العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 21-11-2006, 07:26 AM   #81
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي




أنشودة الرياح






-1-

أيها السادرون
ما الذي تنشدون ؟
ملء هذا المدى
في الدجى حالمون
كم رسمتم منى
أطفاتها القرون
وأغانيكمو
كم طواها السكون
***

تذرعون الذرى
تقطعون القفار
تحت سمع الدجى
وعيون النهار
تطعمون الرؤى
بالدموع الغزار
إن دون المنى
ألف ألف ستار
***

وأمانيكمو
طيف حبّ نفور
أتظّنونها
في زوايا القصور؟
دونكم فابحثوا
في حرير السّتور
وأنا للمدى
كل عمري مرور

-2-

كلّ عمري سرى
في الوجود الجميل
في الصباح الندي
والظلام الثقيل
فوق سرو الذرى
فوق حقل النخيل
أنا أمضي أنا
كلّ عمري رحيل
***

وشهدت هنا ألف
ألف جيل وجيل
ولدوا وانطوو في
التراب المهيل
ضحكوا أو بكوا
في الضحى والأصيل
ما لهم مهرب
من رقاد طويل
***

وسمعت هنا
كلّ جيل يقول:
"في يدي منبع
خالد لا يزول"
وأناشيدهم
قد طواها الذبول
ومبانيهمو
جرفتها السّيول
***

أقبلي أقبلي
يا فتاة النشيد
وابحثي بينهم
عن فؤاد سعيد
كلّ يوم لنا
منك حلم جديد
وأنا ما أنا
غير سير أبيد
***

-3-

طال تجوالها
في الفجاج الفساح
في مرور الدجى
وانطواء الصباح
في تلاشي الندى
وضياع الرياح
إن أحلامه
ا ملّكتها جناح
كلما ضيعت
في الدياجي رجاء
فتّحت قلبها
للشذى والضياء
إن في روحها
ودماها نداء
لإرتقاء الذرى
وبلوغ السماء
يا فتاة الرؤى
ما أحبّ الوصول
حين يمضي الأسى
والضباب يزول
غير أن السّرى
في جديب طلول
والمدى شاسع
والديار محول
ما وجدت المنى
في حمى الرهبان
عالم مغلق
قاتم الجدران
وأطلّ على
طرفك الحيران
شاطىء أخضر
مبرق الغدران
إنّه شاطىء
غامض لا يبين
واعد بالسّنا
كلّ قلب حزين
وهبطت إلى
ارضه تبحثين
أسفا إنّه
شاطيء العابثين
-4-

إنبسط يا مدى
واختفي يا حدود
إن أقدامها
شردت في الوجود
كّلما صّعدت
في الذرى والنجود
قابلتها ذرى
ومضت في صعود
***

إنها رحلة
في طريق الحياة
بحثت عن دنى
تتحدّى الممات
كلّما أبصرت
رمة في فلاة
جدّدت عزمها
بندى الأغنيات
***

يا فتاة الرؤى
والفؤاد الرهيف
خاطبتك الدنى
في الظلام الكثيف :
"أنصتي تسمعي
في السكون حفيف
وانظري تبصري
أن جدبي وريف"
***

لك قلب غفا
عن معاني الذرى
لك روح ثوى
في ضباب الكرى
لا يحسّ الندى
في جفاف الثرى
فاهبطي وابحثي
عند أهل القرى
***

ربما حرّروا
مقلة راسفه
أغمضت لا تر
ى روعة العاصفه
ربما خّففوا
حرقة لاهفه
إن دنياهم
جّنة وارفه
ومضى بحثها
عن ديار النعيم
لم يزل قلبها
في المرآقي يهيم
القصور طوت
حلمها المستديم
فانتهى سيرها
عند كوخ قديم
أنصتي تسمعي
في السكون حفيف
وانظري تبصري
أن جدبي وريف
لك قلب غفا
عن معاني الذرى
لك روح ثوى
في ضباب الكرى
-5-

حلم وانطوى
في الفضاء المديد
كلما أخفقت
في رجاء فريد
شيّدت في الذرى
حلمها من جديد
لا تبالي اللظى
لا تبالي الجليد
***

خيّبتها القرى
ودجاها الحزين
إنّ في أرضها
يشرا جائعين
لم تجد عندهم
غير دمع سخين
ومضت في السّرى
لا تني لا تلين
***

ثم أرست هنا
عند أهل اللحون
شعراء مشوا
في ظلال الغصون
علّ في نايهم
بعض لحن حنون
ليس فيه أسى
ليس فيه منون
***

حدّقي ها هنا
يا فتاة القصيد
إن في كونهم
رجع لحن سعيد
انظري تلمسي
في الظلام المديد
نشوة غلّفت
قلب هذا النشيد
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-11-2006, 02:30 AM   #82
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي



عيون الأموات

يا رفات الأموات في الأرض ماذ= ا رسم الموت فوق هذي العيون؟
أي رعب وحسرة وشكاة = أيّ معنى من الرجاء الحزين؟
كل عينين فيها صور تب = كي وترثي للعالم المغرور
كل عينين تسخران من العي = ش وتستهزآن بالمقدور
كل عينين تنظران إلى الآفا = ق بعيدا عن كل ما في الحياة
آه يا ربّ آه لو فهم الأح = ياء ماذا في أعين الأموات
يا فتاة الخيال حسبك شدوا = برثاء الموتى وحسبك حزنا
سوف يبقى الخصام والشرّ ما عا= ش الأناسيّ والأناشيد تفنى
هكذا دأب الأشقياء للعا= لم إثم وشقوة وحروب
وهي النفس تحمل الشرّ والبغ= ض فماذا يفيدها التهذيب
كم تّغنى بالسلم والحبّ والرح = مة من شاعر ومن فيلسوف
أسفا ضاعت الأغاني ولم تب = ق سوى ضّجة القتال العنيف
يا لهذا الكون المعذب في قي = د من الشر والأذى والأثام
كيف ينجو من الاسى ومتى يش= فى من الموجعات والآلام؟
كيف ينجو والطبع والقدر القا = سي يسوقانه إلى الأحزان؟
يا لقلب المسكين ليس له = في حومة الشرّ والشقاء يدان
كم أراد السموّ عن وهدة =الشر فحالت طباعه الآثمات
كم أراد النجاة من مخلب الغد =ر فعزت على مناه النجاة
ما الذي رامه البرئ لكي يج = زى بما كان ما الذي كان منه؟
أيها العالم الذي اقترف الذن = ب أما آن أن تكّفر عنه؟
أو لم يكفك الشقاء أما زل = ت مشوقا إلى حياة الدماء؟
جف نبع الدموع والدم يا كو = ن فهلا رثيت للأشقياء؟
لذ ببرج السماء من نشوة القت = ل ألا وليختم سجلّ الرزايا
وليكن من فقدت في هذه الحر = ب ختام الذين ماتوا ضحايا
***
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 22-11-2006 الساعة 02:49 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 23-11-2006, 10:57 PM   #83
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

مرثية للإنسان






أيّ غبن أن يذبل الكائن الحيّ = ويذوي شبابه الفينان
ثم يمضي به محّبوه جثما= نا جفته الآمال والألحان
وينيمونه على الشوك والصخ= ر وتحت التراب والأحجار
ويعودون تاركين بقايا= ه لدنيا خفيّة الأسرار
هو والوحدة المريرة والظل= مة في قبره المخيف الرهيب
تحت حكم الديدان والشوك والرم = ل وأيدي الفناء والتعذيب
وهو من كان أمس يضحك جذلا= ن ويشدو مع النسيم البليل
يجمع الزهر كلّ يوم ويلهو = عند شط الغدير بين النخيل
ذلك الميت الذي حملوه= جثّة لا تحسّ نحو القبور
كان قلبا بالأمس تملأه الرغ= بة والشوق بين عطر الزهور
كان قلبا له طموح فماذا= ترك الموت من طموح الحياة ?
يا لحزن المسكين لم تبق أحلا= م سوى ظلمة البلى والممات
آه يا حامليه نحو سكون ال= قبر لا تسرعوا وسيروا الهوينا
اتركوه يودّع العالم الفا = تن قبل الرحيل ظلما وغبنا
واكشفوا جسمه الغبين لضوء الش= مس والعطر فهي آخر مرّه
لن يرى بعد ذلك الضوء لن ين= شق في سجن قبره عطر زهره
لا تنوحوا عليه وليكن الشد= و ختاما لما وعت أذناه
حسبه أنه يودّع دنيا = ه إلى قبره وتفنى مناء
فاتركوا نعشه على الأرض حينا= قبل أن تقبروه تحت اللحود
ربما كان خائفا من دجى القب= ر حريصا على جمال الوجود
ربما كان راغبا في وداع ال = أرض من قبل أن يسود الظلام
قبل أن تتركوه في وحشة المو= ت وتخبو العطور والأنغام
اتركوه يراكم أنتم يا من= دفعتم به إلى الظلماء
وهو من كان أمس ملء اماني= كم فصار الغداة ملء الفناء
هكذا الآدميّ يسلمه أح= بابه للتراب والديدان
ربّ لا كانت الحياة ولا كن= ا هبطنا هذا الوجود الفاني

علمتنا ثمارها فكرة الشرّ= فكان الحزن العميق العاصر
وفهمنا معنى الفناؤ وأدرك= نا صراع البقاء تحت الدياجر
وهبطنا هذا الوجود لنشقى =م نذ فجر الحياة حتى المغيب
كلّنا نستغيث من شجن العي = ش فيا لليل الحزين الرهيب
يا لظلم الأحزان ما سلم =الأط فال من أسرها ولا الشّبان
كم وليد يبكي وما تعلم ا=لأمّ لماذا يبكي وما الأحزان
***
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:49 AM   #84
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي نازك الملائكة . سيرة وشعرا .



--------------------------------------------------------------------------------

نبذة عن حياة نازك الملائكة

ولدت الشاعرة نازك الملائكة في بغداد عام 1923م ، ونشأت في بيت علمٍ وأدب ، في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق أم نزار الملائكة وأبيها الأديب الباحث صادق الملائكة ، فتربَّت على الدعة وهُيئتْ لها أسباب الثقافة . وما أن أكملتْ دراستها الثانوية حتى انتقلت إلى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 بدرجة امتياز ، ثم توجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاستزادة من معين اللغة الانكليزية وآدابها عام 1950 بالإضافة إلى آداب اللغة العربية التي أُجيزت فيها . عملت أستاذة مساعدة في كلية التربية في جامعة البصرة .

تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ، بالإضافة إلى اللغة العربية ، وتحمل شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية ببغداد ، والماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا .

مثّلت العراق في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في بغداد عام 1965 .

آثارها : لها من الشعر المجموعات الشعرية التالية :

& عاشقة الليل صدر عام 1947.

& شظايا ورماد صدر عام 1949 .

& قرارة الموجة صدر عام 1957 .

& شجرة القمر صدر عام 1965 .

& مأساة الحياة وأغنية للإنسان صدر عام 1977 .

& للصلاة والثورة صدر عام 1978 .

& يغير ألوانه البحر طبع عدة مرات .

& الأعمال الكاملة - مجلدان - ( عدة طبعات ) .

ولها من الكتب :

& قضايا الشعر المعاصر .

& التجزيئية في المجتمع العربي .

& الصومعة والشرفة الحمراء .

& سيكولوجية الشعر .

كتبت عنها دراسات عديدة ورسائل جامعية متعددة في الكثير من الجامعات العربية والغربية .

&نشرت ديوانها الأول " عاشقة الليل " في عام 1947 ، وكانت تسود قصائده مسحة من الحزن العميق فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل لا نقع إلا على مأتم ، ولا نسمع إلا أنيناً وبكاءً ، وأحياناً تفجعاً وعويلاً " وهذا القول لمارون عبود .

ثم نشرت ديوانها الثاني شظايا ورماد في عام 1949 ، وثارت حوله ضجة عارمة حسب قولها في قضايا الشعر المعاصر ، وتنافست بعد ذلك مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر ، وادعى كل منهما انه اسبق من صاحبه ، وانه أول من كتب الشعر الحر ونجد نازك تقول في كتابها قضايا الشعر المعاصر " كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947 ، ومن العراق ، بل من بغداد نفسها ، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت ، بسبب تطرف الذين استجابوا لها ، تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً ، وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة " الكوليرا " وهي من الوزن المتدارك ( الخبب) . ويبدو أنها كانت متحمسة في قرارها هذا ثم لم تلبث أن استدركت بعض ما وقعت فيه من أخطاء في مقدمة الطبعة الخامسة من كتابها المذكور فقالت :عام 1962 صدر كتابي هذا ، وفيه حكمتُ أن الشعر الحر قد طلع من العراق ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي ، ولم أكن يوم أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعراً حراً قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947 سنة نظمي لقصيدة (الكوليرا) ثم فوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة قد ظهرت في المجلات الأدبية والكتب منذ سنة 1932 ، وهو أمر عرفته من كتابات الباحثين والمعلقين لأنني لم أقرأ بعد تلك القصائد في مصادرها "

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:52 AM   #85
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي


أنا - لنازك الملائكة

الليلُ يسألُ مَن أنا

أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ

أنا صمتُهُ المتمرِّدُ

قنّعتُ كنهي بالسكونْ

ولففتُ قلبي بالظنونْ

وبقيتُ ساهمةً هنا

أرنو وتسألني القرونْ

أنا من أكون ؟

الريحُ تسألُ مَنْ أنا

أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ

أنا مثلها في لا مكان

نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ

نبقى نمرُّ ولا بقاءْ

فإذا بلغنا المُنْحَنَى

خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ

فإذا فضاءْ !

والدهرُ يسألُ مَنْ أنا

أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ

وأعودُ أمنحُها النشورْ

أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ

من فتنةِ الأملِ الرغيدْ

وأعودُ أدفنُهُ أنا

لأصوغَ لي أمساً جديدْ

غَدُهُ جليد

والذاتُ تسألُ مَنْ أنا

أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام

لا شيءَ يمنحُني السلامْ

أبقى أسائلُ والجوابْ

سيظَلّ يحجُبُه سرابْ

وأظلّ أحسبُهُ دَنَا

فإذا وصلتُ إليه ذابْ

وخبا وغابْ

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:54 AM   #86
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

عاشقة الليل - لنازك الملائكة

ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ

أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــوبِ

جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ

حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّـــي للغُيوبِ

ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ في الوادي الكئيبِ

* * *

هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد الوادي سُـــرَاها

أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــا

ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ أساهــا

ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي شَفَتاهــا

آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهــا

* * *

جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ

وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ

فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ

وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ

فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ

* * *

إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ

هوَ ذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنِّ

تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ

فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّـي

وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ

* * *

ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسمـاءِ ؟

أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟

أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟

أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟

عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء

* * *

طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ

لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّـه الليلُ العـريضُ

فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ

آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ

فارجِعي لا تَسْألي البَرْقَ فما يدري الوميضُ

* * *

عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُـولِ ؟

ما الذي ساقكِ طيفاً حالِماً تحتَ النخيـلِ ؟

مُسْنَدَ الرأسِ إلى الكفَينِ في الظلِّ الظليـلِ

مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ

ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميـلِ

* * *

أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ

فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ

قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ

ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ

فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ

4-4-1945

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الأول ، ص 546 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:55 AM   #87
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

في وادي الحياة - لنازك الملائكة

عُدْ بِي يا زورقي الكَلِيـلا فَلَنْ نَرَى الشاطيءَ الجَمِيـلا

عُدْ بِي إلى مَعْبـَدِي فـإنّي سَئِمْتُ يَا زَوْرَقِـي الرَّحِيـلا

وضِقْتُ بالموجِ أيَّ ضِيـقٍ وما شَفَى البحـرُ لي غَلِيـلا

إلامَ يا زورقي المُـعَنَّـى نَرْجُو إلى الشَّاطِيءِ الوُصُولا؟

والمَوْجُ مِنْ حَولنـا جِبَـالٌ سَدَّتْ عَلى خَطْوِنَا السَّبِيـلا

والأُفـقُ مِنْ حَولنا غُيُـومٌ لا نَجْمَ فِيه لَنَـا دَلِيـلا

كَمْ زَورقٍ قبلَنـا تَوَلَّـى وَلَمْ يَزَلْ سَـادِراً جَهـُولا

فَعُـدْ إلى معبدي بقلـبي وَحَسْـبُ أيامنـا ذُهـولا

* * *

حسبُكَ يا زورقـي مَسيراً لن يُخْدَعَ القلبُ بالسَّـرابِ

وارجِعْ، كما جِئْتَ ، غيرَ دَارٍ قد حَلُكَ الجـوُّ بالسَّحَـابِ

وَمـَلَّ مجدافُـكَ الـمُعَنَّى تَقَلُّـبَ المـوجِ والعُبَـابِ

ولم يَزَلْ معبـدي بعيـداً خَلْفَ الدياجيـرِ والضَّبَـابِ

يَشُوقُني الصَّمْتُ في حِمَـاهُ وَفِتْنَـةُ الأَيْـكِ والرَّوَابـي

عُدْ بيَ يـا زورقـي إليـهِ قَدْ حَانَ ، يا زورقي ، إِيَابِـي

مَا كَفْكَفَ البَحْرُ من دُمُوعِي ولا جَـلا عَنّـيَ اكْتِئَابـي

فَفِيمَ في مَوْجِهِ اضطرابـي؟ وأينَ ، يا زورقي ، رِغَابِـي؟

* * *

تَائِهـَةٌ ، والحيـاةُ بحـرٌ شَاطِـئُهُ مُبْعِـدٌ سَحِيـقُ

تَائِهـَةٌ والظـلامُ دَاجٍ والصَّمْتُ تحتَ الدُّجَى عَمِيقُ

يَا زورقي آهِ لَـوْ رَجَعْنَـا مِنْ قَبْل أَنْ يَخْـبُوَ البَرِيـقُ

انْظُرْ حَوَالَيْكَ ، أَيُّ نَـوْءٍ تَجْمَدُ مِنْ هَوْلِـهِ العُـرُوقُ

البحرُ ، يا زَورقِي جُنُـونٌ ومـوجُـهُ ثَائِـرٌ دَفُـوقُ

وَكُـلّ يَوْمٍ لـَهُ صَرِيـعٌ في هَجْعَـةِ الموتِ لا يُفِيـقُ

وَأَنْتَ في الموجِ والدياجِي يا زورقـي في غَـدٍ غَرِيـقُ

فَعُدْ إلى الأمْسِ ، عُدْ إليهِ قـد شَاقَني أَمْسِيَ الوَرِيـقُ

* * *

مَاذَا وَرَاءَ الحياةِ ؟ مَـاذَا ؟ أَيُّ غُمـُوضٍ ؟ وَأَيُّ سِـرِّ

وَفِيمَ جِئْنَا ؟ وَكَيْفَ نَمْضِي؟ يـا زورقي ، بَلْ لأَيِّ بَحْـرِ

يَدْفَعُكَ الموجُ كُـلَّ يَـوْمٍ أَيْـنَ تُـرَى آخِـرُ المَقَـرِّ

يا زورقي طَالَ بي ذُهُـولي وَأَغْرَقَ الوَهْـمُ جَوَّ عُمْرِي

أَسْرِي كَمَا تَرْسُمُ المقادِيرُ لي إلى حَيْـثُ لَسْـتُ أدْرِي

شَرِيدَةٌ في دُجَـى حَيَاتِـي سَـادِرَةٌ في غُمُوضِ دَهْـرِي

فَخَافِـقٌ شَاعِـرٌ ، وَرُوحٌ قَـالَ لـها الدَّهْرُ لا تَقَـرِّي

وَنَاطَهَـا بِالذُّرَى تُغَـنِّـي وَتَنْظِمُ الكَوْنَ بَيْـتَ شِعْـرِ

12-6-1945م

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الأول ، ص 550 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:57 AM   #88
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أغنية حب للكلمات - لنازك الملائكة

َفيمَ نخشَى الكلماتْ

وهي أحياناً أكُُفٌّ من ورودِ

بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ

وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ

رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ

* * *

فيم نخشى الكلماتْ ؟

إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ

رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ

فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ

قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ

فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ؟

* * *

نحنُ لُذْنا بالسكونِ

وصمتنا، لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ

وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غُولاً لا نراهُ

قابعاً تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ

نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ

لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا

مِسْنداً يقطُرُ موسيقَى وعِطْراً ومُنَى

وكؤوساً دافئهْ

* * *

فيم نخشى الكلماتْ؟

إنها بابُ هَوىً خلفيّةٌ ينْفُذُ منها

غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها

إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ

ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا

مِن أمانينا ومن أشواقنا

فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ

أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ؟

* * *

ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ ؟

الصديقات التي تأتي إلينا

من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ ؟

إنها تَفجؤنا، في غَفْلةٍ من شفتينا

وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ

من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ

رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ

وغداً تُلْقي بها بين يدينا

الصديقاتُ الحريصاتُ علينا، الكلماتْ

فلماذا لا نحبّ الكلماتْ؟

* * *

فيمَ نخشى الكلماتْ؟

إنّ منها كلماتٍ مُخْمليات العُذوبَهْ

قَبَسَتْ أحرفُها دِفْءَ المُنى من شَفَتين

إنّ منها أُخَراً جَذْلى طَروبهْ

عَبرَت ورديّةَ الأفراح سَكْرى المُقْلتين

كَلِماتٌ شاعريّاتٌ، طريّهْ

أقبلتْ تلمُسُ خَدّينا، حروفُ

نامَ في أصدائها لونٌ غنيّ وحفيفُ

وحماساتٌ وأشواقٌ خفيّهْ

* * *

فيمَ نخشى الكلماتْ؟

إن تكنْ أشواكها بالأمسِ يوماً جرَحتْنا

فلقد لفّتْ ذراعَيْها على أعناقنا

وأراقتْ عِطْرَها الحُلوَ على أشواقنا

إن تكن أحرفُها قد وَخَزَتْنا

وَلَوَتْ أعناقَها عنّا ولم تَعْطِفْ علينا

فلكم أبقت وعوداً في يَدَينا

وغداً تغمُرُنا عِطْراً وورداً وحياةْ

آهِ فاملأ كأسَتيْنا كلِماتْ

* * *

في غدٍ نبني لنا عُشّ رؤىً من كلماتْ

سامقاً يعترش اللبلابُ في أحرُفِهِ

سنُذيبُ الشِّعْرَ في زُخْرُفِهِ

وسنَرْوي زهرَهُ بالكلماتْ

وسنَبْني شُرْفةً للعطْرِ والوردِ الخجولِ

ولها أعمدةٌ من كلماتْ

وممرّاً بارداً يسْبَحُ في ظلٍّ ظليلِ

حَرَسَتْهُ الكلماتْ

* * *

عُمْرُنا نحنُ نذرناهُ صلاةْ

فلمن سوف نُصلِّيها ... لغير الكلماتْ ؟

(1954)

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 486 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 11:59 AM   #89
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي



--------------------------------------------------------------------------------

الكوليرا - لنازك الملائكة

سكَنَ الليلُ

أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ

في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ

صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ

حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ

يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ

في كلِّ فؤادٍ غليانُ

في الكوخِ الساكنِ أحزانُ

في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ

في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ

هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت

الموتُ الموتُ الموتْ

يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ

* * *

طَلَع الفجرُ

أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ

في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين

عشرةُ أمواتٍ, عشرونا

لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا

اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين

مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ

مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ

في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ

لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ

هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ

الموتُ الموتُ الموتْ

تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ

* * *

الكوليرا

في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ

في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ

استيقظَ داءُ الكوليرا

حقْدًا يتدفّقُ موْتورا

هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ

يصرخُ مضطربًا مجنونا

لا يسمَعُ صوتَ الباكينا

في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء

في كوخ الفلاّحة في البيتْ

لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ

الموتُ الموتُ الموتْ

في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ

* * *

الصمتُ مريرْ

لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ

حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ

الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ

الميّتُ من سيؤبّنُهُ

لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ

الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ

يبكي من قلبٍ ملتهِبِ

وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ

يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ

لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ

الموتُ, الموتُ, الموتْ

يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ

( 1947)

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 138 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 12:01 PM   #90
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

غرباء - لنازك الملائكة

أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنـا

نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?

يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ

يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ

سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:

مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ

غُربَاءْ

اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيـرِ

كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعـوري

دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا

وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى

أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري

إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,

غُربَاءْ

مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ

كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ

مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ

خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي

خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ

أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ

غُربَاءْ

أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ

يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف

أو لا تُبْصرُ ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ

أوَلا تسمعُ ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ

صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ

ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ

غُربَاءْ

نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين بدأنـا ?

لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين .. فدَعنـا

نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا

بعضُ حـبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا

آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا

قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا

غُربَاءْ

( 1948)

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 118 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .





--------------------------------------------------------------------------------
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .