بسم الله الرحمن الرحيم
ما يحدث من الصعب تفسيره على أنه فقر وغنى أو وعي وغيرة وإن كان هذا جزء لا يتجزأ من القضية .. في تصوري الشخصي المتواضع أن القضية قضية إرادات ومصالح .
فإرادة تغيير المجتمع لمجتمع واع ٍ ناهض يتمكن من اللحاق بركب التقدم لا تقوم بدون مشاريع وأفكار علمية حقيقية ..
فلنبدأ بمصر .. إذا كانت القضية قضية فقر أو غنى فلنا أن نسأل ومن أين كل الأموال المنفقة على المشاريع المتعلقة بتحديد النسل والقضاء على ختان الإناث ؟ إما أن تكون من أموال المعونة الأميريكية أو من مدخرات الدولة . ومن أين الإنفاق على مشروعي القراءة للجميع ومشروع محو الأمية والذي من خلاله- محو الأمية- يحصل الفرد على مئة جنيه على تعليم كل أميٍّ شهريًا ؟(وغالبًا يتعدى طلاب الفصل عشرين طالبًا)
القضية في رأيي مشكلة أولويات .. حتى هذه المشاريع التي ذكرتها نفذت بطريقة فيها الكثير من الأخطاء والأهداف الشكلية والمصالح الشخصية المتناثرة فصارت المحصلة أقرب إلى السلبية .. نعم انخفضت نسبة الأمية إلى ما يقارب 25% بعد أن كانت قبل ذلك 34% لكن نسبة المتسربين من التعليم تكاد تصل إلى 9% ..
والمشروع الذي لا يقوم على تنمية المواطنين فمصيره إلى صناديق القمامة(إن قبلت هي ذلك)
وبالتالي نجد المشاريع تستهدف تحسين الصورة العالمية والتي كثيرًا ما تهتز بسبب أحداث كثيرة داخلية هنا وهناك لا داعي للحديث عنها .
بالمقابل كان إنشاء الأبراج السكنية والعمائر والمنتزهات بغرض جلب الاستثمارات الخارجية من ناحية وتحسين العلاقات مع دول الجوار العسكري من ناحية أخرى شيئًا مذهلاً . سل نفسك مثلاً : لماذا رفضت مصر إقامة المشروع المتعلق بالجسر بين مصر والسعودية رغم أن مصر لم ولن تنفق فيه مليمًا واحدًا ؟ أنا أفسر الأمر - من رأيي الشخصي- أن العلاقات بين شركات النقل والسياحة من جهة والحكومة من جهة أخرى تلعب دورًا في التأثير على اتخاذ القرار .
ففي تقرير المجلس العالمي للسياحة للعام 2007 تبين أن دخل الدولة في مصر من السياحة وحدها سيصل 21.4 بليون دولار أي بزيادة 7.9% ومن المتوقع أن تصل إيرادات السياحة في مصر إلى 37.6 بليون دولار بحلول عام 2017 وتوفر صناعة السياحة في مصر 2.816.218 فرصة عمل أي بنسبة 13.7 % من جملة العمالة في مصر
http://www.sudaneseonline.com/ar/article_14581.shtml
إذا كانت الحجة التكلفة .. فالسعودية تتحملها . وإذا كانت المسافة .. فقد قصرت.
مصلحة الحكومة المصرية في تكوين علاقات أشد مع دولة الجوار العسكري الصهوينية أهم بكثير من تحسين روابط الصلة بين مصر والسعودية شعبًا وحكومة .
ومن طرف خفي لزيادة جلب الاستثمار الخليجي لمصر نلحظ مشروعات إقامة الجامعات الخاصة كجامعة السادس من أكتوبر وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا والتي جعلت منطقة السادس من أكتوبر في الجيزة (مملكة خليجية - شامية) بينما فيها أقلية أو جالية مصرية.
بالمقابل نجد أن السعودية قد أقامت مشروع عبد الله بن عبد العزيز للحاسب الآلي منذ خمس سنوات تقريبًا وبادرت بمبادرة بناء الجسر وبدأت تشعر بالاستقلالية الأيديولوجية بعد زيارة الملك عبد الله لروسيا منذ خمسة سنوات لأول مرة منذ سبعين عامًا ثم محاولة عمل عملة خليجية موحدة وهذا إذا أثر على علاقة السعودية بأمريكا فسيؤثر بطبيعة الحال على علاقة السعودية بمصر.
الذي يخافه المصريون متخذو القرار هو أن تكون هذه الجامعة على أرضها قاعدة لإطلاق صواريخ الفكر الحديث في التعليم وطرق التدريس وبطبيعة الحال يتعدى الأمر ذلك إلى ميزانية البحث العلمي وحقوق المواطن ... وهو المطلوب استبعاده.
لو قدر لهذه الجامعة أن توجد في مصر فإنها بذلك ستظهر بشكل أكبر أوجه القصور في النظام التعليمي والإداري وقد يتعدى الأمر ذلك إلى مطالبة جادة بالتغيير.
محمد عليّ لما قام بإرسال البعثات إلى أوروبا 1813 لاحظ أن بعضها عاد بأفكار تنادي بعكس ما نادى به هو وحرص عليه وبالتالي قام من بعده بإخماد هذا الأمر والقضاء عليه نهائيًا.
الصورة تتكرر بحذافيرها .
المشكلة أن الجامعة ستحمل أفكار أحمد زويل وليس مجرد اسمه..
ومن ها هنا تكمن المشكلة