. لتجبر الإنسان على أن يبدأ مساره التاريخي ثانية من بدايته!

التاريخ على الطريقة المسيحية

لم يسلك المسيحيون الطرق التي سلكها اليهود و الإغريق، في أن التاريخ يعني اليهود أو الإغريق، وما غيرهما هو مكملات لا علاقة لها بتحريك التاريخ. فإن المسيحية هي أول من جاء بمفهوم المساواة بين البشر أمام الله، وتخيلت بذلك مصيرا مشتركا لكل شعوب الأرض. مثل هذا النمط من المؤرخين الفلاسفة (القديس أوغسطين).

التاريخ عند برنارد لو بوفييه 1688م

بدأ التفكير والتنظير المسيحي يجد طريقه الى نفوس الفلاسفة المؤرخين ليذهب الى أن التاريخ والمعرفة به تراكمية لندقق بما كتبه برنارد لو بوفييه (يمكن القول بأن العقل السليم المثقف يحوي كافة عقول أناس القرون الماضية. فهو ليس إلا نفس العقل المفرد الذي ظل ينمو طيلة الوقت ويحسن من نفسه .. غير أن من واجبي أن أعترف بأن صاحب هذا العقل الذي أتحدث عنه لن يعرف الشيخوخة. فسيكون دوما ـ وبنفس الدرجة ـ قادرا على الإتيان بالأمور اللائقة بشبابه، وستزيد دوما قدرته على القيام بمهام تتفق مع عنفوان قوته. وبعبارة أخرى، ودون استعانة بالرموز، سيبقى الإنسان دائما على حاله دون تدهور ولن تكون ثمة نهاية لنمو الحكمة البشرية وتطورها)

كانط والتاريخ

يختلف كانط عمن سبقه في أن التاريخ سيكون له نهاية، وهي نظرة حاول أن يقررها باسم المثالية الألمانية في مقال قصير (16 صفحة) عام 1784، ولكنه كاف لتبيان وجهة نظره. فقال بذلك المقال الذي عنونه ب (محاولة لكتابة تاريخ عالمي من وجهة نظر عالمية) : (إن المسار الأبله لأمور البشر يبدو على السطح وكأنه خال من أي نمط معين، وأن التاريخ البشري يبدو وكأنه سجل لحروب ووحشية مستمرة... وقد ذهب كانط الى أن التاريخ ستكون له نهاية، لأن وضع دستور مدني كامل العدالة يضمن حرية الإنسان ويوفق بينه وبين القوانين المدنية، هو أسمى معضلة كلفت الطبيعة الجنس البشري بحلها).

جدلية هيجل

بذكاء كبير، قام المؤلف باستعراض فلاسفة القرون المختلفة من قبل عهد المسيح الى عهد الفلاسفة المسيحيين ومرورا بالمثاليين وحتى الماركسيين، ليصور للقارئ أن تلك الحضارة الغربية بمختلف منابعها التي تبدو وكأنها متخاصمة، ليصورها للقارئ بأنها ليست متخاصمة، بل عملت كفريق في صناعة تلك الحضارة الغربية، وإن الأدوار بين هؤلاء الفلاسفة المتباعدين زمانا ومكانا كانت متناغمة ومتعاضدة لتكون في النهاية ما آلت إليه الحضارة الغربية، كمقرر لشكل الحياة في العالم.

وقد أشار الى أن هيجل الذي أقر لكانط بضرورة كتابة تاريخ عالمي، ولكن هيجل نفى أن التقدم في التاريخ ينشأ عن تقدم مطرد بالعقل، وإنما ينشأ عن التفاعل الأعمى للعواطف التي أدت بالإنسان الى الصراعات والثورات والحروب، وهو ما أطلق عليه وصفه الشهير (دهاء العقل). ومسار التاريخ هو مسار دائب من الصراعات، تتصادم فيه الأنظمة الفكرية والأنظمة السياسية وتتفكك نتيجة لتناقضاتها الداخلية لتحل محلها أنظمة أخرى تحمل تناقضات أقل، فتكون أرقى من سابقاتها وهو ما أسماه (الديالكتيك أو الجدلية).

و حسب رأي هيجل، فإن طبيعة الرغبة الإنسانية لم تتحدد لتبقى الى الأبد دون تغيير، وإنما تتغير بتغير الأحقاب والثقافات التاريخية. مثال ذلك أن إنسانا يقطن أمريكا أو فرنسا أو اليابان في زمننا هذا ينفق الجانب الأكبر من طاقاته في طلب السلع (سيارات، أحذية رياضية ملبس من أفخر بيوت الأزياء) أو طلب (حي سكن لائق مدرسة عالية) ومعظم هذه الأشياء المشتهاة لم تكن موجودة أصلا في الأزمنة القديمة وبالتالي كان يستحيل اشتهاؤها. كذلك فإن مواطنا في دولة فقيرة بالعالم الثالث يبحث عن الأمن أو أي مأوى لن يفكر في مثل تلك الأشياء.

حتى ماركس يخدم الفكرة الليبرالية

يتدرج الكاتب لإثبات نظرته عن مركزية الغرب و تعاون مكوناته، ليصل الى أن ما حدث في إنشاء الشيوعية والاشتراكية، كان مرحلة طبيعية من مراحل وصول العالم لما وصل إليه، فيستخرج من كتاب رأس المال لماركس (مقدمة الطبعة الإنجليزية) فقرة تقول: (إن الدولة الأكثر تقدما في الصناعة إنما تعرض على الدول الأقل تقدما صورة عن مستقبلها) ..

هذا ما وصل إليه الكاتب (فوكوياما) في هذا الفصل، ليهيئ لما بعده من فصول ينكر فيها دور الآخرين في كتابة التاريخ.

وللتنويه نقول: أن أول من أسس لعلم فلسفة التاريخ هو ابن خلدون في القرن الرابع عشر، وأخذ الغرب عنه ذلك العلم فظهر (فيكو و أزوالد شبنجلر وأرنولد توينبي) ولم يتناول الكاتب جهد وآراء هؤلاء، الذين أقروا بفضل ابن خلدون، وتنبئوا بزوال حضارة الغرب، فأزولد شبنجلر لم ينكر دور الحضارة العربية، وتوينبي استسخف قيام دولة الكيان الصهيوني وتنبأ بزوالها، لكن للكاتب رسالة واضحة في كتابه، ونرى تلك الرسالة قد تبناها الكثير من القادة الغربيين.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-06-2008, 02:59 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

6ـ آلية الرغبة


يطرح الكاتب في مستهل حديثه، عدة أسئلة رشيقة لكنها تدفع بالنهاية القارئ الى اعتماد نظريته كما يريد. هل التاريخ غائي؟ هل تتطور كل المجتمعات أو معظمها في اتجاه واحد معين، أم أن تاريخها ينهج نهجا دوريا أو عفويا محضا؟

يستدرك الكاتب بسرعة، إن كان النهج عفويا، فبالإمكان أن تكرر البشرية أي ممارسة اجتماعية أو سياسية من ممارسات الماضي: قد يعود نظام الرق، وقد يتوج الأمراء والأباطرة في أوروبا، وقد تفقد النساء حق الانتخاب. أما التاريخ الغائي فعلى العكس من ذلك، إذ أنه يعني أنه ليس بوسع أي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي يتجاوزه مجتمع ما، أن يتكرر في نفس المجتمع.

هل التاريخ يعيد نفسه؟

التاريخ لا يعيد نفسه أبدا، فلا بد أن هناك آلية دائمة وواحدة، أو مجموعة من الأسباب الأولى التاريخية التي تفرض التطور في اتجاه واحد، والتي تحفظ ذكريات العصور السابقة حتى الزمن الحاضر.

مفتاح الغائية الوحيد للتاريخ

المعرفة هي المفتاح للغائية، لكن ليس كل المعارف، فالمعرفة العلمية هي الوحيدة التي ينطبق عليها الكلام، أما الفن والرسم والشعر والأدب والموسيقى والمعمار، فلا ينطبق عليها مفهوم الغائية والتطور الغائي، فلا يمكن أن نقول أن موسيقيين اليوم هم أفضل من موسيقيي القرن التاسع عشر، ولا يمكن أن نقول أن معماريي اليوم هم أفضل منهم في عهد الفراعنة أو اليونانيين، ولا يمكن أن نقول أن الطالب الذي تخرج على يد نيوتن هو أفضل منه. فالمعرفة العلمية لا هي بالدورية ولا بالعفوية بل هي تراكمية تسند طبقاتها السابقة ما يليها من طبقات.

الحروب تحتم الاستعانة بالتراكم المعرفي

الطابع العالمي للعلم (يقصد الكاتب هنا عمومية العلم) يوفر الأساس لتوحيد البشرية لما يحمله من تغيرات تاريخية غائية.. كيف؟ فالحروب تنقل المعرفة أو تستفز الغير في امتلاك المعرفة.. كيف مرة أخرى؟ يضرب الكاتب مثلا: أن قبائل (الزولو) لم تكن لتتغلب على بنادق الإنجليز (في جنوب إفريقيا) مهما امتلكت تلك القبائل من الشجاعة ورباطة الجأش.

ويتدرج الكاتب بأمثلة تاريخية، من اليابان والصين والدولة العثمانية وغيرها، فعندما تستشعر الدولة التي تتعرض لهزيمة قوة خصمها وتفوقه التكنولوجي، تقوم بدراسة هذا الخصم واستلهام عناصر قوته، فتجري إصلاحات إدارية في سياستها الداخلية، وتبعث أبنائها لدراسة العلوم التي زودت عدوها بالقوة (هكذا فعل محمد علي باشا إثر غزو نابليون لمصر).

وعندما تتكرر الهزائم، فإن الإصلاحات تطال شكل الحكم (تغير الحكم في بروسيا و فرنسا من ملكي لجمهوري وتشريع القوانين التي تنظم تفعيل أدوات المجتمع ليصبح قادرا على صد الاعتداءات).

العلوم الطبيعية تنظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية

التصنيع، ليس مجرد تطبيق مكثف للتكنولوجيا في عملية الصناعة وابتداع آلات جديدة، وإنما هو أيضا استخدام العقل البشري في حل مشكلة التنظيم الاجتماعي وابتداع تقسيم (منطقي) للعمل. هذه الاستخدامات المتوازية للعقل، لابتداع آلات جديدة وتنظيم العملية الإنتاجية، قد نجحت الى حد أبعد مما كان يحلم به الدعاة الأوائل، فقد زاد دخل الفرد في أوروبا الغربية الآن أكثر من عشرة أضعافه في منتصف القرن الثامن عشر، حين كان الدخل في كثير من دول العالم الثالث أكثر منه في أوروبا!
[إن الفقرة السابقة تدين ما يعتقد به الكاتب من مركزية الغرب وفضله على العالم، فقد تزامنت تلك الفترة مع الحركة الاستعمارية التي امتصت خيرات الشعوب فتدنى دخل المواطن في العالم الثالث، لينتقل الى جيوب أفراد الغرب. أما حجة التفوق العلمي، فقد رأينا كيف تكالبت سبعة جيوش لقهر جيش ابراهيم ابن محمد علي وتخفيض جيشه من 540ألف الى 12 ألف جندي فقط، وهي نفس التجربة التي كرروها في العدوان الثلاثي على مصر، وفي غزوهم للعراق، لإبقاء الفجوة واضحة بينهم وبين غيرهم من أبناء العالم الثالث، فهل يصلح هذا النموذج أن يكون قاعدة عمل منهجية عامة؟]

التنظيم الرشيد يستوجب إدخال تغييرات متناسقة

يقول الكاتب في هذا المجال: أن الطبقة العاملة التي كان يُنظر إليها كمنفذ لبرامج الطبقة الرأسمالية (الليبرالية العليا) وتأتي من الأرياف لخدمة برامج أصحاب المال لم يعد بالإمكان إبقاء مكان سكناها في الريف، فانتقلت الى المدينة لتكتشف أهمية نفسها في تطبيق برامج الرأسمالية، فنظمت نفسها وأخذت تتدخل في تطوير التشريعات التي تضمن حقوقها، حتى أصبح الخطاب الرأسمالي لا يمكنه تجاوز تلك الحقوق، بل أدخل مكونات المجتمع في تشريع نظامه.

وهنا يضرب الكاتب مثلا للمقارنة، فيقول: إن أربعة أخماس الأمريكيين كانوا يعملون لحسابهم الشخصي (كأفراد) في القرن التاسع عشر، في حين لم يبق اليوم إلا عشر سكان الولايات المتحدة يعملون لحسابهم الشخصي. حيث انخرط معظم السكان في حجم التنظيم (البيروقراطي ـ أهلي و حكومي) بحيث لا يمكن تجاهل هذا الوضع.

الجانب الأخلاقي في غائية التاريخ

تبنت الماركسية، إزالة الفوارق الطبقية بين أفراد الشعب، فلا فرق بين المدينة والريف، ولا فرق بين الطبيب الأخصائي أو العالم النووي مع جامع القمامة، فكانت التنظيمات النقابية تشمل كل الأصناف (نقابة موسكو بها الطيار والعالم والزبال). لكن ذلك ثبت فشله، ففي حين استطاع الغرب الليبرالي تقليل الفوارق بين المدينة والقرية من خلال نظام أكثر عدالة، انهارت مبادئ الشيوعية بسرعة كبيرة لعدم قدرتها على ترجمة الجانب الأخلاقي بشكل إجرائي.

إنما علينا أن نعترف، أن الشركات لا توظف الباحثين لتحقيق سعادة الناس، بقدر ما تخدم تلك الأبحاث مالكي الشركات لتحقيق الأرباح الأكثر. وعلينا الاعتراف أن ظواهر تقسيم العمل والنمو البيروقراطي ما هي إلا ظواهر مبهمة من حيث دلالاتها الخاصة بسعادة الإنسان.

وهذه ليست مهمتنا، فنحن نريد إثبات أن التاريخ يتقدم نتيجة أسباب ممكن أن نلمسها وأن تطور العلوم الطبيعية الحديثة يؤدي الى أن يصبح التاريخ غائيا. لكن بالمقابل هل يمكن لتلك العلوم أن تتوقف ويعكس التاريخ مساره للوراء؟
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-06-2008, 10:01 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

7ـ ليس هناك برابرة على الأبواب

لينتبه القارئ الكريم لهذا الاستهلال الماكر للكاتب

في فيلم ((محارب الطريق The Road Warrior)) للمنتج السينمائي الأسترالي (جورج ميلر)، نرى حضارة اليوم القائمة على النفط قد انهارت نتيجة لحرب ضروس تشبه (سِفْر الرؤيا)، وضاع العلم من جراءها، وطاف الفوط والفوندال المحدثون في سياراتهم وعرباتهم التي تجرها (الخيول) يحاولون سرقة البنزين وطلقات الرصاص من بعضهم البعض، بسبب ضياع تكنولوجيا الإنتاج.

يحاول الكاتب في تقديمه لمقالته، تصوير العالم إذا ما تعرض لحرب من قبل جماعات متخلفة، تقضي على حضارته القائمة وتجعل العالم ينسى فنون العلوم التي قامت عليها حضارة العالم المتمدن. ماذا سيكون شكله؟ وهل يمكن أو يجوز لنا أن نترك هؤلاء الأعداء البرابرة أن يفعلوا فعلتهم؟ ومن هم هؤلاء البرابرة الجدد الذين سيقضون على حضارة العالم؟ ومن أين استقوا فقههم؟. إن المقالة مليئة بمحرضات التنبه لمثل ذلك العدو..

منابع الفكر المناهض للحضارة

يحاول الكاتب المماراة ليبعد الشكوك عن نفسه في تحديد العدو المقبل لحضارة الغرب، إنه لم يرغب في جعل القارئ يرى بشكل مباشر أن الإسلام والمسلمين هم من سيكونون أعداء المستقبل، ولكنه يسوق القارئ الغربي ويخوفه من هذا العدو الخطر. ولكن بعد أن يضع تمهيدا مكشوفا بأن من أسس للفكر المناهض للتقدم هم (الغرب) أنفسهم.

فيقول: يُعتبر (جان جاك روسو) المصدر المشترك لمعظم النظريات المعادية للتكنولوجيا، فهو أول فيلسوف حديث يشكك في فضل (التقدم ) التاريخي. فهو يقرر بأن الحاجات البشرية الحقيقية محدودة العدد جدا. فالإنسان بحاجة الى مأوى ومأكل، وأن موضوع أمن الإنسان من أخيه الإنسان هو افتراض خاطئ أوجدته النظريات الداعية للتقدم، فليس من الضروري أن يشعر الإنسان بخطر من يعيش قربه. باختصار، إن دفع الإنسان لنزعة الاستهلاك هو ما أوجد عنده الطبيعة الشرهة العدوانية.

ويورد (روسو) مثلا لهذه الظاهرة، في جامع التحف الذي يؤرقه وجود فجوات بين مجموعته أكثر مما يسعده وجود التحف نفسها، فتبقى نفسه مشغولة في إكمال تلك المجموعة. وبوسعنا (يقول فوكوياما) أن نجد مثالا حديثا، أنه في الثلاثينات من القرن العشرين كان من النادر أن نجد جهاز مذياع (راديو) في بلدة كاملة من بلدان العالم الثالث (مثلا) أما اليوم فقد تجد لدى الشاب أو الفتاة عدة أجهزة لتسجيل وضغط الأعمال الموسيقية والسينمائية.

أثر تلك الأفكار القديمة على الواقع الراهن

يتهكم الكاتب من طرف خفي على جمعيات حماية البيئة والمعادية للنشاط الصناعي والنووي وغيره، ويرد تلك النشاطات لمرجعها التاريخي (أفكار روسو). فهو يعتبر أحزاب (الخضر) وجمعيات البيئة وغيرها امتدادا لتلك الأفكار القديمة.

يكابر الكاتب (وليلاحظ القارئ تطابق هذا الفكر مع الإدارة الأمريكية الحالية التي ترفض التوقيع على معاهدة الاحتباس الحراري). فيقول: إن البيئة النظيفة هي من صلب اهتمام الإنسان الراقي المتمدن الصناعي، لذا فإن البيئة القذرة هي في دول العالم الثالث، والاحتباس الحراري يأتي من عندهم نتيجة قطعهم للغابات وإحراقها للوقيد، فغابات أمريكا الشمالية وأوروبا أنظف وأكثر اخضرارا من غابات دول العالم الثالث!

انتقاص من دعوات العودة للماضي

لا يستخف الكاتب بالدعوة للماضي فحسب، بل يستخف بالدعوة المتصالحة مع الواقع الراهن، أي تلك التي تدعو الى حضارة صناعية حديثة لكنها غير مؤذية للبشرية. فيتساءل كيف سيحدث ذلك؟

يضيف: إنه من الغباء تصور الرعاة والعمال الزراعيين الذين تحولوا الى نمط الحياة الحديثة المرفهة أن يعودوا لأساليب الماضي، لذلك فإن تلك التحولات بالعالم الثالث هي التي تهدد العالم المتحضر وليس العكس. فبرأيه حتى يحافظ سكان العالم الثالث على مستواهم المعيشي الذي وصلوا إليه فسيلجئون لتدمير ما حولهم وربما تدمير العالم. وسيجد أبناء العالم الثالث من حولهم ومن العالم الثالث نفسه من يدعو للعودة الى النمط القديم وتحدث المصيبة.

احتمال نشوب حرب

إن أي حرب تستخدم أسلحة الدمار الشامل، يمكن أن تقضي على الكثير من القاطنين من سكان الدولتين المتصارعتين، وممكن أن تتفتت الدولتان أو أحدهما ويهجرها السكان الى مكان آخر، لعدم صلاحية العيش في تلك البلاد المدمَرة.

إن الدول الكارهة للحروب، والتي ستنجو من دمار الحرب سيكون لها شأن بعد نهاية الحرب. بعد أن تتدمر مصانع الدولتين المتحاربتين. وقد تزدهر بعد تلك الحروب نشاطات الأديان المعادية للحضارة والتكنولوجيا، وقد تقوم الجماعات الملتزمة بالأديان المعادية للحضارة بتدمير القدرة على تذكر التكنولوجيا السابقة!

[ ليتمعن القارئ بالفقرة السابقة، ويرى كيف أن هذا الفقه هو ما أوحى لبوش أن يقول قولته: من ليس معنا هو ضدنا.. ولنتمعن بفكرة عدم ترك الآخرين دون حروب حتى لا ينعموا بنتائج الحروب دون تضحيات .. ولنتمعن بهذا العدو الذي أراد طمس معالمه في حديثه عن روسو بالبداية الى الحديث عن الأديان المعادية للحضارة! .. إنه نهج ذهني وعملي]

لكن، يعود الكاتب بمكر شديد للقول، إنه لا يوجد برابرة جدد على الأبواب، فمن يستطيع تدمير الحضارة والتكنولوجيا الغربية، يُفترض أن يكون على دراية بتلك التكنولوجيا ولديه القدرة على تدميرها. [ من هنا تبرز الدعوات المستمرة ـ وإن كانت قديمة ـ على منع التكنولوجيا عن الدول الإسلامية وردعها منذ بداية التفكير بها].
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-07-2008, 12:23 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

8ـ تراكم بلا حدود


(( لم تكن بلادنا سعيدة الحظ. فقد تقرر تجربة الماركسية فينا، ودفعنا القدر في هذا الاتجاه. فبدلا من اختيار بلد ما في إفريقيا لهذا، شرعوا في إجراء هذه التجربة فينا نحن. غير أننا في النهاية أثبتنا أنه لا مكان لهذه الفكرة. فقد دفعت بنا بعيدا عن الطريق الذي انتهجته دول العالم المتحضرة، وهو ما تعكسه حقيقة أن أربعين في المائة من أفراد الشعب يعيشون دون حد الفقر. بل ويعانون مذلة دائمة إذ لا يتلقون السلع إلا بعد إبرازهم بطاقات التموين. إنها مذلة دائمة تذكرك في كل ساعة بأنك عبد في هذه الدولة))
................... من خطبة لبوريس يلتسين في اجتماع لحزب (روسيا ...................الديمقراطية في موسكو في 1/6/1991

كعادته، يبدأ المؤلف بانتقاء فقرة تهيئ القارئ لتقبل ما سيقول بمقالته، فاختار فقرته أعلاه من خطاب (يلتسين) ليسوق حجته بأنه حتى التقدم والازدهار وإن تساوت فيه الدول الشمولية كالاتحاد السوفييتي أو الصين، فإن هذا التقدم والازدهار سيبقى ناقصا ما لم يترافق مع العقلية الليبرالية بنموذجها الغربي.

يقول: كل ما شرحناه حتى الآن هو أن الازدهار الدائب للعلوم الطبيعية الحديثة يسفر عن تاريخ غائي وتحولات اجتماعية متجانسة الطابع في مختلف الأمم والحضارات. فالتكنولوجيا والتنظيم الرشيد للعمل هما من الشروط اللازمة للتصنيع. وهو ما ينجم عنه بالتالي ظواهر اجتماعية مثل التوسع في سكنى المدن، وفي البيروقراطية، وتفكك الأسر الكبيرة والعلاقات القبلية، والارتفاع بمستوى التعليم. كذلك أوضحنا كيف أن هيمنة العلوم الطبيعية الحديثة على الحياة البشرية، لا يمكن التراجع بشأنها في ظل أية ظروف، حتى في أشدها تطرفا. غير أننا لم نوضح حتى الآن كيف أن العلم يؤدي بالضرورة الى الرأسمالية في المجال الاقتصادي، أو الى الديمقراطية الليبرالية في المجال السياسي.

والواقع أن ثمة أمثلة لدول مرت بالمراحل الأولى من التصنيع، تُعَدُ دولاً متقدمة اقتصاديا وحضرية، وعلمانية، وبناء الدولة فيها متين متجانس، وشعبها جيد التعليم نسبياً، غير أنها لا هي بالرأسمالية ولا بالديمقراطية. والمثل الرئيسي هنا، ولسنوات عديدة، هو الاتحاد السوفييتي في عهد ستالين، وهو الذي تمكن في السنوات ما بين 1928 وأواخر الثلاثينات من تحقيق تحول اجتماعي مذهل من دولة زراعية معظم سكانها فلاحون، الى دولة صناعية قوية، دون أن يتيح للمواطنين حريات اقتصادية أو سياسية.

