العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 09-11-2008, 12:56 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي دراسات أدبية أبو العتاهية الشاعر الزاهد .

دراسات أدبية
أبو العتاهية
بقلم الشيخ محمد شريف الزيبق المدرس بكلية الدعوة وأصول الدين.
هو إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أبو إسحاق من الموالي وولاؤه في قبيلة عنزة فهو عنزي بالولاء وكان جده كيسان من سبي عين التمر وهو أول سبي دخل المدينة سباهم خالد بن الوليد وقدم بهم على أبي بكر رضي الله عنه وأم أبي العتاهية وتكنى أم زيد كانت أيضا مولاة لبني زهرة.
وقد اشتهر بلقب أبي العتاهية - وليس هذا كنيته فكنيته أبو إسحاق كما سبق - وعتاهية كلمة تدل على معان كثيرة يقول بن منظور في لسان العرب: "عته في العلم: أولع به وحرص عليه والعتاهة والعتاهية مصدر عته مثل الرفاهة والرفاهية، والعتاهية ضلال الناس من التجنن والدهش والتعته المبالغة في الملبس والمأكل ورجل عتاهية أحمق وتعته تنظف وأبو العتاهية الشاعر المعروف ذكر أنه كان له ولد يقال له عتاهية وقيل: لو كان الأمر كذالك لقيل أبو عتاهية بغير تعريف".
والسبب في تلقيبه به أن الخليفة المهدي قال له يوما: "أنت إنسان متحذلق - أي متظرف – متعته، فاستوى له من ذلك لقب غلب عليه دون اسمه وكنيته .
ويقول بن منظور: "لقب بذلك لأن المهدي قال له: أراك متخلطا متعتها، وكان قد نعته بجارية للمهدي واعتقل بسببها وعرض عليها المهدي أن يزوجها له فأبت، واسم الجارية عتبة. وقيل: لقب بذلك لأنه كان طويلا مضطربا. وقيل: لأنه يرمى بالزندقة ولأنه كان يحب المجون والتعته".
وقد أصاب المهدي في إطلاق هذا اللقب أبي العتاهية على الشاعر لدلالته أبلغ دلالة على صفاته الجسمية والخلقية فدل على اختلاطه واضطرابه ومجونه وطوله وتعتهه بحب عتبة.
وكانت ولادة الشاعر في عين التمر وهي قرية قرب الأنبار غربي الكوفة سنة 130 وانتقل مع أبيه صغيرا إلى الكوفة وكانت الكوفة مدينة العلماء والمحدثين والعباد والزهاد، وقد عاصر فيها الشاعر أمثال علقمة بن قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد والربيع بن خيثم وأويس القرني والنخعي والشعبي وسفيان الثوري وشريك القاضي وابن أبي ليلى وأبي حنيفة والكسائي والفراء.
ومع اتساع الكوفة وانتشار الرخاء نشأت فيها طوائف من المُجَّان يقولون الشعر، متنقلين على معاهد اللهو، وموغلين في حمأة المفاسد، يفسقون ويتهتكون ويتزندقون وينعتون أنفسهم بالظرف، وأنهم حلية الأرض ونقش الزمان. . أمثال حماد عجرد ووالبة ابن الحباب ومطيع بن إياس ويحي بن زياد وشراعة بن زندبود .
فيحي بن زياد مثلا كان زنديقا وكان يتصنع الظرف وحسن المظهر، يقول فيه الخطيب البغدادي: "كان شاعرا أديبا ماجنا نسب إلى الزندقة وكان صديقا لمطيع، وحماد، و وابلة وغيرهم من ظرفاء الكوفيين" .
في هذه البيئة نشأ أبو العتاهية وكان يخالط هؤلاء الشعراء المجان، ويختلف إلى حلقات العلماء ومجالس العباد، وقد كان فقيرا فكان يعمل مع أبيه في بيع الفخار بالكوفة، وقال الشعر وبرع فيه وهو حدث، وظهر نبوغه في وقت مبكر.
روي أنه اجتاز بفتيان جلوس يتناشدون الشعر، وكان يحمل قفص فخار ويدور به ويبيع منه، فسلم ووضع القفص عن ظهره ثم قال للفتيان: "أراكم تتذاكرون الشعر وتقولونه أفأقول شيئا منه فتجيزونه؟ فإن فعلتم فلكم علي عشر دراهم وإن لم تفعلوا فعليكم عشرة دراهم؟". فهزئوا منه وسخروا وقالوا: "نعم لا بد أن نشتري بأحد القمارين رطبا يؤكل، فإنه قمار حاصل". وجعل رهنه على يد أحدهم، ففعلوا فقال: أجيزوا
ساكني الأجداث أنتم
و جعل بينه وبينهم وقتا وعلامة في ذلك الموضع إذا بلغته الشمس ولم يجزوا البيت وجب القمار عليهم فلم يأتوا بشيء، فأخذ الدراهم وجعل يهزأ منهم وتمم الشعر:
مثلنا بالأمس كنتم
ليت شعري ما صنعتم أربحتم أم خسرتم
و مع أن أبا العتاهية بدأ حياته مع المجان والمتخنثين وفساق الشعراء، وكان في أول أمره يتخنث ويحمل زاملة المخنثين، فإن بواكير شعره كانت في الزهد ووصف الموت وأحواله ونزل (الحيرة) وهي قريبة من الكوفة فهوى امرأة نائحة من أهل الحيرة لها حسن وجمال وتدعى سعدى وكان ينظم لها الشعر الذي تنوح به على الموتى، وكانت سعدى مولاة لبني معن ابن زائدة وقد أدت صلته بها إلى خلاف ومهاجاة بينه وبين عبد الله ابن معن بن زائدة .
انتقاله إلى بغداد:
وفد أبو العتاهية إلى بغداد في خلافة المهدي (158- 169) في نحو الثلاثين من عمره وكانت بغداد - التي أنشأها أبو جعفر المنصور سنة 149هـ - قد أخذت في الازدهار فانتقل النشاط العلمي من الكوفة والبصرة إليها بعد أن أصبحت دار الخلافة ودار الإسلام. وكان أبو العتاهية حين وصل إلى بغداد يجتهد في الوصول إلى قصر الخلافة، فأقبل يمدح المهدي، ويفكر في الوسائل التي تدنيه منه. يقول ابنه محمد: "فلما تطاولت أيامه أحب أن يشهر نفسه بأمر يصل به إليه، فلما بصر بعتبة راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة تعرض لها، وأمل أن يكون تولعه بها هو السبب الموصل إلى حاجته، وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها، والتغرد بذكرها وإظهار شدة عشقها" .
وله مع عتبة حوادث عديدة منها ما رواه المبرد أن أبا العتاهية أهدى إلى المهدي برنية صينية فيها ثوب ممسك فيه سطران مكتوبا عليه بالغالية:
الله والقائم المهدي يكفيها نفسي بشيء من الدنيا معلقة
فيها احتقارك للدنيا وما فيها إني لأيأس منها ثم يطمعني
قال: فهم أن يدفع إليه عتبة. فقالت له: "يا أمير المؤمنين مع حرمتي وخدمتي تدفعني إلى بائع جرار متكسب بالشعر؟". فبعث إليه: "أما عتبة فلا سبيل لك إليها وقد أمرنا لك بملء برنية مالا" .
وكان يتجاسر على التشبيب بها في مقدمة مدائحه للمهدي فقد روى الحافظ بن عبد البر في مقدمته لديوان شعر أبو العتاهية أن الشعراء حضروا يوما عند المهدي فقدم أبو العتاهية في الإنشاد فقال بشار بن برد لأشجع السلمي: "يا أخا سليم من هذا الذي قدم للإنشاد علينا؟ أهو ذلك الكوفي الملقب؟". قال: "نعم". فقال بشار: "لا جزى الله خيرا من جمعنا به أيستنشد قبلنا؟". فقال له أشجع: "هو ما ترى". . فأنشد أبو العتاهية:
تدل فأحمل إدلالها
ألا ما لسيدتي ما لها
جنيت سقى الله أطلالها
و إلا ففيما تجنت وما
م قد أسكن الحب سربالها ألا إن جارية للإما

تجاذب في المشي أكفالها
مشت بين حور قصار الخطا
و أتعب باللوم عذابها
و قد أتعب الله نفسي بها

فقال بشار: "أبهذا الشعر يقدم علينا؟". فلما أتى على قوله:
إليه تجرر أذيالها أتته الخلافة منقادة

ولم يك يصلح إلا لها فلم تك تصلح إلا لـه

لزلزلت الأرض زلزالها
و لو رامها أحد غيره
لما قبل الله أعمالها
و لو لم تعطه نيات القلوب
إليه ليبغض من قالها
وإن الخليفة من قول لا

فاهتز بشار طربا، وقال: "يا أخا سليم أترى الخليفة لم يطر طربا عن فراشه لما يأتي به هذا الكوفي؟".
وقضى أبو العتاهية مدة طويلة يتغزل بعتبة حتى شاع فيها شعره، فأمر المهدي بجلده وإدخاله السجن، ولم يعف عنه إلا بشفاعة خاله يزيد بن منصور الحميري .
وفي أيام الرشيد عاد الشاعر يتغزل بعتبة والسعي للزواج منها. حدث أبو العباس يحي بن ثعلب قال: "كان أبو العتاهية قد أكثر في مسألة الرشيد في عتبة فوعده بتزويجها وأنه يسألها في ذلك. ثم دعا به وقال: "ضمنت لك يا أبا العتاهية، وفي غد تقضى حاجتك إن شاء الله". وبعث إلى عتبة: "إن لي إليك حاجة فانتظرني الليلة في منزلك". فأكبرت ذلك وأعظمته وصارت إليه تستعفيه، فحلف أن لا يذكر لها حاجته إلا في منزلها. فلما كان الليل سار إليها ومعه جماعة من خواص خدمه فقال لها: "لست أذكر حاجتي أو تضمنين قضاءها". قالت: "أنا أمتك وأمرك نافذ فيما خلا أمر أبي العتاهية، فإني حلفت لأبيك رضي الله عنه بكل يمين يحلف بها بر وفاجر، وبالمشي إلى بيت الله الحرام حافية، كلما انقضت عني حجة وجبت علي أخرى لا أقتصر على الكفارة، وكلما أفدت شيئا تصدقت به إلا ما أصلي فيه". وبكت بين يديه فرق لها ورحمها وانصرف عنها. وغدا عليه أبو العتاهية فقال له الرشيد: "والله ما قصرت في أمرك ومسرور وحسين ورشيد وغيرهم شهود لي بذلك"، وشرح له الخبر. قال أبو العتاهية: "فلما أخبرني بذلك مكثت مليا لا أدري أين أنا قائم أو قاعد، وقلت: الآن يئست منها إذ ردتك وعلمت أنها لا تجيب أحدا بعدك". فلبس أبو العتاهية الصوف وقال في ذلك من أبيات :
و حططت عن ظهر المطي رحالي رحالي
قطعت منك حبائل الآمال
و أرحت من حلي وترحالي
ووجدت برد اليأس بين جوانحي
هي قصيدة طويلة تعتبر من أروع قصائده ومنها:
يا دار كل تشتت وزوال
الآن يا دنيا عرفتك فاذهبي
فغدا علي وراح بالأمثال


و الآن صار لي الزمان مؤدبا
و تفرغت هممي عن الأشغال
وتفرغت هممي عن ال و الآن أبصرت السبيل إلى الهدى
يفضي إلي بمفرق وقذال و لقد أقام لي المشيب نعاته

ومنها:
نسبا يقاس بصالح الأعمال و إذا تناسبت الرجال فما أرى

رجل يصدق قولـه بفعال
و إذا بحثت عن التقي وجدته
فتراه بين مكارم ومعان
و إذا اتقى الله امرؤ وأطاعه
تاجان تاج سكينة وجلال
و على التقي إذا ترسخ في التقى

و منها:
في قبره متفرق الأوصال
في قبره يا أيها البطر الذي هو في غد
و أرى مُناك طويلة الأذيال
حذف المنى عنه المشمر في الهدى
من لاعب قرح بها مختال
من و لقلما تلقى أغر بنفسه
حتى متى بالغي أنت تغالي
حتى متى بالغي أنت يا تاجر الغي المضر نفسه
خسرت ولم تربح يد البطال
الحمد لله الحميد بمنه
و تشيب منه ذوائب الأطفال
و لله يوم تقشعر جلودهم
مل فيه إذ يقذفن بالأحمال
يوم النوازل والزلازل والحوا
زن والأمور عظيمة الأهوال
يوم التغابن والتوا
بمقطعات النار والأغلال
يوم ينادي فيه كل مضلل
علت الوجوه بنضرة وجمال للمتقين هناك نزل كرامة

فلها بريق عنده وتلالي
زمر أضاءت للحساب وجوهها
خمص البطون خفيفة الأثقال
و سوابق عز محجلة جرت
خلق الرداء مرقع السربال
من كل أشعث كان أغبرنا حلا
في دار ملك جلالة وظلال
في نزلوا بأكرم سيد فأظلهم
و منها:
و الموت يقطع حيلة المحتال
حيل ابن آدم في الأمور كثيرة
حرك الخطى وطلوع كل هلال
و من النعاة إلى ابن آدم نفسه
أخلقت يا دنيا وجوه رجال
مالي أراك لحر وجهك مخلقا
من كل عارفة أتت بسؤال قست السؤال فكان أعظم قيمة

ممن يضن عليك بالأموال
كن بالسؤال أشد عقد ضنانة
في الوزن ترجح بذل كل نوال و صن المحامد ما استطعت فإنها

نسي المثمر زينة الإقلال
و لقد عجبت من المثمر ما له
فأبدله للمتكرم المفضال فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا

فاشدد يديك بعاجل الترحال
و إذا خشيت تعذرا في بلدة
فرج الشدائد مثل حل عقال
و اصبر على غِيَر الزمان فإنما

و هكذا نجد في هذه القصيدة ملامح فن أبي العتاهية في الزهد الممزوج بالحكمة والمرصع والاقتباسات البديعة من كتاب الله عز وجلو كلام السلف الصالح، وقد أبدى بن الأعرابي إعجابه البالغ بهذه القصيدة وقال: "ما رأيت قط شاعر أطبع ولا أقدر على البيت من أبي العتاهية وما أحسب مذهبه إلا ضربا من السحر"، وثار برجل كان في مجلسه لأنه قال: "إن أبا العتاهية ضعيف الشعر". فقال له: "الضعيف والله عقلك، لأبي العتاهية تقول ضعيف الشعر ؟!" .
ونذكر أخيرا في سبب توبة أبي العتاهية من مصاحبة المجان وقرض الشعر في الغزل والهجاء والمديح، وقصر شعره على الزهد والحكمة، ما روي عن أبي سلمة الغنوي أنه سأل أبا العتاهية: "ما الذي صرفك عن قول الغزل إلى قول الزهد؟". فأجابه:"إذن والله أخبرك. إني لما قلت:
الله بيني وبين مولاتي
أهدت لي الصد والملالات

منحتها مهجتي وخالصتي
فكان هجرانها مكافاتي

هيَّمني حبها وصيرني
أحدوثة في جميع جاراتي
ي


رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال: "ما أصبت أحدا تدخله بينك وبين عتبة يحكم علينا بالمعصية إلا الله تعالى؟". فانتبهت مذعورا وتبت إلى الله تعالى من ساعتي من قول الغزل" .
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .