قراءة في محاضرة تكوين العقلية الناقدة
قراءة في محاضرة تكوين العقلية الناقدة
المحاضر سلطان العميري وكعادة المحدثين حتى فيما يختص بأحكام الدين نجدهم يستعيرون التسميات والعناوين من كتب وأبحاث الغرب فتسمية العقلية الناقدة تسمية غريبة علينا سماها القرآن الكريم :
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجعلها صفة لكل المسلمين
وأمر الله أن تتواجد طائفة تختص بها في المجتمع والمراد مجموعة من الأفراد في كل بلدة وظيفتها في الأماكن العامة الدعوة إلى الخير وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفى هذا قال تعالى :
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"
وحدثنا العميرى عن تعريف النقد فقال :
"مفهوم العقلية الناقدة
تعلمون أن النقد في اللغة هو معنى واسع يشمل: الفحص والاختبار، في معاجم العربية يقولون: نقد فلان الدراهم يعني فحصها واختبرها حتى يميز صحيحها من رديئها، وهذا يعني أن النقد في اللغة ليس هو الرد وليس هو الإبطال، وإنما هو معنى واسع يشمل تحليلا، الشيء المنقود تحليله وفحصه وإثارة الأسئلة حوله حتى يستطيع الإنسان أن يميز الصحيح من الخاطئ والنفيس من الرديئ ونحو ذلك.
إذا هذا هو معنى النقد الذي نقصده، ليس النقد الذي نقصده هو الرد والإبطال وإنما الفحص والاختبار.
وبناء عليه يكون المراد بالعقلية الناقدة هي العقلية التي لديها القدرة على فحص المقالات وفحص المواقف حتى نتأكد من صحتها ومن خطئها.
ويقصد بها أيضا بتعبير آخر، أن العقلية الناقدة هي: إدراك كيفية بناء الأفكار بطريقة صحيحة، وإدراك أيضا طريقة فحص الأفكار المخالفة لفكرتي ولموقفي بطريقة صحيحة، هذا هو المراد بالعقلية النقدية من طريق آخر."
الرجل هنا ابتعد بنا عن المعنى المعروف للنقد وهو بيان المحاسن ودحض المساوىء وقد قصرنا معه على معنى البناء الفكرى فقال :
"إذا، محاضرتنا والتي هي "تكوين العقلية الناقدة" تجيب على سؤال هو: كيف أتعامل مع الأفكار بشكل صحيح؟ كيف أستطيع أن أكون رؤية أو منطومة أستطيع أن أنزلها على الأفكار التي أعيشها من حولي وفي حياتي؟ وأيضا سؤال آخر ملح: كيف أبني موقفا مقنعا للآخرين، يؤسس القناعة عند الآخرين؟
لأن في كثير من المواقف يرد الحق لا لأن الراد لا يريد الحق وإنما لأن صاحب الحق ما استطاع أن يبنيه بصورة صحيحة تؤسس القناعة عند المستمع أو عند القارئ."
وبالقطع هذا الكلام هو خروج عن المعنى الحقيقى للنقد إلى معنى أخر ليس للمسلم أن يفكر فيه لأنه يضع نفسه مكان الشارع وهو الله فالبانى الفكرى الوحيد هو الله
فمن يحاول إيجاد ما يسمى بالبناء الفكرى أو المنظومة الفكرية أو غير هذا يتعدى حدوده لأنه لا يعلم بالخلق ولذا كان البانى الوحيد هو الله لعلمه بما خلق كما قال :
" ألا يعلم من خلق"
وأخبرنا العميرى أن الناقد يحتاج لبناء فكرة مقنع مكون من مجالين :
"إذا صاحب الحق يحتاج إلى تكوين العقلية الناقدة في مجالين:
المجال الأول: هو أن يبني أفكاره بصورة مقنعة للآخرين بحيث يقتنع الناس بالحق.
المجال الثاني: أن يبني مواقفه - النقدية - من الآخرين أيضا يبنيها بصورة تحدث القناعة عند المشاهدين والمستمعين ونحو ذلك."
وهذا الكلام لا يسمى بناء فكريا ولا منظومة فكرية وإنما يسمى ترتيب الكلام على خطوات للاقناع
وحدثنا عن فوائد العقلية الناقدة فقال :
"أهمية العقلية الناقدة:
هل نحن في حاجة إلى العقلية الناقدة والبحث حولها والتدارس حولها أم لا؟
في تصوري أن هناك عدة معطيات تبين لنا أننا فعلا في حاجة ملحة وماسة لتكوين هذه العقلية حتى نتجاوز الكثير من الإشكاليات الموجودة.
المعطى الأول: حتمية المخالفة.
لا يمكن للناس أن يتفقوا على قول واحد، وبناء عليه: المقتضى الضروري لهذه المعلومة هو أن الخلاف موجود بالضرورة بين الناس، فإذا كان الخلاف موجود بالضرورة بين الناس هذا يقتضي بالضرورة أن الإنسان سيتخذ مواقف من الآخرين المخالفين له، فإذا كانت هذه الضرورات كلها المتراكمة والمترابطة موجودة إذا هذا يستوجب على الإنسان أن يكون عنده وعي بالطريقة التي يبني بها المواقف الناضجة والصحيحة.
إذا العقلية الناقدة بناء على حتمية المخالف: تؤسس عندنا أو تساعدنا على الوفاء بالواجبات المعرفية، لأن تأسيس الموقف الرشيد من المخالف لك - بحيث يكون موقف ناضج ومعتدل وصحيح ومقنع - واجب شرعا وواجب معرفيا، يعني هو واجب من حيث الشريعة يعني لكي لا تنتقص الآخرين وواجب أيضا معرفيا لأن الآخرين حين تنقضهم لا يمكن أن يقبلوا قولك إلا إذا كان قولا أو موقفا أو نقدا مقنعا، إذا العقلية النقدية تؤسس عند الإنسان مهارة للوفاء بالواجبات المعرفية التي تتطلبها ضرورة وجود الخلاف."
كلام العميرى هنا مبنى على فهم خاطىء لأن الناس ينقسمون حسب الوحى إلى نوعين :
الأول المتفق المتحد وهو من على دينك ولذا قال تعالى :
" وأن هذه أمتكم أمة واحدة"
ولذا لا يوجد خلاف أو نزاع بين المسلمين في الأحكام لقوله تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
فالله حكمه هو الذى يوجد المسلمين ومن ثم لا يوجد خلاف بينهم كما هو معروف في المذاهب
الثانى المخالف له وهو من على دين أخر والأمر كما قال العميرى حتمية وجوده بناء على قوله تعالى :
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم"
وتحدث عن اختلافات المعارف والمواقف فقال :
"المعطى الثاني: أن الواقع يتمتع بتنوعات هائلة من المعارف وباختلافات واسعة من المواقف.
هذه التنوعات وهذه الاختلافات توجب على الإنسان أن يحرص على تكوين العقلية الناقدة عنده، لماذا؟ حتى يخرج من التفكير الإسفنجي.
التفكير الاسفنجي: هو التفكير الذي لا يستطيع أن يميز الإنسان فيه بين الأفكار الصحيحة والباطلة، هو مثل الاسفنجة يتقبل أي فكرة، هذا التفكير خطير جدا في حالة التنوع المعرفي الموجود، كيف يستطيع الإنسان أن يخرج بموقف رشيد من حالة التنوع الموجود؟ لا يستطيع، وأحد الأسباب التي تأسس له الخروج بموقف ناضج هو أن يكون العقلية الناقدة."
في الإسلام لا يوجد تفكير ناقد وتفكير اسفنجى او تفكير سطحى فكل هذا التعبيرات خارج نطاق الإسلام وهو نتاج تصديق العلوم الغربية فما دام الفكر هو المطلوب كما قال تعالى :
"أفلا تتفكرون"
فهذا معناه أنه لا يوجد سوى الفكر بمعنى الحق أى الصحيح فلا يوجد فكر خاطىء وفى مقابله يوجد هوى النفس أو الجهل
وما سماه اسفنجيا هنا هو جهل لأن صاحبه جمع من هناك وهناك ولم يفكر
|