لقد أثر نمو الاتحاد السوفييتي على الكثير من الكتاب الغربيين، فكتب (اسحق دويتشر) في الخمسينات يقول: (إن اقتصاد التخطيط المركزي أكثر فعالية من فوضى آلية اقتصاد السوق، وأن الصناعات المؤممة أقدر على تحديث المصانع والآلات من القطاع الخاص)

بالرغم من سوء سمعة الرأسمالية سواء لدى اليمين الديني التقليدي، أو اليسار الاشتراكي الماركسي، فإن تفسير انتصارها في نهاية المطاف باعتبارها النظام الاقتصادي الوحيد الصالح للبقاء. [ هكذا يقرر الكاتب خلاصة ما يؤمن به]

ويضيف: نحن نعلم الآن أن التصنيع لا يأتي طفرة فتنتقل الدول به فجأة الى الحداثة الاقتصادية، وإنما هو عملية دائبة التطور ولا نهاية واضحة لها، بحيث تغدو حداثة اليوم قديمة في الغد. وقد تغيرت على نحو مطرد وسيلة إشباع ما أسماه (هيجل) نسق الاحتياجات، كما تغيرت هذه الاحتياجات نفسها. وقد كان المنظرون الاقتصاديون القدماء (ماركس و إنجلز) يرون أن التصنيع يتكون من الصناعات الخفيفة (نسيج، خزف) لكن الأمر تغير بسرعة، فأصبحت سكك الحديد والصناعات الثقيلة، هي التي تعني كل من (لينين وستالين) .. وقد تسابقت دول كثيرة في الوصول الى مرتبة الدول الصناعية إضافة الى أوروبا والولايات المتحدة فإن اليابان والصين وكثير من الدول قد وضعت أقدامها على هذا الطريق.

تسارع التطور

كَتَبَ (دانييل بيل) عام 1967، أن متوسط طول المدة بين اكتشاف مبتكر تكنولوجي جديد وبين إدراك إمكاناته التجارية كان 30 عاما في الفترة ما بين عامي 1880 و 1919، ثم انخفض الى 16 عاما في الفترة ما بين 1919و 1945 ثم الى 9 أعوام في الفترة ما بين 1945و 1967. ويقول الكاتب (فوكوياما) أن الدورة الآن لا تزيد عن بضعة شهور.

ويضيف الكاتب: أن التطور شمل أيضا التجارة الدولية، حيث كانت في الأجيال السابقة لا تزيد عن 3% فيما بين الدول، ثم أخذت تتزايد سنويا بمعدل 13% ولا شك أن تطور المواصلات والاتصالات والعلاقات بين المصارف التجارية وتدفق المعلومات جعل من العالم سوقا سهل المراقبة.

الابتكار والاختراع رهنا على الأجواء الحرة

هنا يعود الكاتب، ليتشفى بانهيار الاتحاد السوفييتي، فيعزي عدم مواكبة علماءه لحركة الاختراع الى النظام المركزي، في حين كان أداء علماء البلدان الرأسمالية أكثر عطاء لاقتران عملهم بالمنافسة الحرة و ما يعود على ابتكاراتهم من أرباح، وقد يكون محقا في هذه النقطة، حيث حولت البيروقراطية المركزية العاملين المبدعين والعلماء الى أرقام لا يحسون فيها بأهميتهم.

رضوخ أصحاب النمط المركزي لمنطق الاقتصاد المتقدم

يقول الكاتب ـ تكملة لمقالته ـ : أن الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية والصين، أدركت منذ أواخر الثمانينات، عقم سياساتها الاقتصادية فاختارت طائعة التحول الى الاقتصاد المتقدم (أي الغربي)!

تعليق:

لقد ذكر بعض الشيوعيين في تقييمهم للتجربة السوفييتية في مجلة الطريق التي كانت تصدر في بيروت في أواخر التسعينات، أن من أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي هو اضطراب المشاعر التي تصف الواقع، فبين شعور بالفخر لا تسنده حقائق واقعية. وضرب مثالا في هذا الصدد أن الساسة يرددون: الاتحاد السوفييتي أكبر دولة منتجة للبطاطا في العالم، ويقول الكاتب آنذاك (وأظنه الشيوعي عامر عبد الله ـ لم أعد أذكر) أن هذا الكلام صحيح، لكن سوء مكائن الحصاد تهشم ربع الإنتاج، ويقضي سوء التخزين على 50% من المحصول بفعل القوارض وعدم تهيئة المستودعات.

إذن، فقوام القدرة موجود، ولكن سوء الإدارة و (بيروقراطيتها) هو السبب، وأن حل ذلك قد يكون بتطوير الأساليب الإدارية.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 31-07-2008, 12:43 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

9ـ انتصار أجهزة الفيديو

(( ما من دولة من دول العالم، مهما كان نظامها السياسي، نجحت في تحديث نفسها مع انتهاج سياسة الباب المغلق))
[ من خطبة ل دينج هسياو بنج1982]


في العقد الأخير من القرن العشرين، بدا جليا للناس أن الرأسمالية ستكون حتمية السيادة في البلدان المتقدمة، وأن الماركسية اللينينية تعتبر عقبة كأداء في طريق التقدم. هكذا استهل (فوكوياما) مقالته بعد أن اختار جزءا من خطاب الزعيم الصيني ليضعه شاهدا على حديثه الذي سيبدؤه.

لكن، لم يكن الأمر كذلك في منتصف القرن العشرين (الخمسينات والستينات) عند الدول الأقل تقدما، والتي كانت تحلم بالفحم الحجري وصناعة الصلب، فقد كانت تلك الدول غير مهتمة بالتفاصيل التكنولوجية المتقدمة عند الغرب الرأسمالي، فكانت تنجذب للإتحاد السوفييتي والنمط المركزي في السياسة الذي استطاع في الدول الاشتراكية أن يحرق المراحل بالقوة والعنف، فقد قطع الاتحاد السوفييتي مرحلة بربع المدة التي احتاجتها دول الغرب لتصل ما وصلت إليه، لذا كان هذا النموذج مرغوبا في الدول الفقيرة لتحذو فيه التجربة الاشتراكية. وقد شجع الدول النامية على هذا السلوك، ما كانت تواجهه دول أمريكا اللاتينية من فشل متكرر في تطبيق السياسة الرأسمالية.

(1)


لقد ظهر نمط من السياسة، سمي ب (التبعية)، كان منشئ هذا المصطلح هو: لينين عندما نشر كُتيب عام 1914 بعنوان: (الإمبريالية: أعلى مراحل الرأسمالية)، غمز فيها أن الرأسمالية الغربية لا تسعى لإفقار الطبقة العاملة في بلدان أوروبا، بل سمحت بارتفاع مستوى معيشتهم لتحويلهم الى عمال قانعين. ولكن تفسير مصطلح (التبعية) وما تم الزيادة عليه، يعود بالدرجة الأساس الى الاقتصادي الأرجنتيني (راءول بريبيش) والذي كان يترأس أحد اللجان التابعة للأمم المتحدة في الخمسينات، حيث كان يشير في كتاباته الى أن التجارة والعلاقة الاقتصادية بين دول المركز ودول الأطراف تزداد إجحافا لصالح دول المركز، وتبقي الدول النامية بحالة يُرثى لها، فأوجد ما يسمى بالصراع ما بين دول الشمال (المتقدم) والجنوب (الفقير).

(2)

لقد ظهر تياران، أحدهما يصف العلاقة بين الشمال والجنوب علاقة طبيعية، يبيع فيها أحد الطرفين التكنولوجيا والطائرات، ويبيع الطرف الآخر المواد الخام! ويتهكم أصحاب التيار الثاني على هذا الرأي، فيقولون: أن الشمال يدفع بأبناء الجنوب على أن يبقوا يقطعون الأشجار ويضخون الماء لصالح أبناء الشمال، وأن الحل لذلك هو الانسحاب من أي حوار بين الطرفين والثورة على الشمال، وقد كانت كوبا و الصين والاتحاد السوفييتي مراكز تحريض لتبني مثل هذا الموقف. فكان لكل طرف أتباع وهنا تكمن صورة فرز المعسكرين في الحرب الباردة.

(3)

يستشهد الكاتب بهذه الفقرة بما يدحض آراء أصحاب موقف الرفض للصورة الغربية، فيذكر ما قاله أحد كبار الساسة في سنغافورة [ لم يذكر اسمه]: (أن ثمة ثلاث جماعات تمقتها بلاده ولن تسمح أبدا بها: الهيبيز والفتيان ذوي الشعر الطويل، ومنتقدي الشركات متعددة الجنسية).

لقد وضع فوكوياما، أرقاما للمقارنة بين النمو في بعض البلدان (التابعة للنمط الغربي) وغيرها ممن لا يتبعون الغرب، فكان النمو في اليابان 9.8% في الستينات، ثم أصبح 6% في السبعينات، [وهي الدولة التي تربض القوات الأمريكية على أراضيها]، وكان النمو في النمور الأربعة (هونج كونج، وتايوان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية) 9.3%.

ولم يكتف الكاتب بالأمثلة السابقة للتدليل عما يريد، بل تخصص في المقارنة بين دول من نفس المنشأ، فكان متوسط دخل الفرد في كوريا الجنوبية 4550 دولار في الثمانينات وهو يساوي أربعة أضعاف متوسط الدخل في شقيقتها الشمالية (الشيوعية)، ثم قارن بين تايوان والصين فكان متوسط دخل الفرد في تايوان عام 1989 (7500) دولار في حين كان (350) دولار في الصين.

وهنا يبرز رأي يقول: أن التصنيع هو سبب النمو وليس الرأسمالية، إذ لماذا لم تنجح السياسات الاقتصادية في دول أمريكا اللاتينية عندما كانت تبعيتها واضحة للغرب وبالذات للولايات المتحدة؟

يجيب الكاتب أنه في دول أمريكا اللاتينية وبلدان الشرق الأوسط لم تبذل محاولات جادة لمتابعة النهج الرأسمالي ووعد مناقشة ذلك في الجزء الرابع من الكتاب. لكنه فرَق بين أمريكا الشمالية التي ورثت التقاليد والفلسفة الليبرالية عن بريطانيا، في حين ورثت أمريكا اللاتينية عن المؤسسات الإقطاعية في البرتغال واسبانيا. ويكفي أن نذكر أن تكلفة إنتاج سيارة في البرازيل أو المكسيك أو الأرجنتين تزيد بين 60 و150% عنها في الولايات المتحدة.

(4)

يتحدث (هيرناندو دو سوتو) في كتابه "الدرب الأخير" عن كيف أن معهده في ليما حاول تأسيس مصنع من وحي الخيال وفق القواعد القانونية التي حددتها حكومة بيرو. كان عليه أن يمر بأحد عشر إجراء بيروقراطيا تستلزم 289 يوما وتكلفة قدرها 1231 دولار ومصاريف ضائعة أخرى بينها (رشوتان) أو ما يعادل 32 ضعف لأدنى مرتب شهري.

ثم يعطي الكاتب مثالا آخرا، هو أن نصيب الفرد الأرجنتيني عام 1913 كان يساوي نصيب الفرد بسويسرا وضعف نصيب الإيطالي، ونصف نصيب الكندي ولكن اليوم أصبح نصيب السويسري 6 أضعاف نصيب الأرجنتيني والإيطالي 3 أضعاف.

خلاصة

يستخلص الكاتب في نهاية مقالته هذه، أن معظم السياسيين في مختلف أنحاء العالم اكتشفوا سر التباطؤ في اقتصادهم وحاولوا ويحاولون الانتقال من وضعهم السابق (الصين، روسيا، كل العالم الثالث) الى الوضع الليبرالي، وهذا كله بفضل أجهزة الفيديو.!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-08-2008, 01:39 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

10ـ في مضمار التعليم

(( كذا جئتكم، يا أناس اليوم، وفي مضمار التعليم... فما الذي حدث لي؟ ضحكتُ رغم كل ما أشعر به من قلق.. لم ترَ عيناي أبداً شيئا مرقعا كهذا الثوب الشبيه بثوب البهلوان. ضحكت وضحكت بينما كانت قدماي ترتجفان، وقلبي في مثل ارتجافهما. وقلت: " من المؤكد أن هذا هو منبع الاختلاط والتخبط ". ))

نيتشه: هكذا تكلم زرادشت

(1)

يضع (فوكوياما) فرضية لمقالته هنا، بعد أن يختار تلك الفقرة مما قاله الفيلسوف الألماني نيتشه. فرضيته هنا، تقرر أن هناك علاقة بين تطور العلوم الطبيعية و التوجه نحو الديمقراطية الليبرالية. يوفق الكاتب أحيانا في اختيار الأمثلة ويخفق إخفاقا شديدا في اختيار أمثلة أخرى، حينما يفسر أو يحاول تفسير ظواهر التقدم التقني والاقتصادي في بعض الدول. كما يتحاشى الكاتب من ذكر بعض الديمقراطيات الكبرى (الهند) كون وضعها لا يخضع لفرضياته.

يؤشر الكاتب على تجارب أوروبا الجنوبية (اليونان، أسبانيا، البرتغال) وكيفية انتقالها من الحكم الديكتاتوري الى الحكم الديمقراطي، وكيف أن النمو الاقتصادي والدخل الفردي يتحكمان بتحقيق الشروط للانتقال للديمقراطية، فيذكر هنا مقولة للجنرال فرانكو (ديكتاتور أسبانيا) عندما تنبأ بإمكانية انتقال أسبانيا من الحكم الديكتاتوري الى الديمقراطي وقتما يصبح دخل المواطن الأسباني 2000 دولار، ويقر الكاتب بأن نبوءة (فرانكو) كانت دقيقة، حيث حصل التحول عندما أصبح دخل المواطن الأسباني (2446) دولار في عام 1974!

لن نناقش جدية تلك النظرة، فهي قاعدة تكاد تكون جوفاء، حيث أن مقاييس الدخل تؤخذ كمتوسط، فقد يكون هناك من يكون دخله مليون دولار وآخرون لا يزيد دخلهم عن بضع مئات من الدولارات، ويكون المتوسط العام فوق ال 2000 دولار، كما في بعض البلدان العربية اليوم!

كما أن هذا الشرط لم يكن ضروريا في تجربة الهند حيث أكبر ديمقراطية في العالم، مع وجود أناس يقتسمون الأرصفة!

(2)

يحاول الكاتب تلمس بعض النماذج التي تكون استثناءا لقاعدته، فيناقشها قبل أن يناقشها منتقدوه. فيمر على تجربة (بيرو) حيث يثمن فيه جهد النظام الديكتاتوري في انتزاع أراضي البلاد التي كانت مسجلة باسم (700) شخص ليقوم النظام بتوزيعها على الشعب، وهي خطوة ما كان للنظام الديمقراطي أن يفعلها دون جبروت النظام الديكتاتوري.

ثم يضرب مثل ديكتاتورية اليابان في عهد حكومة (ميجي) عام 1868 عندما ارتسمت خطا للتزود بالعلوم والنهوض بالبلاد بطريقة ديكتاتورية حازمة. ويشير لتجارب أخرى في الاتحاد السوفييتي (عهد ستالين).

لكنه يرهن النمو في الديكتاتوريات الى وجود قائد (ملهم)، ما أن يختفي هذا القائد لتختفي معه آثاره ويختفي معه استقرار الحكم، في حين لا تكون تلك الحالة موجودة في الليبراليات المستقرة.

ويضرب مثلا، في الفلبين، حيث أن من يفوز بالديمقراطيات هم من أرستقراطيي البلاد وبالذات من ملاك الأراضي (كورزان أكينو ـ مثالا).

(3)

عندما يأتي الحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الكاتب لا يخفي إعجابه الشديد بالتفرد الذي تتمتع به تلك البلاد، حيث يولد المولود فيها ديمقراطيا ليبراليا متحررا من النزعات العرقية والطائفية والتمييز العنصري، بخلاف تلك البلاد التي تعج بالمشاكل الإثنية، فالمواطنون متساوون في الولايات المتحدة، يحق لكل واحد منهم أن يتنافس مع غيره في تبوء مراكز السلطة، وهذا ما يعلن (فوكوياما) عن عدم فهم أسراره!

أحقا ما يقول (فوكوياما) بهذا التفرد؟ قد يكون محقا في أن كل المواطنين لهم الحق في التنافس على تبوء مراكز السلطة، لكن الحق أيضا ما نقول: في أنه لا يمكن لهؤلاء المتنافسين أن يصلوا الى تلك المراكز، فمنذ وضع الدستور الأمريكي في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، والحزبان (الجمهوري والديمقراطي) يتناوبان على ملء تلك المراكز، رغم وجود عشرات الأحزاب التي حاولت وتحاول الوصول الى السلطة. وبالمناسبة فالأحزاب التي تحكم بأمريكا هي أحزاب ليس لها نظرية تنظيمية ولا منظومة أيديولوجية (فلا اجتماعات دورية ولا هناك مناهج تثقيفية) فالطفل يولد جمهوريا ويولد ديمقراطيا وفق رؤية أهله المتناسبة مع النظرة الإمبريالية. كما أن (بوش) سليل العائلة النفطية لا يختلف كثيرا عن (أكينو) سليلة عائلة ملاك الأراضي.

(4)

يمكن الاتفاق مع (فوكوياما) في القول أن التطور العلمي والتقني يدفع باتجاه الاتفاق على تناقل السلطة، فالمنتجون يحبون أن يكون هناك من يتفهم حركات إنتاجهم ويتفاعل معها في سن القوانين. كما أن انخراط الكثير من العمال المهرة والمصدرين والمسوقين يعنيهم ما يصدر عن الدولة من قوانين وتعليمات تخدم حركاتهم ولا تعيقها.

كما أن اكتساب الناس للعلوم والمعارف، يجعلهم لا يقتنعون بسهولة بضرورة الانخراط بالجيش للاعتداء على دولة أو شعب دون قناعات قوية. في حين من السهل على الشعب المتعلم أن ينخدع في اتباع أساليب تغذية أو رياضة تسوق له من أجل الربح.

لقد استفادت كوريا الجنوبية من تدفق العلوم بأشكالها لا من أجل تطوير اقتصادها فحسب، بل من أجل تطور عادة الانتخاب وتحسين نتائج تلك الانتخابات بما يتماشى مع التطور، ففي كوريا (برلمان) هو الأكثر شبابا بين برلمانات العالم حيث يقل متوسط أعمار الناجحين في البرلمان، وهي دلالة على توافق وتناغم أشكال التطور في كل المستويات.

(5)

لكن هناك مشكلة، حاول الكاتب التملص منها، وهي موضوع تلوث البيئة، فإن كان التقدم يفرض على شعب من الشعوب أن يطور أشكال قطاعاته وعلاقاتها مع بعض، فإن السمة العامة لهذا التطور لها علاقة بالربح وزيادة الدخل، سواء للأفراد أو للدولة المستفيدة من ضرائب الأفراد ونشاطاتهم فيها.

أما فيما يتعلق بالبيئة وتلوثها، فهي متعلقة بالجانب الأخلاقي الإنساني وتبتعد عن الجانب الربحي. وقد تساوت في تجاهلها كل نظم الحكم (مركزية أو ليبرالية) لكن الليبراليون يتبجحون بأنهم يتركون المجال لمنظمات مدنية تطالبهم بالالتزام ببيئة نظيفة. نعم تعطيهم ترخيص في التظاهر ضدها، لكنها تعطي نفسها ترخيص بعدم الاستجابة لتلك التظاهرات!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-09-2008, 02:13 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(11)

الإجابة عن السؤال السابق


وهو سؤال كانط: هل بالوسع كتابة تاريخ العالم من وجهة نظر عالمية؟ وإجابتنا الآن مؤقتة، هي: نعم.

لقد زودتنا العلوم الطبيعية الحديثة بآلية أضفى ازدهارها المطرد على تاريخ الإنسانية عبر القرون الماضية غائية وتماسكا منطقيا. وقد باتت هذه الآلية عالمية في عصرنا هذا الذي لم يعد بمقدورنا فيه أن نعتبر تجارب الإنسانية في مجموعها هي تجارب أوروبا وأمريكا الشمالية. فبصرف النظر عن القبائل في أدغال البرازيل وغينيا الجديدة الآخذة بالاندثار سريعا، لا نجد سلالة بشرية واحدة لم تتأثر بهذه الآلية ولم ترتبط بسائر سلالات البشر بفضل الصلات الاقتصادية العالمية التي يخلقها الاستهلاك الحديث. إنها نظرة عالمية لا إقليمية ضيقة نتجت عن نمو حضاري عالمي خلال القرون القليلة الماضية.

من أوجد هذه القاعدة الحضارية؟

إن من يقرأ لهذا الكاتب، وهو يصف ذلك النشاط بأنه نشاط عالمي، وليس إقليمي أو ليس محصورا بأوروبا وأمريكا، سيصف هذا الكاتب بأنه كاتب منصف وعقلاني. لكن عندما يكتشف القارئ أن العالمية التي يقصدها الكاتب هي عالمية من فكرة وتأسيس وصناعة من يبشر لهم، سيكتشف القارئ عندها مدى استعلاء نظرة هذا الكاتب واستحقاره لغيره.

يقول الكاتب مدللا لما رميناه به: لم تستطع دول في إيقاف وحدة عالمية تلك الحضارة، فلم يكن باستطاعة الدولة العثمانية، ولا إمبراطورية اليابان، ولا قوة الاتحاد السوفييتي أو الصين الشعبية أو بورما أو إيران وكوبا وغيرها.

استشعار لتطبيق دورة التاريخ:

يقول الكاتب: أن قوة التقدم العلمي عطلت من فكرة أن (يعيد التاريخ نفسه)، وهنا يشير لمن يطبق فكرة (أن كل دولة أو إمبراطورية مهما بلغت قوتها، فإنها ستمر بأطوار الإنسان من الطفولة حتى الشيخوخة والموت). لا يريد الكاتب أن يشمل الولايات المتحدة بذلك السيناريو. فيقول أن الصراع بين أثينا وأسبارطة بما يعنيه من صراع بين الديمقراطية (أثينا) والدكتاتورية (أسبارطة)، لن يكون مماثلا لما كان يقوم في الحرب الباردة بين الليبرالية (الولايات المتحدة وحلفائها) وبين الشمولية (الاتحاد السوفييتي وحلفائه).

يؤكد الكاتب بأن تطور الليبرالية هو تطور تاريخي دياليكتيكي وجد من خلال تجارب (الشعوب المتحضرة) في حين أن التجربة النازية والشيوعية هي أشبه بالطرق الفرعية التي تنتهي بعلامة (نهاية خط أو الطريق مغلق).

دكتاتوريات صغيرة وطموحات لن تتحقق:

يترك الكاتب الديكتاتوريات الكبيرة (الصين والاتحاد السوفياتي) ، ويلتفت الى دكتاتوريات قبيحة (كما أسماها) كوبا، إيران، سوريا، العراق، أفغانستان، اليمن (الجنوبي)، إثيوبيا، كوريا الشمالية. ومن يتفحص تلك الدول ووضعها سيجدها تشترك في صفة واحدة وهي الفقر النسبي وقلة الإمكانيات، وهذا مما يدفعها لأن تكون ديكتاتورية!

ماذا عن ألمانيا و إيطاليا؟ (النازية والفاشية)

استند الكاتب الى تحليل أو وصف (والت روستو) الذي أطلق عليه: (مرض المرحلة الانتقالية) أي أن المرور بمرحلة الديكتاتورية ضروري جدا للانتقال لمرحلة التصنيع.

حسنا، إذا كان ذلك الوصف يصلح في الدكتاتوريات القبيحة (كما أسماها)، فما هو تفسير ظهور تلك الدكتاتوريات في مجتمعين صناعيين اجتازا مرحلة الانتقال؟ (ألمانيا وإيطاليا).

يمر الكاتب على الإجابة عن ذلك التساؤل بشكل غير مقنع نهائيا، فيقول إننا لا نستطيع أن ندافع عن أن النازية والفاشية هما نتاجان من إنتاج (الحداثة) ولن نضمن أن لا يتكرر نموذجهما مرة أخرى بالتاريخ.. لا ندري إن كان (فوكوياما) يحبذ شمول بوش بالنموذجين الألماني النازي والإيطالي الفاشي!

المحرقة في نظر فوكوياما

اعتاد الكاتب على عدة أنواع من الصياغات، فهو عندما يريد أن يمرر رأيا لا يضمن ردة فعل الآخرين تجاهه، فإنه يورده بشكل (هناك من يقول: كذا) ويدخل رأيه بين ثنايا تلك الصيغة. وأحيانا يريد أن يضع أسهما كالتي تستخدم في إشارات المرور ( الى رأي فوكوياما بالمسألة الفلانية).

هذا ما فعله بموضوع (المحرقة) حيث وصفها: بالحدث التاريخي الفريد، واستبعد أن يتكرر مرة أخرى في التاريخ، ويضع أسبابا وراء ذلك الحدث التاريخي الفريد، فالاحتقانات وخيبة أمل النازية هي التي كانت وراء موضوع المحرقة، وطالما أن النازية لن تتكرر فالمحرقة لن تتكرر، هذا وجه الفرادة في موضوع المحرقة.

من يقول أن المحرقة هي بالسيناريو الذي تم تلقينه للإعلام الخادم للإمبريالية؟ فالمحرقة من زاوية أخرى، هي صنيعة صهيونية للفت نظر العالم لمعاناة اليهود لكي يتم استعجال تهجيرهم الى فلسطين والتمهيد لقيام كيانهم، وبنفس الوقت أن الوشاية التي كان الصهاينة يقدمونها للمخابرات النازية، هي ضد يهود كانوا أعداء لفكرة الصهيونية، وهنا يضرب عصفورين بحجر واحد.

ثم لماذا تسليط الأضواء على المحرقة تلك ونسيان محارق أبادت سكان قارات كاملة (أمريكا واستراليا)، أو ما حدث في (هيروشيما ونجازاكي بعد ضربهما بالقنابل النووية). كما أن سنين الحصار على العراق والضحايا التي حدثت وتحدث لغاية اليوم تفوق عدة محارق (مزعومة). هذا غير ما يخلفه تلويث أرض العراق والمنطقة سيشوه الكثير من أبناء البشرية!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-06-2009, 02:41 AM   #8
nabilbenka
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
الإقامة: ليس لي بلد
المشاركات: 41
إفتراضي

قرأت الكتاب
و لم يعجبني فصاحبه يطبل لليبرالية و يعنقد أن الشيوعية سقطت و أن الإسلام فاشل و كلامه فيه ثرثرة بدون فائدة ووجع رأس شكرا
....
__________________
لا فائدة من التوقيع...
nabilbenka غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-06-2009, 01:03 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

24ـ قوة الضعفاء

الواقعية نظرية تذهب الى أن الافتقار الى الإحساس بالأمن، والعدوان، والحرب، هي احتمالات دائمة في النظام الدولي، وأن هذا الوضع وضع إنساني، أي أنه لا سبيل الى تغييره بظهور أشكال وأنماط معينة من المجتمعات الإنسانية، بالنظر الى امتداد جذوره الى الطبيعة البشرية الثابتة. ويشير الواقعيون في سعيهم لإثبات صحة زعمهم الى انتشار الحروب منذ فجر التاريخ، منذ المواقع الدموية الأولى الوارد ذكرها في الكتاب المقدس الى الحربين العالمتين في قرننا هذا.

(1)

عرج الكاتب (فوكوياما ) على تفسيرين، لطبيعة تحرك البشر: التفسير الأول يشير الى أن الحرب هي ظاهرة طبيعية ليس لها علاقة بالوضع الداخلي للدولة، بل تسعى فيها الدول لتوسيع دائرة الاعتراف بقوتها من خلال العدوان على الدول الأخرى، وهذه الظاهرة منتشرة على مر التاريخ وفي كل الدول. أي أن الطبيعة الأساسية للبشر هي عدوانية.

والتفسير الآخر: تبناه (جان جاك روسو) بأن الطبيعة البشرية تميل للسلام، فالإنسان الأول الذي عاش بمفرده كان خائفا واحتياجاته كانت قليلة يمكن إشباعها دون اللجوء للاقتتال، وهكذا هي الطبيعة البشرية يميل فيها الأفراد الى الانعزال بحثا عن الأمن، وهم يعيشون أشبه بالبقر راضون بأن يعيشوا وأن يدعوا غيرهم يعيشون.

ويعني أن عالم العبيد الساعين الى الحفاظ على وجودهم الطبيعي هو عالم لا يعرف الصراع، وأما من يتصارع ويؤسس للحروب هو عالم السادة (حسب رأي هيجل و هوبز) الذي لا يقبل نظام ثنائية أو تعدد الأقطاب والذي يسعى كل منهم أن يكون السيد الأوحد في العالم. وعالم الأسياد لا يشترط بحروبه الدفاع عن الذات، فهو يحارب حتى لو لم يكن مهدداً.

(2)

يعود الكاتب (فوكوياما) لمحاكمة النظرة الخاصة بالتوسع في السلطة والحروب، سواء كانت من زعماء (أفراد) أو من أنظمة سياسية (دول)، فيقول: ليس هناك ما يثبت تجريبيا أن الصراع على السلطة هو دائما رغبة في زيادة القوة النسبية الى أقصى حد. ويضرب مثالا: الكولونيلات اليونانيين الذين سلموا السلطة للمدنيين عام 1947، كذلك الفئة العسكرية في الأرجنتين التي تخلت عن الحكم عام 1983، مواجهين احتمال تقديمهم للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم أثناء توليهم الحكم.

والتاريخ الحديث يدعم تلك النظرة، فقد تتخلى دولة كبريطانيا العظمى عن مستعمرات استبسلت في نهاية القرن التاسع عشر للحصول عليها، لتتخلى عنها بعد الحرب العالمية الثانية طوعا لتخفيف الأعباء عنها. كذلك يمكن القول عن تركيا التي كانت تحلم بإمبراطورية طورانية تمتد من شرق أوروبا الى القفقاس، قبل الحرب العالمية الأولى، ليتخلى مصطفى كمال أتاتورك عن تلك الفكرة ويحدد مساحة دولته بما هي عليه الآن.

لو تأخر (فوكوياما) بتأليف كتابه هذا، لأدرج الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا في أمثلة التخلي عن مساحات لا تنتمي للمركز انتماء كافياً.

(3)

يتفنن (فوكوياما) بربط (البراجماتية: الذرائعية) مع روح (الليبرالية الجديدة)، فيكيف رغبة الدولة في إظهار القوة والتوسع مع إمكاناتها على الإبقاء على هذا التوسع، فإن كانت كلفة التوسع بواسطة الحروب عالية، وكلفة الحفاظ على هذه المساحات أعلى. فإن الدولة تنحى منحىً آخرا في التعبير عن قوتها.

هذا النمط من التعبير عن القوة، نجده في (اليابان) المدحورة في الحرب العالمية الثانية، في اتجاهها نحو القوة الاقتصادية والمالية والتقنية التي تجعلها من الدول القوية (دون حروب). وهذا ينسحب على أكثر من دولة مثل كوريا الجنوبية، وبعض دول أوروبا كألمانيا وهولندا والسويد وسويسرا الخ.

(4)

لن تشفع القوة العسكرية وحدها في ثبات حالة التوسع للدولة، أو حتى الأحلاف، فقد تآكل حلف (وارسو) دولة بعد أخرى حتى تفكك نهائيا، دون أن تدمر دبابة واحدة من دباباته ودون أن يُقتل جنديٌ واحد من جنوده. ولم يُهرع الاتحاد السوفييتي لوقف هذا التفتت والانحلال .. لماذا؟

ويقرر فوكوياما أن هذا النمط من التفكك حدث في التاريخ بأشكال مختلفة، ويضرب مثل احتلال (الرعاع والهكسوس) لمصر وحكمها من القرن الثامن عشر قبل الميلاد الى القرن السادس عشر قبل الميلاد، واختفائهم بعد ذلك، كما يمر على الإمبراطورية العربية الإسلامية ويجعلها مثالا يشبه الرعاع والهكسوس!

المثالان السابقان، في رأي (فوكوياما) جاءا نتيجة العنف والعنجهية والظلم فكان مصيرهما كما كان.

(5)

هنا، لا بد بعد ذكر تلك الأمثلة، من عودة للنموذج الأفضل (البديل) لتلك النماذج الغاشمة. إنه نموذج الليبرالية الحديثة، حيث يرى (فوكوياما) أن قوتها آتية من (أيديولوجية العبيد) التي تخدم طوعا سادة الليبرالية الحديثة.

ولكي يدلل فوكوياما على نظريته يقول: كان الجنود الفارون من الحرب الأهلية الأمريكية يقتلون فورا (دون محاكمة)، مع أن تجنيدهم كان يتم غصبا وقهرا، وكانت ظاهرة إعدامهم تتم يوميا كمشهد روتيني، أما في الحرب العالمية الثانية فلم يُعدم غير جنديٌ واحد بسبب جريمة التهرب من الحرب، وقد رفعت زوجته قضية على الحكومة الأمريكية.

ولا ينسى فوكوياما ـ طبعا ـ أن يمر على بعض الدول الأوروبية كبريطانيا التي ألغت (الخدمة العسكرية الإجبارية)، ليحل محلها الإقناع بسمو أهداف الدولة (الليبرالية) مع إغداق المال على المجندين.

خلاصة القول:

يريد فوكوياما أن يقول أن السيادة المطلقة على الكرة الأرضية لا تتلائم مع القهر والعنف والإجبار (كما في حالات الهكسوس والمسلمين والشيوعيين)، بل بالاقتناع والدفاع طوعا من (قبل) العبيد عن نظام يقتنعون به، ألا وهو النظام الليبرالي وبالذات الأمريكي!

تعليق:

كم أتمنى أن يمد الله بعمر فوكوياما لأقرأ له كيف يفسر هروب الجنود الأمريكيين من الخدمة في العراق ولجوء الآلاف منهم الى كندا، هذا غير أعداد المنتحرين من الجنود الأمريكيين والتي وصلت أعدادهم ما يقترب من عدد الذين قتلوا في ساحات القتال.. هل يكون هؤلاء الجنود عبيداً قد أفاقوا؟؟


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-06-2009, 08:30 PM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(25)

المصالح القومية

يبدأ فوكوياما ب : القومية ظاهرة حديثة بالنظر الى أنها تحل محل العلاقة بين السيد والعبد، علاقة من الاعتراف المتبادل على أساس المساواة. غير أنها ليست علاقة عقلانية تماما لأنها لا تضفي الاعتراف إلا على الأعضاء في جماعة وطنية أو عرقية معينة. لكنها أكثر شرعية من ناحية ديمقراطية وأكثر مساواة من الملكية الوراثية مثلا، التي تعتبر شعوبا بأكملها جزءا من تركة. من هنا ترتبط الحركات القومية ارتباطا وثيقا بالحركات الديمقراطية منذ الثورة الفرنسية.

غير أن الكرامة التي يسعى القوميون الى نيل الاعتراف بها ليست هي الكرامة الإنسانية العامة بل كرامة جماعتهم وعرقهم، وقد تؤدي المطالبة بمثل هذا النوع من الاعتراف الى صراع مع جماعات أخرى تريد نيل الاعتراف بكرامتها. ولذا فإن القومية بوسعها تماما أن تحل محل الطموح الديني أو طموح الأسر الحاكمة كما حدث في ألمانيا.

(1)

قد تفسد القومية رونق التحضر الليبرالي عندما تطغى عليها النزعة المتعصبة. وهذا ما حدث مع بريطانيا وفرنسا، حيث كان بإمكانهما إقامة إمبراطوريتين شاسعتين من المستعمرات الإفريقية والآسيوية، لكنهما لم تستطيعا المحافظة عليهما (حتى بالعنف والقوة) لغياب الرضا الشعبي، لأنهما ببساطة، اعتبرتا كرامة الهنود والجزائريين والفيتناميين وغيرهم أقل من كرامتهما.

كما أنه وبأعقاب الثورة الفرنسية وظهور القومية، لم يعد باستطاعة ملك أو أمير قيادة جيوش من الفلاحين والعمال المجندين ومن قوميات مختلفة لخوض حرب ضد ملك أو أمير آخر.

كما أن هذه الظاهرة، جعلت إمبراطوريات متعددة القوميات تتجه نحو التفتت، كما حدث مع إمبراطورية (الهابسبورغ) والإمبراطورية (العثمانية).

(2)

ومع التسليم بالقوة الهائلة للقومية على مدى القرنين الماضيين، نرى لزاما أن نضع هذه الظاهرة في منظورها الصحيح. ذلك أنه من الشائع أن ينظر الصحفيون والساسة، بل وحتى العلماء الى القومية وكأنما هي تعكس تعطشا كبيرا وأساسيا في الطبيعة البشرية، وكأن (الأمم ) التي كانت أساسا للقومية هي وحدات اجتماعية خالدة، قدم الدولة أو العائلة.

ويرى عموم الناس أن القومية متى أطلت برأسها صارت تمثل قوة في التاريخ هي من الضخامة بحيث لا يمكن لأية أشكال أخرى من الانتماء، كالدين أو الأيديولوجية، صدها، ومن المقدر لها في النهاية أن تدحر الأعشاب الضعيفة كالشيوعية أو الليبرالية*1

وقد بدا هذا الرأي مؤخرا يظهر في أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفييتي السابق. وقد تغلبت النزعات القومية في جمهوريات يوغسلافيا السابقة والاتحاد السوفييتي السابق على العقائد السياسية والمذهبية، فمعظم دول أوروبا الشرقية والتي سادت فيها العقيدة الشيوعية، وينتمون معظمهم الى المذهب الأرثوذكسي، إلا أن المطالب القومية غلبت كل ذلك.

ونحن نضيف، أنه في العراق ورغم أن الغزاة حاولوا إلصاق الصراع الداخلي وكأنه صراع طائفي، فقد تحالفت القيادات الكردية والتي تنتمي الى المذهب السني مع أعداء العراق من مذاهب مختلفة وقوميات مختلفة على هامش الحراك القومي لا أكثر، ولم تُجر القيادات العربية الشيعية في العراق لمثل ذلك الصراع من نفس المنطلق، فاستعاض الأعداء بأشخاص غير عرب يدعون أنهم كذلك لتأجيج الصراع وصبغه بالطائفي.

(3)

يقول (فوكوياما): أنه لا يجب تضخيم دور القومية، رغم أهميتها، ورغم أن البعض قد توقع لها بعد الحرب الباردة أن تحل محل الصراعات الأيديولوجية، فالقومية (بنظره) ليست لها جذور عميقة جدا في النفس لبشرية*2

هنا، يذهب (فوكوياما) الى أن التكتلات القومية تكون قائمة ما دامت مصالحهم قائمة، وقد زادت أهمية التكتلات القومية عندما ربطت باللغة والثقافة والشخصية العامة لأبناء الدولة/الأمة/القومية.

لكن قبل ذلك، كان ارتباط النبيل الروسي بالنبيل الفرنسي أكثر من ارتباط النبيل الروسي بالفلاح الروسي ، وقد كانت الوحدات السياسية لا تعتني بالقومية، فالإمبراطور شارل الخامس من أسرة (الهابسبورغ) كان يحكم أجزاء من ألمانيا وأسبانيا وهولندا، كما حكم سلاطين العثمانيين الترك والعرب والبربر ومسيحيين أوروبيين في نفس الوقت.

إن الكاتب يريد أن يومئ الى مسألة لها علاقة بالعولمة، فيريد القول إن المؤمنين بالليبرالية في عموم العالم ممكن أن تربطهم روابط فيما بينهم أكثر من التي تربطهم مع شعوبهم، هذا إذا فوض أمر الحكم لهم!

(4)

يربط (فوكوياما) النزوع للقومية مع التخلف، فيقول: إن ألمانيا وإيطاليا وهما الدولتان اللتان تأخرتا عن اللحاق بركب الصناعة، هما من فجرتا الصراعات في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأن الصراع في (إقليم الباسك) الإسباني آت من تخلف أسبانيا عن دول أوروبا المتقدمة، التي لا تعني كثيرا بالقوميات.

وأن ما يحدث في أوروبا الشرقية (يوغسلافيا السابقة والاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا) ومناطق مختلفة من العالم آت من أنها دول متخلفة ولم يكتمل بها التطور الصناعي، وكان الكاتب يتوقع أن تتفجر صراعات على هامش القومية في مناطق كثيرة في آسيا وإفريقيا، ولكنه يستبعد حدوثها في العالم الراقي.

تعليق

عندما حدثت الحرب بين ألمانيا وفرنسا، في عهد (بسمارك) لم يتخلف الماركسيون الألمان ولا الفرنسيون عن الالتحاق بجيوش دولتيهم. كما فعل بالضبط من هم غير الروس في الحرب العالمية الثانية عندما تعاونوا مع هتلر. ففرنسا المتقدمة كروسيا وألمانيا المتخلفة.

كذلك، فإن مشكلة إقليم (كويبك) الكندي (على افتراض أن كندا مع المجتمع الراقي في نظر فوكوياما) لا زالت قائمة، كما هي قائمة مشكلة (ايرلندا) مع بريطانيا (المتقدمة).

ولا ننسى التصويت من البريطانيين والفرنسيين ضد الاندماج مع أوروبا، وهي مطالب يفترض أنها تتماشى مع نظرية (فوكوياما)!



هوامش (من تهميش المؤلف)
*1ـ الكثير من هذه النقاط أورده (أرنست جلنر) في كتابه Nations and Nationalism (إيثاكا، نيويورك، مطبعة جامعة كورنيل 1983).
*2ـ المصدر السابق صفحة 34

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .