يوم المرأة العالمي

[صفاء العشري]

في 1857 خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة. وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار “خبز وورود”. طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف، رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909. وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تم تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة. غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبةإلا سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.
عيد المرأة اليوم هو عطلة رسمية في أفغانستان، أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، وبوركينا فاسو، كمبوديا، الصين (للنساء فقط)، وكوبا، وجورجيا، وغينيا بيساو، وإريتريا، وكازاخستان، وقيرغيزستان ولاوس ومدغشقر (للنساء فقط)، ومولدوفا، ومنغوليا، والجبل الأسود، ونيبال (للنساء فقط) وروسيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوغندا وأوكرانيا وأوزبكستان وفيتنام وزامبيا. من التقاليد المتبعة في هذا اليوم أن يقوم الرجال بتكريم أمهاتهم وزوجاتهم وصديقاتهم وزميلاتهم الخ ويقدمون لهن الزهور والهدايا الصغيرة. وفي بعض البلدان يتعاملون مع عيد المرأة كعيد الأم حيث يكرم الأطفال أمهاتهم وجداتهم.
ولكن وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة ومن حصولها على الكثير من حقوقها ، إلا أن المؤسف أن النساء حتى في الغرب عموما وفي أمريكا أيضا لا يزلن يعانين من عدم المساواة في الأجر ، ولا تزال مشاركتهن في الحياة السياسية والأعمال أقل من الرجل. كذلك لا يزال تعليم المرأة والعناية بصحتها وتعرضها للعنف على المستوى العالمي مدعاة للقلق ودافعا للتذكير المستمر بضرورة مواصلة النضال من أجل تحسين ظروف حياتها وحصولها على المساواة الكاملة مع الرجل.