أتى الصبح يرفلُ فى النورِ تِيها * وفى ثغره العذب حلو ابتسام
ويسبحُ بين السكونِ ضبابٌ * سرت فى مراياهُ روح السلام
فلا تصغى إلا لهمس النسيمِ * ومعزوفة من هديل الحمام
ويشدو مع الصحو طير الحقولِ * ويسعى فبالرزق يأتى القدر
أتى كلُّ يومٍ برزقٍ جديدٍ * فما كان للطير أن يدخر
ويعسوب نحلٍ يجوب الزهورَ * ليقطفَ منها الشّذى والرحيق
ورفُّ الفراشاتِ فى كل حقلٍ * يطاردها صبيةٌ فى الطريق
وتحت الشجيرة فى فِىء ظِلٍّ * أصيخُ لهمس النسيم الرقيق
وهينمة الماء بين السواقى * بصوتٍ رخيمٍ لطيفِ الاثر
وزهر الرياحين قد ضاع عطرا * عليه القطيرات مثل الدرر
وما فى المدينة غير غموض * الضباب وبوح النفوس الكئيب
ودنيا يُعشّشُ فيها السكونُ * وإن عَاثَ فيها الضجيجُ الرهيب
فأطلقتُ روحى إلى قريتى * وألقيتُ أثقال هذا الغريب
وفى الصبح فى أفق صبح جديدٍ * تُلوّنُ روحى طيوف المطر
وإن جنَّ حولى الظلامُ سأمسى * كأُهزوجةٍ تحت ضوء القمر