العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 24-01-2009, 10:49 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي التشكيل اللغوي العاطفي في ديوان عز الدين المناصرة

التشكيل اللغوي العاطفي في ديوان عز الدين المناصرة

--------------------------------------------------------------------------------

التشكيل اللغوي العاطفي في ديوان عز الدين المناصرة

د. عمر عبد الهادي عتيق


يجسد الفضاء اللغوي مساحة مائزة في ثقافة الحب من خلال استخدام الألفاظ العامية في السياق الوجداني ، ولا يخفى أن الألفاظ تتفاوت في القدرة التعبيرية والثراء الدلالي ، وقد نجد لفظا عاميا يحوي من الشحنات الدلالية والوجدانية ، ويختزل دلالات رمزية ما لا يحويه لفظ فصيح مناظر ، ولهذا فإن التقسيمات الطبقية اللغوية ( عامي - فصيح ) تنهار أمام القدرة التعبيرية والدفقات الشعورية التي يحويها اللفظ بصرف النظر عن المستوى اللغوي للفظ . كما أن معيار فصاحة الألفاظ الذي تواضع عليه اللغويون وخلدته بطون المعاجم ليس المعيار الوحيد في ميدان الاختيارات اللغوية ؛ لأن المحور الأفقي والمحور العمودي للفظ المستخدم يشكلان معيارا آخر . وتتجلى الاختيارات اللغوية التي تجسد اللهجة الفلسطينية في مسارين، الأول : الألفاظ العامية التي لها أصول فصيحة نحو قوله :

أول كلامي
بلادكم عجعجت بالنمل والسجون
بلادنا ربعت خبيزة وبقولا (ج 2 ص 117 )

يشكل لفظا بلادكم وبلادنا ثنائية دلالية ووجدانية ؛ ففي سياق ( بلادكم ) تتجلى الكراهية للقمع والقهر والسجون لذلك اختار الفعل ( عجعجت ) الذي يحوي ثراء دلاليا يتناغم مع سياق الكراهية فالعَجاجُ : " رَعَاعُ النَّاسٍ " والغَوْغاءُ والأَراذِلُ ومَنْ لا خَيْرَ فيه واحدُه عَجَاجَةٌ( تاج العروس : مادة عجج ) . وفي سياق بلادنا يتجلى الحب والخير والأمن لذلك اختار الفعل ( ربعت ) الذي يتناغم مع سياق الحب لوطن الخيرات وللأهل الطيبين ؛ فالفعل يحوي كثافة دلالية تتوزع على مساحة وجدانية للوطن وللأهل ، فهو يحوي دلالة الوطن إذ إن الرَّبْع : المَنزلُ والوطَن متى كان وبأيِّ مكان ، ويدل على خضرة الأرض وخيراتها ، فالرَّبْع : المَوضِعُ يَرْتَبِعونَ فيه في الربيع خاصّةً كالمَرْبَع كَمَقْعَدٍ وهو مَنْزِلُ القومِ في الربيعِ خاصّةً ، ورُبِعَت الأرضُ فهي مَرْبُوعةٌ إذا أصابَها مَطَرُ الربيع . ومُرْبِعَةٌ ومِرْباعٌ : كثيرةُ الرَّبيع . الرَّبيعة : الرَّوْضَة وهو ما يتناغم مع خيرات الأرض ؛ الخبيزة والبقول ، ويدل على الأمن والطمأنينة، فيَرْبَع رَبْعَاً إذا اطمَأَنَّ و رَبَعَ عليهِ رَبْعَاً : عَطَفَ وقيل : رَفَقَ .( تاج العروس ) .
ولنتأمل تناغم دلالة الفعل ( مرمغتك ) مع السياق الدلالي في قوله :
في مسالك كروم العنب الدابوقي الصديق
مرمغتك فوق سرير العشب
وأطعمتك من ثمري ( ج 1 ص 303 )
وقوله:
فلتزحف في هذا الليل الموحش نحو الشطآن الرملية
احضن عشب بحيرات الكسدرة اليومية
مرغ أنحاءك في الرمل السحري اغمس وجهك في الماء
(ج 1 ص 381 )

وقوله في قصيدة جفرا في سهل مجدو:
سأبوسك، بس تيجي، يا عمتنا النخلة
في سهل البطيخ الأشقر
مرمغتك بالرمل الأحمر

فهو يفيد الدلالة المألوفة وهي الحركة والتقلب ،فتَمَرُّغَ الإنْسَانُ : تَقَلَّبَ وتَمَعَّكَ ، ويتقاطع مع دلالة كروم العنب والعشب وسهل البطيخ ،فالمَرْغُ : الرَّوْضَةُ أو هِيَ : الكَثِيرَةُ النَّبَاتِ ، ويتناغم مع إحساس النشوة والخصوبة فتَمَرَّغَ الرَّجُلُ: تَنَزَّهَ ويَتَمَرَّغُ في النَّعِيمِ : يَتَقَلَّبُ فيهِ ( تاج العروس ) .
وفي سياق العشق الأنثوي يقول :
وكان علي دوما أن أغض الطرف ، ألقي بالمواعظ
في سماك أكزكز الأسنان
أغض سوالفي ، أخفي
صباحا نبض دقاتي
لكن يا فتنتي السمراء ، لا تظهر ( ص 423- 424 )

لا يخفى أن الشاعر يعاني من احتقان نفسي مستمد من حافظة الذكريات ،وليس راضيا عن حاله مع فاتنته السمراء ، و يخفي خلاف ما يظهر ... وقد اختزل الفعل ( أكزكز) هذه الخفايا النفسية الوجدانية ، فالكَزُّ : هو الذي لا يَنْبَسِط لكَزازَة والكُزوزَة: اليُبْس والانقِباضُ وكَزَّ الشيءَ يكُزُّ كَزَّاً : ضَيَّقَه ( تاج العروس )، وهذا الثراء الدلالي يسوغ غياب البدائل المناظرة للفعل ( أكزكز ) ، نحو : أصك أسناني أو غيره ....

وقد يُتوهم أن الفعل شاف بمعنى رأى أو نظر لفظ عامي ، ولكن بطون المعاجم تكشف عن أصله الفصيح ، وترصد تقاطعه الدلالي مع السياق في قوله :

قال الثالث : من كرم خليل الرحمن
شفت مزاودهم ترشح ماء بلوريا ( ج 1 ص 78 )
وقوله :
هناك شفت صبية كعود الزان
كريستال مضيء وجهها الصبوح ( ص 73 )
يدل الفعل على الرؤية والنظر فالشَّوْفُ : البَصَرُ ، واشْتَافَ الرَّجُلُ : تَطَاوَلَ ونَظَرَ ، ورَجُلٌ شَوَّافٌ : حَدِيدُ البَصَرِ ، ويفيد معنى الضياء والإشراق الذي يكمن في الماء البلوري الذي يرشح من مزاود أصحاب كروم الخليل والضياء والجمال الذي يكسو وجه الصبية الصبوح ؛ فشُفْتُهُ شَوْفاً : جَلَوْتُهُ ومنه دِينَارٌ مَشُوفٌ : أَي مَجْلُوٌّ، كما أن الفعل (شاف ) يعبر عن الصورة الجمالية للصبية ،فشِيفَتِ الْجَارِيَةُ تُشَافُ : أي زُيِّنَتْ ( تاج العروس ) .
وكذلك الفعل ( بصبص ) في قوله :
أمتص ندى التين ، وأقرأ فصلا من سحر العنب
الدابوقي لسيدة التفاح الكنعاني
كانت من أعلى جبل الأيل تبصبص في ساحتها
في حقل مهجور ( ص 358 )
فلا يمكن أن ينهض الفعل ( تنظر أو تشاهد ...) المناظر للفعل ( تبصبص ) بالقيمة الدلالية والإيحاء الوجداني ، فدلالة الرؤية أو المشاهدة التي يحويها الفعل ( تبصبص ) تختلف عن الدلالة التي يفيدها البديل المناظر لأن الفعل ( تبصبص ) يفيد أن النظرات حادة مفعمة بالحنين والعشق والإعجاب وهي كذلك مركزة ومشعة ومتقطعة فالبَصّاصَةُ : العَيْنُ ، وبصَّ الشيءُ يَبِصُّ بَصِيصاً وبَصّاً : بَرَقَ ولَمَعَ وتَلأْلَأَ. كما أن الفعل ( تبصبص ) يتناغم مع سياق الأشجار والثمار ( العنب والتين والتفاح ) فالبَصْبَاصُ مِنَ الكَلإِ : ما يَبْقَى على عُودٍ وصْبَصَتِ الأَرْضُ إِذا ظَهَرَ مِنْهَا أَوَّلُ ما يَظْهَرُ مِنْ نَبْتِهَا بَصَّصَ الشَّجَرُ إِذا تَفَتَّح للإِيْراقِ وبَصَّصَت البَرَاعِيمُ إِذا تَفَتَّحَت أَكِمَّةُ الرِّيَاضِ ( تاج العروس )

ولنتأمل دلالة الفعلين ( يولع وأتمزع ) في سياق الحنين والشوق للوطن :

ولهذا أجري خلف كرومك في الأسواق
الإيقاع يولع نار الغيرة في قلبي
أتمزع أقساما وفصولا في الدم المهراق ( ص 17 – 18 )
يفيد الفعل ( يولع ) في اللهجة الفلسطينية الإشعال أو إيقاد النار والشوق والحنين وهو ما رصده المعجم ؛فرجُلٌ مُوتَلَعُ القَلْبِ ومُوتَلَهُ القَلْبِ ومُتَّلَعُ القَلْبِ ومُتَّلَهُ القَلْبِ أي : مُنَتْزَعُهُ يُقَالُ : بِفُلانٍ منْ حُبِّ فُلانَةَ الأوْلَعُ والأوْلَقُ وهُوَ : شِبْهُ الجُنُونِ واسْتَعْمَلَتِ العامَّةُ الوَلَعُ بمَعْنَى : الشَّوْقِ والتَّوْلِيعَ بمَعْنَى : إيقادِ النّارِ . وكذلك التَّمْزِيعُ : التَّفْرِيقُ يُقَالُ : مَزَّعَ اللَّحْمَ تَمْزِيعاً فَتَمَزَّعَ أي : فَرَّقَه فتَفَرَّقَ ومن المَجَازِ : هُوَ يَتَمَزَّعُ غَيْظاً أي : يَتَقَطَّعُ( تاج العروس )

وفي سياق عشق الشاعر للعنب رمز الخليل يقول :
ونحن الأعاريب نعشقها كرمة تتجلى غلالتها في المنام
نخبئها في السلاسل بردانة ثم بين فروع النبات
نمزمزها في الصواني
إذا هلّ هذا الصقيع على الكائنات
ونقطفها في ديسمبر
في عيد عيسى عليه السلام، عليه السلام ( ج 1 ص 50 )
يتجلى عشق الشاعر للعنب الخليلي في معرض مقارنة بين الغربيين الذين يحولون العنب خمرا في ليلة الميلاد الباردة الماطرة ، والعرب وبخاصة أهل الخليل الذين يعشقون العنب في كل تجلياته ، حينما يكون عناقيد وزبيبا ودبسا ، واختيار الفعل ( نمزمزها ) دون غيره من الأفعال المناظرة يكشف عن المكانة الاجتماعية والوجدانية للعنب، فالمِزُّ القَدْرُ والمِزُّ الفضل والمعنيان مقتربان وشيءٌ مِزٌّ ومَزِيزٌ وأَمَزُّ أَي فاضل وقد مَزَّ يَمَزُّ مَزازَةً ومَزَّزَه رأَى له فضلاً أَو قَدْراً ومَزَّزَه بذلك الأَمر فضله والمُزُّ والمُزَّةُ والمُزَّاءُ الخمر اللذيذة الطعم ( لسان العرب )
وفي سياق غزله بدوالي العنب يقول :

كانت الدالية
تتلوح مفتونة في فضاء البراري العتيقة ( ص 366 )

تتردد عبارة ( تلولحي يا دالية ) في الأغنية الشعبية الفلسطينية ، ولا تقتصر دلالة الفعل ( تتلوح ) على الحركة والاهتزاز ، وإنما تختزل صفتي البياض الناصع والبريق المتلألئ فالِلَّيَاحُ : الأَبيضُ من كل شَيْءٍ ، وذلك إِذَا بُولِغَ في وَصْفه بالبياض واللِّيَاح الأَبيضُ المتلأْلىء . ( تاج العروس)


الثاني : الألفاظ العامية التي ليس لها أصول فصيحة – فيما أعلم - كالفعل ( يتشعبط ) في قوله :

قالوا: يتشعبط جبلا
من أجل مواجهة ،
دون ذخيرة ( ج 1 ص 46 )
.....
أذكر دالية تتشعبط من نبع
فوق سلاسل مريام ( ج 1 ص 125 )
...
سأتحول إلى دالية تتشعبط أسوار مريام ( ج 1 ص 273 )

وعلى الرغم من الغياب المعجمي للفعل ( تشعبط ) – فيما أعلم – فإن له حضورا مائزا في الوجدان الشعبي الفلسطيني ،و أزعم أن دلالته تختلف عن النظير الفصيح ( تسلق ) ، فالتسلق قد يقتضي وسيلة أو وساطة كالحبل أو السلم وغيرهما ، أما ( التشعبط ) فيكون بأطراف الجسد مباشرة ، إذ يحوي دلالة الالتصاق ، كما يحوي الفعل العامي شحنات وجدانية تجلت في دلالة السطور المختارة ؛ فقد وقع الفعل في سياق تسلق الجبال من أجل المقاومة ومواجهة الأعداء ، وفي هذا السياق تتجلى العلاقة الوجدانية بين الإنسان والوطن ، كما لا تخفى علاقة العشق بين الدالية وسلاسل أو أسوار مريام .
وتتناغم دلالة الفعل ( أتشعلق ) مع الدلالة الوجدانية للفعل ( أتشعبط ) كما في قوله :
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .