العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 12-02-2010, 08:51 AM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي واقعية الحلم ومنطقية الشك في قصيدة أحمد بخيت ثلاثون عامًا

يعد الواقع السياسي وإفرازاته الثقافية والفكرية منطقة ملتهبة تحوم حولها العديد من كتابات المبدعين شعرًا ونثرًا ،ذلك لأن الإبداع لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن واقع الإنسان والذي تعد الأحداث السياسية جزءًا لا يتجزأ من مكوناته.

والمبدع إذ يتناول هذا الواقع فإنه يصبغه بصبغته التي يتلاقى فيها الفكر مع اللغة مع الرؤيا في ثلاثية متمازجة متماسكة تبلور هذا الطرح الذي يطرحه المبدع من وراء قصيدته، وذلك في إطار يحفظ للمبدع خصوصيته وأدوات تفرده المختلفة ويحفظ للتجربة خلودها واستمراريتها وعمومية الحالة.

وعبر مسيرة الشعر التي لا تنتهي اتخذ المبدعون ألوانًا ومواقف وأفكارًا ورؤى شتى حيال هذا الواقع ، فمن الرمزية إلى المباشرة ومن الانسحابية إلى الاندفاع تدرجت توجهات العديد من المبدعين شعرًا ونثرًا.

والمبدع حين يقدم رؤيته للواقع السياسي ، فإنه يفترض فيه الأمانة ونقل العالم كما يراه لا كما تمليه عليه توجهات الرأي العام ولا دوائر متخذي القرار.

وعبر حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين اتسم الخطاب السياسي العربي بالعديد من الأفكار والرؤى والتي ترجمها الشعر في تعبير عن تشربه لثقافة وروح هذا العصر ومعطياته. وإذا كان خطاب هذه الحقبة التاريخية ملتهبًا معبرًا عن تطلعات الجماهير العربية الغفيرة التي كانت تتوق إلى رؤية الإمبراطورية العربية محكومة بمبادئ القومية العربية ، فإن الشعر كذلك قد مسته نفحات هذا الخطاب السياسي والذي اتخذ من أحلام الاستقلال وحقوق الطبقة الكادحة ،وحتمية الانتصار عناوين له.

وكان شعر هذه الحقبة –في كثير من الأحيان- متوحدًا مع هذه التوجهات التي جسدتها القصائد العصماء الممتلئة بالأمل حتى النخاع ،وهو وإن كان أملاً له ما يبرره على صعيد الحشد الإعلامي إلا أنه لم يكن له ما يبرره على أرض الواقع .

لذلك لم يكن غريبًا أن يقع العديد من الشعراء في موجة التطبيل الأعمى للفجر الجديد الآتي على أظهر الدبابات والانقلابات العسكرية المتباينة ، ولم يتنبهوا إلى حقيقة هذا الفخ إلا بعد نكسة الخامس من يونيو عام 1967 لينتحي الخطاب الشعري منحى آخر على النقيض تمامًا ، منحى لا يتمكن من تحليل ما جرى ،ولا ربطه بطبيعة السياسات القائمة على التمجيد للبطل الواحد والقائد الملهم.. وإن تمكن فإنه في كثير من الأحيان لم يكن ليجرؤ على البوح به أو مجادلة الواقع السياسي وطرح أفكار ورؤى بديلة ، وهو ما يكرس الطبيعة العربية التقليدية والتي تنساق بعنف تجاه مجريات الأحداث دون أن تتمكن من استجلاء أسباب ومقومات نجاح أو فشل التجربة.

لكن الموازين الفكرية وانعكاساتها الإبداعية تغيرت بدرجة كبيرة بعد معاهدة كامب ديفيد ، ليظهر على الساحة الثقافية كم لا بأس به من المثقفين الذين حاولوا التعبير عما يرونه (واقعيةسياسية) من خلال الالتفاف حول الأجندة السياسية الأميريكية بالمنطقة والتي رأى هؤلاء المثقفون من خلالها –بما يتناسب مع هذه الطروحات الغربية- في كل مشروع نضال مسلح صورة من الخطاب السياسي القديم دون النظر إلى التغيرات الزمنية الطارئة ودورها في تشكيل وإعادة صياغة مشروع نضالي مسلح يتسم بالواقعية والاعتدال يجمع بين الواقعية الفكرية والسياسية من جهة وتطلعات الشارع العربي وإمكانياته من جهة أخرى.

وبين توجهات المثقفين السائرين في فلك التوجهات الأميريكية وبين الخطاب الشعري المنهزم تسطع أنوار مجموعة من المثقفين والتي اتخذت موقفًا وسطًا ومتزنًا بين الجانبين ، موقفًا يؤمن بحتمية النصر وضرورة المقاومة ويؤمن في الوقت ذاته بأن الحالة التي يعيشها الشارع العربي لا تحتاج إلى خطابات سياسية رنانة ولكن تحتاج إلى توعية بدور المواطن وما له من حقوق وما عليه من واجبات.

وهذا الموقف الوسطي الذي انتهجه العديد من المبدعين الذين عبروا عن تطلعات الشعوب العربية التي خرجوا منها اتسم كذلك بالصدق واللامهادنة للأنظمة كما كان انتقاد المجتمع العربي بشكل موضوعي يهدف إلى إفاقته وإيقاظ الوعي السياسي وتنبيه المجتمع إلى ما يعتمل فيه من سلبيات أحد محاور هذا الخطاب الشعري والذي لم يكن ليتغاضى عن اتهام المجتمعات والشعوب العربية صراحة أو ضمنًا .ذلك الاتهام الذي ينبع من خوف الشاعر علىى المصلحة الجماعية للشعب العربي وحتى الإسلامي والتي يخاف عليها من عواقب التخدير والتحويم في آفاق من التفاؤل غير العقلاني.

هذا الموقف الوسطي المطلوب لكل مثقف واعٍ يحمل أمانة القلم ويؤمن بدوره تجاه هذا الشعب العربي وكذلك الإسلامي كرسه الشاعر المصري أحمد بخيت في قصيدته ثلاثون عامًا
.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-02-2010, 08:53 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي تفضلوا شاركونا

والذي يقرأ هذه القصيدة من الممكن أن تستوقفه هذه الحالة من التوازن بين الأمل والذي كان له في الواقع ما يبرره من ناحية وبين الشك الذي كان له ما يبرره كذلك في هذا الواقع ، لذلك لم نجد خطابه الشعري مليئًا بعبارات الأمل والنشوة غير المحدودتين وإنما كانت هناك منطقة فاصلة بين المشاعر العقلانية والأخرى غير العقلانية ممثلة في كل من الأداة قد والتي تفيد الاحتمالية ، والفعل يخيّل، والذي يحمل درجة من الشك تتراوح بين الحقيقة والخيال .

لقد نضجت نار طباخهم
ولن يحضر الطيبون العشاء

يخيل لي أن أختي الحياة
تتبل بالسم هذا الشـــــــواء

وكذلك في البيتين :

تناجى الغريبان كيف العراق؟
عصيّ على الموت والانحناء

مدين بحصته في العذاب
وقد يحسن المستدين الوفاء


والملاحظ في هذه القصيدة هو أن الشاعر وقف على أعتاب مرحلة هامة من الصراع في العراق والتي أكسبته معطياتها القدرة على التنبؤ بالوضع بالدرجة التي يقف فيها موقع الحذر ،ولأنه ليس في الشعر قيمة مطلقة،فإن الشاعر يعطي مساحة لاحتمالية الخوف رغم أنه يرى الواقع الذي هو فيه مطمئنًا بشكل أو آخر إلا أن الحذر ينبع من كون الشاعر واضعًا العديد من السيناريوهات المحتملة في الاعتبار والتي من الممكن أن تحدِث له مفاجأة غير سارة.

وليس من عجز يلجأ شاعرنا لاستخدام الأداة قد ، والفعل يخيل ، ولكن إيمانه بأن الشاعر عليه أن يوقظ روح الإحساس بالخطر جنبًا إلى جنب مع التفاؤل بالغد –من خلال الواقع المعاش- هو الذي يدفعه إلى ذلك.

ولعل المشهد العراقي الحالي فيه الكثير من الغموض والذي يجعل الشاعر يتريث قبل إصداره أحكامًا كلية مطلقة،فالصراع الطائفي من ناحية ، وصراع الطوائف المسلحة وانحراف بعض الحركات المقاومة من ناحية أخرى كلها عوامل من شأنها أن تجعل التنبؤ بالمستقبل أمرًا يحتاج إلى الحذر بما يستوجب استخدام الفعل يخيّل والأداة قد.

والشاعر لا يفعل ذلك إخلاء لمسؤليته الأخلاقية أمام الشعوب والقراء وإنما استفادة من الخطابات الشعرية الماضية والتي أثبت الزمن هشاشتها الفكرية لذلك يلتزم موقفًا وسطيًا لا يبلغ به الخوف حد الهلع ولا الثقة حد الغرور .

إن الشاعر هو وليد مجتمعه وخلاصة تجارب من حوله ، وليس بصاحب الخطابات المنبرية التي يهتف من ورائها إلى تصفيق الجمهور واستحسان الصحافة .وهذا االاستخدام الواعي للشك في مقابل الحلم الذي لا ينفيه يرسل من خلاله خطابًا إلى الشعراء لاسيماالناشئة منهم مفاده أن الجريمة الأشنع التي يرتكبها المبدع يومًا ما هي الاجتراء على التنبؤ وإعطاء الأحكام المطلقة في عالم لا يتمكن فيه أعتى العباقرة بذلك.

كذلك كان تعليل هذا التفاؤل مقبولاً ،فالتحدي والإرادة وقوة الاحتمال والتعامل مع شظف الحياة هي سمة المواطن العراقي البطل في مثل هذه المواقف فهو كما يصف الشاعر :

من الصخر يطحن بعض الدقيق
ويصنع من غيمتين الحساء

ويسقي الصغار حليب النجوم
يطيبهم بحبوب الدعـــــاء

على نغمات سقوط القنابــــــــــل
يضبط إيقاعه في الغنــــاء

ويشعل فانوس آلامـــــــــــــــــه
ويرفع عن قاتليه الغطــــاء

وهذه السمات كلها تتخذ من الفعل المضارع أداة انطلاق كتائب الأمل والتفاؤل ، فالأفعال المضارعة لم تكن مسبوقة بأداة نهي ولا نفي ولا جزم ولا بفعل ناسخ (كان)وذلك يعد مبررًا مقبولاً لهذا التفاؤل المنطقي والذي ابتدأ مع مرور الظباء في أول القصيدة ثم ركضها حتى شهود الفناء وتقدير الجملة هنا شهود الاحتلال الفناء ذلك الفاعل الذي حذفه ربما لدناءته وربما ليثبت أن زواله أمر حتمي لا يستوجب مجرد ذكر اسمه.وتستمر الأفعال المضارعة التي يرصد المبدع العزيز حركتها وكأنها حاضرة أمامه ليستخرج خلاصة التجربة وللقارئ حرية مجادلتها أو تصديقها ، لذلك فالعراق \الظباء تقوم بالتتبيل وكأن دخانًا ما يغطي ويحجب الرؤية أمامه فيلزمه بذكر الفعل يخيل ،وهذا التتبيل بطبيعة الحال هو شروع العراقي في مقاومة الاحتلال الأنجلو أميريكي.وهذه الأفعال المضارعة التي انتشرت في القصيدة بشكل واضح في إطار سرد المشهد والتنبؤ بالتجربة النضالية كانت ركيزة أساسية في هذه القصيدة الرائعة والتي سارت فيها الأفعال المضارعة وكأنها خط الدفاع الأول ضد انهزامية الماضي وتنازلات المستقبل المستترة بشعار الواقعية السياسية .لذلك نجده قد التقط مشهدًا هامًا يعبر عن هذه المقابلة في إدراك الواقغ:

كعادتنا لا نطيل الوداع
لنشعر أنا نطيل اللقاء

فالعراقي أصبحت عادته هي البحث عن الحلول والسبل الموصلة للقاء بهذا اليوم المنتظر يوم التحرير والاستقلال ،لهذا صارت إطالة الوداع والعناق والدموع المصاحبة لها في إطار الماضي الذي جاء رغم صيغته المضارعة شيئًا منفيًا بالمقابلة الممثلة في الجملة (نطيل اللقاء).

ونجد شاعرنا قد أظهر هذه الأداة قد في قوله (وقد يحسن المستدين الوفاء) لأنه يؤمن بأن الحرف قد المفيد للتوكيد في الماضي والاحتمالية في المضارع هو الحرف الأكثر دقة في تنبؤ هذا الوضع .ونلاحظ أنه تحدث على لسان الأعادي والذين دار بينهما هذا الحوار :

تناجى الغريبان كيف العراق
عصي على الموت والانحناء

مدين بحصته في العذاب
وقد يحسن المستدين الوفاء

ففي الشطرة الثانية من البيت الثاني(وقد يحسن المستدين الوفاء) انفصل هو بضميره عن المتحدث الذي كان يتكلم على لسانه وهو الاحتلال الذي يقول عن العراق مدين بحصته في العذاب والذي يعترف كذلك باستعصائه على الموت والانحناء .لماذا يخبتئ بعض الشك خلف هذه الغابة من الاعترافات بقوته من قِبل الخصوم ؟

السبب هو أن المبدع لا يصل إلى نتيجة مطلقة،فالحلم لديه لا يعني أنه متحقق على شاكلة (كن فيكون) ولكنه مخاض عسير يستغرق الوقت الطويل مما يستدعي احتمالية التأجيل وليس الانعدام وكذلك لأن المبدع يرى أن إحسان المستدين في رد الوفاء ليس مجرد عمليات تسقط كل يوم عشرات من الجنود الأعداء فحسب وإنما هو الجلاء التام عن الأرض ،وانعدام السيطرة من خلف أستار المسرح السياسي.

باختصار :إن الشاعر لا يرى أنه يمكن تسمية الانسحاب استقلالاً ما دام للمحتل وجود معنوي أو واقعي غير مادي على السطح وإنما متخف في العمق كما حدث مع الاحتلال الإنجليزي لمصر يوم أن استقل عنها في سنة 1923 ولكنه بعد الانسحاب واصل تحكماته وسيطراته غير المباشرة ليفعل بالسلم ما لم يفعله بالحرب .

وتستمر هذه الكتبية من الأفعال المضارعة يطحن ، يصنع،يسقي،يطيب ،يضبط ،يشعل ،يرفع وكان تواليها في هذا العدد القليل من الأبيات وبهذه الكيفية من التتابع معبرًا عن التجدد الذي يصيب الفعل ،فهو ليس متكررًا فحسب ، وإنما هو متجدد .والأفعال المضارعة استُخدمت في إطار من التكامل ،فالاستقلال ليس مجرد أفعال (يقتل –يسبي-يذيق ....إلخ) كما هو دارج في الخطاب الشعري الماضي وإنما كانت الأفعال تفيد حالة من التعاون والأخذ بأسباب النجاح المادي والمعنوي ، والمتأمل في هذه الأبيات لا سيما البيت :

ويسقي الصغار حليب النجوم
يطيبهم بحبوب الدعاء

يجد أن الواقع التربوي لم يغب عن مخيلته ، ويطول الشرح في هذه الجزئية التي تتعلق بمستقبل الأمم القائم على التنشئة والقيم الأصيلة التي لا غنى عنها لأي مجتمع يبحث عن ضالته في ركام تغيرات الزمن.


__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-02-2010, 08:54 AM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
Cool ما رأيكم ؟

وإذا كانت أداة وفعل الاحتمال من جهة والفعل المضارع من جهة أخرى أحد أبرز محاور هذه القصيدة ، فمن جهة ثالثة نجد أن حرف السين المفيد للاستقبالية أدى دورًا واضحًا في التدليل على هذه الواقعية في الحلم والمنطقية في الشك.

فالأشعار التي ملأت ساحة الخمسينيات والستينيات كانت أشعار السوسوة إذا صح اللفظ أو التسويف ، كانت مقترنة بالأداة سوف ، أو السين المفيدة للاستقبال على نحو مزعج وغير مفيد كما نجد في الجملة المعتادة"سنحرق إسرائيل" ،"سوف نلقي بإسرائيل في البحر " وغيرها من الجمل التي عبر عنها شعراء هذه الحقبة الذين اتضح لهم فيما بعد خيالية هذه التصورات .

عبر هذه القصيدة التي بلغت ثلاثين بيتًا ، كل بيت منها بسنة، نجد أن هناك ثلاثة أفعال تفيد التسويف فقط "سينهمر،ستركض،سأزرع" وذلك في الأبيات:

سينهمر المسك يا صاحبي

فقل للينابيع إن الظـــــــــباء

ستركض حتى فناء الشهود

ونركض حتى شهود الفناء

ثم البيت الذي لم يتصل بما سبقه :

سأزرع في كل شبر عراقًا

يرحـــــب بالأهل والأصدقاء

إن الشاعر متمسك بالأمل ومؤمن بوجود المستقبل المشرق بإذن الله لذلك أضاف سين الاستقبال وهي التي تأتي للمضارع سأفعل كذا وكذا.

وهنا نجد هذه الأبيات بها توكيد على المستقبل القادم لكن الشاعر لم يسرف في استخدامها ليسوسو ويسوّف حتى يبدو كطفل يتوعد النمر بالقتل والتمزيق !!

هذه المحور الثالث يدل على التوازن في الرؤيا التي وإن كانت آملة إلا أنها ليست خيالية حالمة في عصر لم يعد فيه للأحلام المثالية ولا العبارات المثالية وجود.

والملاحظ على الأفعال ينهمر ،تركض،أزرع أنها أفعال تعبر عن الحيوية والنشاط ، فالمسك سينهمر وهو النصر الذي يستخرج من الظباء أي أن الشعوب هي تلكم الظباء التي سيأتي المسك\النصر منها وتعمد التسويف وذكر كلمة سينهمر لإيمانه بأن الوقت لم يحن بعد أو أن النضال لم يكن بالشكل الذي يمكن معه القول بأن المسك بدأ ينهمر وأن الظباء بدأت تركض. وهذه الظباء ستركض والركض هنا ليس ركضًا هروبيًا وإنما هو ركض هجومي ؛لأن تلكم الظباء لا تركض إلا لتغرر بالذئاب حتى تسقط في الفخاخ التي نصبتها لها بجمالها ومنظرها البراق لنرى فعل الظبي بالذئب مع الاعتذار للشاعر القائل(فعل الظبي بالأسد)

ونرى أن الشاعر ذكر الركض الذي يستمرحتى شهود الفناء فناء الاحتلال ولم يذكره صراحة لفجاجته . والدليل على طبيعة هذا الركض نجده في الجملة (تتبل بالسم هذا الشواء) مما يجعل الظباء حية أو ميتة أداة مقاومة إما بالتغرير بالعدو وإما بالاستشهاد.

لم نجد شاعرنا يقول إننا أمسينا على موائداللئام وإنما نجد الموائد مسمومة ليكون احتمال الهلاك للاحتلال متأكدًا في كل مرحلة من مراحل النضال والذي يصبح حقيقة عند البيت :

سأزرع في كل شبر عراقًا

يرحب بالأهل والأصدقاء

ليأتي الاستقلال باديًا في أروع أشكاله ،تلك النخلة التي هي رمز للعراق عبر امتداد الزمن والتي لم تشتهر بشيء اشتهارها بها ، وإن كان هذا لا يعفي من المساءلة للشاعر عن التقريرية في هذه الجملة وغيرها من العبارات التي وردت كأنها لإكمال النقص في الوزن أو القافية.

وبعد أيها القارئ ، فها أنت ذا تطلع على درة من فرائد الشعر العربي ،وقد سطعت براهينها على هذا المنحى السليم الذي ينحوه الشاعر إذ لا يقف في صف المتخاذلين المستسلمين ولا صف الحالمين المخدرين بحلم المد العربي ، وإنما هوشاعر يؤمن بدور الشعر في معركة النضال وسمو رسالته.
ومن هنا يمكنكم سماع القصيدة مكتملة

http://www.youtube.com/watch?v=vO7P9TMK2bM
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .